الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن عبد الوهاب
ابن خلف بن محمود بن بدر القاضي علاء الدين المعروف بابن بنت الأعز الشافعي.
حج ودخل اليمن، وعاد وقدم دمشق، وولي تدريس الظاهرية والقَيمَريَّة، وكان يركب البغلة ويتحنَّك على عادة المصريين، وهو أخو الأخوين قاضي القضاة محمد صدر الدين وقاضي القضاة عبد الرحمن تقي الدين.
وعاد من دمشق إلى مصر ودَرَّس بالكُهاريّه والقطبية، وتولى الحسبة باخرَة.
وكان مليح الشارة، فصيح العبارة، مليح النضارة، فيه كرم وإحسان وجود، ومحاسنٌ يتضوع من نشرها الوجود، مع لطف مزاج، واعتدالٍ لا يُؤديّه إلى انزعاج، كثيرَ التبسم، شديد الاسترواح إلى المكارم والتَنَسُّم، وكان فيه شهامة، وعنده بالأمور العظام كفالة وزعامة.
ولم يزل بمصر على حاله إلى أن أجاب الداعي، وقام به الناعي.
وتوفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة.
أخبرني من لفظه شيخُنا العلامة أثيرُ الدين، قال: حَضَرنَا مع المذكور في الروضة فكتب إليّ، وَوَجَّهَهُ مع بعض غلمانه:
حَيَّيتُ أثيرَ الدين شيخ الأدبا
…
أفضي حقاً له كما قد وَجَبَا
حَيَّيتُ فتىً بطاقِ آسٍ نَضِر
…
كالقدِّ بدا مُلِئتُ منه طَرَبَا
قال: فأنشدته:
أهدى لنا غُصُناً من ناضر الآسِ
…
أقضى القضاةِ حليفُ الجود والباسِ
لمّا رأى سقمي أهداه مع رشأٍ
…
حُلوِ التثني فكان الشافي الآسي
وأنشدني قال: أنشدني من لفظه لنفسه:
تعطلتُ فابيضّت دَوَاتي لحُزنها
…
ومُذقلَّ مالي قلَّ منها مِدادها
وللناس مُسوَدُّ اللباس حدادهم
…
ولكنَّ مُبيضَ الدواةِ حِدادها
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه:
في السُمر معانٍ لا تُرى في البيضِ
…
تالله لقد نصحتُ في تعريضي
ما الشهد إذا طعمته كاللبنِ
…
يكفي فَطِنا محاسنُ التعريضِ
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه:
قالوا بالعذارِ تسلَّ عنه
…
وما أنا عن غزال الحسن سالِ
وإن أبدَت لنا خدّاه مسكاً
…
فإن المسك بَعضُ دم الغزالِ
أحمد بن عبد الوهاب
بن عبد الكريم
شهابُ الدّين، النويريّ المحْتد، القُوصيّ المولد.
سمع على الشريف موسى بن علي بن أبي طالب، وعلى يعقوب بن أحمد، وأحمد الحجّار، وزينب بنت مُنجّا، وقاضي القضاة ابن جماعة، وغيرهم.
وكتب كثيراً، كتب البخاري مرَّات، كتبه ثماني مرات، وكان يكتب النسخة ويقابلها، وينقل الطباق عليها ويجلّدها ويبيعها بسبع مئة درهم وبألف، وباعَ تاريخه مرة للقاضي جمال الكفاة بألفي درهم، وكان يكتب في النهار الطويل ثلاث كراريس، وحَصل له قربٌ من الدولة في وقت، وجمع تاريخاً كبيراً في ثلاثين مجلدة رأيته بخطّه.
كان المذكور قد تقدَّم عند السلطان الملك الناصر، وعُقِدت عليه الخناصر، ووكَّلهُ في بعض أموره، وجعله في موضع سرَّه، وعمل عليه ولعب بعقله حتى رافَع ابن عُبادة، وهو الذي قربه إليه ورفع عندَه عِمَادَه، غضُربَ بالمقارع نكالاً وتخلّى السلطان عنه وأضحك منه الثكالى، ولكنَّ ابن عبادة عَفَا عنهُ وما انتقم منه.