الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجبتُ: لا، لكنه أخفى دمي
…
في سفكه وعليه قد ظهر الدمُ
وكان يقول بعد ذلك: الشعر مزبلة الفقيه، فأقول: كذا هو.
أحمد بن عبد الرزاق الخالدي
كان المذكور وزير الممالك القازانيّة والبلاد القانيّة، ظالماً غاشماً، سفاكاً للدماء هاشماً، استصفى أموال الرعايا، وحاجَّهم في أخذها منهم بالباطل وعايا.
ولم يزل في ظلمهِ ظُلمِهِ خابطاً، وعمله بذاك عند الله حابطاً، إلى أع عضَه السيف بريقه، واختطفَ بَصَره من بريقه.
وقُتِلَ هو وأخوه القطبُ وأخوهما زين الدين وذلك في سنة سبع وتسعين وست مئة.
أحمد بن عبد القادر
ابن أحمد بن مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم القيسي، الشيخ الإمام العالم الفريد تاج الدين المعروف بابن مكتوم النحوي.
اشتغل بالحديث وفنونه، وأخذ الحديث عن أصحاب النجيب وابن علاّق، وهذه الطبقة.
كان فاضلاً في النحو قيماً بغرائبه، متيّماً ما تشعَّب من مذاهبه، جمع فيه وعلّق وفاض وغَلّق، وكَسر سدَّه وخلّق، وطار فيه إلى غايات النجوم وحلّق،
وخطه كما يقال طريقه بذاتها، متفردة بلذاتها. وله نظم لا بأس به ولا لَومَ كاسبه.
ولم يزل على حاله إلى أن باح الموت بسرّ ابن مكتوم، وحل به الأجل المحتوم، وفُضَّ له قبرُه المختوم.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة تسع وأربعين مئة في طاعونِ مصر.
ومولده في أواخر ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وست مئة.
كنت قد سمعت بأخباره وطربت لأشعاره، فازددت له شوقاً، ولم أجد لقلبي على الصبر طوقاً، فقدر الله بالاجتماع، وزادت بُرُوق فضله في الالتمام، ورأيته غير مرة.
ثم إني اجتمعت به في القاهرة في سنة خمس وأربعين وسبع مئة وسألته الإجازة بكل ما يجوز أن يرويه فأجازني مُتَلَفّظاً بذلك. وعمل تاريخاً للنحاة ولم أقف عليه إلى الآن، وملكت بخطه " الدر اللقيط من البحر المحيط " وهو في مجلدين، التقطه من تفسير شيخنا أثير الدين، وتكلم هو في بعض الأماكن وليس بكثر بعض شيء، فجاء كتاباً جيداً.
ومن شعره، ومن خطه نقلتُ:
ما على الفاضل المهذب عارٌ
…
إن غدا خاملاً وذو الجهل سامِ
فاللَّباب الشهي بالقشر خافٍ
…
ومَصُون الثمار تحت الكِمامِ
والمقادير لا تلام بحالٍ
…
والأماني حقيقةً بالَملَامِ
وأخو الفهم من تزوّد للم
…
ت وخلَّى الدني لنهب الطغامِ
ونقلت من حطّه له:
عَرَتني هُمومٌ برَّحت وشواغل
…
وأصبح دهري وهو بي متشاغِلُ
وبعّد عن قلبي المسرَّة أنني
…
على فضلِ ما عندي من العلم خامِلُ
يمر بيَ الطلابُ لا يعرفونني
…
ويأتون ذا الحظِ الذي هو جاهلُ
ويُقرئ عِلمَ النحو دونيَ معشرٌ
…
منازلهم في المشكلات نوازلُ
إذا سُئِلوا أعياهم أن يجاوبوا
…
كما عَيَّ لما سِيْلَ من قَبلُ باقلُ
قُصَارى عُلَاهم أن يقال: مشايخٌ
…
وأقصى مناهم أن يُقال: أمَثشلُ
رَأوا صُحُفاً فاستقرؤوها وحاولوا
…
بها مَعلماً فاستقبلتهم مجاهلُ
وأضحوا شيوخاً بالصحائف وَحدَها
…
لهم رُتبٌ عند الورى ومَنَازلُ
وما لازموا شيخاً ولا حاولوا به
…
وُصُولاً إلى علمِ له الشيخ واصلُ
ولم يُعَلّمه الشيوخ فرأيه
…
على كثرة الأوراق والكتبِ قائلُ
وإني وإن أصبحتُ لارَبَّ رتبة
…
لديهم ومنهم بي البرُّ نازلُ
ليَعرفُ حققي كلُّ ذي ألمعيَّة
…
ويقدُرُ لي القَدرَ الجليلَ إلا فاضلُ
ويشهدُ لي بالفضل نظمٌ مٌهَذَبٌ
…
ونَثرٌ يُحاكي الدُرَّ مِنهُ الفواصلُ
وأبكارُ أفكارٍ كَشَفتُ قناعَها
…
وحَلَّيتُ منها ما غدا وهو عاطلُ
وأبرزتها في صُورة الدهر غُرَّةً
…
كما حُلَّ عن وجهِ المليحةِ حائلُ
ولي في أفانين العلوم مَجَامعٌ
…
بعا كل ما يهوى الحدَّقُ حاصلُ
سهرت عليها إذ أخو الجهل راقدٌ
…
وفكرّت في تهذيبها وهو غافلٌ
ومن كان مثلي لم يكن هَمُّه الغِنى
…
فيشغَلَهُ فيه عن العلم شاغلُ