الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكما فعل الوليد بن يزيد في قوله:
أراني قد تصابيت
…
وقد كنت تناهيت
ولو يتركني الحب
…
لقد صمت وصليت
إذا شئت تصبرت
…
ولا أصبر إن شئت
ولا والله لا يصـ
…
ـبر في الديمومة الحوت
سليمى! ليس لي صبر
…
وإن رخصت لي جيت
فقبلتك ألفين
…
وفديت وحييت (1)
فهذا شعر من الطراز الخفيف غير المحتفل له، يجوز للشاعر فيه أن يكفئ ويساند ويوطئ ما شاء. ولو كان الوليد قد حرص على القيود، لربما كان ذلك قد أفسد عليه نغمته الرقيقة الحلوة.
السناد
أنواع السناد المعيبة خمسة، هي:(1) الجمع بين ذي الردف وغيره.
(2)
الجمع بين المؤسس وغيره. (3) الجمع بين ردفين متباينين. (4) اختلاف التوجيه. (5) اختلاف الدخيل.
أما مثال الأول فكأن تجمع بين «لدن» و «لين» في التقفية، الأول غير ذي ردف، والثاني ذو رِدْف، وأجاز بعض النقاد مجيء مثل «لدن» مع ذي الردف الواوي الساكن، نحو «لون» (2)، ومنعوه مع غير ذلك من الأرداف، نحو:«لين» و «دون» .
(1) نفسه 7 - 32.
(2)
السكون هنا مقيد بفتحة قبله، وهذا هو المقصود.
ومثال الثاني أن تجمع بين مثل: «ناصرًا» و «أخرًا» . «ناصرًا» : قافية مؤسسة بالألف بعد النون، و «أخرًا»: ليست مؤسسة. ومثال هذا النوع من السناد قول أمرئ القيس (1).
إذا قلت هذا صاحب قد رضيته
…
وقرت به العينان بدلت آخرا
كذلك جدي ما أصاحب صاحبًا
…
من الناس إلا خانني وتغيرا
«فآخرا» مؤسسة، «وتغيرا» غير مؤسسة. وسائر قوافي القصيدة ليست مؤسسة.
ومثال الثالث أن تجمع بين نحو: «سرينا» و «سمونا» في قوافيك، وبين نحو:«أولينا» و «رعينا» . وبين نحو: «أكرمونا» و «عفونا» . وجائز أن تجمع بين «أولينا» و «أكرمونا» .
ومثال الرابع أن تأتي بمثل: «مغتفر، منتصر، نكر» قوافي في قصيدة واحدة. فحركات الفاء والصاد والنون التي قبل الساكن الأخير كلها تسمى توجيهًا. والنقاد يشترطون أن تكون حركة التوجيه في القوافي المقيدة (الساكنة) واحدة.
ومثال هذا السناد من شعر امرئ القيس (2):
فتور القيام قطيع الكلا
…
م تفتر عن ذي غروب خصر
كأن المدام وصوب الغمام
…
وريح الخزامى ونشر القطر
يعل به برد أنيابها
…
إذا طرب الطائر المستحر
(1) مختارات الشعر الجاهلي 46.
(2)
نفسه -87. ذو الغروب الخصر: هو فمها، والخصر البارد. والقطر: نوع من عود الطيب، والمستحر: المفرد بالسحر.
فحركة الطاء كما ترى ضمة، وحركة الصاد والحاء من «خصر ومستحر» كسرة.
ومثال الخامس أن تجمع بين نحو: «خاملو» و «تخاذلوا» و «تحاملوا» في قوافيك: وأجازوا في الضرورة أن تجيء نحو: «تخاذلوا» و «خاملو» ، وحظروا «خاملوا» أو «تخاذلوا» مع نحو:«تحاملوا» ، وأنشدوا للنابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
…
وهل يأثمن ذو إمة وهو طائع
بمصطحباتٍ من لصاف وثبرةٍ
…
يزرن إلالًا سيرهن التدافع (1)
فالدخيل في القافية الأولى وهو الهمزة مكسور، وفي الثانية مضموم، وهو في سائر القصيدة مكسور.
وإذا تأملت هذه الأنواع الخمسة التي ذكرناها، لم تجد فيها شيئًا معيبًا حقًا إلا نوعين: المثال الأول وقبحه لا يحتاج إلى تدليل، والضرب الثاني من المثال الثالث، وحسبك من قبحه قول عمرو بن كلثوم في المعلقة:
كأن متونهن متون غدرٍ
…
تصفقها الرياح إذا جرينا
وقد لام المعري عمرو بن كلثوم علي سناده هذا في رسالة الغفران (2) فاعتذر عمرو بأن أبيات المعلقة في جملتها سليمة، ولا يضيرها مع كثرتها أن يكون واحد منها قبيحًا، كما لا يضير أبا العشرة أن يكون أحدهم دميمًا، إن كان الباقون صباحًا.
هذا، والأنواع الأربعة الباقية ليست بقبيحة حقًا، وإنما تحسن أو تقبح بحسب مواقعها. تأمل سناد أمرئ القيس في «آخرا» و «تغيرا» أتجده قبيحًا؟
(1) نفسه- 204 - 205.والإمة: الدين والاستقامة بكسر الهمزة. والمصطحبات هي الإبل. لصاف وثبرة وإلال: هذه كلها مواضع، وإلا: بعرفة.
(2)
رسالة الغفران (لابنة الشاطيء)244. ووصف عمرو الدروع في هذا البيت، وشبه طرائقها بطرائق الماء في الغدير.