المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من باب الكفالة والصلح - المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ومن باب السلم والرهن

- ‌من باب الكفالة والصلح

- ‌ومن باب الحجر والفلس

- ‌ومن كتاب الشركة والمضاربة

- ‌ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة

- ‌ومن باب الغصب

- ‌ومن باب الشفعة

- ‌ومن باب اللقطة وإحياء الموات

- ‌ومن باب الوقف

- ‌ومن باب الهبة

- ‌ومن كتاب الوصايا

- ‌ومن كتاب الفرائض والمواريث

- ‌ومن كتاب النكاح

- ‌ومن كتاب الصداق

- ‌ومن باب الوليمة وعشرة النساء

- ‌ومن كتاب الخلع

- ‌ومن كتاب الطلاق

- ‌ومن باب الرجعة

- ‌ومن أبواب الإيلاء والظهار والكفارات

- ‌ومن أبواب اللعان والقذف ولحوق النسب

- ‌ومن كتاب العدد والاستبراء

- ‌ومن باب الرضاع

- ‌ومن كتاب الجنايات

- ‌ومن كتاب الديات

- ‌ومن كتاب الحدود

- ‌ومن باب القطع في السرقة

- ‌ومن باب التعزير والمرتد والمحاربين

- ‌من باب الأشربة والأطعمة

- ‌ومن باب الصيد والذبائح

- ‌ومن كتاب الأيمان

- ‌ومن باب النذور

- ‌ومن كتاب الشهادات

- ‌ومن باب الإقرار

- ‌تراجم موجزة للعلماء المذكورين في الكتاب

- ‌فهرس مراجع التحقيق والدراسة

- ‌أ - التفسير:

- ‌ب- الحديث:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- كتب اللغة:

- ‌هـ - التاريخ والتراجم:

- ‌و- كتب أخرى:

الفصل: ‌من باب الكفالة والصلح

‌من باب الكفالة والصلح

الكفالة: مصدر كفل يكفل، وهي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي إلى ربه، والصلح: التوفيق والسِّلم، والإجماع على مشروعيتهما في الجملة (1).

إن لم يسلم كافل من كفلا (2)

يضمن ما على الأصيل أصلا (3)

سواء المطلق والمؤجل

......................

يعني: إن تعذر على الكفيل إحضار المكفول به مع حياته أو غاب ومضى زمن يمكن إحضاره فيه ولم يفعل أو عين زمنًا لإحضاره فمضى ولم يحضره ضمن ما عليه سواء كفله وأطلق أو كفله إلى أجل فطولب عنده ولم يحضره (4) وقال أكثر العلماء: لا يغرم.

ولنا عموم قوله عليه السلام: "الزعيم غارم" رواه الترمذيُّ وحسنه (5)،

(1) انظر الإجماع 99 والمغني 5/ 6 - 7، 95.

(2)

في د، س من كفله.

(3)

في د، س أصله.

(4)

وهذا مذهب مالك قال في المدونة 5/ 252: (قال مالك: من تكفل بوجه رجل إلى رجل فإن لم يأت به غرم المال (قلت) أرأيت إن تكفل بوجهه إلى أجل فمضى الأجل ورفعه إلى السلطان أيغرمه أم لا في قول مالك؟.

(قال) قال مالك: يتلوم له السلطان فإن أتى به السلطان وإلا أغرمه المال).

(5)

الترمذيُّ برقم 1265 وأبو داود برقم 3565 وأحمدُ 5/ 267 والبيهقيُّ 6/ 88.

وقد أخرجه أبو داود برقم 3328 وابن ماجة برقم 2406 ولفظه: (الحميل غارم) والحميل: الكفيل والضامن.

ص: 453

ولأنها أحد نوعي الكفالة فوجب بها الغرم كالكفالة بالمال، ومحل ما ذكر إن لم يشرط الكفيل البراءة (1) عند عجزه عن إحضاره، فإن شرطها لم يغرم وإن مات المكفول به برئ الكفيل (2) لسقوط الحضور عنه فبرئ (3) كفيله بخلاف غيبته فإن الحضور لا يسقط عنه.

......................

ومن عليه الحد ليس يُكْفَل

أي: لا تصح (4) الكفالة ببدن من عليه حد (5) سواء كان حقًا لله تعالى كحد الزنا والسرقة أو لآدمي (6) كحد القذف والقصاص، قال في المغني (7): وهذا قول أكثر أهل العلم منهم شريح والحسن وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي (8)، وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى واختلف قوله في حدود الآدمي (9).

ولنا: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا كفالة في حد"(10)، ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به فلم تصح الكفالة بمن (11) هو عليه كحد الزنا.

(1) في أ، جـ، ط الكفالة وهو سبق قلم من النساخ.

(2)

سقط من النجديات وهـ وط برئ الكفيل.

(3)

في ب برئ وفي أ، جـ فيرى وفي طيرى.

(4)

في د، س يصح.

(5)

سقطت من د.

(6)

في ط لأدنى.

(7)

المغني 5/ 98.

(8)

وهو مذهب مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 793: (ولا تجوز الحماله في شيء من الحدود والقصاص ولا الجراح التي فيها قصاص، ولا بأس بالضمان في الجراح التي يؤول حكمها إلى المال).

(9)

في ط الأمي.

(10)

رواه البيهقي 6/ 77 وقال الحافظ في بلوغ المرام: (رواه البيهقي بإسناد ضعيف). سبل السلام 3/ 72.

(11)

في ب لمن.

ص: 454

إلى طريق أعظم جناح

إخراجه في الحكم لا يباح

كذاك في الميزاب كالدكان

إن ضر أو لا فيهما سيان

أي: يحرم إخراج جناح وهو الروشن على أطراف خشب ونحوه مغروزة في الحائط إلى طريق أعظم أو (1) درب نافذ وكذا ميزاب وساباط (2) سواء أضر بالمارة أو لا إلا بإذن الإمام أو نائبه بلا ضرر، ويحرم أيضًا إخراج دكان ودكة بطريق نافذ مطلقًا فيضمن ما تلف به.

وقال أبو حنيفة (3) ومالك والشافعيُّ يجوز الميزاب ونحوه (4) لقول العباس لعمر لما اجتاز على دار العباس وقلع ميزابه: تقلعه وقد نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم (5)، الخبر وما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فلغيره فعله إذا لم يقم على اختصاصه به دليل.

ولنا: الخبر المذكور فإن (6) عمر لم يقره حتى أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبه ولولا أنه يتوقف على إذن الإمام لما قلعه (7)، ولأن وضعه يحتاج إلى اجتهاد وتحر في نفي الضرر عن المارين فتوقف على إذن الإمام أو نائبه. .

(1) في ط، ودرب.

(2)

الساباط: سقيفة بين دارين تحتها طريق جمعه سوابيط وساباطات القاموس المحيط 2/ 363.

(3)

ويرى أبو حنيفة لا أنه لا يحل له الإنتفاع بالميزاب ونحوه إذا عمله بدون إذن الإمام وتقدم إليه أحد من عرض الناس بالنقض أو الرفع ولو كان لا يضر بالمارين. انظر شرح العناية10/ 307 وبدائع الصنائع 6/ 265.

(4)

المنتقى شرح الموطأ 6/ 43 ومغني المحتاج 2/ 182، 183.

(5)

رواه البيهقي 6/ 66 وفي سنده موسى بن عبيدة متروك قال أحمد: لا يكتب حديثه وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال ابن معين: ليس بشيء، الميزان 4/ 213، ورواه أيضًا من طريق شيخه أبي عبد الله الحاكم وفيه عطاء الخراساني قال فيه الحافظ: صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس وهو في المستدرك 2/ 332 بهذا السند.

(6)

في د، س فعله.

(7)

سقط من ب.

ص: 455

ووضع الأخشاب على الجدار

للجار إن لم يك بالأضرار

مع (1) اضطرار منه للتسقيف

عليه إن أباه بالتعنيف

أي: يجوز للجار وضع خشبه على جدار جاره إن لم يكن تسقيف إلا به ولم (2) يكن فيه ضرر فإن أبي أن يمكّنه منه أجبره الحاكم عليه (3).

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ في الجديد: ليس للجار وضع خشبة على جدار جاره، لأنه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة فلم يجز كزراعته (4).

ولنا: حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره" متفق (5) عليه، ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه (6) لا يضر به أشبه الاستناد إليه والاستظلال به، وكذا جدار مسجد ويتيم ومشترك فيجوز على ما تقدم، فإن كان فيه ضرر أو لم يحتج (7) إليه لم يجز إلا بإذن ربه.

بين شريكين جدار يقع

من رام عودا يجبر الممتنع

يعني: إذا طالب (8) شريك في جدار أو سقف انهدم شريكه ببناء معه

(1) في د من.

(2)

في النجديات، ط فلم.

(3)

وهو قول الشافعي القديم وقد حكاه البويطي عنه في الجديد قولًا آخر ورجحه البيهقي وأيده ابن حجر في الفتح 5/ 79 - 80.

(4)

انظر عمدة القاري للعيني الحنفي 13/ 10 - 11 والمنتقى شرح الموطأ 6/ 43 ومغني المحتاج 2/ 187.

(5)

البخاري 5/ 79 - 80 مسلم 1609 وأحمد 2/ 274 وأبو داود برقم 3634 وابن ماجة برقم 2335 والبيهقيُّ 6/ 68.

(6)

سقط من النجديات، ط (على وجه).

(7)

في ط يحج.

(8)

في النجديات والأزهريات طلب.

ص: 456

أجبر الممتنع (1) كنقض عند خوف سقوط (2)، فإن أبى أخذ حاكم من (3) ماله أو باع عَرَضَه وأنفق (4)، فإن تعذر اقترض عليه.

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ في الجديد ومالك في إحدى روايتيه (5): لا يجبر (6) قال في المغني (7): وعن أحمد ما يدل على ذلك وهو أقوى دليلًا، لأنه ملك لا حرمة له (8) في نفسه فلم يجبر مالكه على الإنفاق عليه كما لو انفرد به.

ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"(9) وهذا وشريكه يتضرران بترك بنائه.

ويلزم الأعلى من الجيران

ما يستر الأدنى عن العيان

أي: يلزم الأعلى من الجيران سترة تمنع رؤية الأسفل فإن استويا اشتركا (10).

(1) وهو قول الشافعي القديم صيانه للأملاك المشتركة عن التعطيل، ومحل الخلاف في غير الوقف، أما فيه فيجبر الشريك على العمارة لما فيها من بقاء الوقف: نهاية المحتاج 4/ 339.

(2)

في ط سقوطه.

(3)

في ط منه.

(4)

في النجديات ينفق.

(5)

في أ، جـ، ط دوايته.

(6)

بدائع الصنائع 6/ 264 ومغني المحتاج 2/ 190.

(7)

5/ 45.

(8)

سقطت من أ، جـ هـ، ط.

(9)

رواه أحمد 5/ 326 - 327 وابن ماجة برقم 2340 وأخرجه مالك مرسلًا 4/ 31 - 32

قال المناوي في فيض القدير 6/ 432: (والحديث حسنه النووي في الأربعين .. وله طرق يقوي بعضها بعضًا، وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به).

(10)

قال شيخ الإسلام في الاختيارات ص 134: يلزم الأعلى التستر بما يمنع مشارفته على الأسفل وإن استويا وطلب أحدهما بناء السترة أجبر الآخر مع الحاجة إلى السترة.

ص: 457

وقال الشافعي: لا يلزمه عمل سترة لأن هذا حاجز بين ملكيهما فلم (1) يجبر أحدهما عليه كالأسفل (2).

ولنا: أنه إضرار بجاره فمنع منه كدق يهز (3) الحيطان، ولأنه (4) يكشف جاره ويطلع على حريمه فمنع (5) منه، والعيان بكسر العين مصدر عاين يعاين (6) معاينة وعيانًا.

من قال صالحني بنصف الدين

وهكذا صالح ببعض (7) العين

فهو (8) إذن إبرا بلفظ الصلح

فلا يصح فانتبه للشرح

يعني: إذا أقر له بدين أو عين برأه من البعض النصف (9) أو أقل أو أكثر أو (10) وهبه ذلك وأخذ الباقي صح ذلك فيكون إبراء أو هبة فإن كان بلفظ الصلح لم يصح، لأن لفظ الصلح يقتضي المعاوضة، لأنه إذا قال صالحني بهبة كذا أو البراءة منه على هبة كذا أو (11) البراء منه ونحوه فقد أضافه إليه بالمقابلة فصار كقوله: بعني (12) بألف أو أخرجه مخرج (13) الشرط (وكلاهما لا يجوز بدليل ما لو صرح (14) بلفظ الشرط (أو

(1) في ط فلا.

(2)

انظر مغني المحتاج 2/ 186 - 187.

(3)

سقط من جـ، ط وفي د يهس.

(4)

في ب ذلك وفي جـ، ط ولا.

(5)

في النجديات، ط فيمنع.

(6)

في ب، جـ يعين.

(7)

في د، س ينقص.

(8)

في د، س فهي.

(9)

في ب كالنصف.

(10)

في د و.

(11)

في أ، جـ ط و.

(12)

في ط يعني.

(13)

في ط فخرج.

(14)

في ط خرج.

ص: 458

لفظ (1)) (2). المعاوضة والقول بأنه يسمى صلحًا ممنوع، وإن سمي صلحًا فمجاز (3) لتضمنه قطع النزاع وإزالة الخصومة (4).

والدين إن يوصف بالحلول

فالصلح لا يصح في المنقول

عليه بالبعض مع التأجيل

رجحه الجمهور بالدليل

أي: إذا كان الدين حالًا وصالح عليه بالبعض مؤجلًا لم يصح الصلح، ورجحه جمهور الأصحاب وأقاموا عليه الدليل إذ الحال لا يصح تأجيله ولأنه معاوضة ببعض حقه (5) عن بعض.

وقال: بالجزم به في الكافي

وفصل المقنع للخلاف

فصحح الإسقاط وإن الأجل

وذاك نص الشافعي ينجلي

أي: جزم الموفق في الكافي بما تقدم في غير تفصيل (6) وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرها، وفصل في المقنع فقال (7):(وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه (8) صح الإسقاط دون التأجيل (9)) وتابعه في المنتهى والإقناع (10) وهو وقول للشافعي (11)، لأن الإسقاط (12) إبراء ولا مانع له، والتأجيل وعد لا يلزم الوفاء به، وكل حال

(1) ما بين القوسين الصغيرين من ب.

(2)

ما بين القوسين سقط من د س.

(3)

في أ، جـ ط فجاز.

(4)

في جـ، ط الخضوع.

(5)

في ب ماله وليست في جـ ولا ط.

(6)

انظر الكافي 2/ 205.

(7)

سقطت من د، س.

(8)

في أ، جـ باقه.

(9)

المقنع 2/ 123.

(10)

شرح المنتهى 2/ 261 والإقناع مع شرحه كشاف القناع 3/ 392.

(11)

في ب، جـ ط الشافعي.

(12)

في أ، ط لأنه إسقاط وفي جـ أن إسقاط.

ص: 459

لا يصح (1) تأجيله (2)، ومثل ذلك خلافًا ومذهبًا لو صالحه عن مائه صحاح بخمسين مكسرة (3) فعلى المذهب هو إبراء من الخمسين ووعد في الأخرى.

(1) في ب، جـ تأجيل.

(2)

مغني المحتاج 2/ 179.

(3)

في د مكسورة.

ص: 460

ومن باب (1) الحوالة والوكالة

الحوالة: بفتح الحاء وكسرها عقد إرفاق، وهي انتقال مال من ذمة إلى ذمة بلفظها أو معناها الخاص؛ مأخوذة (2) من التحول بمعنى الانتقال.

والوكالة: بفتح الواو وكسرها لغة: التفويض والحفظ.

وشرعًا: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخل النيابة.

على مليّ من أحيل يتبع

وإن أبى فقوله لا يسمع

الملي: هو القادر على الوفاء بماله وقوله وبدنه، بمعنى أن يكون له ما يفي منه وأن لا يكون جاحدًا للدين ولا مماطلًا ولا يتعذر إحضاره إلى مجلس (3) الحكم (4)، فمن أحيل على (5) من هذه صفته لزمه اتباعه. فإن أبى أجبر على اتباعه فلا يعتبر قبول المحتال ولا رضاه (6) ولا رضا المحال عليه (7).

(1) سقط من هـ.

(2)

في د، س مأخوذ.

(3)

سقط من د.

(4)

فلا يلزم من له الحق أن يحتال على والده لأنه لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم. انظر كشاف القناع 3/ 387.

(5)

سقط من د.

(6)

سقط من ط.

(7)

وقد ذهب إلى وجوب قبول الحوالة على مليء أبو ثور وابن جرير والظاهرية لكن استثنى ابن حزم ما إذا كان الدين الذي على المحيل من بيع فإنه لا يجيز الإحالة به لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتعت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه". ورد: بأن الحوالة عقد إرفاق ينفرد =

ص: 461

وقال أبو حنيفة: يعتبر رضاهما، لأنها معاوضة فاعتبر فيها الرضا من المتعاوضين (1).

وقال مالك والشافعيُّ: يعتبر رضا المحتال، لأن حقه في ذمة المحيل فلا يجوز نقله إلى غيرها بغير رضاه (2).

ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع" متفق (3) عليه. وفي لفظ: "ومن أحيل بحقه على مليء فليحتل"(4)، ولأن للمحيل أن يوفي الحقال في عليه بنفسه وبوكيله وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض فلزم المحتال القبول كما لو وكل رجلًا في إيفائه، وفارق ما إذا أراد أن يعطيه عما في ذمته عوضًا، لأنه يعطيه غير ما وجب له فلم يلزمه قبوله.

وقوله على مليء متعلق بأحيل ومن موصولة مبتدأ وقوله: يتبع خبر ومعناه الأمر أي (5): فليتبعه وجوبًا.

موكل قدَّر للوكيل

قدرًا به يبيع (6) يا خليلي

فباع بالأقل مما قدرًا

أو زاد عن ذاك الوكيل في الشراء

وهكذا في مطلق التوكيل

إن زاد أو نقَّص في التمثيل (7)

عن (8) ثمن المثل مضى انعقادًا

ويضمن النقص كذا ما زادا

هذا هو المنصوص في القولين

قال به الأكثر في الحالين

= وليست بيعًا فيشترط لها القبض. انظر نيل الأوطار 5/ 267 والمحلى 8/ 108 - 109 والمغني 5/ 54.

(1)

بدائع الصنائع 6/ 16.

(2)

انظر بداية المجتهد 299 والمنهاج مع مغني المحتاج 2/ 193 - 194.

(3)

البخاري 4/ 381 والنسائيُّ 7/ 317 وأحمدُ 2/ 254، 377.

(4)

رواه أحمد 2/ 463 والبيهقيُّ 6/ 70.

(5)

سقطت من النجديات، ط.

(6)

في نظ، أ، جـ يتبع.

(7)

في ب المثيل.

(8)

في ب من.

ص: 462

يعني: إذا قدر الموكل للوكيل قدرًا يبيع به فباع بدونه، أو لم يقدر له شيئًا وباع بدون ثمن المثل، أو قدر الموكل للوكيل ثمنًا يشتري به فاشترى بأكثر منه، أو لم يقدر له ثمنًا (1) فاشترى بأكثر من ثمن المثل صح البيع والشراء وكان منعقدًا ماضيًا، لأن (2) من صح بيعه بثمن (3) المثل صح بما دونه وضمن (4) الوكيل النقص في مسألة البيع والزائد في مسألة الشراء، لأنه مفرط (5) وهذا إذا كان النقص عن ثمن المثل أو الزيادة عليه -إذا لم يقدر ثمن- مما لا يتغابن به عادة فإن كان كذلك لم يضمنه الوكيل، لأنه لا يمكن التحرز منه إن لم يكن الموكل قدر الثمن وإلا ضمن الكل. وهذا (6) هو المنصوص عن الإمام وعليه أكثر الأصحاب.

وقوله في الحالين: أي حال البيع وحال الشراء أو حال تقدير الثمن وإطلاقه، والمضارب كالوكيل في ذلك.

(1) ما بين القوسين سقط من د، س.

(2)

في ب بأن.

(3)

في ب بمن.

(4)

وخرج هذا أبو العباس بن سريج في المذهب الشافعي قال في تكملة المجموع 11/ 588 - 589: يصح البيع وينفذ في كل حالة نقص فيها الثمن عن القدر الذي أذن فيه، وضمن الوكيل الفرق كأن أذن له في البيع بمائة فباع بتسعين كان على الوكيل ضمان النقص وهو العشرة ونتيجة هذا أن البيع ينفذ بحصول الموكل على الثمن الذي حده بكماله وذلك بضمان مقدار النقص على الوكيل ومثل ما ذكر في البيع يكون في الشراء

وهذا تخريج أبي العباس ابن سريج -رحمه الله تعالى-.

(5)

إذا باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه وقد اجتهد واحتاط ولكنه أخطأ فهو معذور لا ضمان عليه رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات 140 - 141 قال: وأما إذا احتاط في البيع والشراء ثم ظهر غبن أو عيب لم يقصر فيه فهذا معذور يشبه خطأ الإمام والحاكم ويشبه تصرفه قبل علمه بعزله ..

فإن عامة من يتصرف لغيره، بوكالة أو ولاية قد يجتهد ثم يظهر فوات المصلحة أو حصول المفسدة فلا لوم عليه فيهما وتضمين مثل هذا فيه نظر، وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربيًا فبان مسلمًا فإن جماع هذا أنه مجتهد مأمور بعمل اجتهد فيه وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان، هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد لا في العمل، وأصول المذهب تشهد له بروايتين.

(6)

في النجديات، طا وكذا.

ص: 463

والشيخ في البيع لهم موافق (1)

وفي الشراء أيضًا (2) لهم محاقق

يقول: لا يصح قولًا احدًا

إذا الوكيل باغيًا معاندًا

أي: وافق الشيخ أكثر الأصحاب في مسألة البيع على الصحة دون مسألة الشراء فقال: لا يصح قولًا واحدًا (3)، لأن الوكيل غير مأذون له في الشراء (4) بالزائد فهو كتصرف الفضولي.

وقوله: باغيًا معاندًا منصوب على أنه خبر ليكون محذوفة مع اسمها.

من قال بيع ذا بكذا والزائد (5)

فحذه صح فيه لا يعاند (6)

أي: لو قال (الموكل (7)) لوكيله بيع هذا الثوب ونحوه بكذا فما زاد فهو لك صح، نص عليه، ورواه سعيد عن ابن عباس بإسناد جيد (8)، ولأنها (9) عين تنمى (10) بالعمل عليها فهو (11) كدفعه ماله مضاربة وقال الأكثر: لا يصح.

بشاهد مع اليمين عندنا

وكالة تثبت قولًا متقنًا (12)

أي: تثبت الوكالة في المال بشاهد ويمين كالمال، ولأن الوسائل لها أحكام المقاصد وكذا الوصية به والكتابة والتدبير كما يأتي.

(1) في نظ، د يوافق.

(2)

سقطت من نظ والأزهريات.

(3)

المقنع 2/ 153.

(4)

في ط شراء.

(5)

في نظ فالزائد.

(6)

في نظ صح منه لا يعاند، وفي النجديات تعاند.

(7)

ما بين القوسين من ب وفي أ، جـ، ط قال الوكيل.

(8)

ورواه عبد الرزاق 8/ 235 قال: أخبرنا هشيم قال: سمعت عمرو بن دينار يحدث عن عطاء عن ابن عباس.

(9)

في د، س ولأنه.

(10)

في ط ثمن.

(11)

في النجديات، هـ، ط فهي.

(12)

في د، س ممكنًا.

ص: 464