المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن كتاب الحدود - المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ومن باب السلم والرهن

- ‌من باب الكفالة والصلح

- ‌ومن باب الحجر والفلس

- ‌ومن كتاب الشركة والمضاربة

- ‌ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة

- ‌ومن باب الغصب

- ‌ومن باب الشفعة

- ‌ومن باب اللقطة وإحياء الموات

- ‌ومن باب الوقف

- ‌ومن باب الهبة

- ‌ومن كتاب الوصايا

- ‌ومن كتاب الفرائض والمواريث

- ‌ومن كتاب النكاح

- ‌ومن كتاب الصداق

- ‌ومن باب الوليمة وعشرة النساء

- ‌ومن كتاب الخلع

- ‌ومن كتاب الطلاق

- ‌ومن باب الرجعة

- ‌ومن أبواب الإيلاء والظهار والكفارات

- ‌ومن أبواب اللعان والقذف ولحوق النسب

- ‌ومن كتاب العدد والاستبراء

- ‌ومن باب الرضاع

- ‌ومن كتاب الجنايات

- ‌ومن كتاب الديات

- ‌ومن كتاب الحدود

- ‌ومن باب القطع في السرقة

- ‌ومن باب التعزير والمرتد والمحاربين

- ‌من باب الأشربة والأطعمة

- ‌ومن باب الصيد والذبائح

- ‌ومن كتاب الأيمان

- ‌ومن باب النذور

- ‌ومن كتاب الشهادات

- ‌ومن باب الإقرار

- ‌تراجم موجزة للعلماء المذكورين في الكتاب

- ‌فهرس مراجع التحقيق والدراسة

- ‌أ - التفسير:

- ‌ب- الحديث:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- كتب اللغة:

- ‌هـ - التاريخ والتراجم:

- ‌و- كتب أخرى:

الفصل: ‌ومن كتاب الحدود

‌ومن كتاب الحدود

جمع حد وهو لغةً المنع، وشرعًا: عقوبة مقدرة في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها. ومشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع.

من جمع الإحصان والزنا معًا

فالجلد (1) والرجم له يجتمعا

أي (2): إذا زنا المحصن جلد مائة ثم رجم في رواية اختارها الخرقي وأبو بكر عبد (3) العزيز والقاضي ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وصححها الشيرازي قال أبو يعلى الصغير: اختارها شيوخ المذهب وجزم بها ابن عقيل في التذكرة (4) وصاحب الوجيز وقدمها في تجريد العناية وشرح ابن رزين ونهايته وفعله علي رضي الله عنه (5) وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر رضي الله عنه وبه قال الحسن وداود وابن المنذر (6)

(1) في هـ الحد.

(2)

في هـ يعني.

(3)

في د، س ط وعبد العزيز.

(4)

في د، س التذكر.

(5)

فتح الباري 12/ 105 وقد ساق الآثار الواردة عن علي في هذا وفيها أن عليًا رضي الله عنه. جلد شراحة ثم رجمها.

(6)

ونسبه الشوكاني في النيل إلى إسحاق والعترة وأيده وناقش الجمهور في رد حديث عباده بأنه منسوخ بأنه ليس عندهم ما يدل على ذلك وأن الجلد قد ثبت بالكتاب لأن آية: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، عامة تشمل الزاني البكر والمحصن وأما الرجم فقد ثبت بالسنة.=

ص: 713

لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة: "والثيب بالثيب الجلد والرجم" رواه مسلم (1)؛ وعنه يرجم ولا يجلد وهي المذهب وبهذا قال النخعي والأوزاعي والزهري ومالك (2) والشافعيُّ (3) وأبو ثور وأصحاب الرأي (4) واختاره أبو إسحاق الجوزجاني وأبو بكر الأثرم ونصراه في سننهما، لأن جابرًا روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزًا ولم يجلده (5) ورجم الغامدية ولم يجلدها (6)، وقال:"واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" متفق عليه (7)، ولم يأمره بجلدها قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول في حديث عبادة: إنه أول حد نزل، وإن حديث ماعز بعده رجمه صلى الله عليه وسلم ولم يجلده وعمر رضي الله عنه رجم (8) ولم يجلد (9) ونقل عنه (10) إسماعيل بن سعيد نحو هذا، ولأنه حد فيه قتل فلم يجتمع معه جلد (11) كالردة.

= وترك الصحابة ذكر الجلد لأنه معلوم من الكتاب والسنة وأيضًا فأحاديث عدم جلده للزاني المحصن نافية وحديث عبادة مثبت والمثبت مقدم على النافي. انظر نيل الأوطار 7/ 102 - 103.

(1)

مسلم برقم 1690.

(2)

الكافي لابن عبد البر 2/ 1069 - 1070.

(3)

مغني المحتاج 4/ 146.

(4)

المبسوط 9/ 37.

(5)

رواه أحمد عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك ولم يذكر جلدًا، وقال فيه الشوكاني في نيل الأوطار7/ 98:(وحديث جابر أيضًا أخرجه البيهقيُّ وأورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه وقد أخرجه أيضًا البزار قال في مجمع الزوائد: في إسناده صفوان بن المفلس لم أعرفه وبقية إسناده ثقات).

(6)

حديث الغامدية رواه مسلم برقم 1695 وأبو داود برقم 4434.

(7)

البخاري 12/ 121 ومسلمٌ برقم 1697 - 1698 وأبو داود برقم 4445 والترمذيُّ برقم 1433 والنسائيُّ 8/ 240، 241.

(8)

ما بين القوسين سقط من د، س.

(9)

رواه مالك في الموطأ 4/ 144 وهو في الاعتبار 202 والمحلى 11/ 233.

(10)

أي: عن أحمد وكلامه يوهم أنه عن عمر وليس كذلك فإن إسماعيل ابن سعيد أحد تلاميذ الإمام أحمد.

(11)

في هـ جلدة.

ص: 714

ووطؤه ذا رحم محرم

ولو بعقد قتله (1) حتما نمي

أي: إذا وطيء امرأة من محارمه المحرمات عليه أمه واخته بعقد نكاح أو غيره فعليه الحد في قول أكثر أهل العلم خلافًا لأبي حنيفة (2) والثوري إذا كان بعقد.

وحده القتل بكل حال فيه رواية وبهذا قال جابر بن زيد وإسحاق وأبو أيوب وابن أبي خيثمه لحديث البراء قال: "لقيت عمي (3) ومعه الراية فقلت: إلى أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه أبو داود والجوزجاني والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ (4).

وعنه: حده (5) حد الزاني وهو المذهب وبه قال الحسن ومالك والشافعيُّ (6) لعموم الآية والخبر، وخبر البراء نقل صالح وعبد الله أنه على المستحل.

أخت الرضاع من أتى (7) بالملك

أو (8) نحوها في ذاك حد منكي

أي (9): إذا ملك أخته من الرضاع أو عمته منه ونحوها فوطئها

(1) في حاشية ط في نسخة المتن التيمورية (رجمه).

(2)

تحفة الفقهار 3/ 184 وبدائع الصنائع 7/ 35.

(3)

في أد، جـ، هـ والنسخة الأحسائية عمر وفي ب خالي.

(4)

أبو داود برقم 4456 والترمذيُّ برقم 1362 والحديث في سنده اختلاف كثير كما قال المنذري: وله شاهد من طريق معاوية بن قُرَّة عن أبيه أخرجه ابن ماجة برقم 2608 والدارقطنيُّ 1963 وقال الشوكاني في النيل 7/ 131: وللحديث أسانيد كثيرة منها ما رجاله رجال الصحيح.

(5)

سقطت من النجديات، هـ في ط وحده.

(6)

الكافي لابن عبد البر 2/ 174 ومغني المحتاج 4/ 146.

(7)

في نظ أبي.

(8)

في د، س و.

(9)

في هـ يعني.

ص: 715

لزمه الحد قال القاضي: قال أصحابنا عليه الحد، قال فيه الفروع: وهو أظهر (1) واختاره جماعة منهم الناظم وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة الكافية وإدراك الغاية، لأنه فرج لا يستباح بحال فوجب الحد بالوطء فيه كفرج الغلام.

والصحيح من المذهب أنه لا حد فيه وجزم به في المنتهى والإقناع وغيرهما وهو قول أصحاب الرأي (2) والشافعيُّ (3)؛ لأنه وطء في فرج مملوك له يملك المعاوضة عنه وأخذ صداقه فلم يجب به الحد كالوطء في الجارية المشتركة.

فأما إن اشترى ذات محرمه بالنسب ممّن تعتق (4) عليه ووطئها فعليه الحد لا نعلم فيه خلافًا، لأن الملك لا يثبت فيها فلم توجد الشبهة.

ووطئه جارية للزوجة (5)

بإذنها مع علمه (6) بالحرمة

فالرجم منفي ولكن يجلد

مائة سوط جا حديث مسند

أي: إذا وطئ جارية زوجته بإذنها عالمًا تحريمها فإنه يجلد مائة ولا يرجم إن كان ثيبًا، وإن كان بكرًا لم يغرب (7)، وإن لم تكن أحلتها له فهو زان حكمه (8) حكم الزاني بجارية أجنبي.

(1) الفروع 6/ 74.

(2)

بدائع الصنائع 7/ 144.

(3)

مغني المحتاج 4/ 144.

(4)

في د، س يعتق.

(5)

في جـ جارية الزوجة.

(6)

في د، س علمها.

(7)

في ط لم يضرب.

(8)

في د، س حكم.

ص: 716

وعن عمر وعلي (1) وعطاء وقتادة ومالك (2) والشافعيُّ (3) أنه كوطء الأجنبية سواء أحلتها له أو لم تحلها، لأنه لا شبهة له فيها فأشبهت (4) جارية أخته ولأنه (5) إباحة لوطء محرمة عليه فلم تكن شبهة (6) كإباحة سائر الملاك.

ولنا: ما رواه أبو داود بإسناده عن حبيب بن سالم "أن رجلًا يقال له (7): عبد الرحمن بن حسن (8) وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوها أحلتها له، فجلده مائة"(9).

ويلحقه نسب الولد للشبهة التي درأت الحد، ولا يسقط الحد (10) بالإباحة في غير هذا الموضع لعموم النصوص الدالة على وجوب الحد على الزاني، وإنما يسقط (11) هنا لحديث النعمان (12).

ومن أتى بهيمة يحد

وذاك في المنصوص قوم عدوا

ومنهم القاضي وينصروه

وغيرهم يقول عزروه

(1) الأثران عن عمر وعلي في إيجاب حد الزنى على واطئ جارية امرأته رواهما ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 13 - 15.

(2)

الكافي لابن عبد البر 2/ 74.

(3)

مغني المحتاج 4/ 146.

(4)

في أ، فأشبه وفي حـ فأشبهه.

(5)

في النجديات، هـ، ط ولأن إباحة الوط.

(6)

سقط من النجديات (فلم تكن شبهه).

(7)

سقط من أ، جـ.

(8)

وفي أ، جـ حسين وفي هـ جبيرا والكل تصحيف والصواب حنين كما في سنن أبي داود برقم 4458، 4459، والترمذيُّ برقم 1451.

(9)

أبو داود برقم 4458، 4459 والترمذيُّ برقم 1451 والنسائيُّ 6/ 124، وقال الترمذيُّ:(في إسناده أضطراب، وقال الخطابي: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه).

(10)

في ط الجلد.

(11)

في أ، ط تسقط.

(12)

ورجح هذا الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 136 قال: وهذا هو الراجح لأن الحديث وإن كان فيه مقال فأقل أحواله أن يكون شبهة يدرأ بها الحد.

ص: 717

أي: ومن أتى بهيمة فعليه حد اللوطي (1)، وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين واختاره الشيرازي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما (2).

وقال الحسن حده: حد الزاني (3).

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن يقتل هو والبهيمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها" رواه أبو داود (4).

واختار الخرقي وأبو بكر: أنه يعزر فقط وهو المذهب، وروي ذلك عن عباس وعطاء والشعبي والنخعي والحكم ومالك (5) والثوري وأصحاب الرأي (6) وإسحاق والشافعيُّ (7) في أحد قوليه، لأنه لم يصح فيه نص، ولا يصح قياسه على الوطء في فرج الآدمي لأنه لا حرمة لها، وليس بمقصود يحتاج في الزجر عنه إلى الحد فإن النفوس تعافه وعامتها تنفر منه فيبقى على الأصل في انتفاء الحد، والحديث لم يثبته أحمد (8).

(1) في ط اللواط.

(2)

وهو كحد الزاني سواء بسواء وهو المذهب وقيل: بل حده الرجم مطلقًا، وهو اختيار ابن القيم. انظر حاشية المقنع 3/ 456.

(3)

في د، س الزاني.

(4)

أبو داود برقم 4464 والترمذيُّ برقم 1454 وأحمدُ 1/ 269 والبيهقيُّ 8/ 233 وقال فيه الترمذيُّ: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومال البيهقي إلى تصحيحه وقال: رويناه عن عكرمة من أوجه ورجح ذلك الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 134 وقال الحافظ في بلوغ المرام: رواه أحمد وأصحاب السنن ورجاله موثوقون إلا أن فيه اختلافًا. سبل السلام 4/ 27.

(5)

الكافي لابن عبد البر 2/ 1075.

(6)

بدائع الصنائع 7/ 34.

(7)

مغني المحتاج 4/ 145.

(8)

حيث توقف فيه كما نقل ذلك عنه الموفق في المغني 10/ 163: (قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يأتي البهيمة فوقف ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو).

ص: 718

وتقتل البهيمة ولا تؤكل فيغرم قيمتها إن كانت لغيره، لأنه فوتها عليه.

ورجل أكرهه (1) على الزنا

فذاك لا يسقط حدًا (2) عندنا

لا فرق إن أكرهه السلطان

أو غيره من عصبة قد كانوا

أي (3) إذا أكره الرجل على الزنا (سواء كان الإكراه)(4) من السلطان أو غيره لم يسقط عنه الحد وبه قال محمد بن (5) الحسن وأبو ثور، لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار والإكراه ينافيه، فإذا وجد الانتشار انتفى الإكراه فيلزمه (6) الحد كما لو أُكْرِهَ على غير (7) الزنا فزنا (8).

وقال أبو حنيفة: إن أكرهه السلطان فلا حد عليه، وإن أكرهه غيره حد استحسانًا (9).

وقال الشافعي: لا حد عليه لعموم الخبر، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، والإكراه شبهة فيمنع الحد، وكما لو كانت امرأة فإنه لا حد

(1) في د، س إكراهه.

(2)

سقطت من جـ.

(3)

في هـ يعني: إذا.

(4)

ما بين القوسين من ب.

(5)

في النجديات، هـ أحمد وقد ذكر في فتح القدير عن محمد بن الحسن أن المكره لا يحد سواء كان الإكراه من السلطان أو غيره قال في 5/ 273:(وقال أبو يوسف ومحمَّد: لا يحد لتحقق الإكراه من غير السلطان والانتشار لا يستلزم الطواعية).

(6)

في د، س فيلزم.

(7)

في النجديات غيره.

(8)

وهو قول للشافعي قال في مغني المحتاج 4/ 145 وهو يشرح قول النووي في المنهاج: (ومكره في الأظهر) قال: والثاني يحد .... لأن انتشار الآلة لا يكون إلا لشهوة واختيار).

(9)

الفتاوى الأنقروية /145.

ص: 719

عليها في (1) قول عامة أهل العلم (2) قال فيه الشرح (3): ولا نعلم فيه مخالفًا (4).

لمرض فالحد (5) لا يؤخر

ولو ترجى (6) البرء لا ينتظر (7)

في حالة شقت (8) به الأسقام

وفي النفاس هكذا يقام

أي: لا يؤخر (9) الحد لمرض ولو رجي زواله ولا لنفاس إذا كان جلدًا وبه قال إسحاق وأبو ثور، لأن عمر أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه ولم يؤخره وانتشر ذلك في الصحابة ولم ينكروه (10) فكان إجماعًا، ولأن الحد واجب على الفور فلا يؤخر ما أوجبه الله تعالى بغير حجة فعلى هذا إن خشي من السقوط ضرب بسوط (11) يؤمن معه التلف فإن خيف من السوط (12) أقيم بالعثكول (13).

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: يؤخر لحديث علي في التي هي حديثة عهد بنفاس وخشى إن جلدها قتلها وذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

(1) سقطت من س.

(2)

مغني المحتاج 4/ 145.

(3)

10/ 184.

(4)

في جـ، ط خلافا.

(5)

في ب فأحمد،

(6)

في د، س يرجى.

(7)

في النجديات ينظلأ.

(8)

في النجديات شفيت في ط شفت وفي د، س شفة.

(9)

في جـ نؤخر.

(10)

رواه عبد الرزاق 9/ 240 - 243 وعنه الحافظ ابن حجر في الإصابة 5/ 233 في ترجمة قدامة رضي الله عنه.

(11)

في ب، د، س، ط السوط.

(12)

في هـ السقوط.

(13)

العثكول والعثكال: عذق النخل الذي يكون فيه الشماريخ الكثيرة ويقال له: إثكال وإثكول. انظر النهاية 3/ 183.

ص: 720

"أحسنت" رواه مسلم وأبو داود (1)، ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى (2) وإن كان رجمًا لم يؤخر (3).

من (4) وجب الحد عليه فلجا

للحرم الشريف نعم الملتجا (5)

ولم (6) يقم عليه لكن يخرج بترك

بيع والشرا كي يخرج

على السواء كل الحدود لا شطط

ووافق النعمان في القتل فقط

ومالك والشافعيُّ تقام (7)

جميعها إذ ينتفي الملام

يعني: أن من قتل خارج (8) حرم مكة ثم لجأ (9) إليه لم يستوف (10) منه فيه هذا قول ابن عباس وعطاء وعبيد بن عمير (11) والزهري ومجاهد وإسحاق والشعبي وأبي حنيفة وأصحابه (12).

وكذا غير القتل من الحدود عندنا فلا تقام عليه حتى يخرج منه،

(1) مسلم برقم 1705 وأبو داود برقم 4472 والترمذيُّ برقم 1441.

(2)

وقد رجح هذا ابن قدامة في المغني 10/ 141 قال رحمه الله: (وأما حديث عمر في جلد قدامة فإنه يحتمل أنه كان مرضًا خفيفًا لا يمنع من إقامة الحد على الكمال، ولهذا لم ينقل عنه أنه خفف عنه في المسوط، وإنما اختار له سوطًا وسطًا كالذي يضرب به الصحيح، ثم إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يقدم على فعل عمر مع أنه اختيار علي وفعله).

(3)

انظر بدائع الصنائع 7/ 59 والكافي لابن عبد البر 2/ 1073 ومغني المحتاج 4/ 154.

(4)

في د، س ومن.

(5)

في د، س المنجا.

(6)

في أ، وإن يقم.

(7)

في نظ يقام.

(8)

في أ، جـ في.

(9)

في جـ الجا.

(10)

في أ، ب يستوفي.

(11)

في د، س عمر.

(12)

ويرى الحنفية أن ذلك في مباح الدم بقتل أو زنا أو ردة أو حرابة وليس خاصًا في القصاص. انظر حاشية ابن عابدين 6/ 547 وكشف الأسرار 1/ 296.

ص: 721

ولكن لا يبايع ولا يشارى (1) حتى يخرج فيقام عليه (2).

و (3) قال مالك والشافعيُّ وابن المنذر: تستوفي (4) منه كلها لعموم الأمر بالقتل بالنفس وجلد الزاني وقطع السارق من غير تخصيص بمكان في دون مكان وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة حديث حسنٌ صحيحٌ (5)، ولأنه حيوان أبيح قتله لعصيانه فأشبه الكلب العقور (6).

ولنا: قول الله تعالى (7): {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] يعني: الحرم بدليل فيه آيات بينات مقام إبراهيم (8) وهو خبر أريد به الأمر، لأنه لو أريد الخبر لأفضى إلى وقوع الخبر خلاف المخبر عنه (9)، وقال صلى الله عليه وسلم:

(1) في جـ وكاشاري.

(2)

ورجح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه 18/ 343، 14/ 201 - 202 والشوكاني في نيل الأوطار 7/ 8 وقال:

وهو الحكم الثابت قبل الإسلام وبعده فإن أهل الجاهلية كان يرى أحدهم قاتل أبيه فلا يهيجه، وكذلك في الإسلام كما قاله ابن عمر كما روى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه، وهكذا روي عن ابن عباس أنه قال: لو وجدت قاتل أبي في الحرم ما هيجته، وأما الاستدلال بحديث أنس فوهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة، وقد أخبرنا بأنها لم تحل لأحد قبله ولا لأحد بعده، وأخبرنا أن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت.

وأما الاستدلال بعموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود فيجاب أولا بمنع عمومها لكل مكان وكل زمان لعدم التصريح بهما، وعلى تسليم العموم فهو مخصص بأحاديث الباب لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاص وهي متأخرة فإنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود.

(3)

الواو ليست في ب.

(4)

في ب يستوفي.

(5)

في النجديات حديث صحيح. وقد رواه مسلم برقم 1357.

(6)

شرح النووي على مسلم 9/ 132 وتكملة المجموع 17/ 313 والقوانين الفقهية 341.

(7)

في النجديات، هـ، ط قوله تعالى.

(8)

من الآية السابقة.

(9)

سقطت من الأزهريات.

ص: 722

إن الله حرّم (1) مكة ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها (2) دمًا ولا يعضد فيها شجرة" فإن أحدًا ترخص بقتال (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب (4).

وهذا يدفع الاستدلال بقتل ابن خطل، والآية مخصصة (5) لأخبار العموم، والقياس على الكلب العقور لا يصح فإن (6) طبعه الأذى فلم (7) يحرمه الحرم، والآدمي الأصل فيه الحرمة وحرمته عظيمة وإنما أبيح لعارض.

وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه (8) كما روي عن ابن عباس (9) لئلا تتعطل حدود الله تعالى في حق أهل الحرم.

وأما حرم المدينة فلا يمنع إقامة (10) حد ولا قصاص، لأن النص إنما ورد في حرم مكة، وحرم المدينة دونه فلا يصح قياسه عليه وكذا (11) سائر البقاع.

وهكذا في بلد الغزاة

إقامة الحد فلا تواتي

(1) في أ، جـ جررت كلمة (حرم).

(2)

في ب، جـ بها.

(3)

في أ، جـ فقتال.

(4)

رواه البخاري 1/ 176 - 177 ومسلمٌ برقم 1354 والترمذيُّ برقم 809، 1406 والنسائيُّ 5/ 205 - 206.

(5)

في د، س مخصوصة.

(6)

في د، س فإنه.

(7)

في هـ فلا.

(8)

سقطت من أ، جـ.

(9)

يشير إلى ما رواه أحمد عن ابن عباس أنه قال: (من سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم). انظر نيل الأوطار 7/ 49.

(10)

في جـ إقامته.

(11)

في هـ وكذلك.

ص: 723

بل يضبط الحد إلى ما يرجعوا (1)

لدار الإسلام به فيوقعوا

أي: من أتى (2) حدًا من الغزاة أو ما يوجب قصاصًا في أرض الحرب لم يقم (3) عليه الحد حتى يرجع لدار الإسلام فيقام عليه حده وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق (4)، وقال مالك والشافعيُّ وأبو ثور وابن المنذر (5): يقام الحد في كل موضع لإطلاق الأوامر إلا أن الشافعي قال: إذا لم يكن أمير الجيش الإمام أو أمير إقليم فليس له إقامته يؤخر حتى يأتي الإمام، لأن إقامة الحدود إليه، وكذلك إن كان بالمسلمين حاجة إلى المحدود أو قوة به أو شغل عنه آخر (6).

وقال أبو حنيفة: لا حد ولا قصاص في دار الحرب ولا إذا رجع (7).

ولنا: على وجوب الحد أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به وعلى تأخيره ما روى بشير (8) بن أرطاة أنه أتي برجل في الغزاة قد سرق

(1) في نظ يرجع.

(2)

أفي النجديات، هـ، ط أصاب.

(3)

في د، س يقع.

(4)

ورجح ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 8 - 9 لأن فيه تأخير الحد لمصلحة راجحة إما من حاجة المسلمين إليه أو من خوف ارتداده ولحوقه بالكفار وتأخير الحد لأمر عارض أمر وردت به الشريعة كما يؤخر عن الحامل والمرضع وعن وقت الحر والبرد والمرض فهذا تأخير لمصلحة المحدود فتأخيره لمصلحة الإسلام أولى.

(5)

انظر المدونة 4/ 425 وعارضة الأحوذي 6/ 231 - 232 والأم 322 - 323.

(6)

سقطت من د، س.

(7)

هذا الإطلاق يخالف ما في كتب الحنفية فإنهم قيدوا سقوط الحد بما إذا لم يكن معهم الخليفة في دار الحرب، أما إذا كان معهم فيجب إقامة الحدود على من تلبس بها ولا تؤخر إلى القفول. انظر فتح القدير 4/ 153 - 154 وبدائع الصنائع 7/ 34.

(8)

كذا في النجديات والأزهريات وفي ط بشر والصواب بسر بالسين المهملة وهو في كتب الحديث التي ورد فيها الحديث وستأتي قريبًا قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 309: بسر بن أبي أوطأة قال في الواقدي: قبض النبي صلى الله عليه وسلم -وهو صغير لم يسمع منه، وقال ابن معين: كان رجل سوء أهل المدينة ينكرون أن يكون له صحبه.

ص: 724

بختية (1) فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك" أخرجه أبو داود وغيره (2)، وروى سعيد (3) أن عمر كتب إلى الناس أن لا يجلدن أمير جيش (4) ولا سرية (5) رجلًا من المسلمين حدًا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلًا لئلا تلحقه (6) حمية الشيطان فيلحق بالكفار، وعن أبي الدرداء (7) مثل ذلك (8).

بتوبة يسقط حد الشرب

والزاني والسارق من ذا الضرب

أي (9): من وجب عليه حد لله تعالى كحد الشرب والزنا والسرقة وتاب منه قبل ثبوته عليه عند الحاكم سقط عنه بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16]، وقوله تعالى:{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39] وفي الحديث: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"(10)، ولأنه خالص حق الله تعالى فسقط بالتوبة كحد المحارب (11).

(1) البختية: الأنثى من الجمال البخت وهي طوال الأعناق. النهاية 1/ 101.

(2)

أبو داود برقم 4408 والترمذيُّ برقم 1453 والنسائيُّ 8/ 91 وفي ثبوت صحبة بسر خلاف وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه وقد غمزه الدارقطني وفي سند الترمذيُّ ابن لهيعة وفي سند النسائي بقية بن الوليد وهما ضعيفان. انظر نيل الأوطار 7/ 155.

(3)

سنن سعيد بن منصور 2/ 211.

(4)

في أ، جـ والأزهريات، ط الجيش وما ذكرناه لفظ سنن سعيد بن منصور.

(5)

في أ، جـ سرقه.

(6)

في د، س يلحقه.

(7)

سنن سعيد بن منصور 2/ 210.

(8)

في د، س مثله.

(9)

سقطت من أ، جـ، هـ وفي ب يعني.

(10)

رواه ابن ماجة برقم 4250 وإسناده حسن.

(11)

وهو قول للإمام الشافعي قال في مغني المحتاج 4/ 184 ولا تسقط سائر الحدود المختصة بالله تعالى كالزنا والسرقة وشرب الخمر بالتوبة في الأظهر، لأنه صلى الله عليه وسلم لما =

ص: 725

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جاءه ماعز وأقر بالزنا حده ولا شك أنه لم يأته إلا وهو تائب فلما أقام عليه الحد دل على أن الاستثناء في المحارب وحده.

والثاني: تسقط بها قياسًا على حد قاطع الطريق وصححه البلقيني. أ، هـ ورجحه ابن تيمية في فتاواه 34/ 180 قال:(إن تاب من الزنا والسرقة أو شرب الخمر قبل أن يرفع إلى الإمام فالصحيح أن الحد يسقط عنه كما يسقط عن المحاربين بالإجماع إذا تابوا قبل القدرة). أ. هـ. وانتصر له ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 64 وقاس بقية الحدود على حد الحرابة فقال: فإذا دفعت التوبة عن المحارب الحد مع شدة ضرر المحارب وتعديه فلأن تدفع التوية ما دون حد الحرابة بطريق الأولى والأحرى.

والله جعل الحدود عقوبة عن الجرائم، ورفع العقوبة عن التائب شرعًا وقدرًا فليس في شرع الله ولا قدره عقوبة تائب البتة، وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًا فأقمه علي، ولم يسأله عنه فحضرت الصلاة فصلى مع النبي فلما قضى النبي الصلاة قام إليه الرجل فأعاد قوله، فقال صلى الله عليه وسلم:"أليس قد صليت معنا؟ " قال: نعم قال: "فإن الله عز وجل قد غفر لك ذنبك". رواه البخاري 12/ 118 - 119 ومسلم برقم 2764.

ص: 726