الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة
الإجارة لغة: المجازاة مأخوذة من الأجر وهو العوض، ومنه سمى الثواب أجرًا، لأن الله تعالى يعوض (1) عبده على فعل الطاعة أو صبره عن المعصية.
وشرعًا عقد (2): على منفعة مباحة معلومة مدة معلومة من عين معينة أو موصوفة في الذمة، أو عمل معلوم بعوض معلوم وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع (3).
والمساقاة: دفع شجر مغروس معلوم له ثمر (مأكول لمن يعمل عليه بجزء معلوم من ثمره)(4).
(1) في النجديات، ط يعيض.
(2)
في ط حق.
(3)
أما الكتاب فقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].
وأما السنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر. ورجل باع حرًا وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفي منه ولم يعطه أجره". رواه البخاري 4/ 346 - 347 وأما الإجماع فقد قال في المغني 6/ 3: وأجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال: لا يجوز ذلك لأنه غرر يعني: أنه يعقد على منافع لم تخلق، وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار وسار في الأمصار .. وقال ابن المنذر في الإجماع ص101: وأجمعوا على أن الإجارة ثابتة.
(4)
ما بين القوسين سقط من د، س.
والمناصبة والمغارسة: دفعه بلا غرس مع أرض لمن يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر (1) بجزء مشاع معلوم منه أو من ثمره أو منهما.
والمزارعة: دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل.
والأصل في مشروعيتها حديث ابن عمر قال: "عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع"؛ متفق (2) عليه (3)، وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع (4).
زوج على زوجته حيث عقد
…
إجارة جاز لإرضاع (5) الولد
أي: يجوز للرجل أن يستأجر زوجته لرضاع ولده منها (6).
وقال أبو حنيفة وغيره: لا يصح؛ لأنه استحق حبسها والاستمتاع (7) بها بعوض فلا يجوز أن يلزمه عوض آخر (8) لذلك (9).
(1) في ط تثمر.
(2)
البخاري 5/ 10 - 11ومسلم 1551 وأبو داود برقم 3408 والترمذيُّ برقم 1383 والنسائيُّ 7/ 53.
(3)
سقطت من ط كلمة عليه.
(4)
انظر المحلى 8/ 412 وليس فيه ثم أهلوهم. إلخ .. وهو عند أبي يوسف في الخراج 97 أنه صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بالنصف قال: فكان أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يعطون أرضهم بالثلث.
(5)
في د، س للإرضاع.
(6)
وفي المذهب المالكي إذا كانت المرأة عالية القدر ومثلها لا يرضع ووجد من يرضع ولدها وقبله وكان الأب أو الولد غنيًا فلا يجب عليها في هذه الحال إرضاعه وإن أرضعته فلها الأجر على الأب. انظر الفواكه الدوانى 2/ 70.
(7)
في د، س بالاستمتاع وسقطت (بها) من س.
(8)
في النجديات، ط آجر.
(9)
الاختيار 4/ 10 والفواكه الدواني 2/ 70.
ولنا: أن كل عقد صح أن تعقده مع غير الزوج صح أن تعقده معه كالبيع، ولأن منافعها في الحضانة والرضاع غير مستحقة للزوج بدليل (1) أنه لا يملك إجبارها عليه.
وقولهم: إنها استحقت عوض الحبس والاستمتاع.
قلنا: هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة (2) من وجه لا يمنع استحقاق منفعة سواها بعوض آخر كما لو استأجرها أولًا ثم تزوجها.
ببعض ما تخرج أرض تؤجر
…
كالثلث أو كالنصف أو ما قدروا
أي: يجوز أن تؤجر الأرض بجزء مشاع مما (3) يخرج منها كالنصف و (4) الثلث والربع ونحوه (5).
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا يصح ذلك (6) واختاره أبو الخطاب وصححه الموفق؛ لأنها إجارة لعين ببعض نمائها فلم يجز كسائر الأعيان (7).
ولنا: أنه عوض معلوم فصحت به الإجارة كما لو آجرها بدراهم أو دنانير.
قبل انقضاء مدة (8) إن (9) حوله
…
مؤجر (10) أسقط أجره مكملة
(1) في د بدليله.
(2)
في ط منعفة.
(3)
ليست في ط بل وضع بدلها و.
(4)
في أ، ط أو.
(5)
وأجازه ابن أبي ليلى وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمَّد بن الحسن وابن المنذر واختلفت الرواية فيه عن الليث: عمدة القاري 12/ 164 واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 157: (وتصح إجارة الأرض للزرع ببعض الخارج منها وهو ظاهر المذهب وقول الجمهور).
(6)
انظر عمدة القاري 12/ 164 وشرح الزرقاني على الموطأ 3/ 374 - 375 والكافي لابن عبد البر 2/ 760 والمنهاج 2/ 323 - 324.
(7)
المغني 5/ 598.
(8)
في نظ، أ، د، س مدته.
(9)
في نظ والأزهريات مذ.
(10)
في ط مؤخرًا.
أي: إذا حول المالك المستأجر من العين المؤجرة قبل تمام المدة أو منعه من العين قبل كمال العمل فلا أجرة له حتى لما مضى.
وقال أكثر الفقهاء: له أجر ما سكن ونحوه؛ لأنه استوفى ملك غيره على سبيل المعاوضة فلزمه عوضه (1) كالبيع إذا تسلم (2) بعضه ومنعه المالك بعضه (3) وكما لو امتنع لأمر غالب (4).
ولنا: أنه لم يسلم (5) إليه ما عقد الإجارة عليه فلم يستحق شيئًا كما لو استأجره (6) لعمل فلم يوفه، وقياس الإجارة على الإجارة أولى من قياسها على البيع، ويفارق ما إذا امتنع لأمر (7) غالب، لأن له عذرًا.
وكسب حجام فقل خبيث
…
سحت بذا (8) قدجاءنا الحديث
أكلًا لحر ليس بالملائم
…
يطعم للعبد وللبهائم
يشير بذلك إلى قول القاضي أنه لا يحل للحجام أكل أجرته على ذلك لقوله: صلى الله عليه وسلم "كسب الحجام خبيث" رواه مسلم (9) وقال: "أطعمه ناضحك (10) ورقيقك"(11) وممن كره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي
(1) في س عوض.
(2)
في النجديات، ط سلم.
(3)
له أن يخاصم المؤجر ويطلب ما بقي له من المدة في العقد فإن الإجارة عقد لازم. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 745 - 746.
(4)
انظر مغني المحتاج 2/ 357 والمغني 6/ 24.
(5)
في جـ، طا لو سلم ما عقد.
(6)
في ط استؤجر وفي أ، جـ، هـ استأجر.
(7)
في الأمر.
(8)
في بندى.
(9)
مسلم برقم 1568 وأبو داود برقم 3421 والترمذيُّ برقم 1275 والنسائيُّ 7/ 190 معنى خبيث دنيء ورديء ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة 267]. انظر نيل الأوطار 5/ 321 تفسير أبي السعود 1/ 404.
(10)
الناضح: قال في النهاية 5/ 69: النواضح هي الإبل التي يستقى عليها واحدها ناضح.
(11)
أبو داود برقم 3422 والترمذيُّ برقم 1277 وأحمد 5/ 436 وقد حسنه الترمذيّ.
فلا يأكله الحر بل يطعمه لرقيقه وبهائمه للخبر وجوابه يأتي.
يحرم نصًا جاء (1) قال القاضي
…
وعقدها ليس بعقد ماضي
أي: قال القاضي: لا يباح أجر الحجام وذكر أن أحمد نص عليه في مواضع (2).
قال: وإن أعطي شيئًا من غير (3) عقد ولا شرط فله أخذه ويصرفه في علف دابته وطعمة عبده ومؤنة صناعته (4)، ولا يحل له أكله وقال القاضي أيضًا: إن عقد الإجارة على الحجامة غير صحيح (5) لظاهر الخبر السابق.
وقاله قوم قوم حرموا
…
بالعقد لا بغيره أكره جزموا
ومذهب الشيخين فأكره مطلقًا
…
وعقدها يصح فيها حققًا
(1) في أ: قا جاء قال في ب سقطت كلمة جاء.
(2)
وقطع المرفق بأنه لا يوجد عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام قال في المغني 6/ 122: وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال: نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله ونهاه وقال: "أعلفه الناضح والرقيق".
وهذا معنى كلامه في جميع الروايات، وليس هذا صريحًا في تحريمه بل فيه دليل على إباحته كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله كما بينا وأن إعطاءه للحجام دليل إباحته إذ لا يعطيه ما يحرم عليه وهو صلى الله عليه وسلم يعلم الناس وينهاهم فكيف يعطيهم إياها ويمكنهم منها، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل الإباحة فيتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم وكذا قول الإمام أحمد فإنه لم يخرج عن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وإنما قصد اتباعه صلى الله عليه وسلم وكذا سائر من كرهه من الأئمة يتعين حمل كلامهم على هذا ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم.
(3)
سقطت من.
(4)
في النجديات والأزهريات صناعة.
(5)
وهذا ظاهر كلام ابن حزم في المحلى 8/ 192 قال: (ولا يجوز الأجارة على الحجامه ولكن يعطى على سبيل طيب النفس وله طلب ذلك فإن رضي وإلا قدر عمله بعد تمامه لا قبل ذلك وأعطي ما يساوي).
أي: قال قوم من الأصحاب بما قاله القاضي من بطلان عقد الإجارة للحجامة (1) منهم الحلواني، قال الزركشي: هذا قول القاضي وجمهور أصحابه قال في التلخيص: وهو المنصوص وقدمه في المستوعب والفائق.
وكذا تحريم (2) أكله للحر قال الزركشي: اختار تحريم أكله القاضي وطائفة من أصحابه انتهى.
وقوله: حرموا بالعقد لا بغيره. أي: قوم من الأصحاب حرموا ما يأخذه الحجام بعقد الإجارة على الحجامة لا (3) ما أخذه بغير عقد فجزموا (4) بكراهته.
وقال الشيخان: يصح عقد الإجارة لها، ويكره للحر أكل أجرة ذلك، وما يأخذه عليه بغير عقد ولا شرط (5)، وهذا هو الصحيح من المذهب وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وصححه في الإنصاف وغيره.
عقد المساقي وكذا المزارع
…
جوازه ففي الأصح قد رعي
يعني: أن عقد المساقاة والمزارعة جائز من الطرفين لكل منهما فسخه متى شاء ويبطل (6) بموت أحدهما وجنونه المطبق كالوكالة وهو قول (7) بعض أهل الحديث.
وقال أكثر الفقهاء: هو عقد لازم، لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة (8)،
(1) في د، س للحجام.
(2)
في جـ، ط يحرم.
(3)
في د، س إلا.
(4)
في د، س فزموا.
(5)
انظر المغني 6/ 122 - 123 والمحرر 1/ 257.
(6)
في النجديات تبطل.
(7)
في أ، جـ، طا عقد.
(8)
انظر بدائع الصنائع 6/ 187 وبداية المجتهد 2/ 208 ومغني المحتاج 2/ 329.
ولأنه لو كان جائزًا جاز لرب المال فسخه إذا أدركت الثمرة فيسقط حق العامل فيستضر (1).
ولنا: ما روى مسلم عن ابن عمر أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بخيبر على أن (2) يعملوها ويكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ما يخرج منها من ثمر وزرع (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نقركم على ذلك ما شئنا"(4)، ولو كان لازمًا لم يجز بغير تقدير مدة، ولا أن يجعل الخيرة إليه (5) في مدة إقرارهم، ولم ينقل أنه قدر لهم مدة ولو وقع لنقل (6)، وعمر رضي الله عنه أجلاهم من أرض الحجاز وأخرجهم من خيبر (7) ولو كانت لهم مدة مقدرة لم يخرجوا فيها (8)، وقياسهم ينتقض بالمضاربة وهي أشبه بالمساقاة من الإجارة فقياسها عليها أولى.
وقولهم: إنه يفضي إلى فسخ رب المال بعد كمال الثمرة.
(1) وروي عن الإمام أحمد أيضًا أن عقد المساقاة والمزارعة لازم، وقد اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وأفتي به أئمة الدعوة في نجد، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في جواب سؤال عن حكم المساقاة:(الصحيح اللزوم. وهو الذي عليه الفتوى من شيخنا شيخ الإسلام ومن أخذ عنه، لا يختلف فيه اثنان منهم، واستمر الأمر على ذلك إلى الآن وهو الصواب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول بعض متقدمي الأصحاب؛ لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة فيفتقر إلى ضرب مدة) الدرر السنية 5/ 172.
(2)
سقطت من هـ.
(3)
في أوزع.
(4)
مسلم 1551.
(5)
سقطت من أ، جـ، ط وفي ب له.
(6)
قال الجمهور: إن الإجمال هنا يفسره ما رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلًا إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم منها إذا شئنا لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازمًا على إخراج اليهود من جزيرة العرب كما أمر به في آخر عمره وكما دل عليه هذا الحديث وغيره. انظر شرح النووي على مسلم 10/ 211 وشرح الزرقاني على الموطأ 3/ 364.
(7)
البخاري 6/ 181 ومسلمٌ برقم 1551.
(8)
في النجديات، ط منها.
قلنا: متى ظهرت فهي تظهر على ملكهما (1) فلا يسقط حق العامل منها بفسخ (2) ولا غيره كالمضاربة وعليه تمام العمل وعلى هذا فلا تفتقر إلى ضرب مدة كسائر العقود الجائزة.
وعندنا العامل والمساقي
…
عليهما الجذاذ في الإطلاق
والشيخ بالعامل (3) بل يختص
…
كالحصد والأول فيه النص
يعني: أن جذاذ الثمرة في المساقاة على رب المال والعامل بقدر ملكيهما إلا أن يشترطه رب المال على العامل فيكون عليه وحده وهو قول بعض الشافعية (4)، لأنه يكون بعد تكامل الثمرة وانقضاء المعاملة فأشبه النقل إلى المنزل واختار (5) الموفق أنه (6) يختص بالعامل كالحصاد، لأنه من العمل فيكون عليه كالتشميس (7).
وقولهم: بعد تكامل الثمرة ينتقض بالتشميس ونحوه لكن المنصوص عن (8) الإمام هو الأول كما قاله (9) في النظم.
(1) في د، س، ط ملكها.
(2)
سقطت من د، س.
(3)
في نظ، ط للعامل.
(4)
وهو قول أبي يوسف والذي عليه الفتوى في المذهب الحنفي، أما محمد بن الحسن فيرى أنه عليهما بقدر حقيهما غير أنه لا يجوز اشتراطه على العامل قال في الاختيار 3/ 78:(وأجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية عليهما بالحصص ولو شرطًا ذلك على العامل لا يجوز عن أبي يوسف جوازه وعليه الفتوى).
والمساقاة المزارعة عندهم في ذلك. انظر بدائع الصنائع 6/ 187 والاختيار 3/ 79.
(5)
في أ، واختاره.
(6)
في د، س أن.
(7)
المغني 5/ 567 والتشميس: بسط الشيء في الشمس والمراد هنا بسط الزرع أو الثمرة في الشمس تيبس قبل أن تدرس.
انظر القاموس 1/ 224.
(8)
في د، س عند.
(9)
في النجديات، ط قال.
يصح في الأرضين أن يزارع
…
ببعض ما تخرجه المزارع
أي: تصح المزارعة لما تقدم من خبر ابن عمر وهذا قول كثير من أهل العلم، قال البخاري قال (1) أبو جعفر: ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون (2) على الثلث والربع (3). وزارع علي وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل علي وابن سيرين (4) وممن رأى ذلك سعيد بن المسيب وطاووس وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزهري وعبد الرحمن بن أبي ليلى (5) وابنه وأبو يوسف ومحمَّد وروي ذلك عن معاذ والحسن وعبد الرحمن بن يزيد.
ومنع النعمان ثم مالك
…
من ذا وقالا لا يصح ذلك
والشافعيُّ وافقهم في البيضا
…
وقال: لا يصح فيها أيضا
أي: منع أبو حنيفة من المزارعة فقال: لا تصح وكذا المساقاة عنده، لأنها إجارة بعوض لم يخلق أو مجهول، وكذا قال مالك في المزارعة: لا تصح (6) أي: في الجملة وإلا ففيها تفصيل في كتبهم يطول ذكره، ووافقهما (7) الشافعي في الأرض البيضاء الخالية من النخيل
(1) في د قالوا.
(2)
في أ، ط يزارعون وما أثبتُّه لفظ البخاري 5/ 8.
(3)
هذا الأثر رواه البخاري معلقًا قال ابن حجر في الفتح: (وهذا الأثر وصله عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري قال: أخبرنا قيس بن مسلم به وحكى ابن التين أن القابسي أنكر هذا وقال: كيف يروى فيس بن مسلم هذا عن أبي جعفر وقيس كوفي وأبو جعفر مدني ولا يرويه عن أبي جعفر أحد من المدنيين وهو تعجب من غير عجب وكم من ثقة تفرد بما لم يشاركه فيه ثقة آخر وإذا كان الثقة حافظًا لم يضره الانفراد، والواقع أن قيسًا لم ينفرد به فقد وافقه غيره في بعض معناه).
(4)
روى هذا الآثار ابن أبي شيبه 6/ 337 - 334.
وروى بعضها عبد الرزاق 8/ 99 - 100 وابن حزم في المحلى 8/ 215، 216.
(5)
في د، س ليله.
(6)
في هـ يصح.
(7)
في د وفقهما.
والكرم (1) لحديث ابن عمر قال: كنا ما (2) نرى بالمزارعة بأسًا حتى سمعت رافع بن خديج يقول: (نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها) وقال جابر رضي الله (3) عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، متفق عليهما (4).
والمخابرة: المزارعة (5) مشتقة من الخبار (6) وهي الأرض اللينة (7) والخبير الأكار.
ولنا: ما روى ابن عمر قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر)(8). متفق عليه (9)، وقد روى ذلك ابن عباس وجابر بن عبد الله (10) قال أبو جعفر:(عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر (11) ثم عمر ثم عثمان وعلي ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون (12) الثلث والربع" (13)، وهذا أمر صحيح مشهور عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا ثم أهلوهم من بعدهم.
وأما حديث رافع فمضطرب جدًا اضطرابًا يوجب ترك العمل به قال
(1) حاشية ابن عابدين 6/ 275 وبدائع الصنائع 6/ 185 والمنتقى شرح الموطأ 5/ 132 والفواكه الدواني 2/ 138 - 140 والأم 5/ 239 - 240 ومغني المحتاج 2/ 323 - 325.
(2)
سقطت من ط.
(3)
سقط من د رضي الله عنه.
(4)
البخاري 5/ 18 - 19 ومسلمٌ برقم 1547.
(5)
في د، س والمخابرة والمزارعة.
(6)
في د الخباره.
(7)
في النجديات، طا الميتة وفي القاموس 2/ 17 الخبار كسحاب ما لان من الأرض واسترخى، وهي في المغني والشرح 5/ 582:(من الخبار وهي الأرض اللينة).
(8)
في ط تمر.
(9)
سبق تخريجه.
(10)
أما حديث ابن عباس فقد رواه أبو داود برقم 3410 - 3411 - 3412 وأما حديث جابر فلم أجده.
(11)
سقط من طا.
(12)
في ب يعصون.
(13)
سبق تخريجه.
أحمد: حديث رافع ألوان، وقال أيضًا: حديث رافع ضروب وقال ابن المنذر: قد جاءت الأخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهي كان لعلل (1).
وعلى تقدير صحته وامتناع تأويله وتعذر الجمع (2) يجب حمله على أنه منسوخ؛ لأنه لا بد من نسخ أحد الخبرين، ويستحيل القول بنسخ حديث خيبر لكونه معمولًا به من جهة النبي صلى الله عليه وسلم إلى موته ثم (3) من بعده إلى عصر التابعين فمتى كان نسخه (4).
وذلك باب كامل مطرد (5)
…
مذهبنا به إذًا ينفرد
أي: باب المزارعة في الأرض البيضاء باب كامل انفرد به مذهبنا عن الأئمة الثلاثة للأدلة السابقة.
(1) في أ، جـ، هـ طا كالعلل يشير إلى أن النهي في حديث رافع كان معللًا فإنهم كانوا يزارعون بما على الماذينات وأقبال الجداول ونحوها فربما صلح هذا وفسد هذا وربما العكس فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا النوع ..
انظر صحيح مسلم رقم 1547 والماذيانات: ما ينبت على حافتي مسيل الماء وأقبال الجداول أوائلها ..
(2)
في د الجميع.
(3)
سقطت من ط.
(4)
ضعف الشوكاني هذا التوجيه؛ لأن النهي صدر منه صلى الله عليه وسلم أثناء معاملته، ولأن جماعة من الصحابة رجعوا إلى رواية النهي ولأن الجمع مهما أمكن واجب وقد أمكن الجمع بحمد الله من وجهين.
الأول: حمل أحاديث رافع على المزارعة المفضية إلى الغرر وقد ذكر رافع أنهم كانوا يكرون الأرض بالناحية منها وذكر أيضًا أنهم كانوا يكرونها بما على الماذينات وأقبال الجداول وما يسقي الربيع وشيء من التبن. ولا يصح حملها على مزارعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر لأنه صلى الله عليه وسلم استمر عليها حتى مات واستمر على مثل ذلك جماعة من الصحابة ويؤيد هذا أن رافع أجاز المزارعة على شيء معلوم مضمون قال رافع في رواية مسلم عنه: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به).
الثاني: حمل أحاديث النهي على الكراهة وأحاديث معاملة أهل خيبر على الجواز وفي هذا بعد إذ كيف يعمل صلى الله عليه وسلم المكروه ويموت عليه وقد لجأ إلى هذا بعض العلماء جمعًا بين الأحاديث. انظر نيل الأوطار 5/ 311 - 312 وإعلام الموقعين 1/ 434 - 436.
(5)
في د مطرب.