المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن كتاب الشركة والمضاربة - المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ومن باب السلم والرهن

- ‌من باب الكفالة والصلح

- ‌ومن باب الحجر والفلس

- ‌ومن كتاب الشركة والمضاربة

- ‌ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة

- ‌ومن باب الغصب

- ‌ومن باب الشفعة

- ‌ومن باب اللقطة وإحياء الموات

- ‌ومن باب الوقف

- ‌ومن باب الهبة

- ‌ومن كتاب الوصايا

- ‌ومن كتاب الفرائض والمواريث

- ‌ومن كتاب النكاح

- ‌ومن كتاب الصداق

- ‌ومن باب الوليمة وعشرة النساء

- ‌ومن كتاب الخلع

- ‌ومن كتاب الطلاق

- ‌ومن باب الرجعة

- ‌ومن أبواب الإيلاء والظهار والكفارات

- ‌ومن أبواب اللعان والقذف ولحوق النسب

- ‌ومن كتاب العدد والاستبراء

- ‌ومن باب الرضاع

- ‌ومن كتاب الجنايات

- ‌ومن كتاب الديات

- ‌ومن كتاب الحدود

- ‌ومن باب القطع في السرقة

- ‌ومن باب التعزير والمرتد والمحاربين

- ‌من باب الأشربة والأطعمة

- ‌ومن باب الصيد والذبائح

- ‌ومن كتاب الأيمان

- ‌ومن باب النذور

- ‌ومن كتاب الشهادات

- ‌ومن باب الإقرار

- ‌تراجم موجزة للعلماء المذكورين في الكتاب

- ‌فهرس مراجع التحقيق والدراسة

- ‌أ - التفسير:

- ‌ب- الحديث:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- كتب اللغة:

- ‌هـ - التاريخ والتراجم:

- ‌و- كتب أخرى:

الفصل: ‌ومن كتاب الشركة والمضاربة

‌ومن كتاب الشركة والمضاربة

(1)

المضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة، ويسميها أهل الحجاز قراضًا (2) من القرض وهو القطع كأن رب المال اقتطع للعامل من ماله قطعة وسلمها إليه واقتطع له قطعة من ربحها.

والشركة بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها وبكسر الشين مع سكون الراء والأصل فيها الإجماع في الجملة (3).

إذا (4) اشترى مضارب من يعتق

على الشريك صححوا وأطلقوا

حتى بلا إذن أتت (5) إليه

لو كان ذا ويعتقوا (6) عليه

يعني: إذا اشترى المضارب من يعتق على رب المال كأبيه وابنه وأخيه صح الشراء مطلقًا سواء أذن له رب المال في (7) ذلك أو لم يأذن له فيه

(1) المضاربة من أنواع الشركة مباحثها في باب الشركة في غالب كتب الفقه الحنبلي. انظر على سبيل المثال المقنع 2/ 163، 171 وكشاف القناع 3/ 496، 507 والمغني 5/ 109، 134 فالعطف هنا ليس للمغايرة وإنما من عطف الخاص على العام لأهميته.

(2)

في أ، جـ، طا قرشًا.

(3)

انظر الإجماع لابن المنذر ص 95.

(4)

سقطت من نظ.

(5)

في نظ أتى.

(6)

نظ، د، س ويعتق.

(7)

سقطت من د.

ص: 470

ويعتق على رب المال وتنفسخ المضاربة فيه (1) ويغرم العامل (2) ثمنه حيث لم يأذن له (3) رب المال، لأنه فوته (4) عليه بغير إذنه (5).

وقال الشافعي وأكثر الفقهاء: إن اشتراه في الذمة وقع الشراء للعامل وليس له دفع الثمن من مال المضاربة، فإن فعل ضمن، وإن اشتراه بعين المال لم يصح الشراء، لأن الإذن في المضاربة إنما ينصرف إلى ما يمكن بيعه والربح فيه فلا يتناول غير ذلك (6)(7).

ولنا: أنه مال متقوم (8) قابل للعقد (9) فصح شراؤه كما لو اشترى من (10) نذر رب المال إعتاقه.

وإن تعدى (11) عامل ما أمرا

به الشريك ثم ربح ظهرا

فأجرة (12) المثل له وعنه لا

والربح للمالك نصًا نقلا

وعنه بل صدقة ذا يحسن

لأن ذاك (13) ربح ما لا يضمن

(1) في ط منه.

(2)

سقطت من النجديات، هـ، ط.

(3)

سقطت من أ، جـ، ط.

(4)

في النجديات، هـ، ط فوت.

(5)

ويرى الإمام مالك أنه إن فعل ذلك جاهلًا عتق على رب المال وللعامل حصته من الربح وإن كان عالمًا بذلك عتق على العامل وهو ضامن لرب المال ثمنه وولاؤه لرب المال. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 778 - 779.

(6)

مغني المحتاج 2/ 316 - 317.

(7)

وذهب الحنفية إلى أن المضارب إذا اشترى من يعتق على رب المال لا يكون ما اشتراه للمضاربة بل يكون مشتريًا لنفسه يضمنه من ماله .. انظر مختصر الطحاوي 126 والاخيتار 2/ 21 - 22.

(8)

في د، س متقدم.

(9)

في النجديات، ط للعقود.

(10)

في أ، جـ، طا في وفي هامش جـ لعله من.

(11)

في نظ تقى.

(12)

في نظ فأخبر.

(13)

في نظ لأن ذكر ربح ما لا يضمن.

ص: 471

يعني: إن تعدى العامل ما أمره (1) به رب المال بأن فعل ما ليس له فعله أو (2) اشترى شيئًا نهي عن شرائه ثم ظهر ربح ففيه ثلاث روايات إحداها (3): له أجرة مثله، لأنه عمل ما يستحق (4) به العوض ولم يسلم له المسمى فكان له أجرة مثله كالمضاربة الفاسدة. والثانية: لا شيء له والربح كله للمالك، لأنه عقد عقدًا لم يؤذن (5) له فيه فلم يكن له شيء كالغاصب وهذه اختيار أبي بكر وقطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهي فهي المذهب.

وعنه: يتصدقان بالربح وهي قول الشعبي والنخعي والحكم وحماد وحمله القاضي على الورع. وقوله: (6) لأن ذلك ربح ما لا يضمن، أي: وهو منهي عنه (7) فيتصدق به (8)، لكن في التعليل نظر، فإن هذا المال

(1) في جـ ما أجره.

(2)

في ط و.

(3)

في النجديات أحدهما.

(4)

في د، س استحق وسقطت ما من هـ.

(5)

في د، س يأذن.

(6)

سقط من النجديات، طا.

(7)

ورد ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك" رواه الترمذيُّ برقم 1234 وأبو داود برقم 3405 والنسائيُّ 7/ 388 و295وابن ماجة برقم 2188.

(8)

ويرى الحنفية أنه إذا تعدى المضارب ما اشترط عليه رب المال ضمن تصرفه وكان ما اشتراه لنفسه له ربحه وعليه وضيعته لكن لا يطيب له الربح عند أبي حنيفة ومحمَّد وعند أبي يوسف يطيب، وعند المالكية أن العامل إذا خالف ما اشترط عليه رب المال يضمن خسارة المال في حال التلف وإن حصل ربح فهو لهما على ما اشترطاه إلا إذا ضارب العامل على المال عاملًا آخر فإن الربح بين رب المال والعامل الثاني ولا شيء للعامل الأول لتعديه بالمقارضة من غير إذن، ولأن الربح إنما يستحق بالعمل ولم يعمل ويرى الشافعي في أحد قولية إنه إذا كان الشراء بعين المال فالشراء باطل، وإن كان في الذمة لزمه ثمنه في ماله وله ربحه وعليه وضيعته ويضمن المال أما قوله الآخر فقد جعل لرب المال الخيار إن أحب أن تكون السلعة قراضًا على شرطهما وإن أحب ضمنه رأس المال .. انظر مختصر الطحاوي 125 - 126 والخرشي 3/ 213، 214 والأم 3/ 257.

ص: 472

مضمون على المضارب بالتعدي في قول أكثر أهل العلم، ومن لم يقل إنه مضمون على العامل (فهو قائل بأنه مضمون)(1) على ربه (2).

مضارب فلا يضارب آخرًا (3)

وإن أبي وجاء أعني ضررًا (4)

لأول فربحه مردود

في شركة الأول قل: يعود (5)

يعني: ليس للمضارب أن يضارب لآخر إن أضر بالأول ولم يأذن له.

وقال أكثر الفقهاء: يجوز، لأنه عقد لا يملك به (6) منافعه كلها فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجر المشترك (7).

ولنا: أن المضاربة على الحظ والنماء فإذا فعل (8) ما يمنعه لم يكن

(1) ما بين القوسين مكرر في جـ.

(2)

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الربح بينهما على ظاهر المذهب قال في الاختيارات 147: والربح الحاصل من مال لم يأذن مالكه في التجارة فيه فقيل: هو للمالك فقط كنماء الأعيان .. وقيل يكون بينهما على قدر النفعين بحسب معرفة أهل الخبرة وهو أصحها وبه حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. إلا أن يتجر به على غير وجه العدوان، مثل أن يعتقد أنه مال نفسه فيتبين له أنه مال غيره فهنا يقتسمان الربح بلا ريب. ومقصود الشيخ بقضاء عمر ما رواه مالك في الموطأ 3/ 345 - 346: أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر مرا على أبي موسى وهو وال على البصرة فأعطاهما مالًا من مال المسلمين لإيصاله إلى أمير المؤمنين، وأشار عليهما أن يتجرا به ليربحا فيه، فلما قدما على عمر أراد أن يأخذ المال وربحه فجادله عبيد الله بن عمر في ذلك حتى أشار عليه رجل أن يجعله قراضًا فجعله قراضًا وأخذ منهما المال ونصف ربحه.

(3)

في نظ مضاربة فلا يضارب أخرى.

(4)

في نظ الضررًا.

(5)

سقطت من أ، ج، ط له وفي الأزهريات يأذنه.

(6)

في النجديات، ط ربه وسقطت (لا) قبل يملك من هـ.

(7)

في ب المشتري.

(8)

في أفعله.

ص: 473

له كما لو أراد التصرف بالغبن (1) فعلى هذا إذا فعل وربح رد (2) الربح في شركة الأول يقتسمانه (3) فينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيدفع إلى رب المال منها نصيبه ويأخذ المضارب نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه فيه رب المال الأول (فكان بينهما كربح المال الأول)(4)، لأنه استحق حصته من الربح بالمنفعة (5) التي استحقت بالعقد الأول فكان بينهما كربح المال الأول قال في المغني والشرح (6): والنظر (7) يقتضي أن لا يستحق رب المضاربة الأولى (8) من ربح الثانية شيئًا لأنه إنما يستحق بمال أو عمل، وليس له في المضاربة الثانية مال ولا عمل وتعدي المضارب بترك العمل واشتغاله (9) عن المال الأول لا يوجب عوضًا.

إن دفع المضارب المال إلى

شريكه وقال: ذا ربح جلا

ثم ادعاه (10) أصل رأس المال

يقبل باليمين (11) في المقال

يعني: إذا دفع (12) المضارب إلى رب المال شيئًا وقال: (هذا ربح ثم ادعاه أنه من رأس المال؛ فإنه يقبل قوله بيمينه، لأنه أمين كما يقبل قوله في قدر رأس المال)(13) بغير خلاف هذا مقتضى نصه في رواية أبي داود

(1) في أ، جـ، د، س، هـ، ط بالعين.

(2)

في أ، جـ طا ورد.

(3)

في ب، هـ، ط ويقمسانه وفي د، س يقتسمان.

(4)

ما بين القوسين سقط من د، س.

(5)

في طا النفقه.

(6)

المغني 5/ 163 - 164 والشرح الكبير 5/ 156.

(7)

في د، س النظم وسقط أ، ح، هـ، ط.

(8)

في ط الأول.

(9)

في جـ استغاله.

(10)

في د، س ادعا.

(11)

في د في اليمين.

(12)

في ج! وقع.

(13)

ما بين القوسين سقط من نسخة ب.

ص: 474

وها هنا (1) قال أبو بكر: وعليه العمل، والصحيح من المذهب أنه متى أقر بربح ثم قال غلطت أو كذبت أو نسيت لم يقبل منه كما جزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، لأنه رجوع عن إقرار بحق لغيره.

وفي اشتراك المال حيث عينا

صحح (2) بلا خلط وتاو يضمنا

يعني: لا يشترط في شركة العنان خلط المالين المعقود عليهما (3) فتصح الشركة حيث عين المالان وأحضرا (4) من غير خلط (5). وما توى أي: هلك من المالين اشتركا في ضمانه وإن لم تكن أيديهما عليه. وقال الشافعي: لا يصح (6) حتى يخلطا (7) المالين، لأنهما إذا لم يخلطاهما فمال كل واحد منهما يتلف دون صاحبه.

ولنا: أنه عقد يقصد به الربح فلم يشترط فيه خلط المال كالمضاربة، ولأنه عقد على التصرف فلم يكن من شروطه (8) الخلط كالوكالة، ولا نسلم أنه قد يتلف أو يزيد على (9) ملك صاحبه بل تلفه (10) من مالهما وزيادته (11) لهما، لأن الشركة اقتضت ثبوت الملك لكل واحد منهما في نصف مال

(1) كذا في النجديات، هـ، ط وهو تصحيف من النساخ والصحيح مهنا وهو نص الأنصاف 5/ 457 وقد سقطت من د، س، م. وانظر مسائل أحمد لأبي داود 199.

(2)

في د صح.

(3)

ويرى الحنفية والمالكية أن خلط المالين ليس شرطًا لصحة الشركة لكنهم ذهبوا إلى أن ما تلف من المالين قبل الخلط فإنه يتلف على صاحبه وما تلف بعد الخلط من ضمانهما جميعًا. انظر بدائع الصنائع 6/ 60 ومواهب الجليل 5/ 125.

(4)

في د، س أخطر.

(5)

في طا خلط العنان، وليس للعنان هنا معنى.

(6)

مغني المحتاج 2/ 213.

(7)

في ب، جـ يخلط.

(8)

في د، س شرطه.

(9)

في ط عن.

(10)

في النجديات، هـ، ط تلف.

(11)

في ب أو.

ص: 475

صاحبه فيكون تلفه منهما (1)(2) وزيادته لهما.

كذا على الدواب عقد الشركة

كخذ (3) حماري واجتهد في البركة (4)

يصح ذا بينهما (5) ما رزقا

أو يشرطا (6) جزءًا عليه اتفقا

أي: لو دفع دابته (7) إلى من يعمل عليها بجزء معلوم مما يحصل (8) له عليها صح نصًا ونقل عن الأوزاعي ما يدل عليه (9).

وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: لا يصح (10)، والربح كله لرب الدابة، لأن العمل (11) الذي يستحق به العوض منها، وللعامل أجرة (12) مثله، لأن هذا ليس من أقسام الشركة إلا أن تكون المضاربة، وهي لا تصح بالعروض، ولأن المضاربة تكون بالتجارة في الأعيان، وهذه لا يجوز بيعها ولا إخراجها عن ملك مالكها (13).

ولنا أنها عين تنمى (14): بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها

(1) سقطت من ط.

(2)

في ب أو.

(3)

في نظ كذا.

(4)

في د، س الشركة.

(5)

في نظ بيعهما.

(6)

في ب شرطًا.

(7)

في النجديات، هـ، ط دابته.

(8)

في النجديات، هـ، ط يحصله.

(9)

فقه الإمام الأوزاعي 2/ 239.

(10)

وهذا مذهب الإمام مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 754: ولا يجوز أن يؤجر الرجل دابته أو غلامه بنصف الكسب فإن فعل فلرب ذلك أجرة مثله، وللعامل الكسب كله ولو قال رب الدابة للأجير اعمل لي على دابتي بنصف ما تكسبه عليها كان الكسب كله لرب الدابة وللعامل أجرة مثله.

(11)

في ط العمل.

(12)

في د، س أجر.

(13)

انظر بدائع الصنائع 6/ 65 وتكملة المجموع 14/ 76.

(14)

في أ، ط تنمي.

ص: 476

كالدراهم والدنانير وكالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة (1).

قولهم: إنه ليس من أقسام الشركة ولا هو مضاربة.

قلنا: نعم لكنه يشبه المساقاة والمزارعة فإنه دفع لعين المال لمن يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها.

ودفع عبد فعلى المنهاج

أيضًا ودفع الغزل للنساج

أي: مثل ما تقدم إذا دفع عبده لمن يعمل عليه بجزء من أجرته أو دفع غزلًا لمن ينسجه بجزء منه (2) ونحوه لما تقدم.

(1) وقد أشار إلى ذلك الأمام أحمد رحمه الله قال الموفق في المغني 5/ 118: وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة فقال: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز لشبهه بالمساقاة والمزارعة لا المضاربة ولا الإجارة ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس، ونقل أحمد بن سعيد عن أحمد فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز.

(2)

منع ذلك الجمهور لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قفيز الطحان، وهو أن يستأجر من يطحن له حنطة بقفيز منها.

ورد ذلك ابن قدامة في المغني بأن هذا الحديث لا نعرفه ولا يثبت عندنا صحته وبالغ شيخ الإسلام في إنكار هذا الحديث فقال في الفتاوى 30/ 113: هذا الحديث باطل لا أصل له وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة ولا رواه إمام من الأئمة، والمدينة النبوية لم يكن بها طحان يطحن بالأجرة ولا خباز يخبز بالأجرة، وأيضًا فأهل المدينة لم يكن لهم مكيال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمى القفيز، وإنما حدث هذا لما فتحت العراق وضرب عليهم الخراج، والعراق لم يفتح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى هذا فقد اختار رحمه الله الرواية التي انفرد بها أحمد في جواز الشركة على الدابة التي ذكرها الناظم وما بعدها من المسائل المشابهة لها. انظر الفتاوى 30/ 114، 124 والحق أن يقال إن هذا الحديث رواه الدارقطني وعنه البيهقي 5/ 339 عن أبي سعيد الخدري ولفظه: نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان. ورواه عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني مبنيًا للمعلوم بلفظ: نهى النبي صلى الله عليه وسلم وتعقبه ابن القطان بأنه لم يجده في الدارقطني مبنيًا للمعلوم، وقد صحح الحديث الألباني في إرواء الغليل 5/ 295، وما نقلناه في تخريجه هو مختصر كلام الإمام الزيلعيُّ في نصب الراية 4/ 140. وانظر أيضًا الهداية 9/ 107 ومختصر خليل 273، 274 ومغني المحتاج 2/ 335 والمغني 5/ 119.

ص: 477

وهكذا أن تدفع الثوب إلى

خيَّاطه يجيد (1) فيه العملا

أو نحو ذا يقول (2) حيث نفقا (3)

فربحه بالنصف (4) أو ما اتفقا

أي: ومثل ما تقدم لو دفع ثوبه إلى خياط (5) ليخيطه بنصف ربحه ونحوه، وكذا حصاد زرع (6) ورضاع قن (7) واستيفاء مال ونحوه بجزء مشاع معلوم منه وكذا بيع ونحوه لمتاع بجزء من ربحه، وإعطاء دابة لمن يغزو عليها بجزء من سهمها، وكذا دفع دابة أو نحل (8)، ونحوهما لمن يقوم بهما (9) مدة معلومة بجزء منها والنماء ملك لهما بحسب الأصل (10)، ولا يجوز دفع الدابة والنحل (11) بجزء من نماء كدر ونسل وصوف وعسل لحصول نمائه من غير عمل (12).

(1) في د يجبر.

(2)

في النجديات، هـ، ط يقول.

(3)

في نظ تفقا.

(4)

في د بالنص.

(5)

في هـ خياطه.

(6)

يرى المالكية أنه يجوز حصاد الزرع المعلوم بنصفه وكذا جذاذ التمر المعلوم قال في الكافي 2/ 754 - 775: وجائز حصاد زرع قد نظر إليه بنصفه وكذا جذاذ التمر ولا يجوز حصاد يوم ولا جذاذه على نصف ما يحصد أو يجد فيه ولا يجوز نفض الزيتون على نصف ما يسقط منه ولا بأس بنفضه ولقطه كله بنصف أو ثلث أو جزء منه.

(7)

أجاز الشافعية إرضاع القن ببعضه في الحال قال في المنهاج: (لو استأجرها لترضع رقيقًا ببعضه في الحال جاز على الصحيح).

(8)

في ط أو نخل ونحوها.

(9)

في ط بها.

(10)

وقد ذكر ابن حزم في المحلى 8/ 198 - 199 غالب هذه الصور وأجازها واستدل لها بآثار عن ابن سيرين وعطاء والحكم وأيوب السختياني ويعلي بن حكيم وذكر أنه قول ابن أبي ليلى والأوزاعي والليث بن سعد .. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 30/ 114، وقد ساق الصورة المذكورة وألحقها بالمشاركة وبين أن مذهب أحمد فيها هو الموافق للقياس.

(11)

في ط والنخل.

(12)

ولأن الأجرة فيه غير موجودة ولا معلومة وأظهر الروايتين عن أحمد جواز ذلك قال شيخ الإسلام في الفتاوى 30/ 114 - 115: (يجوز عنده أي الإمام أحمد في أظهر الروايتين أن يدفع الماشية إلى من يعمل عليها بجزء من درها ونسلها ويدفع دود القز والورق إلى من يطعمه ويخدمه وله جزء من القز).

ص: 478

في عنق للعبد (1) قل ديونه

وسيد يلزمه (2) مأذونه

يعني: أن ديون (3) العبد إن لم يكن مأذونًا له تتعلق برقبته فيخير سيده بين بيعه وتسليمه فيها وفدائه (4) بالأقل (5) منها أو (6) من قيمته، وإن كان مأذونًا له تعلقت كلها (7) بذمة سيده سواء كان بيده مال أو لا؛ لأنه غر الناس بمعاملته.

وأما في الأولى فلأنه لا يمكن تعلقها بذمة القن، لأنه يفضي إلى الغائها أو تأخير حق المجني عليه إلى غير غاية (8)، ولا بذمة السيد لعدم ما يوجبه (9)، فتعين تعلقها برقبة العبد كالقصاص.

وعند الشافعية يتعلق دين غير المأذون بذمته يتبع به بعد العتق ودين المأذون يؤدى من مال التجارة أو من كسبه باصطياده ونحوه فإن بقي منه شيء كان في ذمة العبد إلى أن يعتق فيطالب به (10).

(1) في النجديات في عتق العبد فقل ديونه. وفي د في عتق العبد ديونه وفي س في عتق العبد تجيده دينونه وفي هـ: في عتق قل العبد قل دينونه.

(2)

في طا يلزم.

(3)

في ب دون وسقطت أن من د، س.

(4)

في د، س فدياه.

(5)

في أ، ح، ط (بأقل منها ومن قيمته).

(6)

في الأزهريات ومن قيمته.

(7)

في د، س تعلق كله.

(8)

في جـ، طا إلى نمائه.

(9)

في د، س يحبه.

(10)

المنهاج 2/ 99 - 102 وهو مذهب المالكية. انظر المدونة 5/ 244 - 246 ويرى الحنفية أن دين المأذون يتعلق برقبته يباع فيه إن لم يفده السيد قال في تنوير الأبصار 6/ 163: (وكل دين وجب عليه بتجارة أو بما هو في معناها كبيع وشراء وإجارة واستئجار وغرم وديعة وغصب وأمانة جحدهما وعقر وجب بوطء مشرية بعد الاستحقاق يتعلق برقبته يباع فيه بحضرة مولاه). أ. هـ.

وأما غير المأذون فتصرفه موقوف على إذن سيده وما أتلفه يؤاخذ به بعد العتق، وأما إقراره بالمال فلا يصح في حق مولاه ويصح في حق نفسه حتى يؤاخذ به بعد العتاق. انظر بدائع الصنائع 7/ 170 - 171.

ص: 479