الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن باب الهبة
مصدر وهب يهب وهي تمليك في الحياة بغير عوض قال صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا" رواه أبو يعلى (1).
عطية الأولاد جا (2) في الأثر
…
للأنثيين مثل حظ (3) الذكر
وبينهم فيحرم التفضيل
…
وليس يمضي إذ به يميل (4)
يعني: إذا أعطى أولاده أعطاهم على قدر ميراثهم منه فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، ويحرم التفضيل والتخصيص، فإن فعل وجب عليه التسوية إما برد ما فضل به البعض أو إعطاء الآخر حتى يستووا (5). قال طاووس: لا يجوز ذلك ولا رغيف محترق، وبه قال ابن المبارك (6) وروي
(1) أخرجه البخاريُّ في الأدب المفرد 2/ 50 والبيهقيُّ 6/ 169 من طرق عن ضمام بن إسماعيل قال: (سمعت موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم). الحديث وحسن الحافظ في التلخيص 2/ 70 إسناده. وكذلك في بلوغ المرام 3/ 137.
(2)
في أ، ب، ط جازت وفي هـ جايز.
(3)
في أ، ط حصة.
(4)
في نظ وليس يمضي ما به يميل.
(5)
ما بين القوسين من ب.
(6)
وممن يرى وجوب التسوية في الهبة بين الأولاد الثوري وإسحاق وبه صرح البخاري واختاره الصنعاني في سبل السلام 3/ 130 وانظر فتح الباري 5/ 155 - 157. ويرى ابن حزم وجوب العدل في الهبة للأولاد وإبطال كل هبة فيها جور وردها لكنه رحمه الله يرى وجوب التسوية بين الذكر والأنثى فيها. انظر المحلى 9/ 142 - 144.
معناه عن مجاهد وعروة، وكان الحسن يكرهه (1) ويجيزه في القضاء.
وقال مالك والليث والثوري والشافعيُّ وأصحاب الرأي: يجوز ذلك، لأن أبا بكر نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقًا دون سائر (2) ولده (3) واحتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير:"أشهد على هذا غيري"(4) أمره (5) بتأكيدها دون الرجوع فيها، ولأنها عطية تلزم بموت الأب فكانت جائزة كما لو سوى بينهم (6).
ولنا: ما روى النعمان بن بشير قال: تصدق علي (7) أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة (8) بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها (9) رسول الله فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده (10) على صدقتي فقال: (أكُلَّ ولدك أعطيت مثله؟ " قال: لا. قال: "فاتقوا الله واعدلوا في أولادكم" قال: فرجع أبي فرد (11) تلك الصدقة، وفي لفظ قال:"فاردده"، وفي لفظ:"فارجعه"، وفي لفظ:"لا تشهدني على جور"، وفي لفظ:"أشهد على هذا غيري"، وفي لفظ:"سوِّ (12) بينهم" متفق عليه (13)، وهو
(1) في جـ يكرمه.
(2)
سقط من ط لفظ سائر.
(3)
رواه مالك في الموطأ 4/ 44 والبيهقيُّ 6/ 170، 178.
(4)
رواه مسلم برقم 1623 وأبو داود برقم 3542.
(5)
في د امرأة.
(6)
انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1003 ومغني المحتاج 2/ 401 وعمدة القاري 13/ 146 وفيها ذكر العيني عن أبي يوسف أنه تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار.
(7)
في ط على.
(8)
سقطت من ب، جـ، هـ ط.
(9)
في أ، جـ، ط علينا.
(10)
في أ، جـ، ط ليشه، وفي د، س يشهده.
(11)
ب، جـ، ط من.
(12)
في النجديات سوى.
(13)
روى البخاري في 5/ 156 - 157 لفظي: "فأرجعه" ولفظ: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". وروى في 5/ 190 لفظ: "لا تشهدني على جور"، وروى مسلم هذه الألفاظ الثلاثة؛ وروى أيضًا لفظ: فاردده؛ ولفظ: "فأشهد على هذا غيري" وذلك برقم 1623 ولم أجد لفظ: "سوِّ بينهم" في مسلم وإنما فيه: "قاربوا بين أولادكم" ومعناه التسوية.
دليل على التحريم، لأنه سماه جورًا (1) وأمره برده وامتنع من الشهادة عليه ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة وقطيعة الرحم فمنع منه كتزويج المرأة على عمتها.
وقول أبي بكر يحتمل أنه خصها لعجزها عن الكسب ونحوه أو عازمًا على التسوية بعد.
وقوله عليه السلام: "أشهد على هذا غيري"، ليس بأمر (2)، لأن (3) أدنى أحواله الاستحباب ولا خلاف في كراهة هذا وكيف يأمره بتأكيده مع أمره برده وتسميته جورًا (4)، ولو كان أمرًا لامتثله بشير ولم يرده وإنما هو تهديد فيفيد (5) ما أفاده النهي عن إتمامه.
وقول الناظم: وليس يمضي (6) إذ به يميل (7)، أي: ليس تفضيل الأب لبعض أولاده ماضيًا، لأنه ميل فيرجع فيه ما دام حيًّا وإن مات قبله فللباقين الرجوع اختاره أبو عبد الله ابن بطة وأبو حفص العكبري وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق.
والتصحيح من المذهب أنه إن مات قبل الرجوع والتسوية ثبتت العطية للآخذ (8) فلا رجوع للباقين عليه (9) نص عليه، وهو قول مالك والشافعيُّ وأصحاب الرأي: وأكثر أهل العلم لقول أبي بكر لعائشة لما نحلها نحلًا وددت أنك كنت حزتيه (10) فيدل على أنها لو كانت حازته لم يكن لهم
(1) في النجديات جوارًا.
(2)
بياض في ط، جـ.
(3)
في النجديات، هـ، ط لأنه.
(4)
في النجديات، جوارًا.
(5)
في النجديات، ط فينفى.
(6)
في الأزهريات بعد كلمة يمضي .. الخ.
(7)
في أ، ب تميل.
(8)
في ب للأخذ.
(9)
سقطت من د.
(10)
الموطأ 4/ 44 والبيهقيُّ 6/ 170، 178.
الرجوع، ولأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد (1).
وسائر الورّاث كالأولاد
…
في ذاك بالعدل وبالسداد
يعني: أن سائر الورثة (2) من الأقارب كالإخوة والأعمام وبنيهم والأم والجدة ونحوهم (3) حكمهم في التخصيص (4) والتفضيل في العطية كالأولاد بجامع القرابة فعليه أن يسوي بينهم على قدر ميراثهم منه سواء كانوا (5) من جهة واحدة أو من جهات فإن خالف فعليه أن يعطي الباقي حتى يستووا أو يرجع إن كانت قبل القبض، لأنهم في معنى الأولاد فثبت فيهم حكمهم، فإن مات قبل ذلك استقرت (6) للآخذ على الصحيح كما تقدم في الأولاد، وهذا بخلاف من يرث بنكاح أو ولاء، فلا يجب التعديل بينهم في العطية، لأنهم غير منصوص عليهم ولا هم في معنى المنصوص عليه.
من مال ولد جاز أخذ الوالد
…
بقدر ما يحتاج أو بالزائد
إلا إذا ما حصل الإجحاف
…
حينئذ لا يثبت (7) الخلاف
أي: يجوز للأب خاصة أن يتملك من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها في صغره (8) وكبره إذا لم تتعلق (9) حاجة الإبن به ولم يجحف بالولد ولم يكن ليعطيه لولد آخر ولا بمرض موت أحدهما (10).
(1) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1003 ومغني المحتاج 2/ 401 - 403 وبدائع الصنائع 6/ 120.
(2)
في ب، جـ الوراثة.
(3)
سقطت واو العطف من ط.
(4)
سقطت واو العطف من هـ.
(5)
في أ، جـ ط كان.
(6)
في النجديات، ط استقر.
(7)
في النجديات لا ينتفي وكذلك في نسخة الشرح التي اعتمد عليها الناشر كما ذكره في حاشية المطبوعة.
(8)
في هـ حضره.
(9)
في هـ يتعلق.
(10)
وهو اختيار ابن تيمية قال في الاختيارات 187: وللأب أن يتملك من مال ولده ما =
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ ليس للوالد (1) أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لقوله عليه السلام: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" متفق عليه (2)، وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل أحد أحق بكسبه من ولده ووالده والناس (3) أجمعين" رواه سعيد في سننه (4)(5)، وعنه عليه السلام:"لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" رواه الدارقطني (6)(7).
ولنا: حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" رواه سعيد والترمذيُّ وحسنه (8)، وعن (9) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أبي اجتاح (10) مالي فقال:"أنت ومالك لأبيك" رواه الطبراني في معجمه مطولًا (11) ورواه غيره وزاد: "وإن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم" وروى محمَّد بن المنكدر والمطلب بن
= شاء، ما لم يتعلق به حق كالرهن والفلس، وأن تعلق به رغبة كالمداينة والمناكحة، وقلنا يجوز الرجوع في الهبة ففي التمليك نظر.
(1)
في ب، جـ ط للولد.
(2)
البخاري 1/ 178، 146 ومسلمٌ برقم 1218 وأبو داود برقم 1905.
(3)
في هـ من ولده ولده والناس.
(4)
سقطت من النجديات، هـ، ط (في سننه).
(5)
لم أجده بهذا اللفظ وهو في المسند 5/ 13 عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء أحق بعين ماله حيث عرف ويتبع البيع بيعه".
(6)
3/ 26 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 172 منسوبًا إلى أبي يعلى وقال: فيه أبو مرة، وثقة أبو داود وضعفه ابن معين.
(7)
انظر بدائع الصنائع 40/ 37 ومغني المحتاج 2/ 176. وانظر أيضًا الملكية في الشريعة الإسلامية 3/ 43 - 45.
(8)
الترمذيُّ برقم 1358 والنسائيُّ 7/ 241 وأبو داود برقم 3528، 3529.
(9)
سقطت من هـ.
(10)
في جـ والأزهريات، ط احتاج.
(11)
رواه أبو داود برقم 353 وابن ماجة برقم 2292 وأحمدُ 2/ 214 وعزاه في مجمع الزوائد 4/ 155 إلى الطبراني في الصغير والأوسط وضعف إسناده وهو عنده عن جابر رضي الله عنه.
حنطب قال (1): جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي مالًا وعيالًا ولأبي مالًا وعيالًا وأبي يريد أخذ (2) مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" رواه سعيد في (3) سننه، ولأن الله تعالى جعل الولد موهوبًا لأبيه فقال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [الأنبياء: 72] وقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: 90] وقال زكريا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5]، وقال إبراهيم:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39]، وما كان موهوبًا له كان له أخذ ماله كعبده.
وأما أحاديثهم فأحاديثنا تخصها وتفسرها، وحديث الحسن مرسل ثم هو يدل على ترجيح حقه على حق أبيه (لا على نفي الحق)(4) بالكلية، والولد أحق من الوالد فيما تعلقت (5) به حاجته.
لا يملك ابن لأب مطالبه
…
ديونه حتى القروض ذاهبه (6)
أي: ليس للابن مطالبة أبيه بدين قرض (7) أو غيره ولا قيمة متلف ولا أرش جناية ولا غير ذلك وبه قال الزبير بن بكار وهو مقتضى قول سفيان وابن عيينة.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: له ذلك لأنه دين ثابت فجازت المطالبة (8) به كغيره (9).
ولنا: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه يقتضيه دينًا عليه فقال: "أنت
(1) كذا في جميع النسخ ولعل الأصوب قالا.
(2)
في أ، ب، هـ، ط يأخذ في جـ أن يأخذ.
(3)
رواه عبد الرزاق 9/ 130 عن محمَّد بن المنكدر، ورواه البيهقي 7/ 480 - 481 وقال: هذا منقطع وقد روي موصولًا من وجه آخر لا يثبت.
(4)
ما بين القوسين سقط من د، س.
(5)
في د، س تعلق.
(6)
في نظ ديونه حتى ولو لقرض ذاهبه.
(7)
في النجديات، ط بدين أو قرض.
(8)
في بالمطالبه.
(9)
الكافي لابن عبد البر 2/ 1005.
ومالك لأبيك" رواه الخلال بإسناده (1)، ولأن المال أحد نوعي الحقوق فلم يملك مطالبة أبيه به كحوق الأبدان، ويفارق (2) الأب غيره بما ثبت (3) له من الحقوق (4) على ولده، فإن مات الابن فانتقل الدين إلى ورثته لم يملكوا مطالبة الأب، لأن مورثهم لم يكن له المطالبة فهم أولى فإن مات الأب رجع الابن بدينه في تركته، لأن دينه عليه لم يسقط عن الأب وإنما تأخرت المطالب، وللولد طلبه بعين ماله ونفقته الواجبة، قال في الوجيز: وحبسه عليها (5).
(1) رواه ابن حبان 4/ 109 عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عن عائشة وعبد الله بن كيسان هو أبو مجاهد المروزي قال البخاري: منكر الحديث وقال أبو حاتم: ضعيف وقال النسائي: ليس بالقوي؛ وقال الحافظ: صدوق يخطئ كثيرًا: ميزان الاعتدال 2/ 475 وإرواء الغليل 6/ 66، 67.
(2)
في د يقارب.
(3)
في هـ يثبت.
(4)
في النجديات، هـ ط لحق.
(5)
لما ذكر أن الولد ليس له أن يطالب والده بالدين والقرض ونحوه ذكر هنا أنه يجوز للولد مطالبة أبيه في حالين:
الأولى: أن يطالبه بعين ماله الموجود في يده.
الثانية: أن يطالبه بنفقته الواجبة عليه شرعًا فإذا كان الولد معسرًا عاجزًا عن التكسب فإن له أن يطالب والده بالنفقة بل له أن يطالب بحبسه إذا امتنع لضرورة حفظ النفس. انظر حاشية ابن قاسم على الروض المربع 6/ 25.