الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن باب الحجر والفلس
(1)
الحجر لغة: المنع والتضييق (2) ومنه سمى الحرام حجرًا قال تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 22] أي: حرامًا محرمًا، وسمى العقل حجرًا، لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته.
وشرعًا: منع إنسان من التصرف في ماله.
والأصل في مشروعيته قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أي: أموالهم لكن أضيفت إلى الأولياء، لأنهم قائمون عليها مدبرون لها.
والفلس: العدم، والمفلس من لا مال له ولا ما يدفع به حاجته .. وعند الفقهاء: من دينه أكثر من ماله.
ولا يحل ما على المديون
…
بموته من أجل الديون
أي: لا يحل ما على الميت من الديون المؤجلة بموته إن وثق ورثته برهن يحرز (3) أو كفيل مليء (4) وهو قول ابن سيرين وعبد الله بن الحسن (5) وإسحاق وأبي عبيد (6).
(1) في نظ التفليس.
(2)
في أالتضيق.
(3)
في د، هـ يحوز.
(4)
أي شرط عدم الحلول أن يوثق الدين برهن يحرز الأقل من الدين أو التركة يوثق به الدائن لوفاء حقه أو كفيل مليء بالأقل منهما يمكن الاستيفاء منه.
(5)
في أ، جـ، ط حسن.
(6)
في ط عبيده.
وقال الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري وأصحاب الرأي والشافعيُّ: يحل لخراب ذمة الميت (1).
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك حقًا أو مالًا فلورثته"(2)(والأجل حق للميت فيكون لورثته)(3)، ولأن الموت لم يجعل مبطلًا للحقوق إنما هو ميقات (4) للخلافة (5) وعلامة على الوراثة فعلى هذا يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بالتركة كتعلق أرش الجناية برقبة الجاني فإن لم يوثق (الورثة (6)) حل إزالة لضرر (7) ربه.
ومفلس ذو صنعة فيؤجر (8)
…
لنفسه (9) فإن (10) أبى فيجبر
يعني: إذا وزع (11) مال المفلس بين الغرماء وبقى عليه شيء من الدين وله صنعة يقدر على التكسب بها أجبر على إيجار نفسه فيما يليق به لوفاء بقية دينه (فإن أبى أجبر على ذلك)(12)، وهذا قول عمر بن عبد العزيز وسوار والعنبري لإسحاق.
وقال مالك والشافعيُّ: لا يجبر (13) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو
(1) حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 2/ 134 ومختصر الطحاوي ص 96 والأم 3/ 188.
(2)
البخاري 9/ 45 ومسلمٌ برقم 1619 والترمذيُّ برقم 1070والنسائي 4/ 66 من حديث أبي هريرة بلفظ. من ترك مالًا فلورثته وعن أبي داود بهذا اللفظ من حديث جابر برقم 3343.
(3)
ما بين القوسين سقط من د، س.
(4)
في النجديات ميقاتًا.
(5)
في طا للخلاف.
(6)
ما بين القوسين من ب.
(7)
في أ، جـ، د الضروروية.
(8)
في نظ فياجر.
(9)
في جـ ونسخة الشرح التي اعتمد عليها الناشر نفسه.
(10)
في النجديات، هـ، ط وإن.
(11)
في أ، جـ، ط أودع.
(12)
ما بين القوسين سقط من د، س.
(13)
المدونة 5/ 206، 233 ومغنى المحتاج 2/ 154.
عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، ولحديث أبي سعيد: أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر (1) دينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا عليه" فتصدقوا عليه، فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" رواه مسلم (2).
ولنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم باع سرّقًا في دينه، وكان سرّق رجلًا دخل المدينة وذكر أن وراءه مالًا فداينه الناس فركبته (3) ديون ولم يكن وراءه مال فسماه سرقًا وباعه بخمسة أبعرة (4) والحر لا يباع فالمعنى أنه باع منافعه .. ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم أخذ الزكاة وثبوت الغنى (5) بها فكذلك في وفاء الدين.
ودعوى أن حديث سرق منسوخ بأن الحر لا يباع غير مسلمة (6)، لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، ولم يثبت أن بيع الحر كان جائزًا في شريعتنا وحمل بيعه على بيع منافعه أسهل من ذلك، فإن حذف المضاف وإقامة المضاف إليه كثير سائغ في القرآن وكلام العرب ومنه قوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93].
وإن يكن في فلس يباع
…
لدينه العقار والمتاع
وما له من حرفة فيدفع
…
من ماله إليه ما يبتضع (7)
(1) في ط فكسر وفي د وكثر.
(2)
مسلم برقم 1556 وأبو داود برقم 3469 وأحمدُ 3/ 36 وابن ماجة برقم 2356 والبيهقيُّ 6/ 50.
(3)
في ط فركبثه.
(4)
رواه الدارقطني 3/ 62 والحاكم 2/ 54 والبيهقيُّ 6/ 50 - 51 وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري وضعفه البيهقي وعند هؤلاء كلهم أنه صلى الله عليه وسلم باعه بأربعة أبعرة لا بخمسة كما ذكر المصنف، والله أعلم.
(5)
في د، س الغي.
(6)
في النجديات، ط مسلم.
(7)
في أجـ يبتضع وفي نظ ينتفع.
أي (1): وإن يكن الحجر في فلس (2)(3)، فإنه يباع لأجل الدين العقار الذي لا يحتاجه لسكناه ومتاعه الفاضل عن حاجته دون آلة حرفته فلا تباع بل تدفع إليه، فإن لم يكن محترفًا دفع إليه ما يتجر به لتقوم (4) به معيشته نص عليه، لأنه مما لا غنى للمفلس عنه فلم يصرف في دينه كثيابه وقوته.
وما في البيت الأول ليس من المفردات بل توطئة للثاني.
مال اليتيم للولي عندنا
…
إقراضه لثقة (5) تبينًا
أي: يجوز لولي اليتيم والمجنون والسفيه قرض ماله لثقة مليء لمصلحة كحاجة (6) سفر أو خوف عليه من تلف أو نقص، لأنه يرد بدله فأشبه البيع ونحوه من عقود المعاوضات بخلاف عقود التبرعات كالهبة بغير عوض والصدقة.
قولان في اشتراط أخذ الرهن
…
والقطع باشتراطه في المغني
يعني: في اشتراط (7) أخذ الرهن لجواز القرض قولان وقطع في المغني باشتراطه قال في الإنصاف (8): جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
(1) سقطت من ط.
(2)
في النجديات، ط الفلس.
(3)
الحجر نوعان: حجر لحظ الغير ومنه الحجر على المفلس كما ذكر المؤلف ويكون من أجل حفظ حق الغرماء ومعناه: أن يمنع الحاكم المفلس الذي عليه دين حال يعجز عنه ماله الموجود مدة الحجر من التصرف في ماله ومنه الحجر على المريض فلا يتصرف في ماله فيما زاد على الثلث وذلك لحفظ حق الورثة ومنه الحجر على العبد والمكاتب.
والثاني: حجر لحظ نفسه وهو الحجر على المجنون والصبي والسفيه فلا يصح تصرفهم قبل الإذن.
(4)
في هـ لتقدم.
(5)
في نظ لبته.
(6)
سقطت من النجديات، هـ ط.
(7)
في النجديات، ط اشتراطه.
(8)
5/ 329.
الذهب والخلاصة والهادي والرعايتين والنظم والحاويين وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والصحيح من المذهب جواز قرضه للمصلحة (1) سواء كان برهن أو لا وجزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والفروع وجزم به (2) في الإقناع والمنتهى وغيرهما فإن (3) لم يأخذه لم يضمن قال في المغني والشرح (4): فإن أمكن أخذ الرهن فالأولى أخذه احتياطًا (5).
(1) ويرى الشافعية أنه يجوز ذلك للضرورة من الولي غير القاضي إذا كان على مليء أمين وأخذ الولي فيه رهنا إن رأى في ذلك مصلحة، أما القاضي فيجوز له إقراضه في حال الضرورة وغيرها قال في مغني المحتاج 2/ 75:(ولا يجوز لغير القاضي من الأولياء أن يقرض من مال الصبي والمجنون شيئًا إلا لضرورة كحريق ونهب أو أن يريد سفرًا يخاف عليه فيه أما القاضي فله ذلك مطلقًا لكثرة استغاله ولا يقرضه إلا لمليء أمين ويأخذ رهنًا إن رأى في ذلك مصلحة وإلا تركه).
(2)
في النجديات، ط بها.
(3)
في د، س بان.
(4)
المغني 4/ 296 والشرح الكبير 4/ 522.
(5)
في أ، جـ، ط احتياطيًا.