الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن باب القطع في السرقة
وهي أخذ مال الغير من حرزه على وجه الاختفاء، وهو ثابت بالإجماع (1) لقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ (2) فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وحديث عائشة قال عليه السلام: "تقطع اليد في ربع دينار"(3) إلى غير ذلك (4) من النصوص.
ومرتان عندنا الإقرار
…
من سارق النصاب الاعتبار
يعني: يعتبر لثبوت (5) السرقة بالإقرار أن يقر بالسرقة مرتين فلا تثبت بمرة روي عن علي وبه قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف وزفر وابن (6) شبرمة (7).
وقال (8) عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعيُّ ومحمَّد بن الحسن: يقطع
(1) الإجماع 110.
(2)
في ب ولسارقه.
(3)
رواه البخاري 12/ 89 ومسلم برقم 1684 وأبو داود برقم 4384 والنسائيُّ 8/ 78 والترمذيُّ برقم 1445 وابن ماجة برقم 2585 وأحمدُ 6/ 36.
(4)
في د، س إلى غيره.
(5)
في د، س بثبوت.
(6)
تحفة الفقهاء3/ 272 وفتح القدير 5/ 360.
(7)
في س شرمه.
(8)
في ط وبه قال عطاء.
باعترافه (1) مرة كحق (2) الآدمي (3).
ولنا ما روي عن أبي أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلص (4) قد اعترف قال: "ما إخالك (5) سرقت؟ " قال: بلى، قال: فأعاد عليه مرتين قال: بلى، فأمر به فقطع رواه أبو داود (6)، وعن علي أنه قال لسارق:"سرقت؟ (قال نعم) (7) قال: فشهد على نفسه (مرتين) (8) فقطع"، رواه الجوزجاني (9) ولأنه (10) يتضمن اتلافًا فكان من شرطه (11) التكرار (12) كحد الزاني، ويعتبر أيضًا أن يذكر في إقراره شروط (13) السرقة (14) من النصاب والحرز (15) وغير ذلك (16).
تتمة: قطع الطريق كالسرقة فلا يثبت بالإقرار إلا إذا أقر به مرتين:
(1) في د، س باعتراف.
(2)
في د، س ط لحق.
(3)
انظر بدائع الصنائع 7/ 81 - 82 ومغني المحتاج 4/ 175.
(4)
في النجديات، ط برجل.
(5)
في أ، جـ ما أنا لك سرقة.
(6)
أبو داود برقم 4380 والنسائيُّ 8/ 67 وأحمدُ 5/ 293 وابن ماجة برقم 2597 قال الحافظ في بلوغ المرام: (رجاله ثقات وأعله الخطابي بأن فيه راويًا مجهولًا). انظر نيل الأوطار 7/ 151.
(7)
ما بين القوسين من ب.
(8)
سقطت من أ، جـ، هـ، ط.
(9)
هذا الأثر ذكره المجد في المنتقى بغير هذه الصيغة ولفظه: (عن القاسم ابن عبد الرحمن عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: لا يقطع السارق حتى يشهد على نفسه مرتين، حكاه أحمد في رواية مهنا واحتج به). انظر نيل الأوطار 7/ 151.
(10)
في أ، جـ، ط ولا يتضمن.
(11)
في س شروطه.
(12)
في أ، جـ، هـ، ط التكرر وفي د، س التكدر.
(13)
في ب شروطه.
(14)
سقطت من النجديات، هـ.
(15)
في جـ، ط الحوز.
(16)
سقطت من النجديات، هـ.
والقوم (1) في النصاب حيث اجتمعوا
…
وسرقوه حدهم أن يقطعوا
إن جمعوا في الأخذ أو تفرقوا
…
أصحابنا في ذاك لم يفرقوا
يعني: إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا سواء أخرجوه جملة أو أخرج كل واحد جزءًا وبه قال أبو ثور.
وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعيُّ وإسحاق (2): لا قطع عليهم إلا أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصابًا، لأن كل واحد لم يسرق نصابًا فلم يجب عليهم قطع كما لو انفرد بدون النصاب (3).
وقال مالك: إن انفرد كل واحد منهم بجزء لم يقطع واحد منهم كما لو انفرد كل واحد من قاطعي اليد بقطع جزء منها لم يجب القصاص (4).
ولنا: أنهم اشتركوا في هتك الحرز وإخراج النصاب فلزمهم القطع كما لو كان ثقيلًا فحملوه، وفارق القصاص فإنه يعتمد المماثله (ولا توجد المماثلة)(5) إلا أن توجد أفعال لهم (6) في جميع أجزاء اليد، وفي مسألتنا القصد الزجر (7) من غير اعتبار مماثلته (8)، والحاجة إلى الزجر عن سرقة المال موجودة فوجب القطع، ونصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم فضة خالصة أو ما يبلغ (9) قيمة ذلك.
(1) في أ، جـ القول.
(2)
سقطت من النجديات، هـ.
(3)
انظر تحفة الفقهاء 3/ 203 ومغني المحتاج 4/ 160.
(4)
الذي في المنتقى شرح الموطأ 7/ 178 أنه إذا انفرد كل واحد منهم بما مقداره نصابًا فإنه يقطع، وفي الكافي لابن عبد البر 2/ 1084 أنهم إذا اجتمعوا فيما لا تتم سرقته إلا بالتعاون كالخشبة قطعوا إذا بلغت قيمتها نصابًا، أما ما لا يحتاج إلى التعاون فيقطع آخذه وحده أما إذا تعاونا على إخراج الشيء من حرزه بالرمي والتناول فإنهما يقطعان جميعًا، وقيل: لا قطع إلا أن يكون كل واحد منهما سرق نصابًا.
(5)
ما بين القوسين من ب.
(6)
في د، س أفعالهم.
(7)
في د، س عن.
(8)
في ب المماثلة وفي ط مماثلة.
(9)
في أ، جـ تبلغ.
وعندنا فجاحد العارية
…
يقطع كالسارق بالسوية
بنصه (1) جزمًا فقوم (2) صرحوا
…
والشيخ في جمع فلا قد صححوا
أي: يقطع جاحد العارية كالسارق، جزم (3) به جماعة من الأصحاب وهو المذهب قطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وهو قول إسحاق (4).
وصحح الشيخ الموفق والشارح وجماعة لا قطع عليه وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع على الخائن"(5)، ولأن الواجب قطع السارق، والخائن ليس بسارق فأشبه جاحد الوديعة وغيرها من الأمانات.
ولنا حديث عائشة: كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة فكلموه فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا (6) أراك تكلمني في حد من حدود الله"، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبًا فقال:"إنما هلك (7) من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، قالت: فقطع يدها متفق (8) عليه، قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه.
(1) في جـ بنصبه.
(2)
في النجديات فقومًا.
(3)
في ط وجزم.
(4)
وهو قول زفر من الحنفية ومذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 11/ 362: فتقطع يد المستعير الجاحد كما تقطع من السارق سواء بسواء ورجحه ابن القيم في زاد المعاد 3/ 254 وإعلام الموقعين 2/ 46 والشوكاني في نيل الأوطار 7/ 150.
(5)
رواه أبو داود برقم 4392 والترمذيُّ برقم 1448 أو عبد الرزاق 10/ 215 وقال فيه الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(6)
في د، س ألا.
(7)
في ب أهلك.
(8)
ليس من لفظ البخاري تستعير المتاع وتجحده، بل هو من لفظ مسلم برقم 1688 وأحمدُ 2/ 151 وأبي داود 4395 والنسائيُّ 8/ 70 وأصل الحديث في البخاري 12/ 76.
والجواب عنه: بأنها قطعت بسرقتها لا بجحدها لا يلائم (1) سياق الخبر، وأما قوله: إذا سرق فيهم الشريف إلخ .. فلأنه أجرى فعلها مجرى السرقة.
وسارق الثمار من أشجار
…
ضمانها بالقيمتين (2) جاري
كذلك النص أتى في الزرع
…
مأخذ هذا فانتفاء القطع (3)
كذاك في الماشية (4) الضمان
…
من كير حرز أخذها عدوان (5)
يعني: من سرق ثمرًا من رؤوس شجره (6) لم يقطع ولو كان عليه حائط وحافظ وهذا قول أكثر الفقهاء، ويضمن عوضه مرتين، وكذا (7) الكثر وهو الجمار، وبه قال إسحاق لحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا قطع في ثمر ولا كثر" ورواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ (8). وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل النبي عن الثمر المعلق فقال (9): "من أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة (10) فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه"(11) ولأن الثمار في العادة تسبق اليد إليها فجاز أن تغلظ (12) قيمتها على سارقها ردعًا له وزجرًا حيث فاته القطع كما أشار إليه في النظم.
(1) في د، س يلام.
(2)
في د، س بالقيمتان.
(3)
في نظ مأخذ هذا فانتفى للقطع.
(4)
في نظ، د، س كذلك الماشية.
(5)
في نظ، د، س العدوان.
(6)
في النجديات، ط الشجر.
(7)
في د، س ولذا.
(8)
أحمد 3/ 463 - 464 وأبو داود برقم 4388 والترمذيُّ برقم1449 والنسائي 8/ 87.
(9)
في النجديات، ط قال.
(10)
في د، س جنينة.
(11)
أبو داود برقم 4390 والنسائيُّ 8/ 84 - 86.
(12)
في د، س تلفظ.
وقوله في الحديث: "غير متخذٍ خبنة" بالخاء المعجمة ثم باء موحدة ثم نون أي: غير متخذ في حجره (1).
وكذا الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة تضمن بمثلي (2) قيمتها ولا قطع نص عليه، واحتج بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة (3) حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها رواه الأثرم (4)، وكذا الزرع إذا سرق قبل حصاده فيضمن بعوضه مرتين ولا قطع قياسًا على الثمر والماشية (5).
والصحيح من المذهب أن (6) غير (7) الشجر والنخل والماشية إذا سرقه (8) من غير حرزه فلا يضمن عوضه إلا مرة واحدة، لأن التضعيف فيها على خلاف القياس للنص (9). فلا يتجاوز به محل (10) النص، ومن سرق نصابًا من الثمر بعد إيوائه الحرز كجرين (11) ونحوه أو سرق من شجرة في دار محرزة (12) قطع ولا تضعيف.
(1) في الأزهريات حجرته.
(2)
في أ، جـ بمثل.
(3)
في أ، جـ والأزهريات ابن بلتعة.
(4)
رواه ابن حزم في المحلى 11/ 324 - 325 وصحح إسناده ورواه البيهقي 8/ 278.
(5)
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 296: (ومن سرق ثمرًا أو كثرًا أو ماشية من غير حرز أضعفت عليه القيمة وهو مذهب أحمد وكذا غيرها وهو رواية عنه).أ. هـ.
واختار هذا ابن القيم في زاد المعاد 3/ 211 وذكر رحمه الله أنها عقوبة تعزيرية يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام في كل زمان ومكان. وانظر إعلام الموقعين 2/ 597.
(6)
في النجديات، هـ أنه.
(7)
كررت في أ.
(8)
في النجديات سرقت.
(9)
في أ، جـ، ط وللنص.
(10)
في النجديات محصل.
(11)
الجرين: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر ويسمى الجرن. الصحاح 5/ 2091.
(12)
في أ، جـ محرز.
وقال أكثر الفقهاء: الواجب عوضه مرة في الجميع (1) مطلقًا (2)، واعتذر بعض الشافعية عن الخبر بأنه كان حين كانت العقوبة بالأموال ثم نسخ (3) وهذه دعوى لا دليل عليها ينهض.
وفرقه من صحبنا (4) قد ألحقوا
…
جميع ما من غير حرز يسرق
أي: ألحق جماعة من أصحابنا بالثمر والماشية جميع ما سرق من غير حرزه في أنه يضمن بقيمته مرتين، اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين (5)، وجزم (6) به في الحاوي الصغير وقدمه في المحرر والنظم والقواعد الفقهية، وقالوا (7) نص عليه قياسًا على الثمر والماشية وتقدم الجواب عنه.
(1) في أ، جـ الجمع.
(2)
نيل الأوطار 7/ 144 وسبل السلام 4/ 24 - 25 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 162.
(3)
نقل النووي ذلك في المجموع 5/ 304 عن بعض علماء الشافعية في مسألة تعزير تارك الزكاة بأخذ شطر ماله مع الزكاة.
(4)
في أ، ب، ط أصحابنا.
(5)
الفتاوى 28/ 231 - 332.
(6)
في ب ويجزم.
(7)
في ب، ط فقالوا.