المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقسيم التشبيه باعتبار الأداة: - المنهاج الواضح للبلاغة - جـ ١

[حامد عونى]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كلمة موجزة في تاريخ علوم البلاغة:

- ‌علم البيان

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: في تعريف علم البيان

- ‌المبحث الثاني: في الدلالة

- ‌مدخل

- ‌تقسيم اللفظ إلى: حقيقة، ومجاز، وكناية

- ‌المبحث الثالث: في التشبيه

- ‌مدخل

- ‌التقسيم الأول:

- ‌التقسيم الثاني:

- ‌التقسيم الثالث:

- ‌مبحث وجه الشبه

- ‌مدخل

- ‌التقسيم الأول:

- ‌التقسيم الثاني:

- ‌التقسيم الثالث:

- ‌التقسيم الرابع:

- ‌التقسيم الخامس:

- ‌التقسيم السادس:

- ‌مبحث الأداة

- ‌مدخل

- ‌تقسيم التشبيه باعتبار الأداة:

- ‌مبحث أغراض التشبيه:

- ‌تقسيم التشبيه باعتبار الغرض:

- ‌فصل في بيان مراتب التشبيه:

- ‌خاتمة:

- ‌الاختلاف في صيغة التشبيه:

- ‌مبحث الحقيقة والمجاز

- ‌مدخل

- ‌أقسام الحقيقة العقلية:

- ‌المجاز العقلي:

- ‌المجاز المفرد:

- ‌الاستعارة

- ‌مدخل

- ‌الاستعارة التصريحية:

- ‌الاستعارة في الفعل:

- ‌الاستعارة في الحرف:

- ‌تقسيم آخر للاستعارة التصريحية:

- ‌موازنة بين الاستعارات الثلاث:

- ‌قرينة الاستعارة التصريحية:

- ‌الاستعارة المكنية:

- ‌قرينة المكنية:

- ‌فصل في شرائط حسن الاستعارة:

- ‌المجاز المرسل

- ‌مدخل

- ‌علاقة المجاز المرسل

- ‌المجاز المركب

- ‌الاستعارة التمثيلية

- ‌المجاز المرسل المركب

- ‌المبحث الخامس: في الكناية

- ‌مدخل

- ‌أقسام الكناية:

- ‌تتمة:

- ‌علم البديع

- ‌مدخل

- ‌المحسنات المعنوية:

- ‌المحسنات اللفظية:

- ‌أسئلة لامتحانات رسمية:

- ‌نصوص امتحانات سابقة للنقل من الأولى إلى الثانية:

- ‌موضوعات الكتاب:

الفصل: ‌تقسيم التشبيه باعتبار الأداة:

عواصف الرياح كأن لم يكن، ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من حسن وبهجة وهناء، يعقبه تلف وشقاء وفناء، فأنت ترى أن المشبه به لم يَلِ الكاف؛ لأنه "الهيئة الحاصلة" لكن وليها شيء يتعلق به وهو "الماء" إذ هو أحد أجزاء الهيئة المذكورة.

والأصل في "كأن" الدالة على التشبيه أن يليها المشبه "عكس الكاف وأخواتها" تقول: "كأن عنترة أسد" فعنترة هو المشبه. وقد ولي "كأن" ويقول الله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فضمير النسوة هو المشبه، وما بعده هو المشبه به.

ومثل "كأن" في هذا لحكم كل ما له معمولان من الأفعال، أو الأصناف المفيدة لمعنى التشبيه تقول: ماثل أو يماثل خالد أسدا، وشابه أو يشابه علي حاتمًا، وحاكى أو يحاكي شوقي أبا الطيب، فالذي ولي الأفعال في هذه المثل هو "المشبه". وتقول: خالد ماثل أو يماثل الأسد، وعلي شابه أو يشابه حاتمًا، وشوقي حاكى أو يحاكي أبا الطيب. وتقول: خالد مماثل أسدًا، وعلي مشابه أو مشبه حاتمًا، وشوقي محاك أو مضاهٍ أبا الطيب، فالضمائر المستكنة في هذه الأفعال أو الأوصاف هي "المشبهات" وقد وليتها؛ لأنها فواعل والفاعل مرتبته بعد الفعل، كما عرفته في محله.

ص: 76

‌تقسيم التشبيه باعتبار الأداة:

ينقسم التشبيه بهذا الاعتبار إلى قسمين: مرسل، ومؤكد.

فالمرسل: ما ذكرت فيه الأداة لفظًا، أو تقديرًا. فمثال ما ذكرت فيه الأداة لفظًا قولك: سجعه كسجع الحمام، ووشيه كوشي الطاووس. ومثال ما قدرت فيه الأداة قولك:"سجعه سجع الحمام""ووشيه وشي الطاووس" إذا قدرت في نفسك أنه على معنى الكاف، وأن المشبه مثل المشبه به لا عينه.

والمؤكد: ما تركت فيه الأداة لفظًا وتقديرًا أي: ترك التصريح بها، وتُنُوسِي تقديرها في نظم الكلام أيضا؛ إشعارًا بأن المشبه عين المشبه به مبالغة، كما تقول في المثالين السابقين: سجعه سجع الحمام، ووشيه وشي الطاووس، فتترك

ص: 76

ذكر الكاف، ولا تقدرها في نفسك ادعاء منك أن المشبه هو المشبه به نفسه، لا شيء سواء مبالغة. ومثله قوله تعالى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} يريد -وهو أعلم بمراده- أن الجبال يوم القيامة بعد النفخة الأولى تسير في الهواء كالسحاب تسوقه الرياح، فهو تشبيه مؤكد تنوسي فيه تقدير الكاف ليكون المعنى: أن مرور الجبال يوم القيامة هو مرور السحاب بعينه، وهذا المعنى هو ما ينبغي أن يفهم تصويرًا للحالة التي ستكون، ولو فرض تقدير الكاف في الكلام لكان تشبيهًا مرسلًا.

إذا علمت هذا، علمت أن كل مثال تركت فيه الأداة يحتمل أن يكون من قبيل المؤكد إن لم تقدر فيه الأداة، وأن يكون من قبيل المرسل إن قدرت الأداة، ما لم تقم قرينة على المراد.

ومن التشبيه المؤكد: ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه، كما في قول الشريف الرضي يستمطر الرحمة على قبور الموتى:

أرسى النسيم بواديكم ولا برحت

حوامل المزن في أجداثكم تضع1

يقول: أقام النسيم بواديكم، تهب عليه نفحاته، ولا فتئت غوادي الحسب ترطب ثرى قبوركم، والشاهد في قوله:"حوامل المزن" يريد: أن المزن الممتلئة بالماء كالحوامل من الحيوان، فقد شبه المزن بالحوامل بجامع المنفعة في كل، ثم تركت أداة التشبيه وتنوسيت، ثم أضيف المشبه به إلى المشبه "كما ترى " وفي التعبير بقوله "تضع" مع قوله:"حوامل المزن" براعة بارعة في مراعاة التناسب. ومثله قول الشاعر يصف اعتدال الريح وقت الأصيل، أي: وقت اصفرار أشعة الشمس حينما تميل إلى الغروب:

والريح تعبث بالغصون وقد جرى

ذهب الأصيل على لجين الماء2

شبه الشاعر الماء بالفضة في النقاء والصفاء، ثم أضاف المشبه به إلى المشبه بعد حذف الأداة، وتناسيها في نظم الكلام.

وسمي التشبيه "مؤكدًا" لأنه أكد وقرر بدعوى اتحاد الطرفين، وأن المشبه هو المشبه به، لا يتميز أحدهما عن الآخر في شيء.

1 "المزن" أراد بها السحاب، والأجداث جمع: جدث بفتح الجيم والدال، وهو "القبر".

2 الأصيل هو: الوقت بين العصر والغروب، ويعد من أطيب الأوقات، و"ذهبه" صفرته بسبب شعاع الشمس فيه، وإطلاق الذهب عليه "استعارة" و"اللجين": الفضة، وهو مضاف إلى الماء من إضافة المشبه به إلى المشبه.

ص: 77