الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعارة. بيان ذلك: أن الغرض من الاستعارة على ما تقدم: إظهار المبالغة في التشبيه بادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به، ومقتضى هذا: أن يستويا في وجه الشبه، وإشمام رائحة التشبيه بما ذكرنا يلفت الذهن إلى ما هو معلوم في أصل التشبيه من أن المشبه به أقوى في وجه الشبه من المشبه، وهذا يتعارض مع ما تقتضيه الاستعارة من دعوى التساوي بين الطرفين، وتناسي التشبيه فيهما.
هذا وحسن الاستعارة التخييلية تابع لحسن المكنية؛ لأنها تابعة لها في الوجود، فينبغي أن تتبعها في كل ما يعرض لها من حسن أو قبح.
المجاز المرسل
مدخل
…
المجاز المرسل:
سبق أن قسمنا المجاز المفرد باعتبار العلاقة إلى قسمين:
أحدهما: الاستعارة وهي مجاز علاقته المشابهة، وقد تقدم الكلام فيها.
والثاني: المجاز المرسل، وهو ما نحن بصدد الكلام فيه.
تعريفه: هو الكلمة المستعملة في غير المعنى الذي وضعت له لعلاقة غير المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الموضوعة له، كما في قولنا:"رعت الإبل الغيث" ففي "الغيث" مجاز مرسل؛ لأنه كلمة نقلت من معناها الأصلي وهو "الماء" إلى معنى آخر وهو "النبات" بقرينة "الرعي" فإن الغيث لا يرعى، وليست له العلاقة بين النبات والماء المشابهة كما ترى، إنما العلاقة بينهما هي: أن أحدهما سبب في الآخر، ولا شك أن الغيث سبب في النبات، وكفى هذه السببية علاقة تصحح استعمال الغيث في النبات.
وسمي مجازًا مرسلًا؛ لأنه أرسل أي: أطلق عن التقييد بعلاقة واحدة، وأن له عدة علاقات سيأتي بيانها بعد، أو لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة، إذ ليست العلاقة بين المعنيين في المجاز المرسل المشابهة حتى يدعى اتحادهما.
قيل: إن ما عللوا به في تسمية القسم الأول "استعارة" من أن اللفظ منقول ومستعار من معناه الأصلي للمعنى المراد كالثوب المستعار من صاحبه لغيره، يصح التعليل به في المجاز المرسل، فإن اللفظ فيه أيضًا منقول ومستعار من معناه الأول لمعنى آخر، كلفظ "الغيث" المنقول من معنى "الماء" إلى معنى "النبات" ومقتضى هذا أن يسمى المجاز المرسل "استعارة".
أجيب: إن هذه التسمية مجرد اصطلاح؛ قصد بها التفرقة بين نوعين من المجاز، مختلفي العلاقة.