الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو مثل يضرب لمن تحل المشاكل بوجوده. وتقرير الاستعارة فيه أن يقال: شبهت حال من تحل المشاكل بوجوده بحال نبي الله موسى عليه السلام مع سحرة فرعون بجامع حال الشيء يحسم عنده النزاع، ثم استعير
…
إلخ، أو هو مثل يضرب لمن يتضاءل شأنه عند وجود من هو أجل شأنًا. وتقرير الاستعارة فيه أن يقال: شبهت هيئة من يصغر شأنه عند وجود الأجل منه شأنًا بهيئة قوم فرعون، وقد أخفقوا في سحرهم عند مجيء موسى عليه السلام وإلقائه العصا، والجامع الهيئة الحاصلة من ضآلة شيء حقير بجانب شيء خطير، والقرينة حالية كسابقاتها، وقس على ذلك جميع الأمثال السائرة نثرًا ونظمًا.
المجاز المرسل المركب
1:
هو ما كانت العلاقة فيه غير المشابهة كما في الجمل الإخبارية المستعملة في الإنشاء لأغراض لم يوضع لها الخبر؛ كإظهار التحسر، أو الضعف، أو السرور، أو الشماتة، أو نحو ذلك.
فمثال الخبر المستعمل في إنشاء التحسر والتحزن قول الشاعر:
ذهب الصبا وتولت الأيام
…
فعلى الصبا وعلى الزمان سلام
فهذا الخبر -وإن كان في أصل وضعه للإخبار- مستعمل في إنشاء التحسر على فقدان الشباب، وذهاب أيامه، والعلاقة فيه اللزوم؛ إذ يلزم من الإخبار بذهاب الصبا التحسر والتحزن عليه، والقرينة قوله:"فعلى الصبا وعلى الزمان سلام". ومثال الخبر المستعمل في إظهار الضعف قول الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} فزكريا عليه السلام لا يريد بهذا القول أن يخبر الله بحاله؛ إذ يعلم أن الله لا يخفى عليه خافية ولكنه قصد بهذا إظهار الضعف. وإنه بلغ من الوهن غاية لا أمل له بعده في الحياة، والعلاقة اللزوم كالذي قبله، والقرينة مقام الخطاب. ومثال الخبر المستعمل في إظهار السرور قولك لم يعلم بنجاحك
1 إنما أطلق عليه هذا الاسم قياسًا على المجاز المفرد، وإلا فإن العلماء لم يضعوا له اسما، بل إن أكثرهم لم يبحثوه بحثًا تفصيليًّا.
وأنت تعلم منه ذلك: "نجحت في الامتحان" فليس الغرض أن تفيده بنجاحك، وإنما تريد أن تظهر له سرورك بهذا النجاح، والعلاقة والقرينة كالذي قبله.
إلى غير ذلك من الأخبار التي لم يقصد بها الإفادة، غير أن العلماء أهملوا هذا القسم، ولم يبحثوه لتضارب الآراء فيه؛ لهذا لم نشأ الإطالة في البحث فيه.
تمرين:
1-
عرف المجاز المركب وقسمه، ومثل لكل قسم.
2-
عرف الاستعارة التمثيلية، وبين لِمَ سميت تمثيلية، ومتى تسمى مثلًا؟ ثم أجر الاستعارة في قولهم: أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا1، وهو مثل يضرب لمن يعد ولا يفي بما يعد.
3-
أجر الاستعارة التمثيلية فيما يأتي على قياس ما سبق:
اليد لا تصفق وحدها "لمن يعجز عن القيام بعمل وحده". تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها "لمن يصون نفسه عن خسيس المكاسب".
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
…
عند التقلب في أنيابها العطب
"يضرب لمن يخدع الناس بلينه، ثم يعود عليه طبعه، فينقلب على من خدعه".
بالملح تصلح ما نخشى تغيره
…
فكيف بالملح إن حلت به الغير؟
"يضرب لمن فسدت حاله ممن هو قدوة لغيره" كرجال العلم والدين. "إن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى" 2 "يضرب لمن جاوز الحد في العمل". تلدغ العقرب وتصيء3 "يضرب لمن يظلم ويتظلم". تسمع بالمعيدي4 خير من أن تراه
"يضرب لمن منظره دون مخبره". رجع بخفي حنين5 "لمن يعمل عملًا فيخيب فيه". رمية من غير رامٍ "لمن يصدر منه فعل حسن ليس له أهلًا".
1 "الطحن" بكسر الطاء: الدقيق.
2 "المنبت" هو من أجهد دابته في السير فنفقت قبل الوصول، والمراد بالظهر: الدابة.
3 يسيل ماؤها.
4 هو مصغر معدي بتشديد الدال، والياء للنسبة إلى قبيلة "معد"، وهو رجل كان كريه المنظر حسن الصوت.
5 رجل كان إسكافيا يصنع الأحذية