الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجريه على لسانه أولًا، ويجعله حينئذ مشبهًا، فإذا كان يتحدث مثلًا عن الليل يتألق فيه بياض الصبح، صح أن يشبه ذلك بجواد أدهم ذي غرة، كما في قول الشاعر العربي:
والصبح في طرة ليل مسفر
…
كأنه غرة مهر أشقر1
وإذا شغف بحب فرسه الدهماء، ذات الغرة البيضاء، جاز أن يشبه ذلك بظلمة الليل ينشق عن وجه الصباح، كقول الشاعر:
وجهه صبح ولكن
…
سائر الجسم ظلام
فالشاعر في كلا الحالين إنما يرمي إلى ما في الطرفين من مجرد ظهور بياض في سواد أكثر منه، من غير قصد إلى قوة أو ضعف. غير أن الأفضل "كما قلنا" هو التعبير بصيغة التشابه؛ لأنها أدل على المراد وأصرح في معنى التساوي بين الطرفين.
1 طرة كل شيء: طرفه، يريد آخر الليل، والأشقر من الخيل: الأحمر المشوب بسواد.
الاختلاف في صيغة التشبيه:
اختلف الرأي في صيغة التشبيه: أهي من قبيل الحقيقة، أم من قبيل المجاز؟ فالرأي الأول -وهو الراجح- أنها من قبيل الحقيقة؛ ذلك أن كلا من المشبه والمشبه به مستعمل في معناه الذي وضع له، "فمحمد" في نحو:"محمد كالبدر" مستعمل في الذات المعروفة، كما أن "البدر" مستعمل في الجرم المعروف.
وقيل: هي من قبيل المجاز؛ لأن المعنى المراد من قولنا: محمد كالبدر، أنه تناهى في الحسن حتى بلغ مستوى البدر فيه، وهذا المعنى غير ما وضع له التركيب؛ إذ إن معناه المفهوم منه وضعًا: أن "محمدًا" قريب في الحسن من البدر، ولم يبلغ فيه مبلغه.