الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موازنة بين الاستعارات الثلاث:
الاستعارة المرشحة "كما قلنا": ما ذكر فيها ملائم المشبه به، وهذا مما يزيد الاستعارة قوة، ذلك أن مبنى الاستعارة "كما علمت" على تناسي التشبيه وادعاء أن المشبه هو المشبه به، لا شيء سواه، والترشيح الذي هو ذكر ملائم المشبه به إمعان في هذا التناسي وغلو في دعوى الاتحاد، وكأن ليس هناك استعارة حتى إنك لتجد الشاعر أو الناثر يمعن في إنكارها، ويخيل للسامع أن الأمر محمول على حقيقته، لا تجوز فيه. ألا ترى إلى قول أبي تمام:
ويصعد حتى يظن الجهول
…
بأن له حاجة في السماء
فقد استعار لفظ "الصعود" وهو العلو الحسي المكاني لعلو المرتبة، ثم بنى كلامه على أنه صعود حسي حقيقة فذكر ما يلائمه من ظن الجهول أن له حاجة في السماء. وإذا كان هذا شأن المرشحة كانت جديرة أن تحل المكان الأول بين أختيها. ويلي المرشحة في القوة الاستعارة المطلقة، إذ هي "كما عرفت" ما لم يذكر معها شيء يلائم أحد الطرفين فهي -وإن خلت مما يقوي تناسي التشبيه، ويدعم دعوى الاتحاد من ذكر ما يلائم المشبه به- ليس فيها ما ينافيها من ذكر ملائم المشبه، وإذا كان هذا حالها كانت خليقة أن تحتل مكانًا وسطًا بين المرشحة والمجردة، ومن هنا يبدو لك واضحًا أن الاستعارة المجردة في المرتبة الدنيا لاشتمالها على ما يلائم المشبه؛ إذ هو يتعارض مع ما تقتضيه الاستعارة من تناسي التشبيه، ودعوى الاتحاد قضاء لحق المبالغة.