الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الاستعارة باعتبار الجامع:
وأما باعتبار الجامع فهي قسمان:
أحدهما ما يكون الجامع فيه داخلا في مفهوم الطرفين1.
كاستعارة الطيران للعدو؛ كما في قول امرأة من بني الحارث ترثي قتيلا:
لو يشا طار به ذو ميعة
…
لاحق الآطال نهد ذو خصل2
وكما جاء في الخبر: "كلما سمع هيعة طار إليها" 3 فإن الطيران والعدو يشتركان في أمر داخل في مفهومهما؛ وهو قطع المسافة بسرعة4، ولكن الطيران أسرع من العدو.
ونحوهما قول بعض العرب:
فطرت بمُنْصُلي في يَعْمَلات
…
دوامي الأيد يخبطن السريحا5
يقول: إنه قام بسيفه مسرعا إلى نوق فعقرهن، ودميت أيديهن، فخبطن السيور المشدودة على أرجلهن.
وكاستعارة الفيض لانبساط الفجر في قوله:
كالفجر فاض على نجوم الغيهب6
فإن الفيض موضوع لحركة الماء على وجه مخصوص؛ وذلك أن يفارق مكانه دفعة، فينبسط، وللفجر انبساط شبيه بذلك. وكاستعارة التقطيع لتفريق الجماعة وإبعاد بعضهم عن بعض في قوله تعالى:{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا} 1، فإن القطع موضوع لإزالة الاتصال بين الأجسام التي بعضها ملتزق ببعض؛ فالجامع بينهما إزالة الاجتماع التي هي داخلة في مفهومهما، وهي في القطع أشد. وكاستعارة الخياطة لسرد الدرع في قول القطامي:
لم تلق قوما هم شر لإخوتهم
…
منا عشية يجري بالدم الوادي
نقريهم لهذميات نقد بها
…
ما كان خاط عليهم كل زرّاد2
فإن الخياطة تضم خرق القميص، والسرد يضم حلق الدرع؛ فالجامع بينهما الضم الذي هو داخل في مفهومهما، وهو في الأول أشد.
وكاستعارة النثر لإسقاط المنهزمين وتفريقهم في قول أبي الطيب:
نثرته فوق الأحيدب نثرة
…
كما نُثرت فوق العروس الدراهم3
لأن النثر أن تجمع أشياء في كف أو وعاء، ثم يقع فعل تتفرق معه دفعة من غير ترتيب ونظام، وقد استعاره لما يتضمن التفرق على الوجه المخصوص، وهو ما اتفق من تساقط المنهزمين في الحرب دفعة من غير ترتيب ونظام، ونسبه إلى الممدوح؛ لأنه سببه4.