الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه: الموازنة بين المجاز والحقيقة والكناية والتصريح
أطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة1.
وأن الاستعارة أبلغ من التصريح بالتشبيه.
وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة.
وأن الكناية أبلغ من الإفصاح بالذكر2.
قال الشيخ عبد القاهر3: "وليس ذلك4؛ لأن الواحد من هذه الأمور يفيد زيادة في المعنى نفسه لا يفيدها خلافه، بل لأنه يفيد تأكيدا لإثبات المعنى لا يفيده خلافه، فليست فضيلة قولنا: "رأيت أسدا" على قولنا: "رأيت رجلا هو والأسد سواء في الشجاعة" أن الأول أفاد زيادة في مساواته للأسد في الشجاعة لم يفدها
الثاني، بل هي أن الأول أفاد تأكيدا لإثبات تلك المساواة له لم يفده الثاني، وليست فضيلة قولنا:"كثير الرماد" على قولنا: "كثير القِرَى" أن الأول أفاد زيادة لقراه لم يفدها الثاني، بل هي أن الأول أفاد تأكيدا لإثبات كثرة القرى له لم يفده الثاني.
والسبب في ذلك أن الانتقال في الجميع1 من الملزوم إلى اللازم؛ فيكون إثبات المعنى به كدعوى الشيء ببينة، ولا شك أن دعوى الشيء ببينة أبلغ في إثباته من دعواه بلا بينة.
ولقائل أن يقول: قد تقدم أن الاستعارة أصلها التشبيه، وأن الأصل في وجه الشبه أن يكون في المشبه به أتم منه في المشبه وأظهر؛ فقولنا:"رأيت أسدا" يفيد للمرئي شجاعة أتم مما يفيده قولنا: "رأيت رجلا كالأسد"؛ لأن الأول يفيد شجاعة الأسد، والثاني شجاعة دون شجاعة الأسد؟!
ويمكن أن يجاب عنه بحمل كلام الشيخ على أن السبب في كل صورة ليس هو ذلك، لا أن ذلك ليس بسبب في شيء من الصور أصلا2
"هذا آخر الكلام في الفن الثاني"