الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الاستعارة باعتبار الخارج:
وأما باعتبار الخارج، فثلاثة أقسام:
أحدها المطلقة: وهي التي لم تقترن بصفة ولا تفريع كلام1، والمراد المعنوية لا النعت.
المجردة: وثانيها المجردة، وهي التي قرنت بما يلائم المستعار له2 كقول كثير:
غَمْر الرداء إذا تبسم ضاحكا
…
غَلِقت لضحكته رقاب المال1
فإنه استعار الرداء للمعروف؛ لأنه يصون عِرْض صاحبه كما يصون الرداء ما يُلْقَى عليه، ووصفه بالغمر الذي هو وصف المعروف لا الرداء2، فنظر إلى المستعار له، وعليه قوله تعالى:{فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112] .
حيث قال: "أذاقها" ولم يقل: كساها؛ فإن المراد بالإذاقة إصابتهم بما استعير له اللباس3 كأنه قال: فأصابها الله بلباس الجوع والخوف4. قال الزمخشري: "الإذاقة جرت عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في البلايا والشدائد وما يمس الناس منها؛ فيقولون: "ذاق فلان البؤس والضر، وأذاقه العذاب" شبه ما يدرك من أثر الضر والألم بما يدرك من طعم المر والبشع"5.
فإن قيل: الترشيح أبلغ من التجريد، فهلا قيل:"فكساها الله لباس الجوع والخوف"؟ قلنا: لأن الإدراك بالذوق يستلزم الإدراك باللمس من غير عكس، فكان في الإذاقة إشعار بشدة الإصابة بخلاف الكسوة. فإن قيل: لِمَ لَمْ يقل: "فأذاقها الله طعم الجوع والخوف"؟ قلنا: لأن الطعم وإن لاءم الإذاقة فهو مفوت لما يفيده لفظ اللباس من بيان أن الجوع والخوف عم أثرهما جميع البدن عموم الملابس.