الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 -
مجموع البجائي في المسائل العرفية، جمعه للقاضي الفرنسي سوطيرة آخر القرن الماضي. ولا نعرف الاسم الحقيقي للبجائي، وقد قيل انه كان عارفا بالعربية والقبائلية والقوانين العرفية لزواوة، كما كان يعرف بعض الفرنسية. وقد اشتكى من أن كل خدماته لم تساعده في الحصول على ما كان يطمح إليه (1). وكان سوطيرة من أعيان المشرعين الفرنسيين ورؤساء المحاكم في الجزائر المعارضين للشريعة الإسلامية.
17 -
بداية المجتهد لابن رشد، ترجمة أحمد لعيمش. وقد اكتفى منه بترجمة مسائل الزواج والطلاق، لأن ذلك هو الميدان الذي سمح به القضاء الفرنسي للقضاء الإسلامي. وكان يعبر عن ذلك بالأحوال الشخصية. وصدرت الترجمة الفرنسية سنة 1926، في 306 صفحات. ويغلب على الظن أن الهدف كان توفير مادة الفقه والأحكام الشرعية للمحاكم الفرنسية وأيضا للمستفيدين في المحاكم الإسلامية.
18 -
كتاب لاستعمال المترجمين القضائيين في أفريقية الشمالية، وضعه أحمد حسين، ونشره سنة 1917، ربما بدعم من الحكومة العامة.
الردود والاعتراضات
نقصد بالردود ما كان يجري بين العلماء من نقاش حول مسألة فقهية أو دينية وينتصر فيها ثالث لهذا أو ذاك (2). وأحيانا تتوسع المسألة فتشمل أكثر من واحد وتصبح مسألة عامة يسيل حولها حبر كثير وينقسم من حولها الناس. وقد استغرق هذا النوع من الردود، وحتى المهاترات والسباب أحيانا، كل عهد الاحتلال. ولعله بدأ بالخلاف حول الهجرة وانتهى بالخلاف حول دور العلماء في السياسة وقضية البدع والإغراق في الخرافات.
(1) ابن سديرة (كتاب الرسائل)، ط 1888، ص 125 - 126.
(2)
عن الردود المتعلقة بالتصوف انظر فصل التصوف.
ونحن لا نطمح أن نغطي كل المسائل التي دار حولها النقاش والردود. وقد تحدثنا عن بعض ذلك في مكانه من الفصول الأخرى. إنما نريد أن نأتي على ذكر المؤلفات التي عالجت هذه الردود:
1 -
منذ أول الاحتلال وجدنا علي بن محمد الميلي المعروف بالجمالي، نزيل مصر، يشن الحملات على بعض خصوم المذهب المالكي والأشعري. كما اعترض على ما جاء عن الشيخ أحمد التجاني. وهكذا نسبت إليه كتب التراجم العناوين الآتية:
أ - الحسام السمهري في تكذيب ما نسب إلى الإمام الأشعري.
ب - الصمصام الفاتك في الرد على القادح في مذهب الإمام مالك.
ج - الصوارم والأسنة (في الاعتراض على أحمد التجاني).
وقد عرفنا أن الميلي قد استوطن مصر وتوفي بها سنة 1833 (1248)(1). ولا نجد في كتبه أي أثر للاحتلال الفرنسي لبلاده. واستعمال كلمات مثل الصوارم والحسام والصمصام يدل على أن الرجل كان يعتقد أنه في معركة حامية.
2 -
دار حول مسألة الهجرة من الجزائر بعد احتلالها نقاش طويل وأحيانا كان حادا بين العلماء. واشترك فيه أكثر من واحد
…
وكان الذين قالوا بالهجرة هم أنصار المقاومة والجهاد، وقاسوا الأمر على ما وقع في العهد النبوي، وعلى رأي محيي الدين بن عربي أثناء الحكم الصليبي للقدس. وكان من أنصار هذا الموقف العلماء الذين انضموا للأمير عبد القادر، ومنهم قدور بن رويلة وعلي بن الحفاف. أما الذين رأوا ضرورة البقاء في الوطن رغم الاحتلال فهم الذين قاسوا القضية على ما حدث في الأندلس، واستشهدوا بكلام الونشريسي في فتواه الشهيرة (أسنى المتاجر)، ونذكر منهم المفتى مصطفى الكبابطى والمفتي محمد بن الشاهد. وكان من
(1) معجم أعلام الجزائر، ص 121.
نتيجة هذا النقاش الذي تناولناه في مناسبات سابقة، مجموعة من الآراء والكتابات جمعها محمد بن عبد الكريم في كتاب نشره بعنوان: حكم الهجرة (1).
ومما يذكر بهذا الصدد أن الأمر انتهى بابن رويلة بالهجرة الاختيارية إلى تونس فالحجاز والشام، وبالهجرة الإجبارية للكبابطي إذ نفاه الفرنسيون. أما ابن الشاهد فقد توفي بالجزائر عاجزا وأعمى ومحروما، وهاجر المهدي السكلاوي وتوفي في دمشق. وأما ابن الحفاف فقد ظل يفكر في الهجرة مدى حياته، وأدى فريضة الحج، ولكنه رجع وتوفي في الجزائر. ولا نتكلم الآن عن المهاجرين الآخرين أو المنفيين، ومنهم الأمير. وقد أيد مؤلف (تحفة الزائر) مسألة الهجرة واستند إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض الآيات، وإلى رأي محيي الدين بن عربي الذي أفتى بعدم زيارة بيت المقدس ما دامت بيد الصليبيين (2). أما المشرفي فقد قال في كتابه (طرس الأخبار) بعدم تكفير من لم يهاجر (3).
3 -
المقراض الحاد، كتاب للأمير عبد القادر في الرد على من زعم أن الغدر وعدم الوفاء غير مستقبح ولا منهي عنه في الإسلام. وقع التأليف أثناء سجن الأمير بأمبواز (فرنسا) في آخر الأربعينات من القرن الماضي. وقد شغل الأمير نفسه بالبحث في هذه المسألة، وأثبت في المقدمة والأبواب الثلاثة التي عقدها أن الإسلام بريء مما ينسب إليه، وأنه دين الفضائل والأخلاق. وقد مهد لكتابه بأن بعضهم قد ألح عليه في الرد، فاعتذر لانزعاجه من وضعه كأسير ولكن السائل أعاد الإلحاح، فاستجاب له. وذلك عندما تولى لويس
(1) الجزائر 1981. وهو كتاب يحتوي على ثلاث رسائل ومناقشات بعض العلماء. انظر أيضا الجزء الأول من التاريخ الثقافي. وفي كتاب قنان (نصوص سياسية) أخبار أخرى عن الموضوع.
(2)
تحفة الزائر 1/ 216.
(3)
(طرس الأخبار) ومن فصوله فصل بعنوان (فيمن عاير أخاه بالتنصر، ويقال فاهجر معي إني مهاجر وإن بقيت فأنت كافر).
نابليون رئاسة الجمهورية الفرنسية (1848). ولا ندري ما العلاقة بين هذا الحدث وتأليف الكتاب. غير أننا قد نفهم أن الذي طلب منه الجواب كان أيضا مسيحيا، وأن الأمير قصد بجوابه الدفاع عن الإسلام من جهة وتسلية نفسه من جهة أخرى.
يقول الأمير في خطبة الكتاب: لا أما بعد، فإني في أيام إقامتنا في امبواز عند الدولة الفرنساوية الفخيمة تكلم أحد رؤساء الدين المسيحي في الإسلام وقال إن الغدر وعدم الوفاء فيه غير قبيح ولا منهى عنه. فسمعه بعض من له محبة ورغبة في إظهار الحق، فجاء إلي وألح في الطلب على أن أضع في هذا الأمر رسالة تتضمن بيان ما في شرع الإسلام مما يكذب قوله ونبذ سخفه. فاعتذرت إليه بالحال التي نحن فيها، ثم أعاد الطلب وشدد فيه، وذلك حين انضمت رئاسة الجمهورية إلى
…
نابليون
…
فأجبته الخ) (1). والمتأمل في هذه الخطبة يحكم بأنها قد تكون كتبت من خارج فرنسا، وبعد تأليف الكتاب.
وقد أقام الأمير كتابه على مقدمة في الكلام عن العقل، ثم ثلاثة أبواب هي:
الأول: في إثبات الألوهية وفيه ثلاثة فصول: أولها في خلق الأرض وما ينتج منها، والثاني في النظر في السماوات وما فيها، والثالث في النظر في خلق الإنسان المقصود بالإيجاد.
والباب الثاني في إثبات النبوة مع الرسالة. واشتمل على فصلين: الأول في إثبات الرسالة على الإطلاق، والفصل الثاني في إثبات شرع الدين الإسلامي خصوصا.
أما الباب الثالث فهو في موضوع الرسالة وبيان ما ورد في الشرع من وجوب الوفاء والأمر به، ونبذ الغدر والنهي عنه، وما يتعلق بذلك كالصدق والكذب. ويفهم من هذا الترتيب أن الباب الثالث هو المقصود من التأليف.
(1) تحفة الزائر، ط 1، 2/ 27.
ولكن الأمير أقام حجته على أساس العقل، كما أن ترتيبه لمواد الكتاب كان منطقيا عقليا، (لأن إثبات الألوهية مرتب على وجود العقل، وإثبات النبوة والرسالة مرتب على إثبات الألوهية، وبيان ما يحمد وما يذم من الأقوال والأفعال والصفات مرتب على إثبات النبوة والرسالة (1). وقد اقتصر محمد بن الأمير على تفاصيل الباب الثالث لأنه المقصود بالذات، وهو في الأخلاق وما ورد في القرآن في مكارمها. ثم أخلاق العرب كأمة تعتز بالشرف والشجاعة ومجموعة من الفضائل تميزها عن سائر الأمم.
4 -
حسام الدين لقطع شبه المرتدين، ألفه الأمير عبد القادر أيضا.
5 -
المشرفي الحمزاوي لقطع فؤاد الخبزاوي، تأليف أبي حامد العربي المشرفي. وهي رسالة في الرد على أحد المعاصرين (قد يكون محمد الخبزاوي (2) وهو من جهة سيدي بلعباس من قبيلة الهزج، وقد عمل في المحاكم بمعكسر من السبعينات إلى التسعينات من القرن الماضي، وأصبح عضوا في المجلس الأعلى للفقه الإسلامي). ويبدو أن الخبزاوي قد عاب على المشرفي مقطوعات شعرية صدرت منه، ولكننا لا نعرف موضوعها ومصدر الخلاف حولها.
6 -
عجيب الذاهب والجائي في فضيحة الغالي اللجائي، للمشرفي أيضا. وقد رد فيه على المذكور لأنه كان، كما قيل، يتنطع على الأمير عبد القادر، فهل كان ذلك أثناء كفاح الأمير أو بعد سجنه وليه؟ وكان المشرفي في (طرس الأخبار) يتهم الأمير بأنه قد اتخذ بطانة سوء
…
(1) تحفة الزائر، ط 1، 2/ 28. انظر أيضا طه الحاجري (جوانب من الحياة العقلية)، ص 52 - 53. وقد طبع كتاب (المقراض الحال) بغير تحقيق ولا تقديم تاريخي، باسم محرره: محمد بن عبد الله الخالدي المغربي، دار مكتبة الحياة، بيروت، د ت (1995؟).
(2)
عنه انظر الان كريستلو (المحاكم)، ص 277. وأيضا فصل السلك الديني والقضائي.
7 -
الدر المكون في الرد على العلامة جنون، للمشرفي أيضا. وقد انتصر فيه لأصحاب الطرق (الصوفية؟)، ورد فيه على المخالفين ردا شنيعا، حسب رواية ابن سودة، صاحب كتاب (دليل مؤرخ المغرب).
8 -
الحسام المشرفي للمهاجر المقتفي، وهو أيضا للمشرفي، ولا نعرف الآن المقصود بالرد والمردود عليه.
9 -
الحسام المشرفي لقطع لسان الساب الجعرفي الناطق بخرافات الجعسوس سيء الظن الكنسوس، من تأليف المشرفي أيضا. وقد ذكرنا عنوانه الطويل لنحس بقيمة الرد والألفاظ المستعملة. وهو في الرد على محمد اكنسوس صاحب كتاب (الجيش العرمرم). وتدخل الطرق الصوفية في الموضوع، إذ الرد على التجانيين والانتصار للقادريين والأشراف. ولا شك أن ذلك كان بإيعاز من الأيادي الخفية. ورغم ذلك فالكتاب له قيمة من جهة أخرى إذ يحتوي على أخبار هامة عن تاريخ الجزائر وثورة الدرقاوة.
10 -
تقييد في ذم أهل فاس، للمشرفي كذلك (1).
فأنت ترى أن المشرفي كان من زعماء هذه الحركة التي اتخذت الاعتراضات والمجادلات سبيلا لها. ولو كان في عصر الصحافة في المغرب لملأ ربما أعمدتها بالدفاع والهجوم، والنقد والتجريح. ولكن ما الهدف؟.
11 -
وشارك بعض أفراد من عائلة بو طالب (وهي قريبة من عائلة الأمير عبد القادر) في الردود أيضا. وكان كثير من هذه العائلة قد تولوا القضاء، سيما في الناحية الشرقية من الوطن. وكانوا على صلة قوية بالثقافة العربية كثر من غيرهم ربما لمحافظتهم على التقاليد، ولتمسكهم بالشرف، ولهجرة بعضهم إلى المشرق ورجوعهم بعد ذلك إلى الجزائر. فشاركوا في (المنازعات) الثقافية التي كانت في معظمها تدور حول الدين وشعائره. وتدل
(1) انظر دراستنا لمؤلفات المشرفي في مجلة (الثقافة) 1983 عدد خاص. أما كتابه (طرس الأخبار) فهو بالرغم ما فيه من ردود، فإننا ذكرناه في فصل التاريخ والرحلات، فانظره هناك. وله مؤلفات أخرى تذكر في مكانها من الفصول.
العناوين على حدة الطبع وقوة الكلمات المستعملة ضد الخصوم. من ذلك رد أحمد المجاهد الغريسي - وهو من عائلة بو طالب - على خصمه (الذي لا نعرفه الآن) في مسألة الصيام أيام العيد. وقد سمى الأرجوزة التي نظمها للمناسبة: (زبرة الحداد لدق عنق صائم الأعياد)(1). وكان أحمد المجاهد قاضيا.
12 -
وكتب أحمد المجاهد نفسه رسالة سماها (الإنصاف في رد اعتراضات السفساف ونصر ابن الحفاف) وسبب كتابة هذه الرسالة يرجع إلى خلاف وقع بين علي بن الحفاف مفتي المالكية وأحد علماء المشارف، وهو محمد المصطفى المشرفي. فقد ألف المشرفي رسالة سماها (الإشراف في الرد على الحمار الهفهاف) وطبعها سنة 1863، ويبدو أنه كان قاسيا على خصمه فيها (2). وأصل المسألة خلاف حول ثبوت هلال رمضان. وقد تبادلا الرأي واشتد الخلاف بينهما. ويدو أن المشرفي قد أساء الأدب مع ابن الحفاف. ورغم أننا لا ندري ماذا كتب ابن الحفاف في الموضوع فإن تلميذه أحمد المجاهد قد تولى الدفاع عنه بعبارات ساخرة وأحيانا جارحة ضد المشرفي، رغم أنهما من بلدة واحدة. وبعد أن كتب أحمد المجاهد رسالة الإنصاف (3)، رد عليه المشرفي برسالة سماها (السهام الصائبة في رد الدعاوى الكاذبة) ولكن أحمد المجاهد لم يستسلم وكتب رسالة أخرى في الرد عليه سماها (الحسام في تكسير السهام).
قلنا إن أحمد المجاهد كان تلميذا لابن الحفاف. وكان قاضيا في عدة
(1) تقع في 53 بيتا. ولا ندري إن كانت قد طبعت. مراسلة علي أمقران 8 غشت، 1980.
(2)
ط. حجرية، الجزائر 1883 (؟). يذهب البوعبدلي إلى أنه هو أبو حامد العربي المشرفي، من رسالة أرسلها إلي من بطيوة في 14 مارس 1984. وذلك بعيد في نظرنا. وقد برر ذلك أن المشرفي (أبو حامد) كان يتردد على الجزائر، ومع ذلك فإننا لا نعرف من هو محمد المصطفى المشرفي المقصود. انظر تعريف الخلف 2/.
(3)
ط. الجزائر، سنة 18.
أماكن منها سطيف والأربعاء (قرب العاصمة)، وأثناء وجوده قرب العاصمة كان يتردد على مجلس ابن الحفاف. وبقي أحمد المجاهد ثلاثين سنة في القضاء، وكان صهرا أيضا للمجاوي الذي كان عندئذ مدرسا في قسنطينة. وأدركته الوفاة في سطيف في نفس السنة التي توفي فيها ابن الحفاف في العاصمة، وهي سنة 1307 (1890)(1). وإذا غضضنا النظر عن الجانب السلبي من هذه الردود بين الرجلين فإننا نظن أن هناك جانبا إيجابية فيها وهو الكشف عن بعض النواحي الثقافية والعادات الاجتماعية. وربما صدق الشيخ البوعبدلي عندما سمى ذلك كله (معركة فكرية).
13 -
ومن هذه الردود منظومة النابتي حول السدل في الصلاة. كان محمد الخرشي النابتي (أولاد نابت قرب سطيف) من قرية تلمان ببني ورتلان، وكان من الذين درسوا في الأزهر الشريف، ولا ندري إن كان قد تولى القضاء أو الوظائف الدينية الأخرى. غير أننا نعرف أنه نظم منظومة تقع في أربع صفحات، وسماها (السيف المسلول في الرد الوجيع على منكرى سدل الرسول)(2). وموضوعها بين من عنوانها. ولكننا لا نعرف إن كان النابتي يرد على شخص بعينه أو على رأي عام شاع بين أهل الوقت. وقد شارك أحمد بن عليوة فيما بعد بتأليف حول مسألة السدل أيضا (انظر فقرة الفقه).
14 -
وفي أول الحرب العالمية الأولى أفتى مفتى اسطانبول (شيخ الإسلام) بتكفير المسلمين الذين يحاربون في صفوف أعداء الدولة العثمانية. وكان ذلك يعني أيضا الجزائريين الذين جندتهم فرنسا للحرب ضد الدولة العثمانية. وقد واجهت السلطة الفرنسية دعاية إسلامية مضادة وكان عليها أن تعد وسائلها وأن تعلن حربا دعائية من عندها للرد على أعدائها. فجندت أولا (رجال الدين) الرسميين الموظفين في المساجد وغيرها، ثم رجال الطرق
(1) كريستلو (المحاكم)، ص 213 - 281.
(2)
مراسلة، علي أمقران السحنوني، 8 غشت، 1980.
الصوفية الموالين، وجعلهم يعلنون عن ولائهم (وينصحون) مسلمي الجزائر بعدم اتباع الدولة العثمانية لأنها انحرفت عن جادة الإسلام بارتمائها في أحضان ألمانيا وتضحيتها بمصالح المسلمين. وقد تعرضنا إلى ذلك في محله.
أما ما نريد أن نتعرض له الآن فهو تجنيد بعض العلماء الجزائريين للرد على فتوى شيخ الإسلام بأسطانبول. ولنتذكر أنه لم يكن للجزائر شيخ للإسلام في العهد الفرنسي، وليس هناك (مفتي الديار)، وإنما هناك مفتون محليون لا فرق بينهم وبين الأيمة العاديين تقريبا. ومعنى ذلك أن السلطة الفرنسية في الجزائر لم تجد شخصية دينية في وزن شيخ الإسلام بأسطانبول. لذلك لجأت إلى شيخين من شيوخ العلم والدين، أحدهما معروف وهو بومزراق (الونوغي) المقراني، وهو ابن أحمد بومزراق المقراني، الذي خلف أخاه محمد المقراني في ثورة 1871. وقد أصبح بومزراق المقراني معروفا بالونوغي فقط، وكان متوليا للقضاء في ناحية الشلف. أما الثاني فهو عبد الرحمن قطرانجي. وهو غير معروف بعلمه عندئذ ولا بمؤلفاته، ويبدو أنه من رجال الدين بالعاصمة ومن الأصول العثمانية.
في أول الحرب عينت السلطات الفرنسية الشيخين المذكورين: الونوغي وقطرانجي إمامين للجيش، أو بعبارة أخرى للمجندين الجزائريين في الجيش الفرنسي. فانتقلا إلى أوروبا، واستقرا في فرنسا. فهل كان عملهما هناك دينيا فقط؟ الغالب أن الأمر أكثر من ذلك. لقد كان دورهما هو ما نسميه اليوم بالحرب النفسية أو التوجيه المعنوي. وذلك لا يكون إلا إذا كانا مقتنعين غاية الاقتناع بمهمتهما الحساسة. الرسالة التي صدرت عن مفتي اسطانبول عنوانها (المسلمون في الجيش الفرنسي)، حوالي 1915. وهو تاريخ دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا والنمسا. أما الرسالة (الكتيب) التي حررها الونوغي وقطرانجي فعنوانها (القول الناصح في مجادلة المائن الكاشح)(1). والمجادلة هنا وإن كانت فى ظاهرها دينية، فانها فى
(1) ط. حوالى 1915. اطلعنا عليه فى الجزائر خلال السبعينات.