الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحساب والفرائض
بقيت المدرسة القديمة في علم الحساب سائدة عند بعض الجزائريين، وهي مدرسة القلصادي والحباك وابن البناء، رغم تعلمهم الحساب الحديث على الطريقة الأوروبية في المدارس الفرنسية الرسمية. ولا ندري إن كان خريجو هذه المدارس قد ساهموا في إحياء الحساب العربي والفرائض عن طريق التأليف، أو اكتفوا بدراسة الحساب الجديد والاستفادة منه في حياتهم العلمية فقط. وإذا صح أن أبناء المدارس لم يؤلفوا في هذا الفن فإننا نعد ذلك خسارة فكرية، لأن علم الحساب القديم لم يستفد من تجربتهم الجديدة.
أما الحساب التقليدي فقد ألف فيه عدد قليل من الشيوخ. ومنهم البزاغتي، والدلسي وابن مالك، وإليك هذه النماذج:
1 -
منهاج الوصول إلى ما في الإرث من الأصول، لأحمد الطيب الزواوي، المتوفى 1251، وهو أرجوزة في الفرائض. ولا ندري إن كان قد شرحها أيضا (1).
2 -
شرح على كشف الأستار عن علم الغبار، لأبي القاسم البزاغتي (البوزاغتي) المجاجي، المتوفى بمجاجة سنة 1884. وكشف الأسرار هذا في الحساب ومنسوب إلى القلصادي، وقد اختصره من كشف الجلباب عن علم الحساب. ولم يصف صاحب (تعريف الخلف) شرخ البزاغتي المذكور، ولا فائدته. ونحن نعلم أن البزاغتي كان قد عاش وتعلم في معسكر
= تابعة لوزارة الشؤون الدينية. وقد ذكر الشيخ الصديق أنهم جمعوا حتى الآن قرابة مائة مقالة للحافظي. انظر كذلك رسالة من محمد الشريف بن الشيخ إلى علي أمقران السحنوني (وعندي نسخة منها). 4 نوفمبر 1994. ومما يذكر أن للحافظي ابنا متقاعدا يسمى العربي، وقد سئل عن آثار والده المخطوطة فلم يعرف عنها شيئا. مراسلة أخرى من علي أمقران بتاريخ أبريل 1979. انظر أيضا محمد ناصر (المقالة الصحفية) 2/ 222.
(1)
تعريف الخلف 2/ 522، الأعلام 1/ 138.
وتلمسان، وتولى القضاء على عهد الفرنسيين في الأصنام. ثم تولاه ابنه من بعده، وكان الابن مقربا إلى الفرنسيين. وللبزاغتي تآليف في علوم أخرى ذكرناها في مكانها (1). وقد اعتبره الفرنسيون من أبرز علماء وقته، وعدوه من الأذكياء في الفقه والسياسة. وكان صاحب زاوية أيضا.
3 -
تحفة السرور في أعمال الصحيح مع الكسور، تأليف محمد بن الموهوب بن مالك الزواوي المولود في قرية زكرى (دائرة عكورن) والمتوفى في حدود سنة 1900. وقد انتهى من تأليفه في 17 أكتوبر 1304 (1886) وتوجد منه نسخة في مكتبة الشيخ ابن دريوة في بجاية (ضمن مجموع) (2). وقيل إن لابن مالك مؤلفات أخرى في الرياضيات. وكان المؤلف قد درس في مسقط رأسه ثم في تونس ومصر. ثم رجع إلى بلاده. وكان حيا سنة 1896. ولعله اشتغل بالتدريس في إحدى الزوايا في زواوة ولا نظن أنه كان من الموظفين الرسميين. ويقول في خطبة كتابه: (وبعد، فهذه تحفة السرور
…
بطريق الكسر الإعشاري ينتفع بها المبتدي
…
ويرجع إليها المنتهى، خصوصا في الأعداد الضم، ولا سيما عند إرادة العمل لمن لا يعرف النسبة وحل الأعداد). وقد حث الناس على تعلم الحساب وطريقة الكسور التي طبقها مشافهة، وكأنه يبدي شيئا من التأسف لأنهم لم ينتفعوا بعلمه في الحساب. وقد طلب منهم تعلمه مشافهة لأنه كان يعرف أن الأمية هي السائدة بينهم. ولذلك أخبرنا أنه توقف في تحريرها (كتابتها) لأنه لم يجد لها متنا ولا شرحا. ومع ذلك أقدم على التأليف فيها، وهو يعلم أنه قد لا يكون لبضاعته رواج بين الناس، كما أنه كان غير متأكد من أسلوبه، ولكنه متأكد من معلوماته وطريقته، فكان حريصا على ألا تضيع هذه الخبرة. والمقصود، كما قال، هو فهم العبارة وليس أسلوب التأليف والتفنن فيه.
بدأ محمد بن الموهوب تأليفه ببيان نقط الحروف (الأرقام) الهندية
(1) تعريف الخلف 2/ 29. عنه وعن ابنه (الحاج مصطفى بن البزاغتي) انظر أيضا الان كريتسلو (المحاكم)، ص 115.
(2)
علي أمقران، مراسلة 8 غشت 1980.
والمعروفة بالقلم الهندي، وهي تسع كلمات. ثم أخذ في بيان ترحيلها في منازل العدد. والأرقام الهندية هي الأرقام المستعملة الآن في المشرق، وهي (1، 2، 3، 4 الخ). وبعد ذلك تحدث عن باب الجمع وباب الضرب ومنه ضرب الصفر، وباب القسمة، ومنه قسمة المحاصاة وأجزاؤها، ثم باب الكسور.
وقد ألحق المؤلف بالكتاب تقييدا حول طريقة تقسيم الحصص، وجاء بنماذج من تقسيم التركات أو الفرائض بطريق الكسور ورسم الجداول، مما يذكرنا بأعمال سلفه عبد الرزاق ابن حمادوش. وقد جمع محمد بن الموهوب هذا التقييد إلى (تحفة السرور). وهو (التقييد) لا يتجاوز الخمس عشرة ورقة. وقد افتتحه بقوله:(وبعد، فهذا تقييد سميته شبه عرس (أو عروس) زفت في اختصار النسبة للمحاصاة إذا كثرت أجزاؤها وتباينت، وكذلك مسائل الفرائض، إذا امتدت فروعها وتشعبت، وهو باب يحتاج إليه الطالب، سيما إذا كان المقسوم عقارا أو أراضي ذات انخفاض وارتفاع أو شعاب وأحجار. وتضمن التقييد كذلك ثلاثة جداول لقسمة الحصص وجدولا واحدا. لتقسيم فريضة، متخذا إياه كنموذج (1).
4 -
النيل الغزير: في القسمة على طريق الزنجير (؟)، لنفس المؤلف السابق محمد بن الموهوب. وهو كتاب في الحساب والفرائض، كما يدل عنوانه. ولكننا لا نعرف الآن معلومات أخرى عنه.
5 -
تنوير الألباب في علم الحساب: تأليف إدريس بن محفوظ الدلسي. وكان الدلسي قد هاجر إلى تونس بعد الاحتلال واستوطن مدينة بنزرت. وانتسب للطريقة الرحمانية على يد مقدمها علي بن عيسى صاحب زاوية الكاف. وله شعر في التصوف والمدائح النبوية، ومنه قصيدة في
(1) معلومات بعث بها محمد الحسن عليلي، مايو 1995. وتحفة السرور يقع في حوالي 63 صفحة، وهو مع التقييد في 78 صفحة. وقد نسخه الطاهر بن مقران في 28 شعبان 1313 (1896) والغالب أن ذلك كان في حياة المؤلف.
مؤسس الرحمانية، وقد درس العلم على شيوخ الزيتونة، ومنهم سالم بوحاجب والمكي بن عزوز وعمر بن الشيخ. وفي مقدمة كتابه (تنوير الألباب) ذكر نسبه وأصله فقال إنه: إدريس بن محفوظ بن أحمد الشريف الدلسي.
وأما عن كتابه فقال: إنه وضعه على أسلوب غريب جليل، وتحاشى فيه الا? جمال والتطويل، وادعى أنه فريد من نوعه إذ لم يقلد غيره في تأليفه فهو (لم ينسج على منوال، ولم ويجار في مضمار الكمال، جمعت مسائله العبقرية، وفوائده الرائقة السنية، من رياض من تمم المعرفة والدراية
…
كتاب الدرة البيضاء للأخضري وكتاب علي القلصادي (دون تحديد عنوان)، وكتاب النخبة السنية) وتلك هي مصادر الدلسي. وأضاف إلى ذلك كتاب شيخه محمد بن مالك سابق الذكر، وقد سماه بكل وضوح هكذا: (رسالة العلامة
…
مؤدبنا وشيخنا سيدي محمد (بالفتح) ابن الموهوب بن مالك الشريف الزواوي). كما أضاف إليه (فوائد) من الشيخ المفتي محمد يرم، وأخرى من تحرير (شيخنا سيدي محمد السماتي) الذي قال عنه إنه قد هاجر (إلى طرابلس؟). ونبهنا الدلسي إلى أنه أخذ من غير هؤلاء أيضا، وأنه لن يذكر أماكن النقل في كتابه لأن (الناقل أمين).
أما ترتيب (تنوير الألباب) فهو على مقدمة ومقصدين وخاتمة. واشتملت المقدمة على تعريف علم الحساب وموضوعه وفائدته وحكمه. وفي المقصد الأول تحدث الدلسي عن أعمال الصحيح. وبدا رياضيا رغم أنه متعلق بالتصوف، كما بينا. وخصص المقصد الثاني لأعمال الكسور. وجعل الخاتمة لأعمال المحاصة. وداخل كل مقصد أبواب مثل باب الجمع ثم باب الطرح، الخ.
واعترف الدلسي أنه ليس من (صناديد هذا المجال) وإنما خشي أن يضيع منه ما تعلمه فسجل معلوماته. واعترف أيضا أنه كان في زمن غير موات للتأليف، فالجهل والفتن كانت سائدة. وقد كانت تونس في آخر القرن الماضي وأول هذا القرن تشهد حركة وطنية فعالة، وكان التصادم بينها وبين
السلطة الاستعمارية على أشده. وكان الدلسي من العاملين في هذه الحركة. وذلك ربما هو ما يشير إليه بالفتن. أما الجهل فقد كان سائدا في مختلف الأقطار، ومع ذلك فإن الحركة العلمية والأدبية في تونس ربما كانت أفضل منها في الجزائر (1).
6 -
سند العربي بن حمدان: في الفرائض. وهذا ليس كتابا وإنما هو سند في علم الفرائض لأحد علماء الجزائر المعاصرين للاحتلال. وربما ترك ابن حمدان تأليفا في الفرائض لم يصلنا، لأن حبه لهذا العلم واتقانه له تجعلنا مطمئنين إلى أنه ألف فيه. لكن ما وصلنا منه هو نسخة نسخها بيده من كتاب (المقرب المستوفى في شرح فرائض الحوفي) في شهر شعبان سنة 1253 (1837). وقد حبس ابن حمدان هذا الكتاب على نفسه وعلى من فيه أهلية لدراسة هذا العلم. واحتوى الكتاب على جداول عديدة، وقد اطلعت على بعضها من صفحتين صورها لي الشيخ علي أمقران السحنوني.
والعربي بن حمدان هذا ولد ونشأ في الجزائر، وهو يرجع إلى أصل أندلسي. وتعلم على شيوخ الوقت علم الفرائض وغيره كالحساب والفلك. واحتج بحديث يقول إن الفرائض نصف العلم. وهام بحب هذا العلم، وروى سنده فيه، وهو:
1 -
كشف الجلباب للقلصادي، وقد درسه الحاج علي بن السفار على الشيخ عبد الغفار (2).
(1) المكتبة الوطنية - تونس، رقم 3658، وهو في 80 ورقة. انتهى منه في جمادي الأولى 1315. وعليه تعاليق بخط المؤلف نفسه. وخطه جيد. وفيه الأسماء التي ذكرنا. وكذلك أسماء ابن عاشور ومحمد جعيط ومحمد بن الخوجة ومحمد النجار، وغيرهم من مشائخ الزيتونة. وكذلك أسماء والده هو ومحمد بن مالك والسماتي من الجزائريين. أما كتاب (النخبة السنية) الذي عده من مصادره فمؤلفه من المعاصرين إذ يستعمل فيه العملة الفرنسية.
(2)
معلوماتنا عنه ضئيلة، لكن جاءت بعض أخباره (أي السقار) في كتاب (تاريخ عبد الحميد بك) مخطوط - وكان من المعاصرين لابن العنابي.
2 -
فرائض الشيخ خليل بن إسحاق قرأها على الشيخ محمد بن الشاهد، أحد العلماء الشعراء (تناولنا حياته في غير هذا).
3 -
شرح السيد السجاوندي في فرائض الحنفية، قرأه على الشيخ محمد الجكيكن.
4 -
الدرة البيضاء للأخضري وقرأها على الشيخ الحاج حمودة المقايسي، أحد تلاميذ الأزهر ومرتضى الزبيدي.
5 -
كتاب العصنوني على رجز أبي إسحاق إبراهيم المعروف بابن التلمساني، قرأه على الشيخ الشامي (1)، (ولا نعرف عن الشامي شيئا).
إن هذا السند مهم للغاية، لأنه يكشف عن مصادر علم الفرائض الباقية لدى علماء الجزائر غداة الاحتلال، ولأنه يبرهن على أن الشيخ العربي بن حمدان ربما يكون - وقد حصل على هذه الثقافة الواسعة في علم الفرائض - قد ألف فيه. ومن جهة أخرى فإن عبارة (نسخه بيده) تحتمل أن تكون (كتبه بيده) ومهما كان الأمر فإن الكتاب ضخم بلغ الألف صفحة، واحتوى على 1573 جدولا (2).
7 -
شرح على الدرة البيضاء: وضعه الشيخ شعيب، ولعله هو قاضي تلمسان الشهير في وقته. وقد تناولنا حياته في مكان آخر (3). أما الكتاب فهو منسوخ في يونيو 1336 (1917)(4). والدرة البيضاء من تأليف عبد الرحمن الأخضري. وكانت عمدة في علم الفرائض والحساب عدة قرون ليس في الجزائر وحسب ولكن في الأقطار الإسلامية الأخرى بما في ذلك الهند. ولا
(1) مراسلة من علي أمقران السحنوني، بتاريخ 6 يونيو 1980. وأخرى تاريخ 17 مارس، 1980.
(2)
بقيت حياة الشيخ العربي بن حمدان مجهولة لدينا، ولا نعرف تاريخ وفاته وحياته العلمية الأخرى. وهل هاجر أيضا من الجزائر؟.
(3)
انظر فصل السلك الديني والقضائي.
(4)
مراسلة علي أمقران السحنوني، 16 أبريل 1980، وتوجد نسخة من الشرح المذكور في مكتبة السحنوني.
ندري إن كان شرح الشيخ شعيب قد طبع.
8 -
المسائل العامرية على مختصر الرحبية، لإبراهيم بن محمد الساسي العوامر السوفي. وكان من قضاء الوقت. أما الرحبية فنسبة إلى محمد بن علي الرحبي. وكانت الرحبية أحد المتون الأساسية في المعاهد الإسلامية يحفظها التلاميذ عن ظهر قلب، وتختص بعلم الفرائض أو قسمة التركات. وقد شرحها إبراهيم السوفي وقسم شرحه إلى أبواب، مثل باب أسباب الميراث، وباب الوارثين من الذكور والوارثات من الإناث. وقد رأينا من هذا العمل نسخة مخطوطة وأخرى مطبوعة. وعلى المخطوطة بعض التعاليق يبدو أنها للمؤلف نفسه، ولكنها بقلم مختلف، وفيها أنه انهى منه في سنة 1323 ثم شطبت هذه العبارة (1). ويبدأ الرجز هكذا:
الحمد لله وصلى خالقي
…
على الرسول الهاشمي الصادق
وبعد، فالقصد اختصار ما اشتهر
…
من درر (لابن الموفق) الأبر
9 -
القول الراجح: بالعمل المصيب في الفرائض والكسور والجبر والوصايا بالنصيب. ألفه ابن الموفق الصالح بن عبد القادر القسنطيني. ولا ندري الآن الصلة بين اسم هذا المؤلف وعبارة (ابن الموفق) الواردة في البيت السابق. وقد كان إبراهيم بن عامر وابن الموفق في القضاء مدة طويلة. وكان ابن الموفق متقاعدا عندما صدر كتابه المذكور في القاهرة عام 1355 (1936). وتم طبع الكتاب بالتعاون بين مكتبة النجاح بقسنطينة، ودار الصاوي بالقاهرة. وقد أشرف على طبع الكتاب وتصحيحه شيخان مصريان (محمد مصطفى وعبد الله إسماعيل الصاوي). وواضح من العنوان الطويل أن كتاب ابن الموفق تناول عدة مسائل حسابية أساسها الفرائض والوصايا
(1) المكتبة الوطنية - تونس، رقم 2744 ضمن مجموع. أما المطبوعة فقد طبعت في تونس سنة 1325 (أو فرغ منه في هذا التاريخ؟) وفي غلاف النسخة المطبوعة تقريظ لأحد تلاميذ المؤلف اسمه الهاشمي بن الحاج أحمد بن حميدة السوفي - ثلاثة أبيات.