المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

واتهام المسلمين بالتعصب وممارسة تعدد الزوجات والرق ومعارضة التقدم، ومسألة - تاريخ الجزائر الثقافي - جـ ٧

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع

- ‌الفصل الأولالعلوم الدينية

- ‌تمهيد

- ‌التفسير والدراسات القرآنية

- ‌القراءات ورسم القرآن

- ‌الحديث الشريف

- ‌الأثبات

- ‌الإجازات

- ‌الفقه والأصول

- ‌في القضاء والأحكام

- ‌الردود والاعتراضات

- ‌مسألة تدوين الفقه الإسلامي

- ‌جهود أخرى في الفقه لبعض الجزائريين والمستشرقين

- ‌الفصل الثانيالعلوم الاجتماعية

- ‌المؤلفات الصوفية

- ‌في علم الكلام والمنطق

- ‌دراسات حول الإسلام والإصلاح

- ‌حول المرأة

- ‌موضوعات أخرى مختلفة

- ‌ظهور مالك بن بني

- ‌الفصل الثالثالعلوم التجريبية

- ‌الطب والتقاليد

- ‌ممارسات طبية في الأوراس

- ‌الطب السحري والخرافي

- ‌بعض المؤلفات في الطب والصحة

- ‌بعض التراجم

- ‌مدرسة الطب

- ‌الفلك

- ‌في الحساب والفرائض

- ‌علوم أخرى

- ‌مدرسة العلوم

- ‌الفصل الرابعالتاريخ والتراجم والرحلات

- ‌مفهوم التاريخ وتعريفاته

- ‌سيرة نبوية وتواريخ عامة

- ‌الأنساب والأشراف

- ‌تواريخ محلية (شرق البلاد)

- ‌تواريخ محلية (الغرب)

- ‌تواريخ محلية (الجنوب)

- ‌تاريخ الجزائر عموما

- ‌في التراجم والمناقب

- ‌المذكرات

- ‌الرحلات

- ‌المحتوى

الفصل: واتهام المسلمين بالتعصب وممارسة تعدد الزوجات والرق ومعارضة التقدم، ومسألة

واتهام المسلمين بالتعصب وممارسة تعدد الزوجات والرق ومعارضة التقدم، ومسألة التجنس والاندماج في المجتمع الفرنسي. وإضافة إلى ذلك، هناك مؤلفات قليلة وضعها أصحابها حول مسائل عسكرية وصناعية واقتصادية وإدارية ونحوها.

ومن الواضح أننا لا نتعرض هنا للمؤلفات الفرنسية عن الطرق الصوفية وإنما نكتفي بالمؤلفات الجزائرية. لقد تعرضنا إلى ما كتبه الفرنسيون عن هذا الموضوع في الدراسة النظرية التي وضعناها في الفصل المخصص لذلك. وقد لاحظنا هناك أن من المصادر التي اعتمد عليها أمثال لويس رين في كتابه (مرابطون وإخوان) الرسائل والتقاييد التي كان يبعث بها إليه، وبطلب منه، أعيان المتعلمين وشيوخ الزوايا أنفسهم. وفي معظم الأحيان كانت مهمة رين هي الترجمة والتصنيف والصياغة فقط. أما المادة فمعظمها قد توفر له مما ذكرنا وكذلك اعتمادا على تقارير المكاتب العربية المنتشرة عبر القطر والتي كانت مهمتها تشمل كتابة الملاحظات على نشاط الطرق الصوفية وتواريخها ورجالها وأنسابهم.

‌المؤلفات الصوفية

1 -

القادرية: وهي من أقدم الطرق في الجزائر. وكانت لها مراكز وزوايا وشيوخ في أماكن عديدة قبل الاحتلال. وكان ارتباط هذه الطريقة بحركة المقاومة منذ 1830 قد جعلها تصعد إلى الصدارة في الأحداث. وقد مثلها عندئذ الشيخ محيي الدين بن مصطفى والد الأمير عبد القادر، ثم تولى الأمير نفسه المسؤولية الوطنية والسياسية وأسس الدولة الجديدة وتجاوز نشاطه المسألة الصوفية أو بالأحرى تجاوز الطريقة القادرية. وأصبح رمزا وطنيا. ولكن أخاه الأكبر محمد السعيد هو الذي ورث عن والده بركة الطريقة، وهي العادة الجارية، واستمر على ذلك حتى بعد فشل المقاومة والهجرة إلى الشام. وقد خلف محمد المرتضى والده محمد السعيد في تمثيل

ص: 115

الطريقة في لبنان. ولكن القادرية في الجزائر قد استمرت في فروع جديدة. حقيقة أنه لم يكن لها مركز رئيسي أو شيخ وحيد، لأن ولاء مقدميها كان دائما مربوطا بمركزها في بغداد. ومن الفروع القادرية التي نشطت في العهد الفرنسي فرع واد رهيو، وفرع منعة (الأوراس)، وفرع سوف (عميش)، وفرع كنته، وفرع ورقلة. وكانت زاوية ابن علي الشريف في آقبو قادرية أيضا. وقد كانت القادرية ممثلة في معظم المدن الرئيسية. ولم يظهر دورها السياسي من جديد إلا فيما كان من الشيخ الهاشمي وابنه عبد العزيز في سوف. أما ما عدا ذلك فقد كانت الزوايا القادرية قد دجنت، مثل غيرها، في أغلب الحالات.

ولعل للشيخ محيي الدين بعض التقاييد التي لا نعرفها في الطريقة وأصولها وتعاليمها، أو في التصوف عامة (1). والرجل الذي تساوت سمعته في الحرب والتصوف هو الأمير عبد القادر. ويعنينا هنا مؤلفاته في التصوف. ونحن نعلم أنه قد أضاف إلى القادرية التي تلقاها عن والده في الجزائر، الشاذلية والمولوية والنقشبندية التي تلقاها في المشرق بعد الهجرة. ومن شيوخه محمد الفاسي بمكة أثناء أداء فريضة الحج للمرة الثانية سنة 1863. ونتيجة ذلك كتب قصيدته الصوفية الشهيرة (يا مسعود) (2). ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب (المواقف) الذي يقع في ثلاثة مجلدات، وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجه، وقد اختلى في غار حراء أثناء مجاورته. وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها. وفي آخر سنواته ازداد تعمقا في هذا الباب، وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم

(1) كان الشيخ محيي الدين من أبرز علماء وقته، وقد حج مع ابنه (الأمير) عبد القادر قبل الاحتلال. وكان شيخ علم في زاوية القيطنة. ثم قاد المقاومة ضد احتلال وهران، وأرسل الوفود لسلطان المغرب للدخول تحت طاعته لحمايتهم من الفرنسيين. ولكن دور ابنه عبد القادر في الحرب والتأليف قد غطى عليه. وإلى الآن لا وجد له ترجمة وافية.

(2)

كل ما يتعلق بالشعر الصوفي والتوسلات، انظر عنه فصل الشعر.

ص: 116

لابن العربي، الذي يعده شيخه الأكبر. ويبدو أنه قد تأثر به كثيرا في (المواقف) إذ بناها على نظريات شيخه، حسب العارفين بهذا الفن (1). وكان الأمير قد أرسل إلى قونية عالمين ثقتين لتصحيح الفتوحات المكية على النسخة الموجودة بخط مؤلفها ابن عربي. ويقول عمار الطالبي:(لا تخفى تبعيته (أي الأمير) لمحيي الدين بن عربي، وأنه من الذين أدركوا وفهموا الفهم الصحيح كتابه (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية). وهو يذكره كثيرا، ويشير إلى نصوص من مؤلفاته، ولكن ينفي هذا أن له أذواقا خاصة وفهوما ذاتية في هذا المجال) (2).

وكتاب (المواقف) يضم 372 موقفا، وقد طبع مرتين أولاها كانت في عهد ابنه محمد، أي سنة 1911 (3). وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية - خيالة عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض. وكل موقف من مواقفه تقريبا يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي، ثم يأخذ في شرح الآية شرحا صوفيا يغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود. وطالما عرض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية. وهو يستشهد لتفسيره آية الموقف الذي اختاره بآيات وأحاديث تزيد الصورة الصوفية التي يرسمها لمعانا وعمقا. وقد أورد عددا من المرايا التي حدثت له، وجاء بأخبار و (مواقف) حدثت له، يقظة أو مناما منذ كان بالجزائر، ولا سيما منذ حج ثانية. يقول الأمير في المقدمة: (هذه نفثات روحية، وإلقاءات سبوحية، بعلوم وهبية، وأسرار غيبية، من وراء طور العقول، وظواهر النقول، خارجة عن أنواع الاكتساب، والنظر في كتاب، قيدتها لإخواننا

(1) حدثني بذلك الأستاذ عمار الطالبي، وهو من المتخصصين في الفلسفة الإسلامية.

(2)

عمار الطالبي من رسالة خاصة بتاريخ 8 رمضان 1415/ 7 فبراير، 1995. وقد بعث بها إلي: من الدوحة عاصمة قطر.

(3)

اعتمدنا على ط. 2، دار اليقظة العربية، دمشق، 1966. بعناية حفيده الأمير محمد سعيد بن الأمير علي بن الأمير عبد القادر.

ص: 117

الذين يؤمنون بآياتنا، إذا لم يصلوا إلى اقتطاف أثمارها، تركوها في زوايا أماكنها، إلى أن يبلغوا أشدهم، ويستخرجوا كنزهم، وما قيدتها لمن يقول هذا إفك قديم وأساطير الأولين) (1). ومن الواضح أن كتب المواقف (لإخوانه) الصوفية أو الذين لهم استعدادات صوفية، مؤمنين بمبادئ أهل الباطن ذوي اللقاءات السبوحية والعلوم الوهبية والأسرار الغيبية. أما من يكذب بذلك ويعتبره من الأساطير فالمؤلف غير مهتم بهم، بل يعتبرهم من الجاهلين الذين يكتفي بقوله لهم سلاما، كما ورد في الآية.

آمن الأمير بوحدة الوجود تبعا لشيخه ابن عربي. وهو يتمنى أن يكون إيمانه كإيمان العجائز. ونفهم من المعلومات التي تضمنها كتاب المواقف أن فكر الأمير قد طور كثيرا عما كان عليه. فمن الاهتمام بالسياسة والشؤون العسكرية والفقه والحديث والتفسير إلى الاهتمام بعلوم القوم. فمتى حدث هذا التحول ولماذا؟ أما زمنه فهو وسط الستينات وبالضبط عند حجته الثانية ومجاورته بالحرمين وأخذه الطريقة النقشبندية على شيخه محمد الفاسي. ونحن نعلم أنه كان قد تربى على والده في القيطنة وتخرج من تراث الأسرة والطريقة القادرية، ومن تراث الحضارة الإسلامية المتمثل في المخطوطات الفلسفية والصوفية والأدبية والتاريخية المخزونة في مكتبة والده. وقد شغلته المقاومة الوطنية سبعة عشر عاما، ثم سنوات السجن بفرنسا حوالي خمس سنوات، وسنوات بروسة حوالي ثلاث سنوات. ثم حدثت أزمة الشام سنة 1860، فبرز فيها الأمير كمدافع عن الحق وحقوق الإنسان والتسامح. ولفت إليه الأنظار من جديد، فبعد أن كان معروفا، ببطولاته العسكرية واستماتته في الدفاع عن وطنه ودينه ضد دولة أجنبية معتدية، أصبح منذ 1860 معروفا بموقفه الإنساني في حماية من ليسوا على دينه ولا في وطنه الصغير. وحظي من أجل ذلك بالأوسمة والهدايا ورسائل الشكر من عظماء الدول ورموزها.

(1)(المواقف) المجلد الأول، ص 9.

ص: 118

وتردد اسمه ليكون ملكا على العرب وحتى بلاد اليونان وغيرها. وظهر المحبذون له والمتحفظون منه. وبدأت الضغوطات من مختلف الدول المستفيدة والخائفة. فإذا بالأمير يتوجه إلى الحج تاركا كل الإشاعات والمناورات وراءه. وقضى في الحرم الآمن حوالي سنتين بعيدا عن الأنظار السياسية والضغوطات الدبلوماسية.

فهل كان الإغراق في التصوف ابتداء من هذه الرحلة مقصودا من الأمير لكي يبتعد عن المسرح السياسي؟ وهل كان موقفه من التصوف عندئذ جوابا لطالبي يده في تولي المناصب وتبني وجهات النظر الضاغطة عليه؟ حقيقة أن الأمير كان يطمح إلى أداء هذه الزيارة، بل الإقامة، في الحجاز منذ ترجل عن صهوة جواده في ديسمبر 1847 واضعا بذلك النهاية لسنوات طويلة من المقاومة، ولكن السلطات الفرنسية حملته إلى سجونها بدل الشرق. فكان لسان حال الأمير سنة 1864 قول الشاعر محمد العيد الذي حدث له في التصوف ما حدث للأمير تقريبا:

وجنحت للحرم الذي فارقته

زمنا جنوح الطير للأوكار

إننا نرجح أن (عودة) الأمير إلى التصوف بتلك الصفة التي تدعو للدهشة كانت هروبا من محاولات استعماله في أدوار لم ير الفرصة سانحة للقيام بها، وقد كانت له همة قعساء ومروءة شماء أيضا. فرأى أن خير ما يبتعد به هو اللجوء إلى الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن عربي، وغيرهما من كتب الحقيقة الصوفية. ورغم أنه ظل يعيش مشاكل الظاهر بالنسبة لأسرته وضيوفه ومن يلوذ به، فإنه انسحب إلى الباطن أو ما يسميه بالسبوحات الوهبية والغيبيات بالنسبة لحياته الخاصة. وقد أصبح كثير الغيبة عن الوجود الحسي. وكثيرا ما وجدناه في (المواقف) يردد عبارة معينة، وهي أنه كان في حالة مشاهدة فصعق فكلمه الله وقال له: إنني أنا الله لا إله إلا أنا. وكان يحصل له، كما أخبر، بعد الرجوع إلى الحس، فرح وبشارة.

ص: 119

وجاء في (الموقف) الأول قوله: (إن الله قد عودني أنه مهما أراد أن يأمرني أو ينهاني أو يبشرني أو يحذرني أو يعلمني علما

إلا ويأخذني مني مع بقاء الرسم، ثم يلقي إلي ما أراد بإشارة آية كريمة من القرآن، ثم يردني إلي فأرجع بالآية قرير العين ملآن اليدين، ثم يلهمني ما أراد بالآية). ثم يقول: (وأتلقى الآية من غير حرف ولا صوت ولا جهة، وقد تلقيت، والمنة لله تعالى، نحو النصف من القرآن بهذه الطريقة. وأرجو من كرم الله تعالى أن لا أموت، حتى أستظهر القرآن كله، فأنا بفضل الله محفوظ الوارد في المصادر والموارد، ليس للشيطان علي سلطان

) (1). وهذا يعني أنه كان يتلقى القرآن وحيا وإلهاما أثناء غياب روحه وبقاء رسمه في لحظات معينة. ولا ندري إن كان قد حقق الله رجاءه فحفظ القرآن كله بطريق الوحي والإلهام، كما تمنى. والآن التي بدأ بها (الموقف) الأول هي قوله تعالى:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .

أعلن الأمير أنه يرحم من خالف قوله، وقرر ألا يجادل هذا الصنف من الناس (من علماء الرسم، القانعين من العلم بالاسم)، وغيرهم. وهو يعذرهم لأنه جاءهم بأمر مخالف لما تلقوه من مشائخهم المتقدمين، وما سمعوه من آبائهم الأولين، فالأمر عظيم والخطب جسيم، والعقل عقال، والتقليد وبال، فلا عاصم إلا من رحم ربي) (2). وهو يعترف أن طريقة فهم التوحيد التي آمن بها مختلفة عما اعتاده الناس الذين يتلقون العلم من المتكلمين والحكماء المعلمين، ولكنها طريقة أخرى مختلفة وهي (طريقة توحيد الكتب المنزلة، وسنة الرسل المرسلة، وهي التي كانت عليها بواطن الخلفاء الراشدين، والصحابة والتابعين والسادات العارفين). وعلى إثر ذلك جاء بالمقامة الصوفية التي أشرنا إليها والتي استوحاها من مسامرة لأهل الظرف ومن نادى العارفين فدار بينهم حديث ذو شجون، إلى أن تكلم عريف الجماعة فحدثهم بحديث هو أغرب من حديث عنقاء مغرب، وقد أسميناها

(1)(المواقف) 1/ 26، 161، 162.

(2)

(المواقف) 1/ 10.

ص: 120

نحن (المعشوقة)(1) استلهاما مما جاء فيها.

من ألوان تخريجات الأمير فهمه لما روى عن الإمام الغزالي (ليس في الإمكان أبدع مما كان). وقد دار نقاش بين المتأخرين حول المقصود من هذه المقولة. وخاض فيها حمدان خوجة في كتابه (حكمة العارف). ولكن الأمير تناولها من وجهة نظر صوفية فقال إن فيها إشارة إلى معنى الآية: {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} . فالآية تشير، حسب رأي الأمير، إلى (سر القدر المتحكم في المخلوقات الذي هو العلة. فقد أخبر الله (أنه أعطى كل شيء من العالم المخلوق في مرتبة وجوده الخارجي خلقه، أي استعداده الكلي الذاتي الغير مجهول ولا مخلوق الذي هو عليه في مرتبة ثبوته وعدمه. فإن كل ممكن له استعداد خاص، لا يشبه استعداد ممكن استعداد ممكن آخر. وبالاستعداد كانت الحجة البالغة لله - تعالى - على من أشقاه وابتلاه وأفقره ونحو هذا. فإن استعداده طالب لذلك. ولو أعطاه غيره على سبيل الفرض لرده، وما قبله لاستعداده ضده)(2).

ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ. منها نسخة الأمير بخط يده. وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية، ثم نسخة عبد الرزاق البيطار (وهو صديق الأمير وتلميذه) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه. ولكن عبارة (منقحة) التي وردت في طبعة دمشق، محيرة، لأن التنقيح لا يصح إلا على يد المؤلف نفسه. أما تصحيح الأخطاء ومقابلة النسخ والنصوص فهو ما يقوم عليه التحقيق للآثار القديمة. وقد استفدنا أيضا من المواقف أنها احتوت على مجموعة شعرية للأمير قد لا تكون مضمومة إلى الديوان، والغريب أن بعض شعره قد وقع فيه التصحيف لدرجة مهولة. وسنذكر ذلك في مكانه (3). كما أن نثر الأمير في المواقف يختلف عن نثره في مؤلفاته الأخرى، كذكرى العاقل، ورسائله.

(1) نفس المصدر، ص 10 - 11 انظرها في فصل الأدب.

(2)

(المواقف) 3/ 1361.

(3)

انظر فصل الشعر.

ص: 121

أ - والذين ترجموا لمحمد السعيد، أخو الأمير، ذكروا له أيضا بعض المؤلفات، منها شرحه الذي وضعه على رسالة في علم الوضع، وقد طبعت (انظر بعد). وقيل إن له رسائل كثيرة، لعل منها ما كان في الطريقة القادرية. فقد كان له مريدون في المشرق والمغرب، ولا بد أنه كان بمنح الإجازات ويلقن الأوراد. وكان له أولاد متزوجون من بنات أخيه الأمير، ومنهم محمد المرتضى الذي خلفه في الطريقة. ولكننا لا نعرف أن محمد المرتضى قد ترك بعض التأليف في التصوف أيضا. وكان محمد السعيد من علماء الوقت، وقد لازم أخاه الأمير إلى آخر لحظة في كفاحه. كما أن محمد المرتضى تتلمذ على أبيه وعمه معا. وكان يقرض الشعر في شبابه.

ب - أما الأخ الآخر للأمير، وهو أحمد بن محيي الدين، فقد ترك مؤلفين على الأقل في التصوف. وقد طبع أحدهما ولده بدر الدين. والتأليف الأول في بيان أن العلم نقطة وعنوانه الكامل (نثر الدر وبسطه في بيان كون العلم نقطة)(1). وقيل إن هذا العنوان مبني على مقولة الإمام علي أن العلم نقطة كرها الجهلاء. أما التأليف الثاني فهو رسالة بعنوان (الجنى المستطاب)، وهي شرح لأبيات أولها: فأنت في مستنقع الماء رجله. ولأحمد هذا تأليف آخر في التاريخ تناول فيه المقاومة التي قادها أخوه عبد القادر وتاريخ حياته ومن ثمة تاريخ الجزائر إلى حوالي 1847 (2).

ج - وليس لدينا الآن مؤلفات أخرى من المنتسبين إلى الطريقة القادرية. فشيوخ عميش ومنعة ووادي رهيو وغيرها غير معروفين بمؤلفاتهم. وقد اشتهر أحمد البكاي بنواحي كنته بالعلم. فهل ترك مؤلفات لم تصل إلينا (3)؟ كما اشتهر ابن علي الشريف دون أن نعرف له تأليفا في التصوف،

(1) ط. بيروت 1924 (1324).

(2)

انظر عن ذلك فصل التاريخ. وكانت السلطات الفرنسية قد نفت أحمد إلى عنابة حيث بقي خمس سنوات، قبل أن تسمح له بالهجرة إلى الشام والانضمام إلى أخيه. انظر تعريف الخلف 2/ 92، والأعلام 1/ 229، 240.

(3)

انظر عنه كتابات إسماعيل حامد، ورسالة عبد القادر زبادية. ونشير إلى التأليف الذي =

ص: 122

ويبدو أنه كان مهتما بالسياسة.

2 -

وكان المصدر الأساسي للطريقة التجانية هو كتاب (الكناش) الذي ينسب إلى الشيخ أحمد التجاني نفسه. وربما أضيفت كتابات وملاحظات أخرى إلى هذا الكتاب الذي لم يطبع حتى الآن، حسب علمنا، وإنما عرف به أحد العلماء الفرنسيين ولخصه. وقد كان للتجانية فرعان رئيسيان في الجزائر، عين ماضي وتماسين، وكانتا تتبادلان النفوذ طيلة القرن الماضي وأوائل هذا القرن. وفي بعض الوقت لعبت قمار دور الفرع الثالث، سيما في عهد الشيخ محمد العروسي (ت. 1925). ومن أبرز شيوخ الطريقة، خلال الاحتلال الحاج علي بتماسين وابنه محمد العيد وحفيده العروسي المذكور. ولكننا لا نعرف أن الاثنين الأولين قد تركا تآليف، فشهرتهما قامت على احتضانهما للطريقة ونفوذهما الشخصي أكثر من العلم والتأليف، أما محمد العروسي فقد ترك بعض المؤلفات، منها (المخدرة) التي لم نطلع عليها ولكن هناك من أخذ منها، مثل إبراهيم بن عامر - العوامر -. ويبدو أن (المخدرة) كتاب جامع أيضا، وهو غير مطبوع أيضا، حسب علمنا. وهو كتاب يشبه التقييد فيه أخبار وحوادث وليس كتابا في التصوف فقط على أغلب الظن.

أما عين ماضي فمن أشهر شيوخها محمد الصغير (ت. 1853) الذي سمي أيضا محمد الحبيب، فيما بعد. وهو، فيمازعموا، والد أحمد التجاني زوج الفرنسية أوريلي بيكار، والبشير الذي تزوج أيضا، هذه الأرملة بعد وفاة أخيه المذكور. ورغم شهرتهم جميعا في وقتهم واعتقاد أنصارهم فيهم، فإنهم لم يتركوا تآليف تذكر، حسب علمنا. وكان أحمد والبشير قليلي التعلم، حسب المصادر الفرنسية، وعاشا حياة مضطربة (1).

ولكن الأتباع تناولوا الطريقة التجانية ببعض التأليف، ومنهم:

= ترجمه أرنست ميرسيه والذي يرجع إلى سنة 1853. وهو في حياة عبد القادر الجيلاني، ومجهول المؤلف. ورغم ميول ميرسيه المعادية فإن ترجمته مفيدة. انظر مجلة (روكاي) 1869، ص 409 - 451.

(1)

انظر فصل الطرق الصوفية.

ص: 123

أ - أحمد بن عاشور السمغوني (من بوسمغون؟) وقد قيل انه من أتباع وأصحاب أحمد التجاني (بن محمد الصغير). والتأليف لا نعرف عنوانه بالضبط، ولكنه في حياة الطريقة التجانية والأحوال العامة، أي أنه كتاب جامع في شكل كاش. وروى عبد الباقي مفتاح أن فيه أخبارا عن العلاقة بين الأمير عبد القادر ومحمد الصغير التجاني والمعونة التي قدمها هذا لصالح الجهاد والمقاومة (1). ويبدو أنه عمل صوفي وربما تاريخي هام أيضا.

ب - ولمحمد بن المشري كتاب في شكل كناش أيضا، تناول فيه حياة الشيخ أحمد التجاني، مؤسس الطريقة وتطورها بعده. ويبدو من الخبر المحدود الذي عندنا أنه كتاب جامع إذ عنوانه هو (الجامع لما افترق من درر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم). والقطب المكتوم هو الشيخ التجاني نفسه. والعبارة توحي بشيء من المهدوية (2) والإمامة المنتظرة. أما المؤلف (ابن المشرى) فلا ندري من هو ولعله من عائلة الريان الذي رعى الزاوية وتولى للفرنسيين إدارة عين ماضي.

ج - وفي سنة 1923 نشر الصحفي الشهير عمر بن قدور كتابا في الإشادة بالطريقة التجانية عنوانه (سائق السعادة والدليل إلى أقوم سبيل). والمعروف أن ابن قدور قد نفي خلال الحرب العالمية الأولى إلى عين ماضي والأغواط، وعانى من السلطات الفرنسية الأمرين لمواقفه الصريحة المعادية للتجنيد الإجباري، ولتدخل الغرب، ومنه فرنسا، في شؤون العالم الإسلامي، وعارض النشاط الصهيوني في فلسطين والحرب الإيطالية ضد ليبيا. وكل هذه المواقف جلبت عليه نقمة تلك السلطات فنفته شر نفي. ولم تكن مواقفه الصوفية معروفة قبل نفيه، فقد كان من دعاة الإصلاح والتجديد

(1) عبد الباقي مفتاح (أضواء). ومخطوط السمغوني في زاوية عين ماضي، ويقع في 146 ورقة.

(2)

أشار إليه الهواري التواتي في بحثه عن أشراف غريس. وقال ان الطالب الحسني قد قدمه إليه. انظر بحثه في (أرابيكا) عدد 39، 1992، ص 17.

ص: 124

والنهضة الوطنية والإسلامية. فهل اكتشف قيمة الطريقة التجانية خلال نفيه فاحتمى بها، وقد كانت ذات نفوذ ودالة على السلطات الفرنسية؟ أو كان على صلة بها قبل نفيه؟ إننا لا ندري ذلك. أما كتابه المذكور فقد كان يعبر عن تحول كبير في حياته وفكره (1). ولم نطلع على الكتاب.

3 -

وقد ألفت كتب كثيرة عن الطريقة السنوسية، من رجالها ومؤسسيها وكذلك من غيرهم. والمعروف أن محمد بن علي السنوسي الخطابي هو نفسه من مواليد الجزائر ومن أهلها. وقد ترك مؤلفات عديدة، بعضها مطبوع، في أصول الطريقة التي أنشأها في مكة نم جغبوب بليبيا. وقد ذكرنا ذلك في عدة مناسبات، منها أثناء الحديث عن الدور السياسي والديني للطريقة وأيضا أثناء ذكر الأسانيد والأثبات. ولا نريد الآن الرجوع إلى ذلك. وقد تعرض عبد الحي الكتاني وغيره إلى مجموعة من تلك المؤلفات. كما أن الفرنسيين رجعوا إليها وترجموا بعضها. وكان مدار السنوسية على الكتاب والسنة، كما ذكرنا.

وكان للسنوسية فرع واحد معروف في الجزائر، وهو بناحية مستغانم، والذي كانت تشرف عليه عائلة تكوك. وقد ذكرنا ذلك الفرع وما عانى أصحابه من اضطهاد ونفي وسجن على يد السلطات الفرنسية. أما المؤلفات فقد كان هذا الفرع معتمدا على ما كتبه الشيخ السنوسي نفسه وما يصلهم من إجازات ونحوها من الزاوية الأم. ولا نعرف كتابا قد ألفه واحد من عائلة تكوك في هذا الموضوع.

وقد تحدث الكتاني عن كتاب (الأنوار القدسية في مقدمة الطريقة السنوسية) الذي ألفه أحمد الشريف حفيد محمد بن علي السنوسي. وكان

(1) نشر الكتاب في الجزار، 1923، وهو رسالة في 16 صفحة (؟). انظر أيضا المكتبة الوطنية - باريس، رقم 82353 K 8. ومن آخر ما ألف حول التجانية كتاب (أضواء) لعبد الباقي مفتاح، وهو من أهل العلم والتصوف بقمار. وقد جمع فيه مصادر الطريقة وحياة الشيخ التجاني ورجال الطريقة من بعده.

ص: 125

المؤلف رحالة وعارفا بأحوال الشرق الإسلامي، عاش في مكة أيضا واسطانبول وغيرهما. ومن المفهوم أن الكتاب يتناول أصول الطريقة ورجالها وأسانيدها، ولا سيما في كتب الحديث والتصوف. ويبدو أن الكتاني لم يتعرف على المؤلف وإنما عرفه من خلال ابن عمه الشيخ أحمد بن تكوك (1).

وألف محمد بن عيسى السعيدي القاسمي كتابا في الطريقة السنوسية أيضا سماه (المواهب الجليلة في التعريف بإمام الطريقة السنوسية)، وقد ذكرناه في المناقب (2).

ومهما كان الأمر فإن هذه الطرية لم تحظ بتأليف كثيرة في الجزائر. ولعل ذلك يرجع إلى أنها كانت معادية للاحتلال والتوسع الفرنسي، فلم يخصها كتاب الطرق الصوفية بتأليف خشية المتابعة. ومن جهة أخرى نعلم أن الفرنسيين قد سلطوا بعض الطرق على بعضها لتحييد واحتواء المعارضة لهم. وتذكر مؤلفات الفرنسيين أنهم أوعزوا إلى الطريقتين الطيبية والتجانية بذلك الدور، ولا سيما في الجنوب، وتفيد أخبار الفرنسيين أن زعماء السنوسية قد وصلوا إلى نفطة من تونس، ودعموا ثورات الجنوب، وبالأخص ثورة محمد بن عبد الله في ورقلة في الخمسينات وثورة محيي الدين بن الأمير عبد القادر في ناحية تبسة وسوف في مدار السبعينات. وقد كانوا على علاقة وطيدة مع الزوايا الرحمانية في الجنوب ولا سيما زاوية نفطة (تونس) التي كان يشرف عليها المهاجرون، وذلك قبل احتلال تونس. فهل هناك مؤلفات لم نطلع عليها؟ ربما.

4 -

حظيت الرحمانية بأكبر نصيب من التأليف. ويرجع ذلك في نظرنا إلى استمرار الصلة بين هذه الطريقة والتعليم. ذلك أن معظم الزوايا

(1) كان ذلك سنة 1338 بفاس، وطبع (الأنوار القدسية) في اسطانبول، دون تاريخ، وهو في 117 صفحة. انظر الكتاني (الفهرس) 1/ 207.

(2)

انظر فصل التاريخ.

ص: 126

الرحمانية، سواء في الشمال أو في الجنوب، كانت مراكز لنشر التعليم العربي والدين الإسلامي، وكانت غالبا مراكز أيضا للثورات. ولكن الطريقة الرحمانية تلقت ضربات موجعة منذ احتلال زواوة، ثم منذ ثورة 1871 واحتلال تونس الذي أضعف دور زاوية نفطة (العزوزية). وسنتتع الآن عناوين المؤلفات التي تركها الزعماء الرحمانيون أو أتباعهم.

1 -

حزب الفلاح ومصباح الأرواح، تأليف عبد الحفيظ الخنقي الونجلي. وهذا العمل عبارة عن رسالة في الطريقة الخلوتية التي أخذها بدوره عن محمد بن عزوز عن عبد الرحمن باش تارزي عن محمد بن عبد الرحمن الأزهري عن الحفناوي الخلوتي. أول الرسالة هو: باسم الله العظيم الأعظم الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم

اللهم نور قلوبنا

الخ (1).

وعبد الحفيظ المذكور كان صوفيا. ومناضلا سياسيا أيضا. وقد عاصر ثورة الزعاطشة واحتلال بسكرة. وجاهد بسيفه، وكان، رغم علمه وكبر سنه، من المحاربين الأشداء. وقد قيل انه قتل الضابط سان جيرمان قبل أن يستشهد هو، أثناء معركة وادي براز قرب بلدة سيدي عقبة سنة 1849، لكن المراجع المتأخرة تذكر أنه نجا من الموت، وأنه هاجر إلى نفطة على إثر ثورة الزعاطشة، وتوفي بنفطة سنة 1850. وهو رأي لا نرجحه.

وترك عبد الحفيظ مجموعة أخرى من الرسائل (الكتيبات) في التصوف وما يتصل به، وهي حوالي سبعة نذكرها بعناوينها فقط:

أ - التعريف بالإنسان الكامل.

ب - الحكم الحفيظية، وهي الرسالة التي شرحها المكي بن الصديق الذي كان مدرسا ومفتيا بجامع سيدي المبارك (2). وقد ألفها

(1) ضمن كناش رقم 2076 المكتبة الوطنية - تونس، بضعة أوراق.

(2)

ع. بن سعيد، جريدة الشعب 8 مايو، 1989. وجامع سيدي المبارك في بلدة الخنقة.

ص: 127

الشيخ عبد الحفيظ سنة 1257.

ج - الجواهر المكنونة في العلوم المصونة.

د - غنية المريد، ولعل هذه الرسالة هي التي توجد منها ورقات في تونس تبدأ هكذا:(وهي هنا بدون عنوان): قال شيخ التربية وإمام الأولياء وطريق الأصفياء، الواصل الموصل، والكامل المكمل، سيدي عبد الحفيظ بن محمد: يا أخي إن أردت أن تنظر روحك في براز؟ في الأرواح، فكن روحا بلا روح، ولا تكن روحا حتى تشاهد روحك بين الأرواح. وهي تنتهي بأبيات في التصوف مكتوبة بالعامية. ألفها سنة 1256 (1).

هـ - سر التفكر في أهل التذكر.

و- غاية البداية في حكم النهاية (2).

وللشيخ عبد الحفيظ أبناء وأحفاد استقروا في زاوية خيران (قرب خنشلة) وتامغزة وتونس. وقد تأقلموا مع الأوضاع السياسية والدينية التي سادت الجزائر وتونس، وكانوا على علاقة بزاوية نفطة العزوزية.

2 -

رسالة الكامل بن المكي بن عزوز. نقل منها صاحب تعريف الخلف في ترجمة محمد بن عزوز، وعائلة ابن عزوز توزعت بين الجزائر وتونس والمشرق. ومن أشهر رجالها المكي بن عزوز. ورغم شهرة مصطفى والمدني في التدريس فإنهما لم يتركا مؤلفا في التصوف على ما نعلم، وأبرز من ألف منهم في العلوم المختلفة هو المكي بن عزوز. وقد ترك ابنه الكامل بعض الآثار، كما ذكرنا (3).

3 -

فاكهة الحلقوم في نبذة قليلة من أحوال القوم، ألفه علي بن عمر الطولقي. وعند بعض المترجمين أن الكتاب من عمل الحسين بن علي بن

(1) المكتبة الوطنية - تونس، مخطوط رقم 20221.

(2)

معجم أعلام الجزائر، ص 80، وتعريف الخلف.

(3)

تعريف الخلف 2/ 485.

ص: 128

عمر الطولقي (1). وهناك فرق بين الرجلين. وتذهب بعض المصادر إلى أن الحسين ألف (رسالة لطيفة في الطريقة ضمنها فوائد نفيسة). ثم اختار سكنى تونس (ربما بعد الاحتلال الفرنسي لها). وتوفي بها سنة 1309. وقد رثاه المكي بن عزوز بأبيات بدأها بقوله:

ما ثم موعظة لكل مشاهد

مثل المنية، وهي أرصد راصد

ويفهم من الذين ترجموا له أيضا. أن له رسالة أخرى لا ندري موضوعها، ولعلها في التصوف، وعنوانها (دقائق النكت). وقد تكون في شكل كناش أو مذكرات. وسواء كانت (فاكهة الحلقوم) له أو لغيره فهي من مصادر الطريقة الرحمانية (2).

4 -

النبذة المنيفة في منهج الحقيقة، تأليف علي بن عثمان بن علي بن عمر الطولقي المتوفى سنة 1898 (1316). وقد عاصر المؤلف فترة حرجة من تاريخ البلاد، اشتد فيها طغيان الاحتلال مما ألجأ عددا من شيوخ الرحمانية إلى الثورة أو إلى الحياد والاعتكاف على التعليم وممارسة الزهد. ويبدو أن علي بن عثمان قد اختار الطريق الثاني في الوقت الذي اختار فيه الشيخ الحداد الطريق الأول (3).

5 -

حكمة المغانم في البلوى في جميع الغنائم، تأليف إبراهيم بن الصادق بن الحاج، صاحب ثورة 1859 بالأوراس. وقد كان محمد الصادق بن الحاج من تلاميذ محمد بن عزوز أيضا، اعتقله الفرنسيون على

(1) تنسب أيضا في بعض المصادر إلى علي بن عثمان الذي ولى زاوية طولقة سنة 1842 وطالت مدته فيها، وتوفي سنة 1898.

(2)

مجلة الزهراء 4، ص 478. وإيضاح المكون 2/ 153، ومعجم أعلام الجزائر، ص 69. وكناش الطواحني، المكتبة الوطنية - تونس، رقم 18763، ملخصا من (الرائد التونسي). والخزانة العامة - الرباط، ج 1، ص 516. انظر أيضا محمد محفوظ تراجم المؤلفين التونسيين 3/ 286. وفيه أن الحسين بن علي الطولقي كان نزيل تونس وأنه عاش بين 1830 - 1891.

(3)

معجم أعلام الجزائر، ص 117.

ص: 129

الكبر وأودعوه سجن الحراش إلى أن مات فيه. كما سجنوا معه أولاده وأبرز أنصاره، ومنهم إبراهيم، المؤلف المذكور. ورغم أن الكتاب تناول أيضا الجوانب الفقهية والفرائض فإننا نتصور أن الجانب الصوفي قد تغلب عليه، فقد ترجم فيه لنفسه، وتعرض لحياة والده وكراماته وعلامات الصلاح عنده. وروى عن عدة أعلام في هذا المجال.

وبناء على دراسة أحد المختصين بالمنطقة، فإن كتاب (حكمة المغانم) يقع في 159 ورقة. فهو إذن كتاب ضخم، ولكنا إلى الآن لا نعرف قيمته، لأن الدراسات حتى الآن منصبة على النشاط السياسي والديني للرحمانيين في الأوراس وليس على نشاطهم الفكرى (1).

6 -

كتاب المبشرات: ومؤلفه مجهول، ولكنه من أهل الأوراس، وقد يكون من تأليف أحد شيوخ زاوية الصادق بن الحاج. وقد ذكر بعض الدارسين أن هذا الكتاب، هو رسالة صغيرة كما فهمنا، يحتوي على وصايا لأنصار الطريقة حول أفضل الفصول لزيارة الزاوية (الربيع والخريف) وفيه الحث على الزيارة وفوائدها، لأن فيها لقاء مع الشيخ. كما أن في الكتاب بيانا لكيفية الدخول في طاعة الشيخ، أي نوع من المبايعة، وكيفية التلقين وتلقي الأوراد الصوفية (2).

7 -

المنح الربانية في بيان المنظومة الرحمانية: تأليف مصطفى باش تارزي. والمنظومة أصلا لوالده عبد الرحمن أحد تلاميذ الشيخ الأزهري في الطريقة الخلوتية (الرحمانية). وقد توفي مصطفى المذكور سنة 1870 (1287 هـ) حسبما جاء في تعريف الخلف. واشتهرت المنظومة وشرحها بين طلبة العلم والتصوف. ويبدو أنها نالت رضى بعض العلماء خلال هذا القرن، مثل عبد الحميد بن باديس، الذي قدم لطبعتها في المطبعة الإسلامية الجزائرية.

بدأ مصطفى شرح المنظومة بقوله: (نحمد من وهب من نوره

(1) عبد القادر زبادية، دراسة عن زاوية تيبير ماسين، صفحات مرقونة.

(2)

انظر ملاحق أطروحة عبد الحميد زوزو حول الأوراس، ص 7 - 10.

ص: 130

القدسي، وأبرز من إشراق الضياء الحسي

وبعد فلما لم ينفعني التعلل بلعل وعسى، عن اقتراح بعض الإخوان في كل صباح ومساء، أن أكتب فوائد لايقة، بطالعة المنظومة الرحمانية التي وضعها الشيخ الوالد

في الآداب الشرعية المتعلقة بالطريقة الخلوتية، تحفظها من الضياع وتخرجها إلى حيز الانتفاع)، واعتذر الشارح على أنه ليس من أهل التأليف. وكونه قد تقادم العهد بينه وبين زمن تعاطي العلم عن والده. وأن إقدامه على الشرح إنما كان استجابة لدعوة بعض الراغبين في تقييد وبيان ما في المنظومة من الفوائد.

ومن فوائد هذا الشرح أنه ذكر تاريخ السند الذي أخذ به والده عن الشيخ الأزهري عن الشيوخ الآخرين، إلى أن وصل إلى مصطفى البكري الشامي الحنفي الخلوتي. فالأزهري أخذ إذن عن محمد بن سالم الحفناوي عن مصطفى البكري الشامي (1).

ومن الملاحظ أن عائلة باش تارزي بقسنطينة قد جمعت بين التصوف والسياسة أيضا خلال الاحتلال. فبالإضافة إلى شغلها في ميدان الطريقة تولى بعض أفرادها الوظائف الإدارية والسياسية. وفي التقويم الجزائري 1912، أخبار عن متأخري رجالها (2). ونجد بعض اسمائهم في قائمة العرائض التي تقدم بها الأعيان إلى السلطات الفرنسية حول المظالم في آخر القرن الماضي. وهذا الاندماج في الحياة المدنية قد أضعف دور العائلة ربما في الحياة الروحية في الأطراف، إذ أن الزويا الفرعية التي أخذ مؤسسوها عن الشيخ عبد الرحمن باش تارزي قد استقلت بتشجيع من السلطات الفرنسية وباندماج العائلة التارزية نفسها في حياة المدينة، كما ذكرنا.

8 -

تأليف في أطوار الطريقة الرحمانية: ألفه محمد أمزيان الحداد،

(1) المكتبة الوطنية - تونس، رقم 3719. من نسخ صالح بن محمد الماجردي السهيلي في رمضان عام 1274. وقد ذكرنا أنها طبعت. وكذلك تعريف الخلف 2/ 197.

(2)

انظر التقويم الجزائري، للشيخ كحول، سنة 1912.

ص: 131

شيخ زاوية صدوق في وقته. وقد ذكره المهدي البوعبدلي، وقال أن الحداد وصف في كتابه حالة البلاد بعدما أذن له شيخه المهدي السكلاوي اليراتني في رياسة الطريقة. وكان السكلاوي قد هاجر إلى بلاد الشام حوالي 1846 (1262)(1). وقد عرفنا أن للشيخ الحداد بعض المؤلفات والإجازات. والغريب أن البحث قد جرى عن كتابات ابنه عبد العزيز الحداد فلم يعثر الباحثون له على أثر حتى الآن، رغم تعلمه ومكانه.

9 -

نصرة السني ردا على ذي الوهم البدعي: نظم وضعه محمد بن راشد المايني - قرب بوقاعة (سطيف). وقد انتصر المايني في نظمه للشيخ محمد أمزيان الحداد في واقعة له مع أحد المشائخ، رمز له بالبدعي أو المبتدع. وقد تضمن أيضا رسالة من الشيخ الحداد للناظم. وتدور المنظومة حول الصوم وعيد الفطر (2).

10 -

رسالة في تلقين الأوراد الصوفية: ألفها السعيد بن الطاهر بن محمد البهلولي. وهي في الرد على العوام القائلين بوجوب تلقين الذكر لكافة الناس، وقال مؤلفها بتأثيم الذاكر الذي ليس له ملقن. كما تعرض فيها لبينان شروط الشيخ المربي (الملقن) وإلى حكم اللحن في الأذكار، وحكم ما حملوا عليه من إنشاد الأشعار وكذلك حكم القبض في الصلاة المفروضة، الخ. وهي رسالة مطبوعة (3).

11 -

النصيحة العزوزية: منظومة الشيخ الطاهر العبيدي. أرخ فيها

(1) المهدي البوعبدلي، محاضرة في الملتقى 15 للفكر الإسلامي. وقد أكدت رسالة محمد الشريف بن الشيخ 4 نوفمبر 1994 وجود (كتيب مخطوط) عن الطريقة الرحمانية للشيخ الحداد. وقد وصلتني الرسالة بواسطة علي أمقران وابن الشيخ المذكور، ومحمد الصالح الصديق وموسى الأحمدي، حسب رسالة من الصديق إلى علي أمقران، 6 نوفمبر 1994.

(2)

أشار إلى ذلك علي أمقران في مراسلته 8 غشت، 1980. وفيها أن المنظومة بلغت 161 بيتا (و 11 ورقة).

(3)

نفس المصدر، طبع رودوسي، الجزائر 1926، في 38 صفحة.

ص: 132

وأشاد بالطريقة الرحمانية وكذلك بفرعها (نفطة)، وعدد رجالها، ومدحها بأنها رحمة للناس وجامعة بين مختلف الطرق الصوفية، وأن أصلها طريقة الجنيد. وهاجم العبيدي الذي قد يكون درس في زاوية نفطة العزوزية، أولئك الذين درسوا قليلا من العلم في المشرق ثم رجعوا ممتلئين كبرا، مدعين الاجتهاد والعلم، وهم لا يحملون السبحة ولا الكتب وإنما يحملون المجلات الشرقية والجرائد. ولعله كان يعرض بذلك بمعاصره مولود الزريبي الذي رجع من مصر مملوءا حماسا وداعية إصلاح، رغم صغر سنه. وبدأ العبيدي منظومته بقوله

إن ترد عزة، وفضل مزية

فتلق الطريق (عزوزية)

وتلقن أورادها وتبرك

بحماها ففي الرجال بقية

كم توالت لأهلها رحمات

فهي حقا والله (رحمانية)

وبعد أن ذكر أصولها وكونها ترجع إلى أهل الطرق جميعا مثل الشاذلي والطيب والجيلي والتجاني، قال العبيدي:

كلهم قد روى الطريق إلى النور

(الجنيد) طريقه مرضية

إن أهل الطريق أعلام علم

سلكوا بالمناهج الشرعية (1)

وعنوان (النصيحة) يكمل معناها إذ هو (في نصرة الأولياء والصوفية). وقد كان العبيدي من أعيان العلماء في وقته ومن أعذب الشعراء نظما، ولكنه لازم التدريس في جامع تقرت، ولم يخض، فيما نعلم، في ميدان الإصلاح، وسنرى أن للعبيدي نصيحة أخرى للشباب لا تختلف كثيرا عن دعوة المصلحين.

12 -

الفيوضات الربانية والتدرجات الإنسانية في نشر الطريقة الخلوتية، ألفه علي بن محمد المغازي الزواوي، وهو من أتباع الطريقة الخلوتية - الرحمانية. ولا نعرف الآن عصر الزواوي سوى أنه قد توفي سنة

(1) النصيحة العزوزية، ط. مصر 1954.

ص: 133

1884 (1301)، وأن عمله قد يكون مطبوعا بمصر في هذه السنة (1).

13 -

القصيدة الاسمائية التي نظمها محمد بن أبي القاسم الهاملي، شيخ زاوية الهامل المتوفى سنة 1315 (1897). وهي في في أسماء الله الحسنى وخواصها. وقد قام تلميذه ونصيره محمد بن عبد الرحمن الديسي بشرح (القصيدة)، وسماه (فوز الغانم في شرح ورد سيدي بلقاسم)، وقد طبع الشرح في تونس 1310. وبهامشه تعاليق لمحمد بن محمد بن أبي القاسم الهاملي، وهو ابن أخ الناظم. ويقع الشرح في 110 صفحات (2).

14 -

الإفادة في خوارق العادة، ألفه إدريس بن محفوظ الشريف الدلسي. وهو تأليف في كرامات الأولياء التي يبدو أن الشيخ يؤمن بها رغم مكانته العلمية والسياسية. وقد ألف الدلسي عددا آخر من رسائل التصوف منها:

أ - بزوغ الشمس.

ب - المسائل المفيدة في فضل الأولياء عند الله.

ج - إجلاء المرآة لإظهار الضلالات، وهو وإن كان في الرد على رجل من الوهابية (؟)، فإنه يبدو أنه قد مال فيه إلى التصوف.

د - التهاني والفتاوى في ما صح لدى العلماء من أمر الشيخ العلاوي. وهو يعني به الشيخ أحمد المصطفى بن عليوة، صاحب زاوية مستغانم عندئذ، وقد انتصر له (3).

وإدريس الدلسي من العائلات الجزائرية المهاجرة إلى تونس بعد الاحتلال. وربما هاجر والده محفوظ من دلس زمن هجرة المهدي السكلاوي منها. وكان إدريس قد ولد في تونس حوالي 1866 ونشأ ودرس فيها. وألف في عدد من الفنون. ومنها سيرة العائلة، وذلك في كتاب سماه الحدائق

(1) معجم أعلام الجزائر، ص 121.

(2)

علي أمقران، 8 غشت، 1980، ومحمد علي دبوز (نهضة) 1/ 71.

(3)

طبع هذا الكتاب في تونس، 1924.

ص: 134

الزاهرة الغصوة في ذكر آبائي إلى النبي الكريم

إلى عدنان. وقد توفي الدلسي سنة 1934 بتونس. وكان يقطن بنزرت (1). وكانت له مواقف من الاحتلال الفرنسي لتونس، ومن التجنس جعلته في صف الوطنيين التونسيين.

15 -

شرح دعوة السباسب في غاية الحكماء وبلوغ المنى: وضعه محمد السعيد السحنوني. ويبدو أن الموضوع هو الأدعية وما إليها من مظاهر التصوف. غير أننا ما زلنا نجهل موضوعه بالضبط كما أن عنوانه غامض (2). ولدى العائلة السحنونية الخبر اليقين.

ولنذكر الآن بعض المؤلفات التي ترجع إلى الطرق الأخرى، مثل الشاذلية والدرقاوية والعليوية. والمعروف أن الشاذلية هي الأصل لهاتين الطريقتين وغيرهما، كالمدنية.

1 -

قصائد وغوثيات عدة بن غلام الله. بعضها فصيح والآخر ملحون. وقيل إن له أحزابا صوفية عديدة، وقد أثبت له ابن بكار قصيدة استغاثية في آخر كتابه. وعدة بن غلام الله كان شيخا لبعض شيوخ الشاذلية في القرن الماضي منهم محمد الموسوم (الميسوم) صاحب زاوية قصر البخاري الذي سنذكره بعد حين. وقد تلقى عن شيخه العربي بن عطية المتوفى في تونس مهاجرا، وتوفى عدة بن غلام الله سنة 1283 (3).

2 -

التحفة المختارة في ثواب الزيارة: تأليف محمد الموسوم (الميسوم)، أشهر شيوخ الشاذلية في القرن الماضي، والمتوفى سنة 1883. وقد تناولنا حياته في غير هذا، ونكتفي هنا بذكر مؤلفاته في التصوف. وهي

(1) انظر حياته في محمد محفوظ (تراجم التونسيين)، 3/ 182.

(2)

مراسلة علي أمقران السحنوني، 16 أم يل 1980.

(3)

ابن بكار مجموع النسب، ص 155. انظر عنه القضاة لأن عدة بن غلام الله كان قاضيا للأمير. وانظر عنه أيضا الطرق الصوفية.

ص: 135

في الحقيقة رسائل صغيرة وكثيرة. وقد ذكرها ابنه أحمد المختار لصاحب تعريف الخلف فسجلها هذا في كتابه، ومنها:

أ - الأنوار المضيئة في الصلاة على خير البرية.

ب - الرسالة في اسم الجلالة.

ج - كشف الغمة في الصلاة على خير الأمة.

د? تفريج الهموم في الصلاة على النبي كل يوم.

هـ - العقد الثمين في الصلاة على النبي يوم الاثنين.

و- حزب الأنوار الجامع لسائر الأدعية والأذكار.

ز- ترجمان الأشواق في رؤية سيد الخلق على الإطلاق. قال عنه الحفناوي انه في 28 ورقة بالربعي.

ح - الدرر البوعبدلية في الصلاة على خير البرية.

ط - عصا موسى في الرد على من أنكر وأسا (ولسنا ندري إن كان هذا أيضا في التصوف. لأن الإنكار هنا غير معروف).

ي - المكيال الأوفى في الصلاة على المصطفى.

وربما كان بعض هذه المؤلفات قصائد وتوسلات (1).

وله تآليف أخرى في التوحيد والرحلة والولد، ونحوها. وسنذكرها في محلها. وقد تلقى الشيخ الموسوم العلم عن الحاج الشفيع والتصوف عن الشيخ عدة بن غلام الله. وتتميز مؤلفات الموسوم أنها كلها تقريبا في الصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية ونصائح. ورغم هذا الحرص على (رؤية سيد الخلق على الإطلاق) فإننا لا ندري أنه قد أدى فريضة الحج. ومن تلاميذه في التصوف علي بن الحفاف مفتي مدينة الجزائر (2).

(1) ذكر له نفس المصدر قصيدة استغاثية ص 159. على أنها أعظم قصائده، وقال ان له قصائد أخرى عند اجتماع الفقراء (الصوفية).

(2)

تعريف الخلف 2/ 516. والشيخ الموسوم من أولاد عبد العزيز الحاج نواحي مليانة، ونشأ في غريب قبل انتقاله إلى قصر البخاري. انظر عنه فصل التصوف.

ص: 136

3 -

شرح ياقوتة الصفا في حقائق المصطفى: تأليف قدور بن محمد بن سليمان، المتوفى سنة 1904. وهو من علماء ومتصوفة مستغانم، نشأ بها وأخذ بها العلم والتصوف. ومن شيوخه في الناحية أيضا محمد الموسوم في الطريقة الشاذلية. كما أنه أخذ الطريقة التجانية عن أحمد التجاني (شيخ عين ماضي). وكانت لقدور بن محمد زاوية بمستغانم. وقد وجدنا في مخطوط بالمغرب أن قدور بن سليمان كان قد هاجر إلى الحجاز، ومن هناك كان يراسل علماء الجزائر، ومنهم القاضي شعيب الجليلي (1). ولكن صاحب تعريف الخلف قد تلقى معلوماته عنه من الشيخ عبد القادر بن قارا مصطفى، مفتي مستغانم سنة 1906. وقد نفهم من ذلك أن الشيخ قدور بن محمد رجع إلى الجزائر من الحجاز، وتوفي بمستغانم، كما جاء في تعريف الخلف.

ومهما كان الأمر فإن للشيخ قدور كرامات نسبها إليه من ترجموا له، وهي قائمة على ما ذكره بنفسه في كتابه (المرائي). ورؤية الرسول مناما، وحتى يقظة، قد أذاعها بعض المتصوفة قديما. وقد نسب قدور إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أقوالا قالها له أثناء هذه المرائي.

ومما جاء في هذه المرائي أيضا ذكره لأحمد التجاني، صاحب الكناش، أي مؤسس الطريقة. وأخبر قدور أنه رأى التجاني مناما، والشيخ محمد الموسوم مناما قبل رؤيته حسيا. ومنهم أيضا صاحب زاوية الهامل محمد بن أبي القاسم. وهناك آخرون. وقد أحيا قدور هذه العادة لدى المتصوفة وهي تسجيل المنامات أو المرائي كما فعل محمد الفراوسني وغيره في العهد العثماني. ووجدنا له نصا من المنامات، وهو في شكل رسالة موجهة إلى أحد العلماء، يبدو أنه هو نفسه علي بن عبد الرحمن، مفتي وهران، أخبره فيها عن البيعة وعن رؤية الشيخ الموسوم مناما. وقد نصب له منبر بحضرة قدسية وحضرت جموع من أهل الله. وقد كان علي بن

(1) الخزانة العامة - الرباط. ك 48.

ص: 137

عبد الرحمن من مقدمي التجانية رغم أنه كان على رأس الفتوى بوهران مدة طويلة (1).

ومن مؤلفات قدور في التصوف أيضا (درر الفيض اللدني فيما يتعلق بالكسب العياني والسني).

4 -

فتح الفتاح القدير بشرح حزب الفلاح والحزب الكبير، تأليف محمد الصالح بن محمد بن مهنة. وهو شرح على الحزب الكبير لشيخ الطريقة العيساوية، محمد بن عيسى، دفين مكناس (المغرب). والحزب يبدأ هكذا:

لي سادة من عزهم

أقدامهم فوق الجباه

إن لم أكن منهم فلي

في ذكرهم عز وجاه

وقد اعترف ابن مهنة أن الذي بدأ الشرح هو علي بن الغول، لكن الوفاة أدركته قبل إتمامه، فتصدى ابن مهنة للموضوع. ومع ذلك فإننا نفهم أن ابن مهنة لم يبدأ من حيث انتهى الشيخ المذكور وإنما اعتمد شرحا خاصا به. وافتتح عمله بشرح حزب الفلاح الذي أخذه محمد بن عيسى عن شيخه الجزولي صاحب دلائل الخيرات. ولم يترجم ابن مهنه لا لابن عيسى ولا ابن الغول. وجاء بفضائل البسملة والصلاة على الرسول والتوكل على الله، وفضل التكبير والتسبيح. وبعد حوالي عشرين ورقة انتهى من شرح حزب الفلاح، ثم أخذ في شرح الحزب الكبير، ويبدأ بسبحان الدائم لا يزول، وفيه حديث عن الفقر الصوفي وعن التواضع والحب الإلهي والوصول إلى الله، والإيمان بالله، وميزة العقل.

اعتمد ابن مهنة في شرحه على بيان الألفاظ، والنقل عن كتب التفسير والحديث والتصوف. وجاء ببعض أخبار الخلفاء الأربعة، وأضاف إليهم الحسن بن علي. وتحدث عن الشفاعة والولاية. وقال إنه زار قبر ياقوت

(1) مخطوط المغرب، ك 48. وأيضا تعريف الخلف 2/ 330. ومعجم أعلام الجزائر، ص 133.

ص: 138

الحبشي دفين الإسكندرية، وكان الحبشي من تلاميذ أحمد المرسي تلميذ أبي الحسن الشاذلي. وكذلك زار قبر عبد الله بن أبي جمرة بمصر، وقبر أحمد البدوي بطنطا الذي قال إنه قد زاره مرارا وتبرك به. والحزبان المذكوران، كما فهمنا، لمحمد بن سليمان الجزولي الذي جعل ترجمة حياته خاتمة تأليفه (1).

وكان ابن مهنة قد نشر بعض المؤلفات، كتعليقه على رحلة الورتلاني. وقد أثار زوبعة حين تعرض لموضوع الأشراف، فتصدى له خصوم، منهم الشاعر عاشور الخنقي ودخل معه في شجار، كما دخل في عراك مع غير عاشور. فقد ظهر كتاب (ضوء الشمس) لأبي الهدى الصيادي وفيه مدح الأشراف. فألف ابن مهنة كتابا في الرد عليه سماه (تنبيه المغترين في الرد على إخوان الشياطين). وأثار رده ضجة في أوساط الأشراف ورجال التصوف وأنصارهم في الجزائر وخارجها، فكتب المهدي بن محمد العمراني الوزاني كتابا عنوانه (السيف المسلول) في الرد على ابن مهنة، ولكن هذا لم يسكت بل كتب عملا آخر سماه (الفتح الرباني). وقد تعرضنا إلى حياة ابن مهنة وما ناله من العنت والضيق من جراء آرائه، ووصل الأمر أن اتهمته الإدارة الفرنسية بالمس بسيادتها. ونذكر هنا أن لابن مهنة كتبا أخرى حول هذه الموضوعات مثل (إظهار الحق) الذي لم نطلع عليه حتى نعرف بالضبط مقصوده منه ويبدو أنه أيضا في التصوف (2).

5 -

معراج التشوف إلى حقائق التصوف: ألفه محمد بن أحمد الهاشمي بوجمعة. وهو من المهاجرين إلى دمشق. ولد بسبدو (قرب تلمسان)، وكانت هجرته مع شيخه محمد بن يلس، أثناء الرعب الذي أصاب تلمسان، وكل الجزائر، من فرض التجنيد على الشباب. وابن يلس هو شيخه في الطريقة الدرقاوية. كما أخذ عن غيره. وعاش محمد الهاشمي في دمشق

(1) المكتبة الوطنية - تونس رقم 3631 ضمن مجموع. وفيه 111 ورقة، وهو من نسخ المكي بن علي بن أحمد الفكون، 19 ذي الحجة، 1314. وهناك اضطراب إذ ينسب الحزبان تارة لمحمد بن عيسى وتارة للجزولي.

(2)

انظر فصل الشعر، وحياة عاشور الخنقي. وكذلك فقرة الخطابة من فصل اللغة والنثر.

ص: 139

على التدريس والتصوف. كما تعرض فيها للا ضطهاد في آخر العهد العثماني وكذلك أثناء الانتداب الفرنسي.

وبالإضافة إلى معراج التشوف، له مؤلفات أخرى في نفس الموضوع، طبع منها (شرح شطرنج العارفين) للشيخ محيي الدين بن عربي. وله مؤلفات في علم الكلام، ومذكرات. وقد زفي سنة 1961 (1).

6 -

شرح منظومة أبي مهدي عيسى بن موسى التوجيني. وقام بهذا الشرح محمد السليماني الغريسي الفاسي المعروف بابن الأعرج. والشارح يرجع نسبه إلى محمد الأعرج السليماني صاحب الزاوية المعروفة باسمهم في غريس. وقد عثر ابن كار على هذا الشرح في خزانة أحد الأعيان، وهو أحمد بن حسن الشرقي، فطبعه ضمن كتابه (2).

7 -

نسمات رياح الجنة في فضائل أهل البيت وأولياء الله وأذكار الكتاب والسنة، ألفه مع حاشية، الهاشمي بن بكار وطبعه ضمن كتابه (مجموع النسب). وقد علل لذلك بقوله انه نظم سنة 1379 أبياتا في حب الله ورسوله وفضائل أهل البيت، وفضائل أولياء الله، وفضائل الأذكار الواردة في الكتاب والسنة، وكذلك في ذكر سنده في علم الشريعة وفي الطريقة وفي النسب الشريف (فجاءت نصيحة دينية وأحكاما شرعية ومآثر وتوسلات) ثم جعل على المنظومة حاشية توضح معانيها باقتراح من زميله أحمد البدوي مفتي سيدي بلعباس وملقن أوراد الطريقة التجانية، وقرأ عليه المنظومة بقصد التبرك به واعتبر أسلاف أحمد البدوي من التجانيين أساتذة له وأولياء نعمته. وأما الحاشية فقد سماها ابن بكار (رياض النزهة على نسمات رياح الجنة)(3).

(1) الخالدي (المهجرون)، ذكر هذا المصدر مراجع عديدة تناولت حياة محمد بن الهاشمي، كما ذكر عناوين مؤلفاته.

(2)

ابن بكار (مجموع النسب)، تلمسان 1961.

(3)

نفس المصدر (مجموع النسب)، ص 19.

ص: 140

ولا علاقة لابن بكار بالشعر وإن حاول نظمه بعد أن تجاوز الستين، كما قال. ونقله تلفيق من الكلام غير الموزون. ولكن روحه كانت صادقة فسجل في نظمه من (كتب الأفاضل، أهل الإيمان الكامل، مذاهب السنيين). وذكر منهم الرازي والشعراني والنبهاني والسنوسي (الظاهر أنه يقصد محمد بن يوسف دفين تلمسان) والإسكندري والفاسي واللقاني والخازن، الخ.

ومن فوائد هذا الشرح (وكذلك النظم) أن صاحبه ذكر فيه معلومات تاريخية عن حياته ونسبه وأخبار الناحية وحياة الأمير عبد القادر وبعض المعاصرين، وجاء بتقاريظ وتفاصيل، وبعض الآراء حول موقف رجال التصوف والطرق من الحركة الإصلاحية. فقال عن نفسه إنه ظل مفتيا في معسكر حوالي عشرين سنة، وإنه شريف النسب، وخصص حوالي عشر صفحات (35 - 53) لترجمة حياة الأمير وغطى الشرح حوالي 200 صفحة من كتابه.

8 -

كتاب رؤية المصطفى ووصيته: تأليف محمد بن محمد الشريف، ولا نعرف من هو المؤلف الآن (1).

9 -

منهل الظمآن في كرامات ابن أبي زيان. وهو لمؤلف مجهول، ويتعلق بأبي زيان، مؤسس زاوية القنادسة. ولا ندري الآن عصر التأليف. وهو مخطوط خاص ذكره هواري التواتي في بحثه بمجلة (أرابيكا)(2).

10 -

مخطوطات في التصوف للقاضي محمد بن الطيب، وليس لتأليفه (أو تآليفه) عنوان. ذكر ذلك الإسكندر جولي عند حديثه عن نشاط الشاذلية وآثار الشيخ محمد الموسوم في ناحية المدية وقصر البخاري وغريب والبرواقية. وذكر أن هذه المخطوطات كانت شهيرة جدا عند الأهالي بالناحية. أما حياة سي محمد بن الطيب فقد لخصها في عبارات غامضة، فهو

(1) المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم 2196 - F 16 .

(2)

رقم 39 سنة 1992، ص 19، هامش 58.

ص: 141

من بني عباس، وقد فهمنا أنه من الناحية الوهرانية، إذ كان قد درس في مدرسة مازونة، وحل بالمدية، وانخرط في الطريقة الشاذلية، التي كان محمد الموسوم شيخها، وذلك بنصيحة من زميله قاضي المدية علي بوحلي (بوحله). وقد عاش محمد بن الطيب في المدية أو في البرواقية فترة ثم تولى القضاء في المدية (1). أما مخوطوطاته فلم تصل إلى أيدينا.

11 -

تآليف أحمد بن مصطفى المعروف ابن عليوة المستغانمي. وهو من أعيان المتصوفة في هذا القرن. أسس زاوية في مستغانم حوالي 1919. وألف مجموعة من الكتب. وأنشأ مطبعة وجريدة. وذاع صيت ابن عليوة خلال العشرينات ومنتصف الثلاثينات، ودخل طريقته المسلمون وبعض النصارى. وتجاوز تأثيره الجزائر. وقد طبع عددا من كتبه في تونس. وبلغت مؤلفاته حوالي أربعة عشر تأليفا، معظمها رسائل. ويختلف المعاصرون في أصالة آراء ابن عليوة وفي قدرته على النظم والتأليف. ولكنهم لا يختلفون في مكانته وتأثيره.

وبالإضافة إلى التصوف الذي تلقاه عن شيوخه الدرقاويين نجد له آراء ومؤلفات هي أقرب إلى الفلسفة منها إلى التصوف المعتاد المقصور على الذكر والأوراد. ومن ذلك الكتاب المنسوب إليه بعنوان الأبحاث العلوية في الفلسفة الإسلامية (2). وفي دراسة أوغسطين بيرك عنه آراء فلسفية نسبت إليه تجعله في مصاف أعلام الفلسفة المعاصرة (3). بينما اتهمه البعض بأنه كان حلوليا، أي أن مذهبه الصوفي يقوم على مذهب الحلول.

ومن كتبه أيضا (القول المعروف في الرد على من أنكر التصوف)، المطبوع سنة 1920. وقد قام عبدالحي الكتاني بتقريظ هذه الرسالة وحاول

(1) الإسكندر جولي (دراسة عن الشاذلية) في (المجلة الافريقية) 1907، ص 21.

(2)

معجم أعلام الجزائر، ولم يذكر له صاحب (الاعلام الشرقية) كتاب مفتاح الشهود، بينما ذكر له مجموعة أخرى، 3/ 93.

(3)

أوغسطين بيرك (مرابط عصري) في (المجلة الافريقية)1936.

ص: 142

أن (يثبت للتصوف مرجعا دينيا في الإسلام). وكان الكتاني من المتداخلين في السياسة والتصوف والدين خلال فترة طويلة في المغرب (والمغرب العربي عموما). وكان يحضر مؤتمرات الزوايا التي تشرف عليها السلطات الفرنسية، ظاهرا وباطنا. كما أن بعض الأوروبيين المندسين حاولوا استعمال ابن عليوة في أغراض قد لا يكون هو واعيا بأبعادها. كدعوته لحضور افتتاح مسجد باريس، وحديثه اللاهوتي مع القس جياكوبتي، وانتماء عدد من الأوربيين إلى طريقته. وتشهد بعض الكتابات الإنكليزية (كتاب مارتن لنغز وحتى كتابة أوغسطين بيرك) أن ابن عليوة كان ربما مستعملا. ومن الذين ساهموا في الرد على مذهب ابن عليوة، الشيخ عثمان بن المكي التونسي، وكان أحد مدرسي جامع الزيتونة، في كتاب سماه (المرآة لإظهار الضلالات)(1).

1 -

المنح القدوسية في شرح المرشد المعين بطريق الصوفية: وهو شرح على المرشد المعين في العقائد لابن عاشر، وقد استعمل ابن عليوة التحليل الصوفي في دراسته لبراهين ابن عاشر على وجود الله ولوازم ذلك. ألف المنح في عهد شيخه البوزيدي ولكنه أعاد النظر فيها قبل طبعها.

2 -

الأنموذج الفريد المشير لخالص التوحيد. وقد تناول فيه رمزية حروف الهجاء، أ، ب. وذهب إلى أنه كلما ذكر النقطة فهو يعني بها غيب الذات المقدسة المسماة وحدة الشهود. وكلما ذكر الألف فإنما يعني بها واحد الوجود المعبر عنه بالذات المستحقة للربوبية. وهكذا بقية الحروف، فكل حرف يرمز إلى قيمة معينة. وقد استعمل الطهارة والصلاة والوضوء استعمالا رمزيا أيضا. وكان قد انتهى من تأليف الأنموذج سنة 1910 ونشره بعد ذلك.

3 -

مفتاح الشهود في مظاهر الوجود: وهو كتاب صغير في علم الكون والفلك. وقد اعتمد فيه على ما وراء الطبيعة بطريقة (عصرية) حسب ادعاء لنغز. وكان ابن عليوة يحيل فيه على عدة مراجع منها: القرآن الكريم،

(1) محمد البهلي النيال (الحقيقة التاريخية

) ص 341 - 342. عن ابن عليوة انظر فصل التصوف.

ص: 143

وروح البيان للبرسوي، ومؤلفات الغزالي. ويقع مفتاح الشهود في 220 صفحة. ولعله لم ينشر.

4 -

المواد الغيثية الناشئة عن الحكم الغوثية: وهو تأليف علق فيه على مأثورات وحكم أبي مدين الغوث دفين تلمسان. ألفه حوالي 1910، أي بعد وفاة شيخه البوزيدي بقليل، ولم يطبع جزء منه إلا سنة 1942، أي بعد وفاة ابن عليوة بثماني سنوات.

5 -

القول المقبول فيما تتوصل إليه العقول، كتبه سنة 1913، وتعرض فيه لمعاني الإسلام والإيمان والإحسان.

6 -

دوحة الأسرار في معنى الصلاة على النبي المختار، رسالة ألفها سنة 1917.

7 -

مبادئ التأييد في بعض ما يحتاج إليه المريد. وهو تبسيط للمبادئ التي يسير عليها تابع الطريقة العليوية، أتم جزءه الأول سنة 1926، وهو خاص بأصول الدين والطهارة. ولم يكمل بقية الكتاب.

8 -

القول المعتمد في مشروعية الذكر بالاسم المفرد، ألفه حوالي 1927.

9 -

رسالة الناصر معروف في الذب عن محب التصوف، 1927 (1).

12 -

رسالة النصر لثبوت الطرق المحمدية، من وضع أبي القاسم طعيوج، قيل انه انتهى منها سنة 1347/ 1928. وهي تقع في 15 صفحة. وقد دافع عن الطرق الصوفية ومشروعيتها، وذلك في وقت تدهور فيه الاهتمام بالتصوف بعد انتشار الحركة التعليمية على الصعيد الرسمي والشعبي، وبعد أن أثرت الحرب العالمية الأولى في التيارات السياسية.

13 -

السيف المسلول الرباني في ضرب عنق من ابتدع في الطريق

(1) هذه المعلومات عن مؤلفات ابن عليوة أخذناها في أغلبها من كتاب مارتن لغز (الشيخ أحمد العلوي)، ترجمة موافي، ط. بيروت 1973.

ص: 144

الرحماني: وهو أيضا لطعيوج السابق، وموضوع الكتاب في التحصن والمنعة وحرمة الولائم والدف والزغريت مع الأذكار. وواضح أن الكتاب يدعو إلى نبذ بعض الممارسات التي (ابتدعها) بعض المتصوفة وأتباعهم عند اجتماعهم للذكر. ويقول من اطلع عليه انه كتاب متداول بين أتباع الرحمانية، وأنه يشمل الحديث عن التقوى والاستقامة وأحوال التربية الصوفية، وطريقة أخذ العهد، والذكر على الجنائز وأصل الإجازة. كما يتناول تحريم الدخان واستعمال الآلات الموسيقية والرقص في اجتماع الذكر (1).

ومما جاء في مقدمة (السيف المسلول) أن صاحبه ألفه أثناء حالة تذمر، وقصد به النصح العام وإفادة الأجيال. ومن ذلك قوله:(أما بعد، فان الدهر أبو العجائب ويبوع الغرائب، وفي المثل: الأيام حبلى لا درى متى تلد). وقال انه ألفه ليشغل نفسه بشيء ينفع الناس ابتعادا عن البطالة، وإفادة جاهل أو تنبيه غافل، واستمطار علم جديد، عند الاشتغال بالتقييد، ثم تعليل النفس ببعض الأنس، وتخليد المحفوظ وتفصيله، ولا سيما مثلي ممن ترامت به الأقطار، وتباعدت عن الأوطان والأوطار. ومن ذلك أيضا تنبيه من قد يرتكب معصية، والنصح العام للعامة، ورجاء الدخول في حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة

) (2).

وهناك مؤلفات أخرى في التصوف لا ندري انتماءات أصحابها

(1) علي أمقران السحنوني، مراسلة ذكر فيها أنه نشر عن طعيوج مقالة في جريدة (العقيدة) عدد 82 في 26 فبراير 1992. وفي مراسلة في 16 إبريل 1980. ذكر أن منه نسختين إحداهما في مكتبة الشيخ ابن القريني بدوار معاوية، ناحية العلمة، وأخرى بمكتبة المؤلف بسفلات، برأس العيون (وادي الزناتي). انظر الإجازات أيضا.

(2)

علي أمقران السحنوني. مراسلة منه تتعلق بمقالة في جريدة (العقيدة) عن طعيوج. انظر لاحقا.

ص: 145

الطرقية. ونحن نذكرها باختصار:

1 -

إرشاد أهل الهمم العلية فيما يطلب منهم من الأدعية الدينية: تأليف عبد الله بن غانم الدراجي. وهو من علماء الحضنة (المسيلة؟ أو أولاد دراج نواحي بريكة؟). وقد توفي في حدود 1296 (1879). ويبدو أنه هاجر إلى الحجاز بعد أن ولد وتربى ودرس في الجزائر وتونس. وفي الحجاز انتصب للتدريس بالمدينة المنورة. وكتاب (الإرشاد) يقع في سبعة أجزاء حسب المترجمين له. كما ذكروا له كتابا آخر عنوانه (اتحاف المريدين)(1).

2 -

غوثية مصطفى بن التهامي. وهي منظومة طويلة نظمها في سجن امبواز عندما ضاق بهم الحال وطالت الغربة (2).

3 -

تأليف في علم القوم لمحمد بن أحمد المعروف بوتشنت. وهو من جبل ندات بناحية ثنية الأحد (الحد). وقد نشأ هناك، ودرس على علماء مازونة عن طريق الشيخ الحاج الزراق (؟). وله تأليف آخر في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم قيل انه قد مزجه بالشمائل النبوية. وقد توفي بوتشنت عام 1326. وله شهرة دينية في الناحية (3).

4 -

نصيحة الإخوان: تأليف عبد القادر المجاوي، وهو شرح لقصيدة نظمها محمد المنزلي في التصوف. والظاهر أن المنزلي كان من أعيان الطريقة القادرية. وقد رأيا له إجازات لمقدمين جزائريين في هذه الطريقة. ولم يكن المجاوي معروفا بممارسة التصوف بل كان من العلماء المدرسين الذين ألفوا في عدة علوم منها المنطق والفلك والنحو. والقصيدة المذكورة وشرحها في آداب المريدين. ونحن نفهم من ذلك أن المجاوي قد يكون له هوى في القادرية، وقد عرفنا أنه كان من أصهار عائلة الأمير عبد القادر. وقد طبع

(1) تعريف الخلف 2/ 234، ومعجم أعلام الجزائر، ص 101.

(2)

ابن بكار، ص 54. يقول هذا المصدر ان نسخة من الغوثية كانت بخزانة رئيس الزاوية الطيبية (في معسكر؟) وهو ابن عم لابن التهامي. انظر فصل الشعر أيضا.

(3)

تعريف الخلف 2/ 352.

ص: 146

شرحه بتونس، ربما من أنصار القادرية بها (1).

5 -

السيف الرباني في عنق المعترض على الغوث الجيلاني: تأليف المكي بن عزوز. وقد ذكرنا المكي بن عزوز في عدة مناسبات، أما كتابه المذكور فقد طبعه في تونس أيضا وضمه مجموعة من التقاريظ شملت ثلث الكتاب تقريبا. وواضح من العنوان أن الكتاب في الرد على المنتقدين لطريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني (2).

6 -

ربح التجارة في آداب الزيارة: تأليف علي بن الحاج موسى، أحد علماء الجزائر في النصف الثاني من القرن الماضي وقيم ضريح الشيخ عبد الرحمن الثعالبي. واشتمل الكتاب على مقدمة في علم الأولياء، والمقصد الأول ما حكم زيارتهم، والمقصد الثاني في شروط الزيارة وآدابها. والمقصد الثالث في حكم التوسل بهم، ثم خاتمة في أصول الشيخ أحمد بن يوسف الملياني. وذكر أن دافعه إلى تأليف الكتاب يرجع إلى إنكار البعض زيارة الصالحين. والمؤلف كان قد خدم الشيخ الملياني عندما كان قيما على ضريحه، وقد ألف الكتاب أثناء زيارة لهذا الضريح، سنة 1273 هـ. وبدأه بهذه العبارة الدالة على مقصده، وهي قوله:(أما بعد، فيا لسعادة من تمسك بأولياء الله في كل حال، وتشبث بأذيالهم في الإدبار والإقبال). وللتذكير نقول ان المرحلة التي ألف فيها الكتاب كانت فعلا مرحلة (الانغماس) في عقيدة الولاية في الصالحين، وقد تناولنا ذلك في فصلي التصوف (3). ولا

(1) تونس، 1313. انظر تعريف الخلف 2/ 449، ومعجم أعلام الجزائر، ص 95.

(2)

طع الكتاب في تونس، سنة 1310، وهو في 186 صفحة، منها قرابة 70 صفحة في التقاريظ. مراسلة من علي السحنوني، 14 أكتوبر 1981.

(3)

مراسلة من الشيخ محمد الحسن عليلي، يناير 1996. وجاء في المراسلة أن نسخة من الكتاب في المكتبة الوطنية، بالجزائر، رقم 928، وأن عدد أوراق المخطوط 62، وأن النسخة بخط الشيخ محمود بن الشيخ علي (وقد تناولناه في النساخة، فصل المؤسسات الثقافية) سنة 1278 هـ. وعن حياة الشيخ علي بن الحاج موسى، انظر فصل السلك الديني والقضائي.

ص: 147