الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ظهور الدول واختفائها، ودوام النظم وانقراضها، بالإضافة إلى التعرض للوضع الاقتصادي والحضاري.
ومن الملاحظ أن تاريخ الجيلالي قد أعيد طبعه بعد الاستقلال، كما أعيد تنقيحه وتوسيعه حتى صار كأنه كتاب جديد. وقد أصبح في أربعة أجزاء بدل اثنين، ووصل فيه المؤلف إلى عهد الثورة. وقد اعتمدنا نحن على طبعة 1965 (الثانية)، وفيها نوه بدور زوجته في ترجمة النصوص له عن الفرنسية. فقال إنها كانت (تلخصها وتترجمها إلى العربية طيلة أيام إعدادنا لهذا التأليف وجمع شتاته من أوله إلى آخره). وقد تعرضنا في أول هذا الفصل إلى تعريف الجيلالي للتاريخ والمؤرخ (1).
في التراجم والمناقب
نتناول في هذه الفقرة المؤلفات التي يتحدث أصحابها عن أعلام الناس، سواء كان التأليف جامعا لعدة أعلام أو لفرد واحد. وقد فصلنا هذه الفقرة عن الأنساب، رغم أن المؤلف قد يعمد إلى الترجمة لشخص من وجهة النسب فقط. وأدخلنا هنا المناقب، وهي عادة الترجمة لشخص أو أكثر من وجهة صوفية - دينية، رغم الاختلال أحيانا بين الترجمة العامة وتلك التي تنفرد بالمناقب وذكر المحاسن والكرامات. ولا شك أن هذا الباب - التراجم والمناقب - قد حظي بمؤلفات أخرى لم تصل إلينا. وقد عمد رجال التصوف إلى الترجمة لشيوخهم وذويهم والمعجبين بهم. وربما تطول الترجمة أو تقصر، وربما تكون غنية بالمعلومات عن العصر أو فقيرة منها فلا تسرد إلا حياة الشخص المعني في عبارات مديحية فضفاضة. وتشهد مؤلفات بعض الضباط والمستشرقين الفرنسيين ورجال الإدارة أنهم تمكنوا من الإطلاع على العديد من الترجمات لرجال العصر سواء كانوا من أهل السياسة أو الدين أو
(1) ط. 1965، في جزئين عن مكتبة الشركة الجزائرية بالجزائر، ودار مكتبة الحياة ببيروت.
العلم. وقد استفادوا من ذلك في وضع (البطاقات) الخاصة بالعائلات والوظائف، ولكن أغلب تلك التراجم والمناقب قد تلفت أو دخلت في المحفوظات الشخصية.
وبالمقارنة مع العهد العثماني، ظهرت في العهد المدروس الصحافة والوسائل الإعلامية الأخرى. فكانت تنشر التعريف بالأعيان الزائرين والحجاج والموظفين السامين، وتؤبن الموتى منهم وتشيد بعضهم وبخدماتهم. ولكننا لن نعد ذلك ترجمة هنا كما أننا لن نعد المقالات الصحفية التي تعرف بهذا أو ذاك أو ترثيه من باب التراجم والمناقب. فخطتنا إذن لا تشمل سوى المؤلفات ولو كانت صغيرة الحجم.
كما أن عهدنا هذا شهد ظاهرة أخرى وهي كتابة المذكرات حيث يترجم الكاتب لنفسه ويتحدث عن تجاربه الخاصة ومواقفه من وجهة نظره هو، ويبرر ما اتخذه من مواقف وآراء، ولكننا لن نتناول المذكرات في فقرة التراجم والمناقب، ونعد بأن نتناولها في فقرة أخرى خاصة بها.
1 -
تعريف الخلف برجال السلف، وهو تأليف أبي القاسم الحفناوي (ابن الشيخ) في بداية هذا القرن. والواقع أن حياة الشيخ الحفناوي تمثل أحد النماذج للمثقف الجزائري الريفي في العهد الاستعماري من عدة وجوه، ومنها تواضع أهل الريف واستغلال السلطات الفرنسية لهم، وتنوع مصادر الثقافة، فقد نهل الحفناوي من مختلف الزوايا والمساجد والكتب القديمة قبل الالتحاق بالعاصمة وتعلم الفرنسية والتوظف الرسمي، كما عرف بالعمل الدائب واتقان المهنة والتفرغ لها، مع ضيق مجالات الطموح إلى الأدوار الكبيرة والمغامرات الخطيرة.
فهو من مواليد بلدة الديس الصحراوية القريبة من بوسعادة. قدمت إليه تقاليد الأسرة والبيئة ووهبته الطبيعة القاسية حب العلم وحب التجول والبحث عن مصادر الثقافة. فدرس على أبيه عدة علوم، وكانت بالقرب من الديس زاوية الهامل وشيخها محمد بن بلقاسم ومساعده محمد بن عبد الرحمن
(وهذا من الديس أيضا)، وكذلك زاوية طولقة التي اشتهرت بمؤسسها علي بن عمر. وبعيدا من ذلك زاويتان أخريان شهيرتان هما زاوية نفطة العزوزية (تونس) وزاوية ابن أبي داود بتاسلنت قرب آقبو. إن هذه الزوايا كانت بعيدة في الظاهر عن السياسة ولا تشارك في الثورات ضد الفرنسيين إلا بصفة غير مباشرة، خلال النصف الثاني من القرن الماضي. ولكنها كانت نشيطة في نشر العلم وحفظ القرآن الكريم وصيانة التراث الإسلامي من الضياع. ولم يكن للتلاميذ حدود سياسية، فهم ينتلقون من زاوية إلى أخرى ومن شيخ إلى آخر حسب رغباتهم وإمكاناتهم، ولكنهم كانوا في مختلف الأحوال يجدون المساعدات المادية والمعنوية من المحسنين ومن أهل الزوايا. وهكذا كان حال الشيخ أبو القاسم الحفناوي.
ولد حوالي 1850 (1852؟) في الديس، ويرجع نسبه إلى سيدي إبراهيم الغول، أحد صلحاء المنطقة وصاحب زاوية بالديس. وكان أبوه محمد بن بلقاسم بن الصغير من العلماء في وقته أيضا. وكان جده بلقاسم قد أخذ العلم في أولاد جلال في زاوية سيدي عبد الباقي، وكذلك في زاوية ابن أبي داود. كما أن والد المؤلف أخذ العلم في الزاوية الأخيرة أيضا، وكذلك زاوية طولقة ثم زاوية شلاطة، ولازم شيخها ابن علي الشريف. والعادة ألا يغادر التلميذ المكان إلا بعد الحصول على الإجازة من شيخه. وقد تنقل محمد بن بلقاسم بعد ذلك إلى زاوية طولقة معلما. فيها هذه المرة، وبقي بها ست سنوات، ومن تلاميذه الحفناوي بن علي بن عمر الذي أصبح شيخا للزاوية. وكانت عندئذ تضم من 40 إلى 50 تلميذا من مختلف النواحي، ومواد الدراسة فيها هي العلوم الشرعية واللغوية، وكذلك المنطق والفلك والحساب. ومن معاصريه الشريف بن الأحرش ومحمد بن بلقاسم الهاملي. ومن تلاميذه محمد بن عبد الرحمن الديسي، عالم المنطق بدون منازع في آخر القرن الماضي. وبعد هذه الجولات العلمية استقر الشيخ ابن بلقاسم (والد صاحبنا) في الديس، واشتغل بتربية أولاده ونسخ الكتب والمطالعة، وكسب رزقه. ولا ندري لماذا لم يشارك مع مؤسس زاوية الهامل في التعليم وقد كان
عندئذ يبحث عمن يساعده. ومهما كان الأمر فقد توفي والد المؤلف سنة 1893 (1311) بالديس.
عاش أبو القاسم الحفناوي إذن خلال النصف الثاني من القرن الماضي، فترة المملكة العربية وحكم المكاتب العربية العسكرية، ثم حكم النظام الجمهوري (1870)، وما سنه من قوانين ضد الجزائريين وإرهاقهم مثل قانون الأهالي. وقد عاش أحداث ثورات 1871، وبوشوشة، والأوراس، أثناء شبابه، ولعله كان يتردد على زوايا نفطة وطولقة والهامل عندما كان محيي الدين بن الأمير عبد القادر يبعث برسله ورسائله إلى أعيان الجزائر يدعوهم إلى الثورة، وحين تنفيذ حكم الإعدام في بوشوشة، ولجوء بومزراق وقادة الرحمانية إلى الصحراء. وكان الحفناوي قد تردد أيضا كأبيه على الزوايا الرحمانية للقراءة، ويظهر من كتابه أنه متأثر بثقافة الطرق الصوفية. ولكنه لم يؤسس طريقة، كما فعل بعض الشيوخ. ولا ندري ما الذي جاء به إلى العاصمة وكيف كان استقراره بها، وهل سبق له التوظف في المكاتب العربية في الصحراء ثم أرسلوه منها إلى العاصمة لأغراض أخرى؟ وهل جاء العاصمة زائرا أو باحثا عن الكتب القديمة؟.
لقد كان الحفناوي في الثلاثينات من عمره عندما جاء إلى العاصمة، سنة 1883 (فترة الحاكم العام البغيض لويس تيرمان). وسرعان ما وجد طريقه في الجريدة الرسمية التي كان يشرف عليها المترجم آرنو (وهو اسم مستعار)، أحد أعيان الترجمة والمخابرات، وكانت صلته بإدارة الشؤون الأهلية قوية، وهي الإدارة التي كان يشرف عليها الضابط المختص في شؤون الطرق الصوفية، لويس رين. ويهمنا أن نعرف أن هذه الإدارة هي التي كانت تشرف أيضا على جريدة المبشر. وهكذا تتضح إلى حد كبير الصلة بين هذه الإدارة وآرنو وأبي القاسم الحفناوي. ولقد عبر الحفناوي نفسه عن عرفانه بالجميل لآرنو الذي تعلم منه، كما قال، الفرنسية، والآداب والترفع على المتكبرين والتواضع أمام غيرهم. فقد قال إن آرنو هو (شيخه) في العلوم العصرية أيضا، وإنه رباه عقليا وعلميا فارتقى إلى (درجة أفتخر بها على أبناء
وطني) وعلمه، كما قال أيضا، التواضع القلبي والترفع القالبي على أهل الكبرياء، ووصفه بالحكيم، ولازمه في الجريدة حوالي اثني عشر سنة، وكان آرنو محررا لها والحفناوي هو كاتبه (1).
ويبدو أن الحفناوي قد حل في جريدة المبشر محل أحمد البدوي الذي كان من أوائل الصحفيين الجزائريين في هذه الجريدة (2). وكان عمل الحفناوي في المبشر هو التصحيح والإضافة والترجمة. أما التصحيح أو بالأحرى الصياغة وجعل أسلوب الجريدة مقرؤا بين العرب والمعربين فأمره هام لأن الجريدة عرفت عدة مراحل من جودة التحري? وردائه، وأما الإضافة فهي ما كان يختاره لها الحفناوي من مقالات وطرائف وتراجم من كتب التراث الإسلامي التي يعرفها والتي كانت المكتبة الوطنية تتوفر منها على المخطوطات والمطبوعات. فهو بهذه الصفة يوفر للجريدة المادة العربية، ولكن بتوجيه من (شيخه) آرنو ثم من جاء بعده. وفي هذا الصدد كان الحفناوي يتتبع أيضا ما كانت تكتبه الصحافة العربية في المشرق سيما في مصر وتونس وإسطانبول ولبنان. أما الجانب الآخر وهو الترجمة فنعتقد أن الحفناوي لم ينتج فيه إلا في وقت لاحق أي بعد أن تعلم الفرنسية وأصبح قادرا على الترجمة منها والتلخيص بها، وقد ظهر ذلك في عدة أعمال نشرها، كما سنذكر، ويهمنا من هذا كله أن الحفناوي كان بين 1883 - 1897 صحفيا من نوع خاص، فهو كاتب ومحرر ومصحح وناقد لما ينشر في جريدة المبشر.
ومنذ 1897 أضاف إلى عمله ذلك وظيفة مدرس في الجامع الكبير بالعاصمة. وكان ذلك على إثر مراجعة السياسة التعليمية من قبل الفرنسيين
(1) تعريف الخلف، 2/ 409، ذكر الحفناوي ذلك في ترجمة الديسي. وكان آرنو ربما احتاج الحفناوي في ترجمة النصوص وفهمها من العربية. وقد ذكر ذلك بمناسبة الحديث عن كتاب طبعه آرنو بعد ترجمته وهو (سعود المطالع) لعبد الهادي نجا الإبياري، سنة 1305.
(2)
انظر عنه فصل المؤسسات الثقافية.
بعد تحقيقات لجنة جول فيري 1892 وتقرير كومبس حول التعليم الإسلامي. فقد نشط الفرنسيون من جديد التعليم المسجدي، بإسناد درس في النحو والأدب إلى بعض المتعلمين المعروفين بولائهم السياسي من جهة وقدرتهم العلمية من جهة أخرى. ومن الملفت للنظر أن الحفناوي قد استمر في الجمع بين الوظيفتين: التحرير في المبشر والتدريس في الجامع إلى 1927 حين توقفت الجريدة (عشية الاحتفال بالاحتلال)، بينما عزل الفرنسيون من الجريدة بعض زملائه أمثال محمد بن مصطفى خوجة (الكمال) بدعوى التدخل في الشؤون السياسية والتأثر بالصحافة المشرقية (كان خوجة من أتباع محمد عبده الصريحين)(1). ومنذ 1936 تولى الحفناوي وظيفة جديدة وهي الفتوى على المذهب المالكي، وهو وظيف رمزي وإلى حد ما سياسي، تضمن به السلطة الفرنسية التحكم في الأوضاع الدينية والتهدئة العامة. أما نفوذ المفتي بين فئات الشعب فيكاد يكون منعدما. وتجدر الإشارة إلى أن الحفناوي قد تولى الفتوى في وقت حرج، وهو الذي تولد عن اغتيال سلفه في نفس الوظيف، الشيخ محمود كحول عقب انعقاد المؤخر الإسلامي الشهير (2)، وبعد تقاعده رجع الحفناوي إلى مسقط رأسه، بلدة الديس، وهناك أدركته الوفاة سنة 1942.
أما إنتاجه من غير (تعريف الخلف) فهو قليل الأهمية الآن، ولكنه أفاد به الرأي العام في وقته، لا سيما الفئة المتعلمة بالعربية فقط والتي تجهل المجالات العلمية وتطور العلوم والطب (3). ولا شك أن نشر الحفناوي لبعض ما سنذكره كان بتوجيه واقتراح من هيئة تحرير المبشر وإدارة الشؤون الأهلية. لأن كان يدخل في توصيل المعارف العامة إلى المسلمين (الأهالي)
(1) انظر ترجمته وكذلك الحديث عن زيارة الشيخ محمد عبده للجزائر 1903 في السلك الديني والقضائي. وكذلك فصل المشارق والمغارب.
(2)
كان أيضا قد تعاون مع كحول في جريدة (كوكب افريقية) سنة 1907. ولم نطلع على إنتاجه فيها.
(3)
انظر فصل العلوم التجريبية.
من وجهة النظر الفرنسية. كما أن كتاباته بصفة عامة كانت تمثل المرحلة التي عاشها. فنحن نجده يعالج في المبشر موضوعات تتعلق بقوافل الصحراء (أثناء اهتمامات الفرنسيين بالتوغل نحو الجنوب)، فنقل عن جريدة (الطان) سنة 1887 - 1888 مقالة عن تجارة القوافل المتجهة إلى القورارة. وكتب حول داء الكلب ودوائه، ونشر عن ذلك مقالة سماها (الكلب لدى أطباء العرب) أظهر فيها دور العرب والمسلمين في الطب.
وقد نسب إليه بعض المترجمين أعمالا مخطوطة، منها مؤلفات في الجغرافية والتاريخ والمعاني: كالمستطاب في أقسام الخطاب، وأرجوزة في جغرافية (؟) ابن خلدون، وله رجز بعنوان غوص الفكر في حروف المعاني، وقد شرحه بنفسه تحت عنوان (صوغ الدرر على غوص الفكر). وتدل أعمال الحفناوي هذه، وكذلك الرسائل التي تناول فيها حفظ الصحة على أنه كان متحرر الفكر في حياته، ولعل صلته بالمستعربين الفرنسيين (1) والمصالح الدنيوية، وعمله في الصحافة قد جعلته يتجه إلى الحياة العملية وليس الصوفية أو الدينية، كما فعل بعض معاصريه من الذين تخرجوا من الزوايا. وبعض مقالاته في المبشر تدل على أنه متأثر أو مساير للحياة العصرية، إذ منها هذه العناوين: تركيب الماء، وتركيب الهواء، ذكر المغناطيس وخواصه، والحكمة بأنوارها في الكهربائية وأسرارها. وحين ألقى محاضرة في الجمعية الرشيدية سنة 1907 اختار عنوانها: فرنسا والحرية وتفوق اللغة الفرنسية.
أما العمل الهام الذي بقي يحمل اسم أبي القاسم الحفناوي فهو (تعريف الخلف برجال السلف)، وهو في التراجم الخاصة بعلماء الجزائر عبر العصور. وكانت بدايته فيه ترجع إلى ارتباطه بالتراث وكتب الطبقات التي
(1) بعض الأعمال العلمية التي تحمل اسم الحفناوي، مثل (الخبر المنتشر) قد أنجزه بالتعاون مع جان ميرانت الذي كان مترجما إداريا ثم تولى إدارة الشؤون الأهلية، بعد لوسياني.
قرأها وهو طالب، ثم أخذ منها وهو موظف سواء لنفسه كمحرر في المبشر أو للمستعربين الفرنسيين الذين كان يساعدهم على فهم التراث العربي الإسلامي والترجمة منه ما تقتضيه المصالح الفرنسية. وكان ديبون وكوبولاني قد اعترفا بفضله في مساعدتهما على توثيق مؤلفهما حول الطرق الصوفية، وقد عرفنا صلته بكل من آرنو وميرانت ولوسياني. ويذهب سعد الدين بن شنب إلى أن الحفناوي كان يجمع خلال ذلك الوقت البطاقات عن كل عالم، وكان يستعين ببعض المعاصرين من موظفين سامين ومن مرابطين وعلماء دين وأصدقاء.
ثم أن السلطات الفرنسية قد سهلت له الاتصال بالمغرب الأقصى وخزائنه، فحصل عن طريق الاستكتاب على تراجم، وكانت هذه أحيانا تنتزع انتزاعا من أصولها المخطوطة بدل أن تنسخ، كما شاهدنا ذلك بأنفسنا عند دراستنا لمخطوطات بوراس في المغرب. كما ساعدته السلطات الفرنسية على نشر الكتاب نفسه على حسابها يوم أصبح جاهزا، وكان ذلك في عهد الحاكم شارل جونار، وقد نوه الحفناوي بهذا الحاكم في أبياته الشهيرة وفي أول كتابه تعريف الخلف. فقد قال عن جونار إنه اهتم بمسلمي الجزائر وأحيا آثارهم وحاول أخذهم في طريق (التقدم العصري) لكي تجمع الجزائر بين عصر الشرق القديم وبحر الغرب الجديد (1). وكذلك شكر الحفناوي (الحكومة) على طبع (ما ييسر من أبناء وطننا وديننا من معارف الاعتبار ومآثر الاختبار). ورغم ثقافة الحفناوي الواسعة في التراث وعلاقته بالفرنسيين
(1) عن الأبيات التي قالها الحفناوي في المدرسة الثعالبية وفي جونار، انظر فصل الشعر. وعن الحفناوي انظر أيضا فصول التعليم والسلك الديني. أما عن شكر ديبون وكوبولاني له فهو في كتابهما (الطرق الدينية الإسلامية)، الجزائر، 1897، ص 27 من المقدمة. وقد وصفاه بأنه الخوجة المحرر بالمبشر، وأنه وضع نفسه يوميا تحت تصرفهما وأنه أثرى بمعارفه الواسعة ترجماتهما وصححها. ومن المؤلفات التي ذكراها مقرونة باسمه: ابتسام العروس، والدرر الكامنة، وروض القرطاس، وابن خلدون، الخ.
وإيمانه بالتقدم العصري - كما يسميه - فإننا لا نجد له حضورا في مؤتمر المستشرقين 14 الذي اعقد بالجزائر سنة 1905. بينما نجده يقوم بمرافقة الشيخ محمد عبده سنة 1903 من مرسيليا إلى الجزائر على ظهر الباخرة. وكانت مهمته معه مجهولة ولكن بتكليف من الحكومة الفرنسية (1).
إن تعريف الخلف قد ضم جزئين، ولم يرتبهما صاحبهما أي ترتيب. فالجزء الأول ضم مجموعة صغيرة من التراجم مع التوسع في حياة أصحابها، وكانت أسماؤهم هي التي نقشت على حيطان المدرسة الثعالبية. كما ضم هذا الجزء معلومات عن والد المؤلف، وعن الزوايا وبعض شيوخها، وكذلك بعض الشخصيات المعاصرة. لقد رجع الحفناوي إلى مراجع عديدة، بعضها مطبوع، ولكن الكثير منها كان من وثائق العائلات والتقاييد الخاصة والمخطوطات التي لم يتمكن أصحابها من طبعها. وكانت طريقته تشبه التراجم القديمة في كتب الطبقات العربية. وبعض التراجم قصيرة جدا، وبعضها يضم عدة صفحات، وذلك حسب توفر المعلومات. وقد أقحم فيه بعض التراجم غير الجزائرية، وهو أحيانا لا يضيف شيئا من عنده لمن يترجم له، بل يكتفي بنقل ما وصله عنه من العائلات أو من المؤلفات الأخرى.
ومن مراجعه، تاريخ ابن خلدون ونشر المثاني وصفوة من انتشر ووفيات ابن القنفذ، وكفاية المحتاج ونيل الابتهاج، والدرر الكامنة، والضوء اللامع. ولغة الحفناوي جيدة، وهي تدل على ثقافته الأدبية القوية، ولا يستعمل السجع أو الجمل العامية الثقيلة أو المتأثرة بالثقافة الأجنبية. ولكن تياره الفكري، رغم إيمانه بالتقدم، يتجه نحو التصوف وذكر الكرامات وبعض الخرافات. ولا ندري إن كان يؤمن بذلك حق إيمان (ونحن نستبعده)، أو هو نوع من مجاملة شيوخ العصر والمتعلمين الذين عاصرهم، وفيهم بعض القضاة والحكام والمرابطين. ونحن نعلم أن
(1) انظر زيارة الشيخ عبده للجزائر فى فصل المشارق والمغارب.
المثقفين عندئذ، مهما بالغوا في التحرر، كانوا يحمون أنفسهم بالانضمام إلى إحدى الطرق الصوفية، على الأقل، أو التظاهر بموالاة أهل الخير والولاية.
والواقع أن الحفناوي لم يكن يكتب تاريخا في تراجمه، حتى نحاكمه بقسوة على منهجه، كما فعل سعد الدين بن شنب، حين قال إن علم التاريخ لم يتقدم عنده، وإنه كان يسير في خطى مؤرخي العصور الوسطى. فإن كان ابن شنب يعني بذلك كتب التراجم فهو مصيب في دعواه، وإن كان يعني كتابة التاريخ فالأمر هنا مختلف. حقيقة أن الحفناوي قد ذكر الخرافات لبعض من ترجم لهم، وأكثر من الشعر أحيانا، وتوقف عند نقد مصادره، وعدم ترتيبها. ولكن لا حرج على الحفناوي أن يصبح كتابه كتاب أدب بدل أن كون كتاب تاريخ، لأن الترجمة كانت وما تزال تجمع بين الحقلين: الأدب والتاريخ، إضافة إلى علوم أخرى. وقد انتقد ابن شنب من خلال الحفناوي، كل متعلمي الجزائر المعاصرين له في العشرية الأولى من هذا القرن، لأنهم كانوا في نظره بعيدين عن التصور الحقيقي للتاريخ كمنهج ونقد وتحليل. وفي نظر ابن شنب أن المؤرخين (العصريين) بدأوا منذ العشرينات مع ظهور كتاب مبارك الميلي، كما أسلفنا (1).
لكن تعريف الخلف له ميزة بارزة انفرد بها، وهي أنه ظهر في وقت لم
(1) هناك مراجع عديدة عن الحفناوي منها: سعد الدين بن شنب (بعض المؤرخين العرب) في المجلة الإفريقية، 1956، والتقويم الجزائري لكحول، سنة 1912، وأعيان المغاربة لقوفيون، ج 1، 1924، وسعد الدين بن شنب (الأدب العربي في الموسوعة الاستعمارية والبحرية في الجزائر والصحراء)، باريس، 1946. وكذلك سعد الدين بن شنب (النهضة العربية) في مجلة كلية الآداب، 1964، وعبد الرحمن الجيلالي (تاريخ الجزائر العام)، وبحث خديجة بقطاش عنه، وكانت قد نشرته في الأصالة، وبحث رقية شارف (غير منشور)، 1993، وقد أعدته تحت إشرافي. وأحمد توفيق المدني (حياة كفاح) 2/.
أما تعريف الخلف نفسه فقد ظهر جزؤه الأول سنة 1906، والثاني سنة 1907، وقد وقع تصويره في السبعينات في بيروت دون تنقيح أو إضافة.
يتقدمه عمل آخر، ثم أنه ظل على أهميته إلى الآن. فأن المؤلفات التي ظهرت بعده كلها تقريبا تتخذه مرجعا. ولعل ذلك راجع أيضا إلى شموله لكافة العصور ونقوله العديدة من مؤلفات ووثائق تعتبر الآن مفقودة، سيما بعد أحداث ثورة 1954. كما أن لغة الكاتب سهلة فلا يجد قارئه عناء في الوصول إلى المعنى. وتداخل المعلومات أحيانا ووجود الخرافة في الكتاب يشفع لها ما يقدمه من مادة ذات قيمة كبيرة. ورغم أن النية - نية الفرنسيين - كانت عنئذ هي المحافظة على طابع الجزائر الإسلامية - الفرنسية، فأن النتيجة كانت عكس ما توقعوه، فقد بعث تعريف الخلف في النفوس الحمية والوطنية والغيرة على التراث والاعتزاز بالآباء والأجداد، ويمكن اعتبار ظهوره صفحة جديدة في اليقظة الوطنية والشعور بالذات السياسية، سيما في الوقت الذي كانت فيه مدرسة النخبة المتفرنسة تدعو إلى الاندماج الكلي في فرنسا والتخلص من كل روابط الماضي.
2 -
الكتاب الثاني الذي جمع تراجم هو شعراء الجزائر في العصر الحاضر لمحمد الهادي السنوسي. وهو كتاب في جزئين، ترجم فيه الشعراء لأنفسهم في غالب الأحيان، مع نماذج من أشعارهم. وكان دور السنوسي هو الترتيب والتنسيق فقط، مع التقديم والمعاناة في طبع الكتاب في تونس. وكان لظهور الكتاب وقع كبير في الحياة الأدبية.
ويضم (شعراء الجزائر) حوالي عشرين ترجمة. وهي كما قلنا من نوع السير الذاتية. وبعض هذه السير طويل، وبعضها مجرد سطور أو فقرة. كما أن بعضهم قد تقدمت بهم السن، غير أن بعض السير كانت لشباب ما يزالون في مقتبل العمر. ورغم أن الكتاب قد نفد من أمد بعيد، فإنه لم يطبع من جديد ومن ثمة أصبح من الكتب النادرة (1).
(1) السنوسي (شعراء الجزائر
…
) ط. تونس، جزآن، 1926 - 1927. وقد نوه به محمد العابد الجلالي في (تقويم الأخلاق). انظر عنه فصل الشعر فقرة (الدواوين والمجاميع).
3 -
تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر، من تأليف محمد (باشا) بن الأمير عبد القادر، وهو في جزئين ولكنه صدر أول مرة في مجلد واحد، الأول خاص بالترجمة لحياة الأمير أثناء المقاومة، مع أولياته ونهاية نضاله. والثاني يتناول حياة الأمير الدينية والأدبية، أي أثناء وجوده في السجن والمنفى. وفي الكتاب تاريخ للجزائر في العهود السابقة للاحتلال ولكن باختصار، وتعتبر حياة الأمير إلى 1847 هي حياة الجزائر أيضا، ولذلك يمكن اعتبار الجزء الأول تاريخا للجزائر كلها بين 1830 - 1847. وقد ضم الكتاب وثائق كثيرة ومصادر فرنسية وأخرى عربية وبعض الصور. ولكنه يذكر ذلك عرضا ولا يفردها بقائمة مرتبة، وليس في الكتاب تعاليق. وصدر الكتاب أثناء حياة المؤلف. وعندما طبع مرة أخرى، أضاف إليه ناشره بعض التعاليق الطفيفة (1).
ألف محمد باشا الكتاب سبع سنوات بعد وفاة والده. ويبدو أن المشروع كان قائما منذ كان الأمير عبد القادر حيا. ذلك أن الأمير هو الذي مكن ابنه من الوثائق العائلية ومن الرسائل والآراء والصلات بينه وبين غيره. وقد عثرنا على نسخة يبدو أنها الأصلية للمخطوط أو مستخرجة من الأصل، مكتوبة بخط جميل ومذهبة ومجلدة تجليدا فاخرا ومهداة إلى السلطان عبد الحميد الثاني، وهي منتهية سنة 1890 (1307). وقد يكون المؤلف انتهى من الكتاب قبل ذلك، بينما النسخة السلطانية نسخت في التاريخ المذكور فقط. وبالمقارنة مع النسخة المطبوعة في حياة المؤلف وجدنا بعض الفروق الهامة. ففي المطبوعة يذكر المؤلف أنه حين انتهى من تأليفه سرقت منه النسخة، وليس في المطبوعة إهداء إلى السلطان. كما أن هناك فروقا في التفاصيل بين النسختين تناولناها في دراستنا المفصلة والمنشورة في غير هذا (2). أما
(1) ط. الأولى، الإسكندرية (مصر)، 1903، وط 2 دمشق (سورية)، 1964. وتوفي المؤلف سنة 1913 انظر عنه فصل المشارق والمغارب.
(2)
(العثور على النسخة المسروقة من كتاب تحفة الزائر
…
) في أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، ط 2، ج 2، ص 115 - 143.
النسخة السلطانية فقد عثرنا عليها في اسطانبول تحت عنوان (تاريخ الأمير عبد القادر) في مكتبة الحاج محمود أفندي التابعة للمكتبة السليمانية ورقمها 4788.
ولد محمد في القيطنة ناحية معسكر، سنة 1840، والقيطنة هي مسقط رأس والده أيضا .. وعاش حياته في حضن أمه لأن والده كان مشتغلا بالجهاد على ظهر فرسه إلى ديسمبر 1847. وكان محمد طفلا في الثالثة من عمره عندما هربت به أمه من معركة الزمالة الشهيرة مع زوجات قادة الجيش الجزائري، سنة 1843. ورغم أنه لم يعش في الجزائر سوى سبع سنوات فإنه ظل يحن إليها ويتغنى بهوائها وترابها وشمسها. ويظهر ذلك في كتابه تحفة الزائر. وبقي محمد مع والده وأمه خمس سنوات في سجون فرنسا، ثم عدة سنوات في بروسة بالدولة العثمانية، ثم استقر بهم المطاف دمشق، سنة 1855. وكانت ثقافته وتعليمه على يد والده وصهرهم مصطفى بن التهامي وبعض علماء دمشق. وكان محمد أكبر أبناء الأمير، ولذلك كان رفيقه عند السفر، وموضع ثقته أثناء الحديث، ومهبط سره كلما طرأ طارئ سياسي أو عائلي. وكانت ميوله تشبه ميول والده. فقد اختار، وهو في الشام، الولاء الوطني والولاء العربي الإسلامي، واعتنق مبادئ الجامعة الإسلامية ومال إلى الدولة العثمانية بدل الدولة الفرنسية. ولكنه لم يستطع أن يجند كل إخوته لفكرته، لأن منهم من والى فرنسا مثل الهاشمي وعمر وعبد المالك في أول أمره (1). وقد حظي محمد ومحيي الدين بلقب الباشا من السلطات العثمانية. وشاء القدر أن يعاصر محمد أيضا سقوط السلطان عبد الحميد.
يكشف محمد أنه أقدم على التأليف عن والده بعد إلحاح عدد من وجوه أهل الشام وأعيان العرب والمسلمين، نظرا لمكانة والده وموضعه هو
(1) لم يكن أبناء الأمير العشرة من أم واحدة. ومن الذين والوا الدولة العثمانية محيي الدين وعلي. أما الهاشمي فقد جاء إلى الجزائر وكان ضريرا، وهو والد الأمير خالد الشهير في الحركة الوطنية. وتولى عبد المالك الشرطة الشريفية بطنجة تحت المظلة الفرنسية، ثم ثار على فرنسا سنة 1915. انظر عن أسرة الأمير فصل المشارق والمغارب.
من والده (فحرضوني على القيام بهذا المندوب). وقد جمع ما أمكنه من المصادر وهي: أحاديثه مع والده، والوثائق العائلية، والمحاضر الرسمية كالمعاهدات، والكتب الأجنبية المترجمة إلى العربية، والكتب العربية القديمة، والمراسلات، والصحف وإنتاج الأمير نفسه. ويذكر أنه جعل والده هو الحكم في هذه الوثائق، فهو راوية عن أبيه وهو مرجعه إذا اختلطت عليه الآراء. ونفهم من اللجوء إلى ترجمة الكتب المؤلفة عن الأمير أن محمد لم يكن يعرف لغة أجنبية. وقد رأينا أن الكتاب، رغم قيمته التاريخية يعتبر كتاب أدب، وهو من نوع المذكرات تقريبا. ولكنه يظل مرجعا أساسيا لحياة الأمير أولا من الوجهة الشخصية لأنه (أي الأمير) هو الحكم فيه، حسب تعبير ابنه، وثانيا من الوجهة العائلية والوطنية لأن العائلة تملك من الوثائق ما غاب عن الفرنسيين أو غيرهم من الكتاب، ثم إن الفرنسيين اعتمدوا أيضا على وثائقهم الخاصة، فكتاباتهم عن الأمير وعن الجزائر في عهده كتابات مجحفة وتعاني من النظرة الواحدية والعدائية، ومن ثمة يبقى الكتاب يمثل، في جزئه الأول على الأقل، وجهة النظر الجزائرية أيضا في الأحداث التي جرت بين 1830 - 1847.
4 -
أحمد بن محيي الدين، وهو أخو الأمير عبد القادر، وقد خص أخاه أيضا بترجمة لحياته وكفاحه. وعنوان كتابه نخبة ما تسر به النواظر وأبهج ما يسطر في الدفاتر في بيان سبب تولية الأمير عبد القادر في إقليم الجزائر. وكان أحمد هذا هو أصغر إخوة الأمير. وكان لذكائه وشجاعته واعتداده بنفسه مرشحا لخلافة أخيه لو طال به العمر في الحكم وانتصر على العدو. وقد عانى أحمد السجن كما عانى أخوه، وكان سجنه هو في عنابة، مدة خمس سنوات، وهي المدة التي قضاها الأمير عبد القادر أيضا في سجن فرنسا. وعندما سمح له بالخروج من السجن توجه (أحمد) إلى دمشق سنة 1283. وقد مالت عائلة الأمير (عائلة محيي الدين الأب) إلى التصوف كما كان وضع أبيهم وجدهم. ومنهم أحمد هذا (1).
(1) انظر عنه فصل المشارق والمغارب - عائلة الأمير. وقد نسب بعضهم إلى أحمد كتابا آخر هو (كيف دخل الفرنسيون الجزائر؟)، والواقع أن هذا الكتاب (رسالة) منسوب =
5 -
تاريخ الأمير عبد القادر، وهو من تأليف ابن عمه الحسين بن علي بن أبي طالب. وقد قام بترجمته إلى الفرنسية ترجمة جزئية ونشره في المجلة الإفريقية السيد ديلبيش (1).
6 -
تاريخ حياة طيب الذكر، هو عنوان الكتاب الذي أشرف عليه سعيد بن علي بن الأمير عبد القادر (2). وهو ترجمة ورثاء ومآثر الأمير علي الذي وقف إلى جانب الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وساند أخاه عبد المالك في ثورته على الفرنسيين في المغرب الأقصى. وكان الأمير علي قد حارب الإيطاليين في طرابلس، وتولى النيابة عن دمشق في برلمان الدولة العثمانية. أما الأمير سعيد فقد ساند ثورة الشريف حسين ورفع علمها على سراي دمشق قبل دخول الأمير فيصل ولورنس إليها، وسنذكر ذلك في مكانه.
7 -
عبرة الناظر في تاريخ الجزائر، تأليف الهاشمي بن بكار، مفتي مدينة معسكر في وقته. وقال إنه شرع فيه ولم يقل إنه أكمله. ويبدو أنه ليس تاريخا بالمعنى الذي نتناول، لأنه قال عنه إنه يتناول الخصومة بين علماء الطرق الصوفية وعلماء الإصلاح بين الحربين. وهو يسمى الفريق الأول علماء السنة والفريق الثاني المتطرفين. وذكر أنه ترجم فيه لجماعة من هؤلاء وأولئك. وقد ذكر ذلك في كتابه مجموع النسب ص 187.
8 -
تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر، ألفه الهاشمي بن بكار، ولم نطلع على هذا الكتاب وإنما ذكره الهاشمي بنفسه في كتابه (مجموع
= إلى أحمد أفندي، الذي يغلب على الظن أنه أحد كراغلة الجزائر الذين شردهم الفرنسيون أول الاحتلال. وقد نشر هذا الكتاب صلاح الدين المنجد سنة 1963. انظر عنه أيضا SCULUCHTA (احتلال الجزائر كما يرويه جزائري) في (المجلة الآسيوية)، 1863.
(1)
المجلة الإفريقية، عدد 20، ص 416 - 455. انظر أيضا فصل الاستشراق. وتوفي ديلبيش سنة 1894.
(2)
مطبعة الترقي، دمشق، 1918. وجاء في الغلاف أن الكتاب من وضع نخبة من الكتاب تحت رعاية الأمير سعيد، نجل الفقيد. 176 صفحة.
النسب) ص 36 قائلا: (قد بسطت ترجمته (أي الأمير) في كتابي المسمى
…
).
9 -
عبد القادر فارس العقيدة، للشريف ساحلي، الجزائر، 1948. وقد تناول فيه سيرة الأمير كرمز للمقاومة الوطنية والإسلام. وراجعته جريدة البصائر في مقال مطول.
10 -
عبد القادر واستقلال الجزائر لكاتب ياسين، 1948.
11 -
ياقوتة النسب الوهاجة، تأليف أبي حامد المشرفي. وقد ترجم فيه لحياة وتصوف ونسب الشيخ محمد بن علي المجاجي، دفين مجاجة بالشلف، أوائل القرن الحادي عشر الهجري. وهو كتاب هام فيه معلومات عن عصر المجاجي وعصر الأمير عبد القادر أيضا، كما فيه أخبار عن شخصيات اتصلت بالمجاجي. وتعرض المشرفي أيضا لأنساب الأدارسة بالمغرب وأخبار بعض علماء الجزائر. ورتبه على مقدمة وأربعة أقسام وخاتمة. ولهذا الكتاب عنوان آخر وهو (اليواقيت الثمينة الوهاجة في التعريف بسيدي محمد بن علي مجاجة).
12 -
ترجمة الشيخ محمد بن المختار وأصل عائلته، وهو مخطوط مؤلف حوالي 1857. وكان هذا الشيخ قد حج وزار مصر وسورية والتقى ببعض شيوخ الوقت مثل الشيخ عليش المصري. ولا نعرف من ترجم لهذا الشيخ ولا الوظائف التي تولاها أثناء حياته من 1815 - 1908 (1). وتشير بعض المصادر إلى أن الشيخ المختار قد انتصب للتدريس في عدة زوايا، وأنه كان رحماني الطريقة وأن شيخه فيها هو محمد أمزيان الحداد.
(1) المصدر الذي أشار إليه هو محمد امقران ايسلي في رسالته (الحركة الدينية والإصلاحية في منطقة القبائل)، ماجستير، جامعة الجزائر، معهد الفلسفة، ص 334. وجاء في من الشيخ محمد الحسن عليلي أن الذي كتب الوثيقة التي اعتمد عليها ايسلي هو أحد تلامذة الشيخ المختار، واسمه الشيخ العربي لواج، من بني يني، من رسالة الشيخ عليلي، مارس 1997.
13 -
تراجم علماء الجزائر، تأليف عمر راسم، صاحب جريدتي ذو الفقار والجزائر أوائل هذا القرن. وقد ترجمنا له في فصل المنشآت الثقافية، ولم نطلع على عمله وإنما اطلعنا على وصف محمد علي دبوز له، وقد وصفه بالرسالة أي التأليف الصغير وقال عنه إنه غير مطبوع، وإنه استفاد منه في كتابه (أعلام الإصلاح)، كما لاحظنا نحن ذلك في بعض المواضع منه. وأعطاه عنوانا ربما من عنده وهو (تراجم بعض زعماء النهضة الأولين بالجزائر). وكان الشيخ دبوز قد قرأ هذه الرسالة بقسنطينة سنة 1965، ونفهم من ذلك أن هذه الرسالة كانت في حوزة الشيخ النعيمي وأن دبوز سمعها منه فسجلها على الشريط وانتفع بها. وأخبر دبوز أنها قد لا توجد عند الشيخ النعيمي (1).
وقد نقل دبوز من رسالة عمر راسم ترجمة حمدان خوجة، فاعتبره وطنيا كبيرا، وسياسيا ماهرا، وعالما من علماء الدين. وأنه تقلد وظيفة التدريس بالجامع الجليد، فدرس التفسير والحديث. وهذا الوظيف لم يكن معروفا عن خوجة، ولا ندري إن كان ذلك قبل الاحتلال أو بعده، والغالب أنه يشير إلى ما قبل الاحتلال. والمعروف أن خوجة كان عندئذ تاجرا، ولكن ذلك لم يكن يمنعه من التدريس بالجامع، حسبما جرت العادة. وقد أضاف عمر راسم أن خوجة منع من دخول الجزائر بعد سفره إلى باريس للتعريف بقضية الجزائر والدفاع عن نسه أيضا. وبناء على عمر راسم فإن خوجة قد أفتى بالتحرز والاحتياط من (الكرنتينة) أو الحجر الصحي، وكذلك أفتى باستعمال اللباس الإفرنجي (الأوروبي) للعسكر العثماني - وهذا الرأي كان لابن العنابي (2) - وربما احتوى الكتاب على تراجم أخرى مفيدة.
(1) محمد علي دبوز (نهضة الجزائر) 1/ ي.
(2)
دبوز (نهضة الجزائر)، 1/ 133. وعن ابن العنابي انظر دراستنا (رائد التجديد الإسلامي)، ط. 2، 1992، وكذلك (السعي المحمود) تحقيق محمد بن عبد الكريم.
14 -
رسالة في تراجم علماء الجزائر تأليف محمد بن مصطفى. وقد ذكرها له بعضهم، وهي غير معروفة (1). ومهما كان الأمر فقد كان المؤلف واسع الاطلاع، وعاصر مرحلة هامة من تاريخ الجزائر.
15 -
تاريخ رجال الإصلاح في جيل، تأليف عبد الرحمن بن عمر، وهو في ثلاثة أجزاء، وما يزال مخطوطا. وقد اطلع عليه محمد علي دبوز وأخذ منه، وقال إن مؤلفه مولع بالتدوين وكتابة المذكرات وإنه (مؤرخ)(2). وقد شارك المؤلف في تأسيس جمعية العلماء، 1931.
16 -
وبالإضافة إلى ذلك نود أن نذكر بعض (البرامج) التي يسجل فيها العلماء أسماء وحياة من أخذوا عنهم، فهي إذا شئت نوع من التراجم أيضا. ومن ذلك برنامج محمد بن علي السنوسي المسمى البدور السافرة وهو ملخص عمله (الشموس الشارقة)، وقد تحدث فيه عن مشائخه الذين أخذ عنهم العلم والتصوف في الجزائر والمغرب الأقصى ومصر والحجاز وغيرهم (3).
17 -
المنشور في رجال الشيخ عاشور، والمقصود بذلك هو عاشور الخنقي صاحب ديوان (منار الاشراف). وقد ذكر في هذا الكتاب أنه لا يمكنه أن يترجم لشيوخه لكثرتهم (لا تحتمل مناقبهم هذه العجالة). وأخبر أن الفرصة قد سنحت له لتأليف كتابه المسمى (المنشور
…
) (4). فإن كان قد انتهى منه فإننا لم نطلع عليه، ولا نعلم من وصفه. وكان عاشور قد درس في الخنقة ونفطة، كما جلس للتدريس في قسنطينة ثم في زاوية الهامل نواحي بوسعادة.
(1) عادل نويهض معجم أعلام الجزائر، ط. 1، ص 186. انظر عنه فصل السلك الديني والقضائي وفصل التعليم.
(2)
محمد علي دبوز، نهضة، 1/ ي - ك.
(3)
المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم 2522، انظر الكتاني، فهرس الفهارس. وفصل العلوم الدينية.
(4)
عاشور الخنقي (منار الإشراف)، ط. 1914، ص 38 من الخاتمة. انظر ترجمتنا له في فصل الشعر وكذلك فقرة الأنساب من هذا الفصل.
18 -
تاريخ علماء زواوة، وهو تأليف منسوب لمحمد أرزقي الشرفاوي، من بلدة الشرفة نواحي بجاية. وقد درس في الجزائر ومصر ثم عاد إلى بلاده مدرسا ومؤلفا. وقد يكون كتابه مفيدا في بابه، غير أننا لم نعرف من اطلع عليه أو نقل منه.
19 -
المرآة الجلية في ضبط ما تفرق من أولاد سيدي يحيى بن صفية (1)، وفي التعريف بمشاهير العلماء ورجال المعاهد الصوفية. من تأليف الحاج الجيلاني بن عبد الحكم العطافي. ومحتوى الكتاب واضح من عنوانه، وهو في الأنساب وتراجم بعض رجال التصوف ومن تعاطف معهم. وربما هو يشبه الكتاب الذي أعلن عنه الهاشمي بن بكار (عبرة الناظر) من بعض الوجوه. فبالإضافة إلى أولاد سيدي يحيى بن صفية ترجم المؤلف لعلي البوديلمي، والمهدي البوعبدلي، وأفراد من عائلة العشعاشي، والمولود الحافظي، وشيوخ الزوايا المعروفة مثل محمد الموسوم وتلاميذه، وابن تكوك السنوسي، والهاشمي بن بكار، ومصطفى فخار مفتي المدية، ومفتي مليانة، ومحمد البشير الرابحي، والشاعر أحمد الأكحل،.الخ. فالتراجم إذن شملت شيوخ الزوايا ورجال التدريس والإفتاء في الفترة الفرنسية. ولكنه ترجم أيضا لعبد الحميد بن باديس. والكتاب على ما فيه، مفيد للمؤرخ إذ يقدم صورة لأحد التيارات المتفاعلة في الجزائر عشية الثورة، وهو التيار الديني المحافظ (2).
…
وتدخل المناقب أيضا في باب التراجم، رغم أن كتاب المناقب يركزون على ذكر المظاهر الصوفية كالكرامات لمن يترجمون لهم.
(1) أشار إليه عبد الباقي مفتاح (أضواء)، مخطوط. وقد حصلت منه على جزء مصور عن طريق الشيخ محمد الحسن عليلي.
(2)
ط. تلمسان، مطبعة ابن خلدون، سنة 1372 (1953). ومؤلفه كان مديرا لمدرسة الفلاح الأصنام (الشلف حاليا). وسيدي يحيى بن صفية هو جد المؤلف. =
20 -
المواهب الجلية في التعريف بإمام الطريقة السنوسية، تأليف الشيخ محمد بن عيسى السعيدي القاسمي الجزائري. والمقصود بإمام الطريقة هو محمد بن علي السنوسي.
وقد ذكر هذا الكتاب عبد الحي الكتاني وقال إنه في سفر وسط. ولا نعرف أكثر من ذلك عن مؤلفه (1).
21 -
ترجمة محمد بن علي أبهلول المجاجي أرسل بها الونوغي بن أحمد بومزراق المقراني إلى أبي القاسم الحفناوي مؤلف (تعريف الخلف). وكان الونوغي عندئذ (أول هذا القرن) مفتيا في الأصنام - الشلف -. وهو ابن بومزراق زعيم ثورة 1871. ويقول الحفناوي إن المخطوط كان للآغا ابن آمنة الحاج بو طيبة، حفيد المجاجي. فالونوغي إذن كان مجرد واسطة. كما أرسل إليه الونوغي أشعارا لسعيد قدورة وغيره لتدرج في ترجمة المجاجي بعد تصحيحها. فمن كتب ترجمة المجاجي؟ هل هي ملخص ما كتبه الغير، مثل المشرفي؟ أو هناك مؤلف آخر مجهول؟ ولا نعتقد أن الترجمة كانت من وضع الآغا أو من الونوغي نفسه (2).
22 -
مناقب الشيخ محمد بن عبد الله الديلمي، (البوديلمي) تأليف عبد الغني خطاب. وكان المؤلف مدرسا في المدرسة الرحمانية بتلمسان، المعروفة باسم مدرسة التربية والتهذيب) لزاوية البوديلمية. وقد سلم المؤلف مناقبه إلى الهاشمي ابن بكار فأدخلها ضمن كتابه (مجموع النسب)، ونفهم من ذلك أن عبد الغني خطاب كان من أهل الطرق الصوفية ومن خصوم حركة الإصلاح.
أما محمد الديلمي موضع الدراسة فهو شيخ الطريقة الخلوتية (الرحمانية) بالمسيلة، ولد بها سنة 1264 (47 - 1848). واسمه الكامل
(1) عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس، 2/ 1043.
(2)
تعريف الخلف، 2/ 448. وعن حياة أحمد بومزراق نفسه انظر الحركة الوطنية، ج 1.
هو: الحاج محمد بن عبد الله بن عبد القادر بن أبي زيان بن مبارك بن الموهوب، ويتصل نسبه بمحمد الديلمي المنسوب للأشراف عن طريق جده محمد بن عزوز الديلمي الذي ترجم له ابن مريم في (البستان). وفي طفولته سافر محمد الديلمي إلى بجاية طلبا للعلم، وهناك درس على الشيخ السعيد الحريزي، ثم تنقل بين الزوايا بزواوة مثل زاوية أحمد بن يحيى وزاوية اليلولي، ومن هناك توجه إلى قسنطينة فدرس على عبد القادر المجاوي وحصل على إجازات. ثم أسس هو زاوية في المسيلة (؟) ودرس عليه فيها طلاب من جهات مختلفة. وقد أخذ الطريقة على الشيخ محمد امزيان الحداد داعية ثورة 1871. وفي جبل الناظور التقى بالشيخ عمارة بن أبي اديار (؟) وأخذ عنه علم التصوف. كما أنه حج مرتين وجاور بالحرمين وأخذ عن بعض العلماء هناك، دون تحديد من هم ولا متى كان ذلك؟.
وبعد رجوعه إلى الجزائر أخذ يطالع كتب التصوف والدين، مثل كتب الغزالي وابن عربي والرسالة القشيرية والإنسان الكامل. وقد انتصب للتدريس، فكان يدرس مختصر الشيخ خليل في الفقه، ويفسر بعض الآيات القرآنية. كما كان يدرس التوحيد والنحو. وكان يجمع إلى ذلك تعليم مريديه المبادئ الصوفية. وكان له تلاميذ يساعدونه على التعليم. واستمر على ذلك نحو أربعين سنة. وتوفي بالمسيلة سنة 1361 (1942). ولا نعرف أن آخرين تعرضوا لحياة الحاج محمد الديلمي غير عبد الغني خطاب والهاشمي بن بكار (1).
23 -
الزهر الباسم في ترجمة محمد بن أبي القاسم الهاملي. تأليف محمد بن الحاج محمد بن أبي القاسم، وهو ابن أخ المترجم له. وفي الكتاب فصول وخاتمة وديباجة. وفيه أيضا فوائد هامة عن حياة الشيخ الهاملي (2). والترجمة هنا تصبح مسألة عائلية، لأن الإشادة بالشيخ الهاملي
(1) ابن بكار (مجموع النسب)، ص 171 - 173. وكانت عائلة الديلمي معفاة من الضرائب أثناء العهد العثماني لصلتها بالتصوف والشرف.
(2)
ط. تونس، 1310 (1892) وفيه 149 صفحة. وقد ترجمنا للشيخ محمد بن بلقاسم في فصل التصوف. انظر عنه أيضا فصل التعليم.
هي نفسها إشادة بالزاوية والعائلة القاسمية ودورها في التعليم والتصوف. وقد تولى المؤلف خلافة عمه في الزاوية، بعد أن تولتها السيدة زينب ابنة الشيخ حوالي ست سنوات.
24 -
فوز الغانم، تأليف محمد بن عبد الرحمن الديسي، وموضوعه هو سيرة شيخ زاوية الهامل، محمد بن بلقاسم وشرح أوراده وسلوكه الصوفي. وقد أشرنا إليه في الإنتاج الديني.
25 -
غرائب البراهين في مناقب صاحب تماسين، تأليف محمد بن المطماطية، والمقصود بصاحب تماسين هو الحاج على الينبوعي، شيخ الطريقة التجانية مدة طويلة ومؤسس فرعها في تماسين. وهو الذي ورث خلافة الشيخ أحمد التجاني وعاد على إثر وفاته، بأولاده من المغرب الأقصى. وعدا الفترة التي تولاها محمد الصغير التجاني في عين ماضي 1840 - 1853، فإن أبناء الحاج علي هم الذين توارثوا أباهم في (البركة) التجانية. ونحن وإن كنا لم نطلع على (غرائب البراهين) إلا أنه من الواضح أن المؤلف، ابن المطماطية، يتحدث عن حياة الحاج علي التماسيني، ويذكر دوره وكراماته وأولاده. وكان ابن المطماطية هو (مقدم) الطريقة التجانية في قسنطينة ومقره هو زاوية ابن نعمون. وكانت له بعض الشهرة في قسنطينة خلال الثمانينات من القرن الماضي لعلاقته بالأحداث التي عرفتها المدينة عندئد (1).
26 -
ولنفس المؤلف (ابن المطماطية) عمل آخر ترجم فيه لمجموعة من رجال الطريقة في تماسين، ويسميهم الخلفاء الخمسة أي الذين توارثوا ااالبركة «التجانية من عائلة الحاج على التماسيني، وعنوان الكتاب (مجالس الأنس في تراجم الخمس (كذا). ولم نطلع نحن أسيا على هذا الكتاب. ولعله يعني بهم: محمد العيد، ومحمد الصغير ومعمر الذين ورثوا والدهم،
(1) انظر كريستلو (المحاكم)، ص 239 هامش 39.
أما الرابع والخامس فلا ندري الآن من هما (1).
27 -
فتح المنان في سيرة الشيخ سيدي الحاج محمد بن أبي زيان لمؤلف مجهول، وهو يصل إلى سنة 1312 (1910). وبذلك يكون الكتاب معاصرا للفترة التي نعالجها. وكنا قد ذكرنا هذا الكتاب في الجزء الثاني من كتابنا هذا، دون التأكد من عصره (2)، وعندما رجعنا إلى دراسة (أوغست كور) عنه، تبين أن المؤلف قد تتبع تواريخ حياة أبي زيان وخلفاته إلى السنة المذكورة (1910) وآخرهم هو الثامن، وهو إبراهيم بن محمد الذي كان متوليا للزاوية الزيانية عندئذ والذي وفر نسخة من الكتاب لكور. ولم يلتزم كور بخطة المؤلف وإنما تصرف في عرض محتوى الكتاب. ومن بين الخلفاء أربعة تولوا الزاوية في عهد الاحتلال (3).
ولكن يظل مؤلف فتح المنان مجهولا، فهل الكتاب عبارة عن كناش أو تقييد يضيف إليه الأواخر ما فات الأوائل؟
28 -
البحر الطافح في بعض فضائل شيخ الطريق سيدي محمد الصالح، تأليف إبراهيم بن محمد العوامر. وهي رسالة ألفها الشيخ العوامر في هذا الشيخ إعجابا به وبطريقته الرحمانية في وادي سوف. ومحمد الصالح هو نجل سيدي سالم الأعرج بن محمد بن محمد
…
بن سيدي المحجوب، دفين القيروان، وقد أخذ محمد الصالح وكذلك شقيقه مصباح،
(1) الكتابان مخطوطان، ولم نسجل مصدرهما.
(2)
انظر الجزء الثاني، ط. 1، ص 134.
(3)
أوغست كور، كتابان عن حياة أبي زيان وزاوية القنادسة، في (مجلة العالم الإسلامي) R.M.M، نوفمبر 1910، ص 359 - 379، وديسمبر، 1910، ص 571 - 590. وقد حصل كور على نسخة أيضا من كتاب (طهارة الأنفاس)، عن حياة أبي زيان، من الشيخ إبراهيم بن محمد المذكور، ثم على نسخة أخرى من محمد نهليل الترجمان في بني عباس (الغرب). ومؤلف طهارة الأنفاس معروف وهو مصطفى بن الحاج البشير؛ ويبدو أنه معاصر لأبي زيان (ت. 1145/ 1733). انظر أيضا فصل الطرق الصوفية.
الطريقة على والده سيدي سالم مؤسس الزاوية الرحمانية، المعروفة في سوف باسم زاوية سيدي سالم. وكان سيدي سالم قد أخذ الطريقة من علي بن عمر الطولقي.
وقد ألف إبراهيم العوامر الرسالة وفاء لوصية جده الذي خدم، كما قال، سيدي سالم الأعرج، والذي أوصاهم بخدمة أولاد شيخه، ومنهم محمد الصالح المذكور. فألف فيه الكتاب وذكر كراماته (1). ونحن نستغرب كيف يلجأ العوامر إلى ذكر هذه الكرامات رغم أنه كان من المتعلمين العقليين والذين نهوا عن البدع والخرافات واهتموا بالتاريخ والأنساب، ولكن الذين درسوا حياته أخبرونا أنه كان يوالي جميع الطرق الصوفية في الناحية، رغبة أو رهبة. وقد رأينا (البحر الطافح) مخطوطا، ونظن أنه مطبوع أيضا.
29 -
تراجم في شيوخ الطريقة التجانية في تماسين، ألفه محمدي العروسي السوفي، (وهو غير صاحب المخدرة) الذي كان أحد المقدمين لهذه الطريقة. ولا نعلم لهذا التأليف عنوانا. ولم نطلع عليه، ولعله مثل كتاب ابن المطماطية يؤرخ ويترجم لعائلة الحاج علي التماسيني الينبوعي التي توارثت زعامة الطريقة فترة طويلة. وكان لها أنصار في الناحية. وكان العروسي من سكان مدينة الوادي. ومثل هذه الكتب تكون عادة في خزانة الزاوية نفسها (2) لا يطلع عليها إلا الخواص.
30 -
رسالة في سيدي نائل، ألفها محمد بن عبد الرحمن الديسي. والرسالة في تاريخ ومناقب رئيس عرش أولاد نائل وأماكنهم وفروعهم. وأذكر أن أحد علماء الجلفة قد أعطاني كراسا مكتوبا بخط جيد، في ترجمة سيدي نائل، وكان ذلك أوائل السبعينات. ولا أذكر الآن من هو المؤلف،
(1) تعريف الخلف، 2/ 399.
(2)
لا ندري المصدر الذي أخذنا عنه، ولعله كتاب (أضواء) لعبد الباقي مفتاح، وهو مخطوط. ونشير هنا إلى تقاييد أخرى لمحمدي العروسي، وتقاييد للعيد بن يمينة، مقدم التجانية بالبياضة (الوادي)، وهي في خزانة الزاوية بتماسين. وتوفي ابن يمينة عام 1978.
ولعله الديسي نفسه. والكراسة ما تزال عندي ولكنها الآن بعيدة مني ويعتبر سيدي نائل من الأشراف عند أهل الناحية.
31 -
رسالة في إثابت نبوة خالد بن سنان العبسي، تأليف إبراهيم العوامر السوفى، سماها حد السنان في عنق التنكر لخالد بن سنان. ولا نظن أنها مطبوعة. والمقصود به خالد بن سنان الذي قيل إن الشيخ عبد الرحمن الأخضري قد أثبت نبوته بطريق الكشف، وهو التعبير الصوفي عن الكرامة (1). وفي نواحي الزيبان بلدة معروفة باسم سيدي خالد.
32 -
كنز الأسرار في مناقب مولانا العربي الدرقاوي وبعض أصحابه الأخيار، من تأليف محمد بن أحمد المعروف أبو زيان الغريسي المعسكري المتوفى في المغرب سنة 1271. وقد ترجم في الكتاب لشيخ الطريقة الدرقاوية، محمد العربي، وبعض أتباعه من الجزائر والمغرب. وقد توفي المؤلف قبل أن يكمله (2).
33 -
تأليف عن نشأة أولاد سيدي الشيخ ومناقبهم إلى ثورتهم سنة 1864. أشار إليه قينار E. GUENAR في نشرة الجمعية الجغرافية لوهران. ولا ندري مؤلفه، ولا حجمه.
34 -
كتاب في المناقب، مؤلفه مجهول، وربما هو في مناقب ابن علي الشريف دفين زاوية شلاطة. وقيل إن الشيخ محمد السعيد اليجري قد اطلع عليه سنة 1944.
وليس هناك وصف للكتاب الآن (3). وقد ذكرنا في الجزء الثاني أن
(1) انظر الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(2)
تعرضنا لهذا الكتاب في الجزء الثاني، ط. 1، ص 135. ونضيف هنا أن مخطوط كلية الآداب في الرباط يقع في 187 صفحة. انظر أيضا المنوني (المصادر العربية) 2/ 24.
(3)
من مراسلة مع الشيخ محمد الحسن عليلي، نوفمبر، 1994. وهو ابن الشيخ محمد السعيد اليجري، وقد روى ذلك عن والده.