المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تواريخ محلية (الجنوب) - تاريخ الجزائر الثقافي - جـ ٧

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع

- ‌الفصل الأولالعلوم الدينية

- ‌تمهيد

- ‌التفسير والدراسات القرآنية

- ‌القراءات ورسم القرآن

- ‌الحديث الشريف

- ‌الأثبات

- ‌الإجازات

- ‌الفقه والأصول

- ‌في القضاء والأحكام

- ‌الردود والاعتراضات

- ‌مسألة تدوين الفقه الإسلامي

- ‌جهود أخرى في الفقه لبعض الجزائريين والمستشرقين

- ‌الفصل الثانيالعلوم الاجتماعية

- ‌المؤلفات الصوفية

- ‌في علم الكلام والمنطق

- ‌دراسات حول الإسلام والإصلاح

- ‌حول المرأة

- ‌موضوعات أخرى مختلفة

- ‌ظهور مالك بن بني

- ‌الفصل الثالثالعلوم التجريبية

- ‌الطب والتقاليد

- ‌ممارسات طبية في الأوراس

- ‌الطب السحري والخرافي

- ‌بعض المؤلفات في الطب والصحة

- ‌بعض التراجم

- ‌مدرسة الطب

- ‌الفلك

- ‌في الحساب والفرائض

- ‌علوم أخرى

- ‌مدرسة العلوم

- ‌الفصل الرابعالتاريخ والتراجم والرحلات

- ‌مفهوم التاريخ وتعريفاته

- ‌سيرة نبوية وتواريخ عامة

- ‌الأنساب والأشراف

- ‌تواريخ محلية (شرق البلاد)

- ‌تواريخ محلية (الغرب)

- ‌تواريخ محلية (الجنوب)

- ‌تاريخ الجزائر عموما

- ‌في التراجم والمناقب

- ‌المذكرات

- ‌الرحلات

- ‌المحتوى

الفصل: ‌تواريخ محلية (الجنوب)

12 -

تقاييد بعض حذاق المؤرخين، لمؤلف مجهول. ويضم عدة صفحات مكتوبة بخط واضح، قليل الأخطاء، وهو يؤرخ لأهل الجزائر عموما منذ أقدم العصور، خصوصا الناحية الغربية. والمؤلف يطعن في العرب والمسلمين، وفي زعماء المقاومة، وهو يبرر الاحتلال الفرنسي. وينتهي بعهد السبعينات من القرن الماضي إذ جاء ذكر ذلك في آخر المخطوط. وقد يكون هذا التقييد من عمل بعض المستعربين أو من بعض الجزائريين الذين كلفوا بذلك تحت ظروف خاصة.

وبداية التقييد: (اعلم أن أول الأمم التي استقرت بالمواطن الجزائرية هم الفولان المتوطنون اليوم في سنيقال والسودان

) أما آخره فهو (وبالجملة فمن حين استلاء (كذا) الفرنسيس على البلاد ثبتت العافية للمسلمين، ولأجلها يرجى منهم التقدم في ميادين التمدن والخيرات النافعة). وليس لهذا التقييد تاريخ الانتهاء (1).

‌تواريخ محلية (الجنوب)

نعنى بالجنوب عدا الولايات الشمالية الثلاث المعروفة أثناء الاحتلال الفرنسي. ويشمل ذلك المناطق الممتدة من بشار إلى سوف، ومن الأغواط إلى الهقار. ولا شك أن لعلماء هذه الأماكن تواريخ محلية، كبيرة أو صغيرة، خلال المرحلة التي ندرسها. وقد ورد بعضها في مؤلفات فرنسية أو سمعنا به، ولكن هناك تواريخ وتراجم وأنساب لم يعرفها إلا أصحابها أو القلائل من أقاربهم، وهي ما تزال مخبأة في المكتبات الخاصة، وربما تلف بعضها بعوامل الزمن واختلاف الأجيال والنهب ونحو ذلك. وسنذكر هنا ما تمكنا من معرفته بالوسائل المذكورة، تاركين لغيرنا استكمال ما بدأناه، ولعل أصحاب تلك التآليف أو ورثتهم يشفقون عليها فيعرفون بها وينشرونها حفظا لها من التلف وتخليدا لذكر مؤلفيها وإفادة الناس بها.

(1) من مجموع أعاره لي محمد بن عبد الكريم الزموري.

ص: 387

وإليك بعض ما علمنا منها:

1 -

في أوائل الثمانيات من القرن الماضي ألف الشيخ محمد بن يوسف أطفيش تاريخا لبني ميزاب سماه الرسالة الشافية. وقد طبعت في وقتها على الحجر، ثم أعيد طبعها أوائل هذا القرن. وكان الشيخ أطفيش أعلم علماء ميزاب في وقته، وكان الفرنسيون قد اتفقوا مع أهل ميزاب على نصب الحماية سنة 1853، مع الإبقاء على مصالح أهل ميزاب وتقاليدهم وممارسة شعائرهم وتجاربهم. ولكن مع فاتح 1880 كانت النوايا الفرنسية تتغير نحو الصحراء عموما، سيما بعد حوادث السبعينات ونشاط بوشوشة والمدقانات، فطلب ايميل ماسكري (1)، وهو مستشرق فرنسي اهتم بمدن ميزاب ولهجتها وتاريخها، من الشيخ أطفيش أن يكتب له خلاصة لتاريخ بني ميزاب تتضمن أنسابهم وأصولهم وعقائدهم وتواريخهم ورجالهم. فكتب الشيخ الرسالة الشافية. واعتقد أنه أجاب فيها بما لا يضر بالإسلام والمسلمين، وكأنه يريد أن يقول إنه كان يعرف أن الفرنسيين قد يتخذون من عمله ذريعة للإساءة إلى بني وطنه، فلم يكتب لهم إلا ما رآه نافعا غير ضار بالمسلمين.

وقد قيل عن الرسالة الشافية (2) إنها أول عمل يطبع حول تاريخ بني ميزاب وحدهم، لأن التواريخ السابقة كانت تدمجهم ضمن الحديث عن الإباضية. ولكن ثقافة الشيخ أطفيش الفقهية طغت على شخصيته كمؤرخ، فلم يكتب (تاريخا) وإنما كتب أخبارا عامة ومعلومات لا تؤرخ فعلا لإنشاء المدن الميزابية، ولا تذكر أصول المؤسسات الاجتماعية والدينية، ولا النظم السياسية، وطريقة توارث الأيمة. ويذهب من درس الرسالة الشافية إلى أنها تبقى مع ذلك مصدرا هاما لتاريخ بني ميزاب، أمام انعدام المصادر الأخرى،

(1) كان ماسكري قد كتب أطروحته عن تشكيل المدن عند أهل الحضر في الجزائر، وقد ظهرت بباريس 1886. وكان قد ترجم جزئيا تاريخ أبي زكريا يحيى الوارجلاني، الجزائر 1878. انظر عن نشاطه السياسي والفكري فصل الاستشراق.

(2)

الرسالة الشافية، ط. الجزائر 1299/ 1880، وط. 2 الجزائر، 1326/ 1908، وهي في 191 صفحة.

ص: 388

سيما المطبوعة، ذلك أن أطفيش قدم فيها معلومات عن العلاقات القديمة بين ميزاب والبصرة وتيهرت، وذكر فيها أصول قبائل بني ميزاب، وقائمة هامة بعلماء المذهب الأباضي، إلى حدود القرن العاشر الهجري، كما ذكر الأسانيد الفقهية. ومن جهة أخرى تضم الرسالة الشافية نقاطا حول علم الاجتماع في العالم الإسلامي. وقد دافع المؤلف عن وضع الإباضية المعتدلين، ورفض العبارة الشائعة وهي أنهم خوارج، دون معرفة موقفهم بالضبط بعد معركة صفين.

وبناء على دراسة السيد كوبيرلي للرسالة الشافية نفهم أن الرسالة تضم خمسة عشر فصلا، وبعد أن لخص عناوين بعض الفصول، قال إن الفصل الثاني جدير بالترجمة في نظره، وقد قام فعلا بذلك، لأنه فصل يتعلق بأجداد بني ميزاب، وهذا الفصل أقرب إلى الأنساب منه إلى التاريخ المعروف. وخص الفصل الثالث بالحديث عن عدم إمكانية رؤية الله عند الإباضية، وعن موقفهم من الخليفتين: عثمان وعلي، وهي مسائل مذهبية. أما الفصل الرابع عشر فقد ذكر فيه العلماء من القرن الأول الهجري إلى العاشر، كما سبق (1).

2 -

ويذهب محمد علي دبوز إلى أن الشيخ أطفيش قد كتب تارخا آخر لبني ميزاب توسع فيه أكثر من الرسالة الشافية، ولكنه لم يطبع، وأشار إلى أن نسخة منه كانت موجودة عند إبراهيم بن نوح امتياز في بني يسقن. ولم يذكر دبوز النواحي التي توسع فيها الكتاب الجديد أو الإضافات. ولعل هذه النسخة الجديدة تكون أحق بالطبع والنشر ما دام المؤلف قد أشار في الأولى إلى أنه ألفها بطلب من شخص أجنبي، وأنه قد يكون محرجا من ذكر كل شيء للفرنسيين عندئذ.

3 -

وبعد حوالي ثلاثين سنة ألف إبراهيم العوامر، أحد قضاة سوف وفقهاء وأدباء جيله، تاريخا للمنطقة بطلب من أحد الفرنسيين أيضا. ولم

(1) بيير كوبيرلي (محمد أطفيش ورسالته) في (مجلة معهد آداب اللغة العربية) IBLA، 1972، انظر محمد علي دبوز، نهضة الجزائر، 1/ 318.

ص: 389

يذكر العوامر اسم الشخص الذي طلب منه ذلك، ولكنه عبر عنه (بولاة الأمور)، وهي إشارة إلى قيادة المكتب العربي التي كان على رأسها في أول هذا القرن الضابط كوفيه. ونحن نرجح أن كون هذا هو الذي طلب منه الكتابة في الموضوع. وقد نشر كوفيه بعد انتهاء مهمته، تاريخا واسعا لسوف من وجهة نظره، وضمنه أمورا كثيرة نجدها في كتاب العوامر.

ومهما كان الأمر فإن عنوان الكتاب الذي نحن بصدده هو الصروف في تاريخ سوف. وقد ألفه صاحبه، حسب بعض النسخ سنة 1331 (1913). وتقول بعض المصادر إنه كتب أيضا نسخة أخرى بدأها سنة 1916، وهي تكاد تكون كالأولى، غير أن التنقيحات التي أضافها جعلت الكتاب يتوسع ليشمل نواحي أخرى غير سوف، كالحديث عن أجزاء من الصحراء ذات الصلة بوادي سوف (1).

ونظام كتاب الصروف يشبه نظام الكنانيش والمذكرات. فهو بدون فصول ولا أبواب، وإنما يشمل الأحداث والعناوين المستقلة، وكلما انتهى من تغطية الحدث أو الموضوع انقل إلى آخر، وهكذا. فالكتاب عبارة عن (مسائل) وحوادث متفرقة وليس تاريخا مترابطا. وقد اعترف المؤلف نفسه بذلك حين كتب (وبعد: فهذه نبذة لطيفة ومسائل شريفة، في بيان أحوال الصحراء وسوف، وما اشتملت عليه من الحوادث والصروف).

ويمكننا تقسيم كتاب الصروف إلى قسمين متميزين، الأول في المسائل والنبذ التاريخية، والثاني في الأنساب، والأول أكبر حجما من الثاني. ويمكننا أيضا تقسيم القسم التاريخي إلى وحدات: مسائل عامة في الجغرافية وصفة المنطقة ونباتها وحيوانها وعمرانها، وهذا يشمل أيضا الأغواط وبسكرة وغرداية وتقرت وورقلة. ومسائل تاريخية بعيدة عن سوف مثل الأمم والشعوب القديمة السابقة للفتح الإسلامي والعربي - كالكنعانيين والرومان والوندال والروم - ثم الفتح نفسه وبداية استقرار الفاتحين. ومسائل تتعلق

(1) إبراهيم العوامر (الصروف في تاريخ الصحراء وسوف) ط. تونس، 1977، المقدمة.

ص: 390

بهجرة بني هلال وبني سليم، ولا سيما هجرة قبيلة طرود وعدوان، والوقائع التي جرت في عهدهم سواء مع الزناتيين أو الشابية أو بايات تونس وعلاقاتهم مع النواحي المجاورة كالزبيان. ثم مسائل وأحداث جرت في النصف الأول من القرن التاسع عشر كالمناوشات والغارات من أجل العيش وتأمين الأمن والحدود، وتحركات قبائل سوف، وبناء بعض القرى. وأخيرا مسائل تخص العلاقات مع الفرنسيين منذ احتلال سوف سنة 1854 إلى أحداث السبعينات، مع نهاية مقاومة بوشوشة تقريبا (1874)، وبداية حكم الفرنسيين لسوف بطريقة مباشرة. أما القسم الثاني (الأنساب) فمكانه فقرة الأنساب من هذا الفصل (1).

وقد اعتمد إبراهيم العوامر على مصادر عديدة، بلغت حوالي العشرين. بعض هذه المصادر قديمة مثل ابن خلدون، وبعضها متوسط القدم مثل المؤنس وتاريخ الدولتين، وبعضها ذو صلة وطيدة بتاريخ سوف مثل تاريخ العدواني ومخدرة الشيخ العروسي، ولكن هناك مصادر أخرى تبدو جيدة مثل عجائب المخلوقات للقزويني. ولا ندري ما علاقة النخبة الأزهرية وتذكرة الأنطاكي بالموضوع، ولكنهما مع ذلك مذكورتان من بين المراجع. ويبدو أن المخدرة وكناش الشيخ العروسي كانتا من المراجع الهامة، ولكننا لا نعرف اليوم ما فيهما حول سوف. فالشيخ العروسي (المقصود به مقدم الزاوية التجانية بقمار آخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن) كان متعلما وسياسيا، في وقت حساس، ولا شك أن له معلومات ومخطوطات ووثائق تمكنه من الكتابة عن أمور لا يعرفها كل المتعلمين عندئذ. كما كان على صلة بالإدارة الفرنسية وقبائل التوارق وغيرهم. وقد اعتمد العوامر على الرواية الشفوية وأقوال القدماء، وهو مرجع ضروري عند انعدام الوثائق المكتوبة، ولكنه مرجع قد يكون غير مأمون العاقبة، لأن الرواية تحتاج إلى شروط كثيرة لمعرفة صحة الخبر. ونلاحظ أن العوامر قد اعتمد كثيرا على تاريخ العدواني

(1) انظر سابقا.

ص: 391

دون ذكر النسخة أو النسخ التي كان يأخذ عنها. وكان كتاب العدواني معروفا للفرنسيين لأنهم ترجموه منذ 1867 (1).

وكان العوامر في الثلاثينات من عمره عندما ألف (الصروف) - فقد ولد سنة 1881، سنة احتلال تونس - وعاش في عهد أربعة حكام عامين بارزين في تاريخ الجزائر، لويس تيرمان وجول كامبون وشارل جونار وشارل ليتو. وقد كان لكل واحد منهم صفة تميزه في حكمه، ومما يذكر أن تيرمان كان أول حاكم فرنسي يزور سوف إذ دخلها في عربة حملته إليها من تقرت. وفي عهد ليتو ألف العوامر كتابه. ونظرا لطموحه وشبابه وتعلمه طلبوا منه كتابة الصروف. ولعله فعل ذلك طمعا في الوظيف أو تفاديا لغضب الإدارة. فقد درس في موطنه ثم في تونس بالزيتونة، وتتلمذ على مشائخ متنورين أمثال محمد النخلي ومحمد الخضر حسين. وكانت تونس أيام رحلته في طلب العلم تشهد حركة نشيطة في الثقافة والسياسة. ولا شك أنه ظل على صلة بها حتى بعد رجوعه إلى وادي سوف. وقد كانت فترة طفولته وشبابه تشهد أيضا قمة انتشار الطرق الصوفية واعتماد السلطة الفرنسية على بعضها، ويا ويح من قاطع هذه الطرق أو انضم إلى بعض وخاصم الأخرى.

ويروى من ترجم له أن الشيخ العوامر رأى من الحكمة إرضاء جميع الطرق الصوفية والاستفادة من الجميع وذلك بالانضمام إليها في نفس الوقت (2) ? رغم أن التجانية تمنع أتباعها من الانخراط في الطرق الأخرى - ولا ندري كيف وفق الشيخ العوامر بين كل هذه الطرق المتنافسة والمتناقضة أحيانا،. وقد كان بعض العلماء والمتعلمين وحتى الحكام يفعلون ذلك أيضا منذ القديم. ولعل ما يشفع للعوامر أن أبويه كانا ينتميان لطريقتين أيضا، فالأب تجاني والأم قادرية، وكانت الرحمانية نشيطة أما في سوف على

(1) وقد حققناه ونشرناه سنة 1996، في دار الغرب الإسلامي، بيروت.

(2)

وكذلك كان يفعل بعض الحكام عندئذ، مثل سلاطين المغرب. واشتهر عدد من العلماء أوائل هذا القرن، مثل القاضي شعيب في تلمسان، وابن الحفاف وابن سماية في العاصمة، بالدخول في عدة طرق. انظر فصل الطرق الصوفية.

ص: 392

عهده فانضم إليها وألف رسالة في أحد أعيانها (1). ومن نال رضى الطرق الصوفية وداهن السلطات الفرنسية، حاز قصب السبق في الأمور الدنيوية، أو كما تقول العامة: نال الدنيا والآخرة.

3 -

تاريخ توات، عالجه عدد من مؤلفي الناحية في كتبهم وتقاييدهم، ولكننا لم نعرف من ذلك إلا القليل. ومنه القول البسيط في أحبار تمنطيط لابن بابا حيدة الذي لا نعرف عصره بالضبط. وهو عمل في التاريخ والأنساب (2). وقد اعتمد أحد الفرنسيين، اسمه وتين، على عدة مؤلفات تواتية حين نشر دراسته عن الناحية سنة 1905. وهي دراسة عن (أصول سكان توات، طبقا للتقاليد المحفوظة)، وتناول أيضا العادات والتواريخ وطبقات المجتمع. وقسم المنطقة إلى نواح تبدأ بالسبع وتنتهي بتاوريرت، وتشمل قصور (قرى) تبلكوزة وعين صالح. وتشمل بوده، وتمنطيط، وبوفادي، وفونوعيل، وتامسيط، وزاوية كونته، وانزقمير، وصالي، وانزقلوف، ورقان. وتحدت عن قصة المغيلي واليهود، وعن الأنساب. ونقل عن الكتب القديمة من حل بالقصور المذكورة، وتعرض لذكر الزوايا والطرق الصوفية، ولا سيما الطيبية والشيخية.

وإن ما يهمنا من ذلك كله هنا، هو أن (وتين) قد اعتمد في دراسته على عدة مراجع محلية، بالإضافة إلى رسالة ابن بابا حيدة. ومن ذلك (مزيل الخفاء عن نواب (؟) بعض الشرفاء) الذي نسبه إلى سيدي عبد الكريم بن أحمد بابا حيدة. وواضح أن كتاب مزيل الخفاء يتحدث عن الأشراف الذين

(1) انظر النبذة التي كتبها عن حياته حسني الهاشمي (الصروف)، ص 11 - 14، وانظر عن حياة الشيخ العوامر في القضاء فصل السلك الديني والقضائي.

(2)

نشره فرج محمود فرج ضمن رسالته لدكتوراه الحلقة الثالثة، سنة 1980 (؟). وهو عمل قام به تحت إشرافنا. وقد ترجمه وتين L. WATIN، سنة 1905، ونشره في المجلة الجغرافية للجزائر وشمال افريقية SGAAN، 1905، ص 224 - 242 عن نسخة قال إنها غير جيدة. ولم نكن قد اطلعنا على ذلك عند إشرافنا على عمل فرج محمود فرج المذكور.

ص: 393

جاؤوا من بوسمغون، فهم أدارسة حسب دعواه. وذكر منهم أولاد علي بن موسى وأولاد سيدي بوحي. كما ذكر (وتين) كتابا آخر سماه (تذكرة المبادي في خبر المعاش والمعاد) ونسبه إلى سيدي محمد عبد الكريم بن أحمد. فهل هو نفس مؤلف مزيل الخفاء؟ إننا لا نستطيع القول بذلك أو بغيره ما دمنا لم نطلع نحن على العملين، ولم نقرأ لغير (وتين) وصفا للكتابين. ومهما كان الأمر فإن (تذكرة المبادي) تضم مجموعة من التراجم لعلماء تمنطيط، وكان المؤلف مطلعا على وثائق هامة في الناحية. وإذا صح أن موضوع الكتابين في الأنساب فإن مكانهما حينئذ سيكون فقرة الأنساب من هذا الفصل (1).

4 -

منطقة توات، دراسة لعبد الرحمن سلكة، ونعرف عنه أنه كان كاتبا (خوجة) في مركز توات سنة 1913. ويبدو أنه من أولئك الجزائريين الذين تعلموا في إحدى المدارس الفرنسية الرسمية الثلاث، ووجدوا عملا لهم كأعوان للضباط الفرنسيين في المناطق النائية. ومهما كان أمره فقد اهتم بتاريخ ناحية توات وجمع معلومات عنها ونشرها في دراسة سنة 1922. فهل قام بذلك بطلب من الضباط الفرنسيين أيضا على عادتهم مع المتعلمين الجزائريين؟ إننا نرجح ذلك، ولكنه قد يكون اهتم بذلك حبا في المعرفة والفضول العلمي.

أما منهج الدراسة فيوحي بأن الفرنسيين كانوا وراء إعدادها، لأنهم عادة يضعون المخطط هكذا: أصول السكان (وهم حريصون على ذلك أشد الحرص) وطبقاتهم وصناعاتهم وتجارتهم ونظام الزراعة عندهم وأخبار علمائهم، وقصورهم (قراهم) وأنسابهم. وقد ختم السيد سلكه دراسته بقوله إنه كان يهدف إلى التعريف بالحالة العقلية لأهل توات. ومما يوحي أيضا بأصابع الفرنسيين في هذه الدراسة قول السيد سلكه: إنه يريد المساهمة في فكرة (عزيزة علينا)، وهي مساعدة وتشجيع الحراثين، وهم الزنوج والعبيد

(1) فرج محمود فرج، مرجع سابق، والدراسة تمتد من ص 209 إلى ص 246. انظر سابقا. انظر فقرة الأنساب عن التواريخ المورطانية، وترجمة حياة إسماعيل حامد في فصل الترجمة لمعرفة المزيد عن بعض هذه المؤلفات.

ص: 394

(قبل أية طبقة أخرى) في توات. فهذه العبارات كانت فعلا عزيزة على الفرنسيين، لأنهم كانوا يفتنون المجتمع ويخلقون بين فئاته النعرات العرقية والدينية والطبقية، كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا. وقد يكون سلكة سار مسارهم، فهو لا يدرس دراسة محايدة، بل دراسة موجهة. وقد عالج أيضا العلاقات بين علماء الجزائر وعلماء توات، وذكر المغيلي وسعيد قدورة وأحمد بن يوسف المليالي وأضرابهم. وقد حظى تاريخ توات أيضا بجزء هام من هذه الدراسة (1).

5 -

التبر المسبوك، عرف عن الشيخ محمد السائح أنه أديب وشاعر وراوية أخبار ونكت. وكان معاصرا لأديب تونس العربي الكبادي، ولعله عرفه أيام دراسته في الزيتونة، وتردده على مكتباتها. وربما كان السائح من أولاد السائح القاطنين في الطيبات، نواحي تقرت؛ ويهمنا منه أنه هو مؤلف (التبر المسبوك)، وهو كتاب في تاريخ الزاوية التجانية بتماسين، ومن ثمة تراجم رجالها وتاريخ الطريقة التجانية نفسها، ونشاطها في الجنوب الشرقي من البلاد. وقيل إن أوراق (التبر المسبوك) مفرقة بين أبناء الشيخ الذين قد يكونون باعوا بعض آثاره إلى علماء ميزاب. ولعل نسخة من هذا التأليف موجودة في مكتبة الزاوية التجانية بتماسين أو قمار. وقد توفي الشيخ السائح في تاغزوت ودفن بزاويتها التجانية (2).

6 -

تاريخ قبائل الأزجر (الهقار) وهو تقييد كتبه الشيخ إبراهيم ولد سيدي وبعث به إلى الشيخ محمد العيد التجاني. وقد أشار إلى ذلك هنري دوفيرييه في كتابه (اكتشاف الصحراء) سنة 1860 (3).

(1) عبد الرحمن سلكة (دراسة عن منطقة توات) في (المجلة الجغرافية للجزائر وشمال افريقية)، SGAAN 1922، ص 522 - 555. وقد ذكرنا أن الدراسة مكتوبة بالفرنسية سنة 1913، ولا نظن أنها مترجمة عن العربية.

(2)

عبد الباقي مفتاح (أضواء)، انظر أيضا إبراهيم العوامر (الصروف)، مرجع سابق، ص 32.

(3)

انظر فقرة الأنساب وفصل الطرق الصوفية.

ص: 395