الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النعت
(يتبع -في الإعراب- الأسماء الأول
…
نعتٌ وتوكيدٌ وعطفٌ وبدل)
التابع هو التالي لما قبله، مشاركا له في إعرابه، وعامله، وأصول التوابع أربعة، إلا أنها باعتبار انقسام العطف إلى بيان ونسق، والتوكيد إلى لفظي ومعنوي، تصير ستة، ثم هذه التوابع إنما تتبع ما قبلها، فلا يتقدم التابع على متبوعه.
(فالنعت تابعٌ متم ما سبق
…
بوسمه، أو وسم ما به اعتلق)
"تابع" جنس يشمل جميع التوابع، خرج بالفصل الأول، وهو كونه متمما لمتبوعه النسق، وبكون التتميم يرجع إلى معناه تارة، وإلى معنى ما يتعلق به أخرى التأكيد، وعطف البيان، ودخل قسما النعت: الموضح لمعنى في متبوعه، نحو:"جاءني زيد الكريم" والموضح لمعنى فيما يتعلق بمتبوعه، نحو:"رأيت الرجل الكريم أبوه".
(وليعط في التعريف والتنكير ما
…
لما تلا كامرر بقوم كرما)
(وهو -لدى التوحيد والتذكير أو
…
سواهما- كالفعل، فاقف ما قفوا)
تجب موافقة النعت لمنعوته في التعريف أو التنكير مطلقا، كما تجب تبعيته له في أحد ألقاب الإعراب الثلاثة مطلقا، نحو: بسم الله الرحمن الرحيم،
{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ} [غافر: 28]{وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: 31]، وأما مطابقته له في التوحيد -والمراد به الإفراد- وضديه وهما التثنية والجمع، والتذكير وضده، وهو التأنيث، فهو فيها بمنزلة الفعل، إن رفع ضمير موصوفه المستتر سمى جاريا على من هو له، وتعنيت المطابقة، نحو:{فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان:51]{عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:21]{كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} [التحريم: 10]{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [النمل:12]{تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] كما تقول في الفعل: "زيد قام، وهند قامت" و "الزيدان قاما" و "الزيدون قاموا" و "الهندات قمن"، وإن رفع الوصف اسما ظاهرا، أو ضميرا بارزا، سمي جاريا على غير من هو له، ولزم صيغة الإفراد، والتذكير، إلا حيث يصح إلحاق الفعل علامة التأنيث، نحو:"مررت برجل كريم أبوه"، و "بالمرأة الكريم أبوها"، و "رأيت رجلين كريمًا أبوهما، ورجالا كريمُا آباؤهم" كما تقول: "مررت برجل قام أبوه" و "بامرأة قام أبوها" إلا أنك تقول: "مررت بالمرأة الكريمة أمها" لأنك
تقول: "كرمت أمها" لا للمطابقة، بدليل:"مررت بالرجل الكريمة أمه" ومن قال في الفعل "قاما أبواك" و "قاموا إخوتك" قال في الوصف: "مررت برجلين قائمين أبوهما، وبرجال قائمين إخوتهم".
(وانعت بمشتق كـ"صعب" و"ذرب"
…
وشبهه كـ"ذا" و"ذي" و"المنتسب")
أصل النعت أن يكون بالمشتق، وهو: ما دل على الحدث وصاحبه، كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، نحو:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24]{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ} [هود: 103] و "مررت برجل صعب، وبرجل ذربٍ -وهو الماهر في الأمور- و "مررت برجل أفضل منك".
وينعت بشبه المشتق -وهو ما أُوِّل به، كـ"ذا"، وغيره من أسماء الإشارة- نحو:"مررت بأخيك هذا، وبأختك تلك" و"ذي" بمعنى صاحب، نحو:(مر راكبٌ ذو شارة) والمنسوب، نحو: (وإن تأمَّر عليكم
عبد حبشي) إذ الأول في تأويل: [الحاضر، والثاني في تأويل: صاحب، والثالث في تأويل:] منسوب إلى الحبشة، إلى غير ذلك مما يؤول بالمشتق.
(ونعتوا بجملةٍ منكرا
…
فأعطيت ما أعطيته خيرا)
تختص النكرات بجواز نعتها بالجمل، سواء كان تنكيرها لفظا ومعنى، نحو:{فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه:20] أو معنى لا لفظا، نحو:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] ونحوه من المعرف بـ"أل" الجنسية، فيلزم الجملة
ما يلزمها إذا وقعت خبرا، من الاشتمال على ضمير مطابق للموصوف رابط لها به، إما ملفوظ به -كما مثل- وإما مقدر، نحو:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أي: فيه، والظرف والجار والمجرور بمنزلة الجملة في أنه لا ينعت بهما إلا النكرات، لأنهما في تأويل الجملة.
(وامنع هنا إيقاع ذات الطلب
…
وإن أتت فالقول أضمر تصب)
الجملة المنعوت بها بمنزلة المخبر بها، فلا تكون طلبية لعدم الفائدة، فإن أتى ما يوهم ذلك كقوله:
315 -
(
…
... ....
…
جاءوا بمذق، هل رأيت الذئب قط)
أول على إضمار القول، فيكون التقدير: بمذقٍ مقول فيه كذا.
(ونعتوا بمصدر كثيرا
…
فالتزموا الإفراد والتذكيرا)
استعملت العرب المصدر في نعت الذوات كثيرا، كقولهم:"رجلٌ عدلٌ ورضًا، وصومٌ، وفطرٌ، وزورٌ، ونحوها، إلا أنهم ألزموه لفظ الإفراد والتذكير، وإن اختلفت أحوال منعوته"، نحو: مررت برجلين عدل، وبامرأة رضًا، وبرجال صوم، ثم هل ذلك وصف بالمصدر على ظاهره، تنزيلا للذات منزلة المعنى مبالغة؟. أو المصدر مؤول بالوصف، أي: عادل، ونحوه؟ أو على حذف مضاف تقديره: ذو صوم، وذات رضًا، وذوي عدل، وأولى صوم؟ فيه للنحاة ثلاثة أقوال.
(ونعت غير واحدٍ إذا اختلف
…
فعاطفا فرقه، لا إذا ائتلف)
إذا كان المنعوت متعددا ونعوته مختلفة وجب تفريقها بالعطف، سواء
كان تعدده من حيث اللفظ، نحو:"جاءني زيد وعمرو الكاتب والشاعر"، أو من حيث المعنى نحو:"مررت برجلين كاتبٍ وشاعر"، قال الشاعر:
316 -
(بكيت وما بكا رجلٍ حزينٍ
…
على ربعين: مسلوب وبال)
وإن ائتلف معنى النعوت أُتي بها مثناة أو مجموعة بحسب "منعوتها" نحو: "مررت بزيد وعمروٍ وبكرٍ الفضلاء، وبإخوتك العقلاء"، قال تعالى:{وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172].
(ونعت معمولي وحيدي معنى
…
وعملٍ أتبع بغير استثنا)
إذا تعدد المنعوت واتحد معنى النعت كما سبق تمثيله، نظرت فإن اتحد معنى العامل فيهما اتبعتهما للمنعوت، سواءٌ اتحد لفظ العامل كالمتعاطفين، أو اختلف لفظه نحو:"جاء زيد وأتى عمرو العاقلان" و "هذا زيد وتلك هند القائمان" وسواء كانا مرفوعين كما مثل أو غير مرفوعين، نحو: "رأيت أخاك
وأبصرت أباك الكريمين" وبعضهم خصص ذلك بالمرفوعين، وإلى خلافه أشار المصنف بقوله: "بغير استثنا".
أما لو اختلف المنعوتان في عمل العاملين، نحو:"هذا موجع زيدٍ ومؤلمٌ عمروا" أو في معناهما، كـ "قام زيدٌ وقعد عمرو" أو فيهما: كـ "جاء زيدٌ ورأيت عمروا" وجب القطع، إما إلى الرفع وإما إلى النصب، وامتنع الاتباع.
(وإن نعوتٌ كثرت وقد تلت
…
مفتقرا لذكرهن أتبعت)
يجوز تكرار النعت مع كون المنعوت واحدا، ثم إن كان المنعوت مفتقرا إلى ذكرها لكونه لا يتعين إلا بمجموعها وجب إتباع الكل، لتنزلها منه منزلة الشيء الواحد، نحو: مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب، إذا كان له من
يشاركه في اسمه ووصفين من أوصافه.
(واقطع أو اتبع إن يكن معينا
…
بدونها أو بعضها اقطع معلنا)
إذا كان المنعوت مبينا بدون النعت، وإنما سبق النعت لمجرد المدح، نحو:"بسم الله الرحمن الرحيم"، أو لمجرد الذم، نحو:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اللعين"، فلك في النعوت الإتباع، كما مثل، أو القطع، وإتباع البعض، وقطع البعض، وبالأوجه الثلاثة يروى:
317 -
(لا يبعدن قومي الذين هم
…
سم العداة، وآفة الجزر)
318 -
(النازلين بكل معتركٍ
…
والطيبون معاقد الأزر)
يروى بنصب "النازلين"، و"الطيبين" على القطع، وبرفعهما، إما إتباعا، وإما قطعا إلى الرفع، وبرفع "النازلين" على ما ذكر، ونصب "الطيبين" على القطع، وعكسه، و"الذين" يحتمل الأوجه الثلاثة، ولا يتعين في مثل هذا تقديم المنبع على المقطوع، أما إذا كان المنعوت محتاجا في بيانه إلى بعض النعوت دون البعض وجب إتباع ما يحصل به البيان، ولك في الباقي ما ذكر.
(وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا
…
مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا)
حقيقة القطع أن يعدل عن إتباع النعت لمنعوته في الإعراب، ولو إلى ما يوافقه في اللفظ، مثل أن يكون المنعوت مرفوعا فيقطع إلى الرفع بإضمار مبتدأ لائق بالخبر، أو منصوبا فيقطع إلى النصب بإضمار فعل ناصب، نحو:"أعنى" أو "أذكر" أو "أمدح" -إن كان معناه المدح- أو أذم -إن كان معناه الذم- وغالب ما يظهر أثر القطع عند المخالفة في لفظ الإعراب، ثم هذا المبتدأ، أو الفعل واجبا الإضمار، لدلالة الحال عليهما، وحصول الإطالة بذكرهما، [والله أعلم].
(وما من المنعوت والنعت عقل
…
يجوز حذفه، وفي النعت يقل)
إذا علم النعت أو المنعوت جاز حذفه، إلا أن ذلك في المنعوت أكثر منه في النعت، كقوله:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] أي: دروعا سابغات، {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [سبأ: 11] أي: عملا، {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] أي: ضحكا، وبكاء، {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [فاطر: 32] أي: فريق ومن مجيء ذلك في النعت قوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ} [الكهف: 79] أي: صالحة، و {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] أي: متتابعاتٍ، وقد أثبتها بعض السلف.