المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل "لو " وهي من جمله أدوات الشرط في المعني لا في - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ٢

[برهان الدين ابن القيم]

الفصل: ‌ ‌فصل "لو " وهي من جمله أدوات الشرط في المعني لا في

‌فصل "لو

"

وهي من جمله أدوات الشرط في المعني لا في العمل، وتختص بأحكام فلهذا أُفردت بفضل، ولهما معنيان غير الشرط.

أحداهما: أن تكون مصدريه. بمنزلة "أن" فتخلص المضارع للاستقبال، ويبقي بعدها الماضي علي مضيه، إلا أنها تفارقا "أن" في أنها لا تقع -غالبا- إلا بعد فعل دالٌ على تَمَنِّ، نحو:{يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} [البقرة:96] وقد تقع دونه، نحو:

474 -

(ما كان ضرَّك لو مَنَنْتَ وربَّما

منَّ الفتي وهو المَغيظُ المُحنق)

الثاني: أن يراد بهما التقليل، نحو:(التمس ولو خاتما من حديد).

ص: 811

ولا يليها حينئذ إلاّ الاسم -كما مثلّ- أو ما في تأويله، نحو:(ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي).

("لو" حرفُ شرطِ في مُضِيَّ ويَقِلْ

إيلاؤه مستقبلا لكن قُبِل)

(وهي في الاختصاص بالفعل ك"إن"

لكنَّ "لو""أن" بها قد تَقْتَرن)

(وإن مضارعٌ تلاها صُرِفا

إلي المضيِّ نحو: "لو يَفي كَفَي"

أكثر ما تستعمل "لو" الشرطيه عكس "إن" في كون ما بعدها مرادا به المضي إمّا بلفظه -وهو الأكثر- نحو: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة:47]{لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران:168] وإمّا بقرينه تصرفه إليه، نحو:(لو لم يَخَف الله لم يعصه) فإن وقع بعدها مضارع صرف معناه إلي المضي، كما أشار إليه المصنف بالبيت الثالث، نحو:{لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات:7] واستعمالها مرادفه لـ"إن" في كونها شرطا في المستقبل قليل، وحينئذ فتخلّص في المضارع للاستقبال، نحو:

ص: 812

475 -

(لو تلقي أصداؤنا بعد موتنا

)

وإن وقع بعدها الماضي انقلب مستقبلا، نحو:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} [النساء:9] وهي في أحوالها كلمه مختصة بالفعل، مثل "إن" الشرطية، إلا أنها تقترن بها "أنّ" المفتوحة، نحو:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ} [النساء:64]{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات:5] فعند سيبويه والأكثرين أنّ "أنّ" في محل رفعٍ بالابتداء، ثم هل خبره محذوف تقديره: موجود، أو: كائن، أو لا خبر له، استغناء عنه بجواب:

ص: 813

لو أنهم"؟ فيه قولان.

وعند الكوفيين والمبرد أنها فاعل لفعل محذوف تقديره: لو ثبت أنهم، فلم تخرج عن قاعدة اختصاصها بالفعل، كما اتفقوا عليها فيما إذا وليها اسم صريح نحو:

(476)

- (أخلَاّيَ لو غيرُ الحمِامِ أصابكم

)

ص: 814

477 -

لو بغير الماءِ حَلْقِي شَرِق

)

وقوله -صلي الله عليه وسلم-: "التمس ولو خاتماً من حديد" إذا الأول معمول لفعل مفسر بلفظ ما بعده، تقديره:"لو أصابكم".

والثاني معمول لفعل مفسر بمعني ما بعده تقديره: "لو شَرِق".

والثالث معمول لفعل مدلول عليه بالمعني، تقديره:"ولو كان الملتمس خاتما" هذا حكم ما تدخل عليه من حيث اللفظ، وأما من جهة المعنى فإنها تقتضي امتناع شرطها دائم وامتناع الجواب معه إن لم يكن له سبب آخر

ص: 815