المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الثاني: طلب التناسب لما بعده، كقراءة نافع: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا} أو لما - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ٢

[برهان الدين ابن القيم]

الفصل: الثاني: طلب التناسب لما بعده، كقراءة نافع: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا} أو لما

الثاني: طلب التناسب لما بعده، كقراءة نافع:{سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا}

أو لما قبله كقراءة الأعمش: {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَا

وَيَعُوقَا} [نوح:23]

‌إعراب الفعل

لما فرغ من ذكر إعراب الاسم وأحكامه، وعوارضه، أخذ في ذكر

إعراب الفعل وقد سبق أن الإعراب مختص بالمضارع منه، وقول الكوفيين إن

"افعل" مجزوم بلام مقدرة ضعيف.

(ارفع مضارعا إذا يجرد

من ناصب وجازم كـ"تسعد")

اختار المصنف أن الرافع للفعل المضارع تجرده من الجازم والناصب

موافقة للكوفيين، ورد قول البصريين: إن الرافع له وقوعه موقع الاسم بثبوت

ص: 762

الرفع بعد أدوات التحضيض، وفي خبر أفعال المقاربة المجردة عن "أن" وفي

الصلة، نحو:"جاءني الذي يقوم" مع عدم صلاحية هذه المواضع للاسم، وقدم

الجازم لكونه من خصائص الفعل.

(وبـ"لن" انصبه و"كي" كذا بـ"أن"

لا بعد علم، والتي من بعد طن)

(فانصب بها، والرفع صحح واعتقد

تخفيف "أن" من "أن" فهو مطرد)

الذي ينتصب بعده المضارع ينقسم إلى ما هو ناصب بنفسه، وإلى

ما ينصب بـ"أن" مضمرة بعده، فبدأ بالقسم الأول وهو أربعة أحرف:

أحدهما: "لن" وليست مركبة من "لا" و"أن" حذفت الهمزة تخفيفا، ثم

الألف لالتقاء الساكنين - كما ذهب إليه الخليل، ولا أصلها:"لا" -أبدلت

الألف نونا- كما ذهب إليه الفراء، لانتفاء الدليل عليهما، وهي ناصبة بنفسها

اتفاقا، والرفع بعدها-فيما حكاه الفراء - نادر كندور الجزم بها في نحو:

ص: 763

430 -

(

...

... فلن يحل للعينين بعدك منظر)

وتقتضي نفي ما أثبت بحرف التنفيس، من غير دلالة على التأبيد،

ص: 764

ولا منافاة له.

الثاني: "كي" وظاهر كلامه- هنا- أنها ناصبة بنفسها مطلقا، والصواب

ما قسمه في غير هذا الموضع من أن المصدرية [ناصبة بنفسها، والتعليلية التي

بمعنى اللام النصب بعدها بإضمار "أن" وتعرف المصدرية] بدخول لام

التعليل عليها، نحو:{لِكَيْلا تَأْسَوا} [الحديد:23] والتعليلة بدخولها على اللام، نحو:

431 -

(فأوقدت ناراً كي ليبصر ضوءها

...

...)

لامتناع الفصل بين المصدر وصلته بحرف الجر، ودخول موصول حرفي

على مثله، وتقدر اللام مؤكدة لتعليل "كي"، ومع التجرد عن اللام نحو:

{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] يجوز الوجهان، ولم يسمع من كلامهم:"كي أن يقوم زيد" وأما نحو:

ص: 765

432 -

(أردت لكيما أن تطير بقربتي

...

)

فقيل هي تعليلية مؤكدة لتعليل اللام، والنصب بـ"أن" وقيل: بل

مصدرية مؤكدة بـ"أن" والنصب بها نفسها.

الثالث: "أن" المصدرية نحو: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي}

ص: 766

وتعرف بصحة تأويلها وما بعدها بالمصدر، بخلاف المخففة من الثقيلة، وهي

الواقعة بعد فعل دال على العلم، نحو:{عَلِمَ أَن سَيَكُونُ} [المزمل:73] فإنه يتعين رفع

الفعل بعدها، وأكثر ما يقع مفصولا منها بحرف تنفيس أو نفي أو "قد" أو"لو"

- كما سبق- وقد يأتي بلا فصل، كقوله:

433 -

(علموا أن يؤملون فجادوا

... ..)

والنصب بعدها في قراءة بعضهم {أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجعُ} [طه: 89] نادر،

فإن وقعت بعد فعل دال على الظن كـ"حسب" و"زعم" و"ظن" ونحوها جاز

أن تجعل مصدرية ناصبة، وأن تجعل مخففة من الثقيلة فلا تعمل، ويكون

الفعل بعدها مرفوعا، وبهما قرئ -في المتواتر- {وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَة}

ص: 767

وتترجح المصدرية عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولذلك أجمعوا على

النصب في {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2].

(وبعضهم أهمل "أن" حملا على

"ما" أختها حيث استحقت عملا)

بعض العرب "أن" مطلقا حملا لها على "ما" المصدرية فيأتي

بالفعل بعدها مرفوعا كما يأتي به بعد "ما" المصدرية في نحو: {وَيَعْلَمُ

مَا تَفْعَلُونَ} ومنه قوله:

434 -

(أن تقرآن على أسماء- ويحكما-

... ....)

ص: 768

وقرئ- شاذاً- {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} وأندر منه الجزم بها

في نحو:

435 -

(

...

تعالوا إلى أن يأتنا الصيد نحطب)

وتقع "أن" التفسيرية وزائدة فلا تعمل شيئا، تعرف الأولى بأن

يتقدم عليها جملة متضمنة القول دون حروفه، وأكتر ما يليها الأمر، نحو:

ص: 769

{فَأَوْحَىَ إِلَيْهِمْ أَن سَبّحُوا بُكْرَةً} [مريم:11]{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَن ِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}

وأكثر ما تقع بعد "لما" نحو: {فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِير} {ُ وَلَمَّا جَاءَتْ

رُسُلُنَا لُوطًا}.

) إن صدرت والفعل بعد موصلا (ونصبوا بـ"إذن المستقبلا

(أو قبله اليمين، وانصب وارفعا

إذا "إذن" من عطف وقعا)

هذا هو الحرف الرابع مما ينصب الفعل بنفسه، وهو "إذن" قال سيبويه:

"وهي حرف جزاء وجواب" وذكر المصنف لعملها ثلاثة شروط:

أحدهما: أن يكون الفعل الذي دخلت عليه مستقبلا، فلا يجوز النصب

في نحو: "إذن تصدق" جوابا لمن قال: "أحب زيدا".

436 -

(لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها

وأمكنني منها إذن لا أقيلها)

ص: 770

لم تعمل شيئا، ونحو:

437 -

(

...

... إني إذن أهلك أو طيرا)

ضرورة، أو مؤول، فإن تقدمها عاطف كـ"الواو" و"الفاء" فالأكثر أن

تقدر خارجة عن التصدر بذلك، فيرفع الفعل بعدها، وبه قرأ السبعة:

{لَا يَلْبَثُونَ خِلَافك إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:76] {فَإِذا ً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ

ص: 771

نَقِيرا} [النساء:53] وبعضهم ينصب بعدها ولا يخرجها عن التصدر [سبق العاطف

لها] كما لا يخرجً سبق العاطف أدوات الاستفهام عما استقر لها من

التصدر، نحو:{وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} [أل عمران:136] {فَمَن يَهْدِي مَنْ أضَلَّ

الله} وبه قرئ في الآيتين -شاذاً- فإطلاق المصنف التخيير بين الرفع

والنصب غير مستقيم، لاسيما وقد تقدم النصب.

الثالث: أن يتصل بها الفعل، فلو فصل بينهما نحو:"إذن زيدا أكرمه"

ص: 772

لم تعمل إلا أن يكون الفصل بالقسم فلا يبطل العمل كقوله:

438 -

(إذن -ولله- أرميهم بحرب

...

...)

وإليه أشار المصنف بقوله: "أو قبله اليمين" ولا حجة لمن أجاز الفصل

بالنداء أو الدعاء أو معمول الفعل.

ص: 773

(وبين "لا" و"لام الجر" التزم

إظهار "أن" ناصبة وإن عدم)

("لا" فأن اعمل مظهرا مضمرا

وبعد نفي "كان" حتماً أضمرا)

أخذ في ذكر المواضع التي ينتصب فيها الفعل بـ"أن" مضمرة، وهي

منقسمة إلى ما إضمارها فيه جائز وإلى ما إضمارها فيه واجب، فالإضمار

الجائز في موضعين ذكرهما المصنف.

أحدهما: بعد "لام التعليل" إذا لم يقترن الفعل بعدها بـ"ـلا"، ومن

إظهار قوله تعالى: {وَأُمِرْت لِأَنْ أَكُون أَوَّل الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:12] ومن إضمارها

{وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:71] فإن اقترن الفعل بعدها بـ"ـلا" التزم إظهار

"أن" كما أشار إليه البيت الأول، وسواء كانت "لا" نافية كقوله تعالى:

{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ} [النساء: 165] ونحوه كثير، أو زائدة موكدة، نحو:

{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد:29].

والموضع الثاني: ما إذا عطف المضارع على اسم [ليس] في تأويل

ص: 774

الفعل، كما يأتي، والإضمار الواجب في خمسة مواضع؛

أحدها: بعد لام الجر المتوقعة بعد "كان" المنفية الدالة على المضي إما

بلفظه نحو: {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} [أل عمران:179] وإما لاقترانها بـ"ـلم" نحو: {لَمْ

يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء:168] وتسمى لام الحجود.

(كذاك بعد "أو" إذا يصلح في

موضعها حتى أو إلا "أن" خفي)

هذا الموضع الثاني: مما ينتصب فيه الفعل بـ"ـأن"

واجبة الإضمار، وهو بعد "أو" المقدرة

ص: 775

بـ"حتى" أو بـ"ـإلا".

وقول المصنف: "أو إلا أن" لا حاجة إليه، لأن "أن" مقدرة [في

الموضعين] وقد يتعين التقدير الأول، نحو:"لأسيرن أو أدخل البصرة"

وقوله:

439 -

(لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

...

)

وقد يتعين الثاني، نحو:"لأطلقنك أو تحسني صحبتي"، وقوله:

440 -

(وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما)

ص: 776

وقد يجوز الأمران نحو: "لألزمنك أو تقتضيني حقي".

(وبعد "حتى" هكذا إضمار "أن"

حتم، كـ"ـجد حتى تسر ذا حزن)

(وتلو "حتى" حالا أو مؤولا

به أرفعن وأنصب المستقبلا)

هذا الموضع الثالث: مما يجب فيه إضمار "أن" وهو بعد "حتى"

الجارة، سواء كانت لانتهاء الغاية نحو:{وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة:214] أو

للتعليل نحو: {لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللَّهِ حَتّى يَنفَضّوا} [المنافقون:7] أو محتملة

لهما نحو: {فَقاتِلوا التي تَبْغِي حَتّى تَفيء َإلى أَمْرِ الله} [الحجرات:9] وشرط النصب

ص: 777

بعدها أن يكون الفعل مستقبلا كما مثل، فأما إن كان حالا أو مؤولا بالحال

تعين رفعه فمن الحال قولهم: "مرض حتى لا يرجونه" ومن المؤول به قراءة

نافع {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة:214] إذ هو في تأويل: حتى حال الرسول والذين

آمنوا معه أنهم يقولون ذلك:

وشرط الرفع أن يكون ما بعدها فضلة مسببا عما قبله، فلا يجوز

الرفع في نحو: "سيري حتى الجبال" لانتفاء الفضيلة، ولا في نحو:

"لأسيرن حتى تطلع الشمس" لانتفاء لسببية.

(وبعد "فا" جواب نفي أو طلب

محضين "أن" - وستره حتم- نصب)

هذا الموضع الرابع مما يجب فيه إضمار "أن" وهو بعد الفاء الواقعة

جوابا لنفي محض [نحو: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر:36] أو طلب محض]

ص: 778

سواء كان أمرا نحو:

441 -

(يا ناق سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا)

أو نهيا نحو: {َلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ} [طه:81] أو دعاء كقوله:

442 -

(رب وفقني فلا أعدل عن

سنن الساعين في خير سنن)

ويلتحق بذلك جواب الاستفهام والتمني والعرض، نحو: {فَهَل لَّنَا مِن

شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف 53]{يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} [النساء:73]{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} وقوله:

ص: 779

443 -

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدثوك فما وراء كمن سمعا)

فلو كان النفي والطلب غير محضين، كالنفي الداخلة عليه همزة

الاستفهام لقصد التقرير نحو: "ألم تأتني فأحسن إليك" والنفي الداخل على

النفي نحو: "ما يزال يأتينا فيحدثنا" والنفي المنتقض بـ"ـإلا" نحو: "ما يأتينا إلا

فيحدثنا" لم يجز النصب وكذلك إن كان الطلب غير محض بأن يكون أمرا

بغير "افعل" كما يأتي:

"الواو" كـ"ـالفا" إن تفد مفهوم "مع"

كلا تكن جلدا وتظهر الجزع)

هذا الموضع الخامس مما يجب فيه إضمار "أن" وهو بعد الواو الدالة على

المعية، وتسمى "واو الجمع" و"واو الصرف" وشرط بعدها أن

ص: 780

يتقدمها ما يتقدم "الفاء" من نفي نحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ

وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [أل عمران:142] أو طلب من أمر نحو:

444 -

(فقلت ادهي وأدعو إن أندي

لصوت أن ينادي داعيان)

أو نهي نحو: "لا تكن جلدا وتظهر الجزع" ومثله:

445 -

(لاتنه عن خلق وتأتي مثله

...

...)

ص: 781

ويلتحق بهما التمني، كقراءة بعضهم:{يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ} [الأنعام:27]

فلو لم تدل على المعية كالواو العاطفة في قولك: "لا تأكل السمك وتشرب

اللبن" - إذا أردت النهي عن كل منهما- والاستئنافية في قولك: "وتشرب

اللبن" - إذا أردت النهي عن الأول فقط- لم يكن من هذا الباب، لأنك إنما

تنصب بـ"ـأن" إذا أردت الجمع بينهما، وكذلك لا تنصب الفعل بعد الفاء

التي تدل على الجواب، كالعاطفة في قوله:{وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات:36]

والاستئنافية في قوله:

ص: 782

446 -

ألم تسأل الربع القواء فينطق

...

...)

والمراد بالجواب: أن يكون ما بعدها مسببا عما قبلها.

(وبعد غير النفي جزما اعتمد

إن تسقط "الفا" والجزاء قد قصد)

(وشرط جزم بعد نهي أن تضع

إن قبل لا دون تخالف يقع)

المراد بـ"ـغير" النفي "الطلب، فإذا أسقطت الفاء بعد الطلب مع إرادة

الجواب بالفعل فحكمه الجزم، نحو:{تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ} {فَهَبْ

لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي} ثم هو بعد الأمر بلا شرط، وبعد النهي بشرط

صحة وقوع "إن لا" موقع حرف النهي فيكون الكلام مستقيما، نحو: "لا

تعص الله يدخلك الجنة" لصحة تقديره بـ"ـإن" لا تعص الله يدخلك الجنة"

ص: 783

بخلاف: "لا تعص الله يدخلك النار" فإنه يتعين الرفع لعدم صحة التقدير

المذكور، والجزم في قول أبي طلحة: "بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك

سهم" على البدل لا على الجواب عند الأكثرين، وفيه نظر، والكسائي لا

يشترط ذلك، بل أجاز:"لا تدن من الأسد يأكلك" على أنه جواب، وهو

الصحيح.

والمسألة مبنية على كون الجزم بعد الطلب جوابا لشرط مقدرا أو جوابا

للطلب نفسه، فمن قال بالثاني لم يحتج إلى التقدير المذكور.

(والأمر إن كان بغير "افعل" فلا

تنصب جوابة وجزمه أقبلا

وقد سبق أن شرط الطلب الذي ينتصب بعده المقترن بالفاء

ص: 784

بإضمار "أن" أن يكون محضا، وذلك أن يكون الأمر بصيغة "افعل" -كما

مثل - فلا ينصب بعد الطلب باسم الفعل نحو: "حسبك حديث فينام الناس" وأجاز الكسائي

النصب فيهما، ولا شاهد معه، وأما الجزم بعدهما إذا حذفت الفاء فلا خاف

في جوازه، ومنه في الأول:

447 -

(

...

... مكانك تحمدي أو تستريحي)

لأن "مكانك" بمعنى: اثبتي.

ومن الثاني قول عمر: "اتقي الله امرؤ فعل خيراً يثب عليه" إذ معناه:

ص: 785

"ليتق الله".

(وإن على اسم خالص فعل عطف

ينصبه "أن" ثابتا أو منحذف)

هذا الموضع الثاني مما ينتصب فيه المضارع بـ"ـأن" جائزة الإضمار

والإظهار، وهو ما إذا عطف الفعل المضارع على اسم خالص ليس في تأويل

الفعل، ولا يستعمل في ذلك من حروف العطف إلا "الواو" نحو:

448 -

(للبس عباءة وتقر عيني

...

...)

أو "الفاء" نحو:

449 -

(لولا توقع معتر فأعطيه

...

...)

ص: 786

أو "ثم" نحو:

450 -

(إني وقتلي سليكا ثم عقله

...

...)

أو "أو" نحو:

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ

رَسُولًا} [الشورى:51] وذكر في العمدة أن إظهار "أن" في ذلك كله أحسن، وذكر ابنه

ص: 787

أنه أقيس، ولم يوردا عليه شاهدا.

أما لو كان العطف على اسم مؤول بالفعل كاسم الفاعل في نحو:

"الطائر فيغضب زيد الذباب" تعين الرفع، ولو كان العطف على فعل

مؤول بالاسم نحو: "ما تأتينا فتحدثنا" -فإن تقديره: "ما يكون منك إتيان

فحديث" - فإضمار "أن" واجب، لأن المعطوف عليه ليس باسم

[خالص فيهما بخلاف المصدر في المثل المتقدمة فإنه إما اسم] وإما راجع إلى

"أن" والفعل، اللذين هما في تأويل الاسم، فما خرج عن الاسمية.

(والفعل بعد "الفاء" في الرجا نصب

كنصب ما إلى التمني ينتسب)

أجاز الفراء ووافقته المصنف النصب بعد "الفاء" في جواب الترجي

لقربه من معنى التمني، منه قراءة حفص: "لعلي أبلغ الأسباب، أسباب

السموات فأطلع".

ص: 788

(وشذ حذف "أن" ونصب سوى

ما مر فأقبل منه ما عدل روى)

لا ينصب بـ"ـأن" مضمرة في غير المواضع المذكورة إلا شذوذا، فيقتصر

على المنقول منه، ولا يقاس عليه، ويقع ذلك في الجواب لغير الأشياء

المذكورة كقوله:

451 -

(سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا)

ودونه نحو:

452 -

وما راعني إلا يسير بشرطة

...

...)

ص: 789

وأحسنه قولهم: "خذ اللص قبل يأخذك" و "تسمع بالمعيدي خبير من

أن تراه" ، وقوله:

453 -

(

...

... ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله)

لتعين الموضع للاسم في الأولين، وصلاحيته لـ"ـأن" في الثالث.

ص: 790

عوامل الجزم

وتنقسم إلى ما يجزم فعلا واحدا، وهي الأربعة التي بدأ المصنف بذكرها،

وإلى ما يجزم فعلين، وهي بقيتها.

(بـ"ـلا" و"لام" طالبا ضع جزما

في الفعل، هكذا بـ"ـلم" و"لما")

هذا القسم الأول من جوازم الفعل، وهو ما يجزم فعلا واحدا، وهو

أربعة "لا" و"اللام" الطلبيتان، سواء أريد بهما النهي والأمر، نحو: {فَلَا تَقُلْ

لَهُمَا أُفٍّ} {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ} ] أو

الدعاء، نحو:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} ] ونحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا

رَبّك} ودخول اللام على فعل المتكلم المفرد أو المشارك ما دام مبنيا

للفاعل قليل، نحو:"قوموا فلأصل لكم"

ص: 791

وكقوله: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ودخول "لا" عليه أقل، نحو:

454 -

(إذا ما خرجنا دمشق فلا نعد

...

...)

ومثله في القلة دخول اللام على فعل المخاطب، نحو: {لِتَأْخُذُوا

مَصَافكُمْ} لأنهم استغنوا فيه بفعل الأمر، أما إذا بني فعل المتكلم للمفعول

كثر دخول "اللام" و "لا" عليه، نحو:"لتنظروا إلينا ولا نظلم".

و"لم" و"لما" وهما حرفا نفي، يجزمان المضارع، ويقلبان معناه إلى

الماضي وتنفرد "لم" بجواز دخول أداة الشرط عليها، نحو: {وَإِن لَّمْ

تَفْعَلْ} و"لما" باتصال نفي ما دخلت عليه بالحال،

ص: 792

ولذلك امتنع: "لما يكن ثم كان" بخلاف "لم" نحو: {لَمْ يَكُن شَيْئًا

مَّذْكُورًا} وبلزوم كونه متوقع الثبوت، نحو: {وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ

خَلَوْا مِن قَبْلِكُم} {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ} ولذلك يمتنع: "لما يجتمع

الضدان" بخلاف "لم" فإنه لا يلزم فيها ذلك، نحو:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}

وبكثرة الاكتفاء بعدها، وهو أن يحذف مجزومها، نحو:"قاربت المدينة ولما"

[أي: ولما] أدخلها ، يقل بعد "لم" نحو:

445 -

(احفظ وديعتك التي استودعتها

يوم الأعازب إن وصلت وإن لم)

ص: 793

(واجزم بـ"إن" و"من" و"ما" و"مهما

"أي "متى" أيان""أين""غذ ما")

"حيثما""أنى" وحرف "إذ ما"

كـ"ـإن" وباقي الأدوات أسما)

(فعلين يقتضين، شرط قدما

يتلو الجزاء وجوابا وسيما)

هذا القسم الثاني، هو ما يجزم فعلين يقتضيهما، يسمى المقدم منهما

ص: 794

شرطا، والثاني له جزاءً وجوابا، وهي إحدى عشرة أداة، منها أداتان حرفان

وهما "إن" بالاتفاق، وهي أم الباب، والجزم بها كثير.

و"إذ ما" - عند الأكثرين- ومن استعمالها قوله:

456 -

(وإنك إذ ما تأت ما أنت آمر

به تلف من إياه تأمر آتيا)

وباقي الأدوات أسماء بلا خلاف إلا في "مهما".

ص: 795

ومن الجزم بـ"ـمن": {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} ، ومنه بـ"ـما":

{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} ، ومنه بـ"ـمهما":

457 -

(ومهما يكن عند امرئ من خليقة

وإن خالها تخفى على الناس تعلم)

والأكثرون على أنها مركبة، لكن هل هو من "ما" الشرطية و"ما" التي

تزداد بعد "إن" ثم أبدلت الألف الأولى هاء، أو من "مه" - بمعنى: اكفف-

و"ما" الشرطية، على قولين:

ومنه بـ"ـأي": {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} ومنه بـ"ـمتى":

ص: 796

458 -

(

....

... ولكن متى يسترفد القوم أرفد)

ومنه بـ"ـأيان":

459 -

(أيان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا

...

...)

ص: 797

ومنه بـ"أين":

460 -

(أين تضرب بنا العداة تجدنا

...

...)

[وأكثر ما يستعمل بعدها "ما" نحو: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}].

ومنه بـ"ـحيثما":

461 -

(حيثما تستقم يقدر لك اللـ

ـه نجاحا في غابر الأزمان)

ص: 798

ومنه بـ"ـأنى".

462 -

(خليلي أني تأتياني تأتيا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول)

وأكثر ما يستعمل ظرف زمان بمعنى: "أين" وقد يستعمل للدلالة على الأحوال

كـ"ـكيف" نحو: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ولعموم الأزمان بمعنى

"متى" ويحتمله البيت المذكور.

(وماضين أو مضارعين

تلفيهما أو متخالفين)

يكون فعل الشرط وجوابه ماضيين، نحو:{وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} فيكون

الجزم في محلهما، ومضارعين، فيظهر الجزم فيهما، نحو:{وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ} ،

ومتخالفين بأن يكون الأول ماضيا والثاني مضارعا، فيكون حكم كل منهما ما

سبق، نحو:{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} وعكسه، على

ص: 799

الصحيح، كقوله صلى الله عليه وسلم: (من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له [ما تقدم

من ذنبه)].

(وبعد ماض رفعك الجزا حسن

ورفعه بعد مضارع وهن)

يجوز في المضارع الواقع جوابا للشرط الماضي الرفع، سواء كان

ماضي اللفظ، نحو:

463 -

وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غائب ما لي ولا حرم)

ص: 800

أو ماضي المعنى لاقترانه بـ"لم" نحو: "إن لم يقم أقومُ" أما رفعه إذا كان الشرط مضارعا [غير ماضي المعنى] فضعيف، نحو:

464 -

(

إنك إن يصرع أخوك تصرع)

ص: 801

ولا يختص بالضرورة، بدليل قراءة بعضهم:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ} [النساء:78].

(واقرن بـ"فا" -حتما- جوابا لو جعل

شرطا لـ"ان" أو غيرها لم ينجعل)

دخول "الفاء" في جواب الشرط جائز، وواجب، وممتنع، فالواجب دخول الفاء عليه ما لا يصلح وقوعه شرطا لـ"إن" أو غيرها من أدوات الشرط، وليس ذلك بتقسيم وإنما هو تأكيد، فإن ما لا يصلح وقوعه شرطا

ص: 802

[لـ"إن" لا يصلح وقوعه شرطا] لغيرها ثم ذلك قد يكون المانع فيه مثل كونه جمله اسميه، نحو:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام:17] أو طلبيه، نحو {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران:31] و {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي} [الكهف:76] أو فعلا غير متصرف، نحو:{إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا} [الكهف:39 - 40] وقد يكون لما يتصل به، مثل كونه مقرونا بـ"قد" أو حرف تنفيس، أو "لن" أو "ما" نحو:{إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف:77]{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة:28]{وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران:115]{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} [يونس:72] وأما نحو:

465 -

(من يفعل الحسنات الله يشكرها

)

ص: 803

وقوله:

466 -

(ومن لا يزالْ ينقادُ للغَيِّ والهَوَى

سَيُلقي علي طولِ السلامة نادما)

فمن الضرورات.

والممتنع اقترانه بـ"الفاء" ما كان مضارعا مجزوما، والجائز دخول

ص: 804

"الفاء" عليه الماضي المجرد، والمضارع غير المجزوم، والأكثر تجردهما منهما، ومن اقترانهما بها:{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل:90]{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ} [طه:112]

(وتخلف الفاءَ "إذا" المفاجأة

كإن تجُدْ إذاً لنا مكافأة)

تقع "إذا" الفجائية عوضا عن فاءِ الجزاء الواجب اقترانه بها، ويختص ذلك بالمثال الذي ذكره المصنف ونحوه، مما أداة الشرط فيه"إن" والجواب جمله اسميه غير طلبيه ومثله:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم:36].

(والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بـ"الفاء" أو "الواو" بتثليت قمن)

إذا عطف علي جواب الشرط مضارع بـ"الفاء" أو "الواو" فلك فيه ثلاثة أوجه: جزمُه بالعطف، ورفعُه بالاستئناف، ونصبه بـ"أن" مضمرة، وبالجزم والرفع قرئ -في المتواتر- {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة:284] وقرئ -شاذا-

ص: 805

بالنصب، وبالأوجه الثلاثة روي:

(467)

- (ونأخذ بعده بذناب عيش

)

بعد:

(468)

- (فإن يهلك أبو قابوسَ يَهْلِكْ

ربيعُ الناسِ والبلدُ الحرامُ)

ولا فرق بين أن يظهر الجزم [في الجزاء]-كما مثل- أو لا يظهر، فإنه قد قُرئ بالأوجه الثلاثة:{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} .

ص: 806

(وجزمٌ ونصبٌ لفعلٍ إثرَ "فا"

أو "واوِ" أنْ بالجملتين اكتُنِفا)

إذا كان العطف علي جمله الشرط قبل الإتيان بجمله الجزاء، فالمعطوف مكتنفٌ بالجملتين، ففيه وجهان: الجزم وهو الأشهر، نحو:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:90] والنصب، كقوله:

469 -

(ومن يقترب منا ويخضع نؤوه

)

أما لو كان العطف بـ"ثُمَّ" لم يجز النصب في الموضعين، لأن إضمار "أنْ" بعدها غير معروف، بل يتعين الجزم في الحالة الثانية، ويجوز مع الرفع الأولى.

ص: 807

(والشرطُ يغني عن جوابِ قد عُلِم

والعكسُ قد يأتي إنِ المعني فُهِم)

يجوز حذف ما عُلم من جملتي الجواب والشرط، وهو في جملة الجواب أكثر منه في جملة الشرط، نحو:{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} [الأنعام:35] التقدير: فافعل ويجب مع تقدم ما هو الجواب في المعني، نحو:{وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} ومع تقدم القسم، كما يأتي، ولا يحذف فعل الشرط إلا مع أداة "إن"مقرونة بـ"لا" نحو:

470 -

(فطلقها فلستَ لها بِكُفْءٍ

وإلا يَعْل مَفْرِقَكَ الحُسَامُ)

تقديره: "وإن لا تطلقْها" وأما نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة:6] و"إنْ خيراً فخير" فلم تحذف فيه جمله الشرط كلها، وإنما

ص: 808

حذف بعضها وقد يحذفان للعلم بهما نحو:

(471)

- (قالت بنات العم يا سلمي وإن

)

(472)

- (كان فَقيراً مُعْدماً قالتْ وإنْ

)

التقدير: وإن كان كذلك تزوجته.

(واحذف لدي اجتماع شرطٍ وقَسَم

جواب ما أخرت فهو مُلْتَزَم)

(وإن تواليا وقبلُ ذو خبر

فالشرط رجعْ مطلقا بلا حَذَر)

(وربما رُجَّح بعدَ قَسَمِ

شرطٌ بلا ذِي خبرِ مُقَدَّم)

إذا اجتمع في الكلام شرط وقسم حذفت جواب المتأخر منهما، واستغنيت عنه بجواب السابق، سواء كان السابق الشرط، نحو:"إن يقم واللهِ زيد أكرمْه"، أو القسم، نحو:"والله إن يقم زيدٌ لأقومنَّ معه" وسواء كان القسم مصرحا به-كما مثل- أو مدلولا عليه باللام الموطئة، نحو:{لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} [الحشر:12] أو بالواو مع حذف اللام، نحو:

ص: 809

{وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة:73] فإن تقدمهما ما يطلب خبرا من مبتدأ باق علي ابتدائيته أو منسوخ الابتداء بأحد النواسخ، رُجّح الشرط علي القسم فإتي بالجواب له تقدّم أو تأخّر، نحو:"زيد والله إنْ تكرْمه يكرمْك" و "إن زيدا والله إن تسألْه يعطيك" وهذا الترجيح واجب عند المصنف ليس واجبا عند ابن عصفور، وأجاز الفراء الاستغناء بجواب الشرط المتأخر عن القسم مطلقا وإن لم يتقدمها ذو خبر، والمصنف جعله قليلا، ولذلك قال: "ربما

البيت" وغيرهما يخصه بالضرورة، كقوله:

473 -

(لئن منيت بنا عن غِبِّ معركةٍ

لا تُلْفِنا عن دماءِ القوم نَنَتْفل)

ص: 810