المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ٢

[برهان الدين ابن القيم]

الفصل: ‌تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا

‌تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحاً

كان حق هذا الباب أن يقدم عند حكم إعراب المثنى لكن لما لم يكن له تعلق بالإعراب أخر إلى تتمات النحو، ولا شك أن الأسماء خمسة أقسام:

أحدها: الصحيح كـ "رجل وزيد"

والثاني: ما يجرى مجراه كـ "دَلْو وظبي"

والثالث: المنقوص كـ "القاضي"، والرابع: المقصور كـ"الفتى".

والخامس: الممدود كـ "صحراء".

فأما الأقسام الثلاثة الأول فلا تتغير أواخرها في التثنية، بل يقال: رجلان، ودْلوان، وقاضيان، وقولهم: ألْيانِ وخُصْيَان -بحذف التاء- شاذ، وقيل: بل هما تثنية أَلِّى وخُصْيٌ لغة في أَلْيَةٍ وخُصْيَةٍ، وكذا يَدَيان ودميان -بإعادة المحذوف- شاذ.

فأما في جمع التصحيح فالقسم الأول كذلك، كـ "زيدون"، ولم يجيء من القسم الثاني علم ولا صفة حتى يجمع الواو والنون.

وأما الثالث فيجمع بحذف يائه، والقسمان الآخران هما المبوب عليهما.

ص: 882

(آخِرَ مقصورٍ تُثنى اجعله يا

إن كان عن ثلاثةٍ مُرتقيا)

(كذا الذي اليا أصلُه نحو الفتى

والجامدُ الذي أميل كمتى)

المقصور ينقسم إلى ما يجب قلب ألفه في التثنية ياء وإلى ما يجب قلبها في التثنية واواً، فبدأ القسم الأول منه، وذكر أنها تنقلب ياء في ثلاثة مواضع:

أحدها: أن تجاوز ثلاثة أحرف، سواء كان أصله الواو كـ "ملهى" أو الياء كمَرْمَى، أو لم يكن لألفه أصل، وإنما هي للتأنيث كـ "حُبْلى" أو للإلحاق كـ "أَرْطى" فإنك تقلب ألفه ياء في ذلك كله، فتقول مَلْهَيَان ومَرْمَيَان، وحُبْلَيَان وأَرْطَيَان، وقولهم في خَوْزَلَى وقَهْقَرى:[خوزلان وقهقران]-بالحذف- شاذ.

الثاني: أن يكون أصل ألفه ياء سواء زاد على ثلاثة أحرف -كما مثل- أو كان ثلاثياً كفتىِّ وهُدَّى، قال تعالى:{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف:36] وقولهم في: "حِمِّى" حِمَوَان شاذ لأنه من حَمَيْتُ.

الثالث: أن تكون غير مبدلة من أصل، وهي التي عبر عنها بالجمود إلا أنها قد أميلت كـ "متى" -إذا سميت به- فإنك تقول فيه مَتَيَانِ.

ص: 883

(في غير ذا تُقلب واواً الألِفْ

وأولها ما كان قبلُ قد ألِفْ)

هذا القسم الثاني وهو ما يجب قلب ألفه واواً في التثنية، وهو غير ما ذكر في المواضع الثلاثة، فيدخل فيه شيئان، أحدهما ما كان ثلاثياً أصله الواو، كـ "عصى وقفى"، فتقول فيهما عصوان وقفوان، ولذلك جاء تثنية "مَنَّا"-لغة في المنّ الذي يوزن به- على منوين لأنه من مَنَوْتُ بمعنى قدرت، وقولهم في رِضِّى رِضيان شاذ، لأنه من الرضوان.

الثاني: أن تكون غير مدلة من أصل ولم تُمَلْ، نحو:

"لدى وإذا" فإنك تقول في تثنيتهما -إذا سميت بهما- لدوان وإذوانِ، ثم الياء والواو يليان الحرف الذي كان قبل الألف على صفته من الحركة وهي الفتحة، ولا تتغير حركته لأجل الياء ولا لأجل الواو.

(وما كصحراء بواوٍ ثُنّيا

ونَحوُ عِلْباء كساء وَحَيَا)

(بواوٍ أو همزٍ وغير ما ذُكر

صَحّحْ، وما شذ على نقلٍ قُصِرْ)

(واحذف من المقصور في جمع عَلَى

حد المثَّنى ما به تَكَمَّلا)

هذا حكم تثنية الممدود، ود قسّمهُ إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما يجب قلب همزته واواً، وهو ما كانت الهمزة في آخره بدلاً من ألف التأنيث كـ "صحراء وحمراء" ونحوهما، فإنك تَقول فيهما:

ص: 884

صحراوان وحمراوان واستثنى السيرافي من ذلك ما كان قبل ألفه واو كـ "عشواء" فأوجب فيه التصحيح، وأجاز الكوفيون فيه الوجهين:

الثاني: ما يخير فيه بين تصحيح الهمزة وقلبها واواً وهو شيئان:

حدهما: ما كانت الهمزة فيه مبدلة من حرف الإلحاق، كـ"علباء"، فإن أصله عِلْباي -بياء زائدة- تُلحقه بِقرطاس، ثم أبدلت ياؤه همزة، فلك أن تقول فيه علبا وان -بالواو- وعلباءان -بالهمزة-.

وثانيهما: ما همزته بدل من أصل سواء كان واواً كـ "كساء وسماء" فإن أصلهما "كساو وسماو"، أو ياءً كـ "حياء" فإن أصله: حياي؛ فلك أن تقول في تثنيتهما: كساوان وسماوان وحياوان -بالواو- ولك أن تقول: كساءان وسماءان وحياءان -بالهمز- وهو الأرجح اتفاقاً.

وأما المبدلة من الألف الإلحاق فبالعكس عند الأكثرين، وعند الأخفش أنها مثلها في رجحان التصحيح.

الثالث: ما يجب فيه تصحيح الهمزة، وهو غير ما ذكر، ولم يبق من

ص: 885

الممدود إلا قسم واحد، وهو ما همزته أصل كـ "قُرَّاء" -وهو الناسك- فتقول فيه قُرَّاءان؛ وما شذ من هذه الأقسام فخرج عن القاعدة اقتصر فيه على المسموع ولم يقس عليه، فمما شذ من القسم الأول: عاشوران وخنفسان -بحذف الهمزة- وقول بعضهم: حمرايان، بقلبها ياء، ومن القسم الثاني:

كسايان -بقلبها ياءً-.

(والفتح أُبقِ مشعراً بما حُذف

وإن جمعته بتاءٍ وألفِ)

(فالألف اقلب قلبها في التثنيه

وتاءَ ذي التا ألزِمَنَّ تنحيه)

(والسالم العينِ الثلاثي اسما أنِلْ

اتباعَ عينٍ فاءَه بما شُكِل)

هذا حكم المقصور في جمع المذكر السالم، وهو الذي أشار [إليه] بقوله: على حد المثنى، لأنه مساويه في سلامة لفظ واحده، وفي ختمه بالنون وفي إعرابه بحرفين أحدهما خاص بالرفع، والآخر مشترك بين الجر والنصب وفي حذف آخره للإضافة.

وحكم المقصور: أن يحذف آخره، وهي الألف التي تكملت بها بنيته مطلقاً، وتبقى الفتحة التي قبلها مشعرةً بها ودالةً عليها، فتقول في مصطفى مصطفون،

ص: 886

وفي موسى موسون، قال تعالى:{وَإِنَّهُمْ عِنْدنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَار} [ص:47]{وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} [آل عمران:139] بخلاف ياء المنقوص إذا حذفت فإن الكسرة التي قبلها تحذف أيضاً، ويحرك ما قبل حرف إعرابه بالحركة المجانسة، فتقول: جاء القاضون، ورأيت القاضين، والمؤنث منه اندرج حكمه فيما ذكره المصنف من حكم جمع المؤنث السالم، وشرع في الكلام عليه من عند قوله:

وإن جمعته بتاءٍ وألف

...

والضمير في جمعته راجع إلى الاسم، أي إن جمعت الاسم المؤنث بتاء وألف فهو منقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون مؤنثاً بالألف، إما المقصورة كـ "حبلى" وإما الممدودة كـ "حمراء" فإن حكم ألفه في القلب حُكمها في التثنية، فتقول: حبليات -بقلبها ياءً- وصحراوات

ص: 887

-بقلبها واواً- لأنك تقول في التثنية حبليان لزيادته على ثلاثة أحرف، وصحراوان لأن ألفه للتأنيث.

الثاني: أن يكون مؤنثاً بالتاء، فيلزم في الجميع تنحية التاء، أي حذفها منه مطلقاً، فتقول في مسلمة: مسلمات، بخلاف التثنية، فإنك تقول فيها مسلمتان، فلو كان قبل تائه همزة أو ألف أجريت عليه -بعد حذف التاء- من الحكم ما يستحقه في التثنية لو كان آخِراً، فتقول في قُرَّاءة قُرَّاءات، بتصحيح الهمزة، لكونها أصلاً، وفي ناءة نباءات -بالتصحيح إن شئت- ونباوات -بقلبها واواً- لأنها بدل من أصل، كما تقول في كساء: كساءان، وكساوان، وتقول في [مصطفاة وفتاة] مصطفيات وفتيات، كما قال تعالى:{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ}

ص: 888

وفي قَنَاة قَنَوات لأن أصل ألفه واو، وإن كان قبل التاء حرف علة غير ألفٍ تركته على حاله، فتقول في علاوة وحماية علاوات وحمايات، وبقي من جمع المؤنث السالم ما لم يختم مفرده بعلامة تأنيث، وهو جارٍ على حكم التثنية أيضاً، فتقول في هند وزينب: هندات وزينبات، كما تقول في التثنية: هندان وزينبان، وتقول في سماء: سماوات -بقلب الهمزة واواً- وإن شئت: سماءات بتصحيحها، وبالأول نطق القرآن، مع تصريحاتهم في التثنية أن الأرجح التصحيح كما سبق، فلذلك قيل إن سماوات جمع سماوة لا سماء.

(إن سكانَ العينِ مؤنثاً بدا

مختتماً بالتاءِ أو مجرداَ)

(وسكّنِ التاليَ غيرَ الفتحِ أو

خففه بالفتح فكُلاً قدرووا)

(ومنعوا اتباع نحو ذِروه

وزُبيةٍ، وشذ كسر جِرْوَه)

"هذا نوع من المجموع" بالألف والتاء، وهو ما كان اسماً ثلاثياً سالم العين من الإعلال والإدغام ساكنها، مؤنثاً بالتاء كـ "سِدْرة" أو بالمعنى كـ "هند ودعْد" فقولنا اسماً: احتراز من الوصف كـ "ضخمة وعَبْلَة"، وثلاثياً: احتراز [مما نقص عنه كـ "ثُبَةٍ" أو زاد عليه كـ "سعاد" والسالم العين: احتراز] من معتلها كـ "جَوْزَة" أو مدغمها كـ "حُجة"، وساكنها: احتراز من متحركها كـ "نَفَقَةٍ"، ومؤنثها: احتراز من المذكر كـ "عبد"، فما جمع هذه

ص: 889

الشروط فإنه يتغير في جمعه بالألف والتاء، فيجوز في عينه أن تتبع حركة فائه مطلقاً، فتكسر إن كانت مكسورة، كـ "سِدِرات"، وتضم إن كانت مضمومة كـ "غُرفات"، وتفتح إن انت مفتوحة كـ "جَفَنَات"، وإلى ذلك أشار بقوله:

(

...

...

أنِلْ

إتباع عينٍ فاءَه بِما شُكل)

ويجوز فيما عدا المفتوح الفاء وجهان آخران:

أحدهما: بقاؤها على أصلها من الإسكان.

الثاني: تخفيفه بالفتح فتقول: سدْرَات وغًرْفَات -بإسكان العين وفتحها- وبالأوجه الثلاثى قراء: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة:168][النور:21].

وأما المفتوح الفاء فلا يجو إسكان عينه إلا في الضرورة نحو:

500 -

(وحُمّلت زَفْرات الضحى فأطقتها

ومالي بِزَفْرات العَشِيِّ يدان)

ويمتنع الإتباع في مسألتين:

إحدهما: أن تكون الفاء مكسورة واللام واواً نحو: ذِروة ورِشوة فيجوز فيه رِشوات ورِشَوات -بالفتح- ويمتنع

ص: 890

الاتباع، ولذلك حكم المصنف بشذوذ جِرِوات، بكسر العين.

الثانية: عكسها، وهو أن تكون الفاء مضمومة، واللام ياءً كـ"زبية ودمية، فإنه يمتنع فيها الإتباع بضم العين.

(ونادرٌ أو ذو اضطرارٍ غير ما

قدمته أو لأناس انتمى)

ما هرج عن هذه القاعدة المتقدمة في هذا النوع من جمع المؤنث السالم فإما نادر بخروجه عن القياس مندور الإتباع في قولهم "كهلات" جمع كهلة، لأنه وصف لا اسم، وهو عند قطرب مقيس، وكندور سكون محرك العين نحو:"سمرات ونمرات" جمع سَمُرة ونمرة وهو في الندور نظير:

ص: 891

501 -

يا عمرو يا ابن الأكرمين نسبا .... ..... ......

بسكون العين في المفرد، ومندور التحريك بالفتح في "عيرات" جمع "عير" وهي الإبل التي تحمل الميرة، مع أنه معتل العين، وليس هذا مما جاء بلغة هذيل؛ وإما ضرورة، كما تقدم في إسكان "زفرات" مع أن فاءه مفتوحة؛ وإما مختص بلغة أناس من العرب، كما تفتح هذيل عين "جوزة وبيضة" ونحوهما من المعتل العين، وفاؤه مفتوحة، فيقولون:"جوزات وبيضات"، وبه قرئ شاذا} ثلاث عَوَرات لكم {ومنه:

502 -

أخو بيضات رائح مُتأوب

...

....

ص: 892