المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الترخيم هو عبارة عن حذف آخر الكلمة، واشتقاقه من الصوت الرخيم، - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ٢

[برهان الدين ابن القيم]

الفصل: ‌ ‌الترخيم هو عبارة عن حذف آخر الكلمة، واشتقاقه من الصوت الرخيم،

‌الترخيم

هو عبارة عن حذف آخر الكلمة، واشتقاقه من الصوت الرخيم، وهو الرقيق، ولا يستعمل في غير النداء إلا ضرورة-كما يأتي- ولا يرخم فيه معرب سواء كان نكرة أو مضافا، ونحو:

(386 - أبا عرو لا تبعد فكل ابن حرة

..........)

ص: 696

شاذ. ولا محكي، ولا مستغاث، ولا متعجب منه، لا مندوب، وحكي سيبويه الترخيم في الجملة المحكية. كما يأتي:

(ترخيما احذف آخر المنادي

"كياسعا" فيمن دعا سعادا)

إذا رخم المنادى حذف الحرف الأخير، أو الكلمة الأخيرة منه، كقولك:"يا سعا"- في نداء: يا سعاد- وكقراءة الأعمش: {وَنَادَوْا يَا مَال} [سورة الزخرف: 77] وإنما توسع في ترخيم المنادى لأنه قد تغير بالنداء، والترخيم تغيير، والتغيير يأنس بالتغيير.

(وجوزنه- مطلقا- في كل ما

أنث بالها، والذي قد رخما)

(بحذفها وفره بعد واحظلا

ترخيم ما من هذه الهاقد خلا)

(إلا الرباعي فما فوق العلم

دون إضافة وإسناد متم)

ص: 697

الترخيم جائز- مطلقا- في كل ما أنث بالهاء، سواء كان علما لمذكر "كطلحة" أو لمؤنث "كعائشة"، زائدا على ثلاثة أحرف- كما مثل- أو على ثلاثة، "كهبة أو "ثبة" علمين- أو غير علم، "كجارية"

قال الشاعر:

(387 -

جاري لا تستنكري عذيري

)

ويرخم ما هي فيه بحذفها- كما مثل- وكقوله:

(388 - أعائش مالقومك لا أراهم

.........)

ص: 698

ويوفر ما رخم بحذفها، فلا يحذف منه شيء بعد ذلك، بل يقر حرف اللين- إن كان قبلها- على حاله مطلقا.

و"يحظل" أي: يمنع ترخيم ما خلا من هاء التأنيث إلا إذا كان علما زائدا على ثلاثة أحرف، خاليا من تركيبي الإضافة والإسناد، "كجعفر" من أعلام المذكر، و"زينب" من أعلام المؤنث، فلا يرخم نحو:"إنسان"- لفقد العلمية- ولا نحو: "زيد" لانتقاء الزيادة على الثلاثة، ولا تأثير لحركة وسطه، "كحكم" ولا نحو:"عبد الله" -لأنه مضاف- ولا نحو: "برق نحره" لأن فيه إسنادا.

(مع الآخر احذف الذي تلا

إن زيد لينا ساكنا مكملا)

(أربعة فصاعدا، والخلف في

واو وياء بهما فتح قفي)

ص: 699

إذا حذف الآخر للترخيم، وكان ما قبله صحيحا أقر فلم يحذف، وإن كان معتلا، وهو المراد بقوله:"لينا" حذف مع الآخر، سواء كان واو، "كمنصور" أو ياء كمسلمين" أو ألفا، "كمروان" وإنما يحذف بشرطين:

أحدهما: أن يكون ساكنا.

الثاني: أن يكون مكملا لأربعة أحرف فصاعدا، كما مثل، ومن وروده:

(389 - يا مرو إن مطيتي محبوسة

.............. ز)

وقوله:

ص: 700

390 -

يا أسم صبراً على ما كان من حدثٍ

..................

فلو كان حرف اللين الذي يليه الآخر متحركاً نحو: "هبيخا" و "مشتور" - إذا سميت بهما- ويتصور ذلك في الألف المنقلبة عن متحرك، كـ "مختار"، و"منقاد" - علمين - لم يحذف حرف اللين في ذلك كله، وكذا لو كان حرف اللين ثالثاً، كـ "ثمود" و "سعيد" و "عماد" لم يحذف، وفي اشتراط كون ما قبل الواو [والياء مجانساً لهما - بأن يكون مكسوراً قبل الياء، ومضموماً قبل الواو-] خلاف، فسيبويه والأكثرون يشترطون ذلك، فلا يجيزون حذف حرف العلة في نحو "فرعون"

ص: 701

و"غرنيق" لأن ما قبل الواو والياء فيهما مفتوح، والفراء لا يشترط ذلك، فيجيز حذفه، وإلى هذه المسألة أشار بقوله:

(..... ....

والخلف في

واوٍ وياءٍ بهما فتحٌ قُفِي)

لأنه لا يتصور قبلهما حركة غير مجانسة إلا الفتحة، فلا يتصور ضمة قبل الياء، ولا كسرة قبل الواو، ولا خلاف [في حذف] الواو والياء من نحو:"مصطفون" و "مصطفين" وإن كان قبلهما فتح، لأن الحركة المجانسة فيهما مقدرة، وإنما عدل إلى الفتح لخوف اللبس باسم الفاعل.

(والعجز احدف من مركبٍ وقل

ترخيم جملةٍ، وذا عمروٌ نقل)

هذا القسم الثاني من قسمي الترخيم، وهو ما تحذف منه الكلمة الأخيرة، وهو المركب تركيب مزج، فإنك تحذف عجزه، فتقول في "معدي كرب"، و"سيبويه" - مرخمين - "يا معدي" و "يا سيب".

ص: 702

وقل ترخيم الجملة المنقولة إلى العملية بحذف عجزها، وهذا نقله عمرو، أبو بشر إمام النجاة، الملقب "سيبويه" في باب النسب من كتابه: لا في باب الترخيم.

(وإن نويت بعد حذف ما حُذف

فالباقي استعمل بما فيه ألف)

(واجعله إن لم تنو محذوفا كما

لو كان بالآجر وضعا تمما)

إذا رخم المنادى فلك فيما بقي منه وجهان.

ص: 703

أحدهما أن تنوي المحذوف، فتترك الباقي على ما كان عليه قبل الحذف من حركة أو سكون، فتقول:"يا جعف" و "يا منص" و "يا جار" و "يا هرق" بفتح الأول، وضم الثاني، وكسر الثالث، وإسكان الرابع.

والثاني: أن لا ينوي المحذوف، بل يجعل ما بقي بمنزلة الاسم المقتيل الذي تم وضعه بالحرف الأخير منه، فتبنيه على الضم - مطلقاً - وتجعل الضمة في "يا منص" حادثةً للبناء، والاول أكثر في الاستعمال، وبه قرئ:"يا مال".

(فقل على الأول في ثمود يا

"تمو" ويا "ثمى" على الثاني بيا)

إنما قلت على الوجه الأول: "ياثمو" لأن المحذوف كالملفوظ به، فليست الواو آخراً، وأما على الثاني: فتقلب الواو ياء، والضمة التي قبلها كسرة، لأنه ليس في كلامهم اسم معرب آخره واو لازمة قبلها ضمة، نعم قد يوجد ذلك في الفعل، كـ "يغزو" وفي المبني، كـ "هو"، وفي ما واوه غير لازمة كـ"أبوه" ومع سكون ما قبل الواو كـ "عدو" فلذلك قلبت الواو ياء، كما قلبت في جمع "جرو" و"دلو" مع أن قياسهما:"أرجروٌ" و "أدلوٌ" -على وزن "أفعلٌ"- واللم واو، وكذلك تقول على الأول:"ياعلاو" -ترخيم علاوة- لأن

ص: 704

الواو ليست أخراً في التقديري، وتقول على الثاني:"ياعِلاءُ"، بإبدال الواو همزة لوقوعها آخراً بعد ألف، كـ "كساء".

(والتزم الأول في كـ "مسلمة"

وجوز الوجهين في كـ "مسلمة")

ما رُخّم بحذف تاء التأنيث فلك في آخره من مراعاة المحذوف، وعدم مراعاته وجهان كغيره، فتقول في "مسلمة" على الأول:"يا مَسْلَمَ" - بالفتح - وعلى الثاني: "يا مَسلَمُ" - بالضم - وكذلك تقول: "يا فاطمَ"، و "يا فاطمُ" إلا أن يعرض بسبب عدم مراعاة المحذوف لبس، كما في نحو:"مسلمة" و"قائمة" ونحوهما من صفات المؤنث، وكـ"حارثة" و "حصفة" وغيرهما من أعلامه، فإنه يجب إبقاء أواخرها كلها على الفتح، لما يعرض مع الضم من التباسها بصفة المذكر أو علمه.

(ولاضطرار رخموا دون ندا

ما للندا يصلح نحو: أحمدا)

يرخم غير المنادى في ضرورة الشعر، لكن بشرط صلاحيته للنداء، نحو:"أحمد" وغيره من الأعلام، فلو لم يصلح لمباشرة حرف النداء له كالغلام لم يرخم، ونحو:

(391 -

أو الفامكة من ورق الحمى

)

ص: 705

في غاية الشذوذ، ومن شرطه - أيضاً - أن يصلح للترخيم في النداء، فلا يرخم مضاف، ولا ثلاثي إلا أن يكون ختتما بالتاء، ثم لك بعد ترخيمه أن تجعله كالمستقل، فتعرب ما بقي بما يقتضيه العامل، وهو الأكثر كقوله:

(392 - مررت بعقبٍ وهو قد ذل للعدا .....................)

وقوله:

ص: 706

(393 - ديار مية إذ مي تساعفنا .................)

ولك أن تنوي المحذوف فتتركه على حاله، كما هو الأرجح في النداء، كقوله:

(394 - ..................... وأضحت منك شاسعةً أُماما)

أصله: أمامة.

ص: 707