الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالا ينصرف
يعرض للاسم نقصان، نقص يوجب شبهة بالحرف، فيوجب بناءه كما سبق، ويسمى غير متمكن، ونقص يوجب شبهه بالفعل [فيوجب منع الصرف] ويسمى غير أمكن، فإذاً الأسماء بالنسبة إلى التمكن [والأمكنية، وعدمها وعدم الأمكنية دون التمكن] ثلاثة أقسام:
فالأول: كـ "زيد"، والثاني: كـ "كيف" والثالث: كـ "أحمد" وليس فيها عكسه.
(الصرف تنوين أى مبينا
…
معنى به يكون الاسم أمكنا)
أي الصرف عبارة عن تنوين جيئ به لبيان معنى يقتضي أمكنية الاسم وسلامته من شبه الحرف والفعل، كـ "زيد" - في المعارف- و "رجل" - في النكرات- وما لم يدخله هذا التنوين فهو غير منصرف، إلا أن يخلفه
ما يشبهه كـ "مسلمات"، والمانع لدخول هذا التنوين إما علتان من علل عشر، وإما علة تقوم مقامهما، ولابد أن تكون إحدى العلتين راجعة إلى اللفظ، والأخرى راجعة إلى المعنى لأن الفعل فيه فرعية من حيث اللفظ، وهو اشتقاقه من المصدر، وفرعية من حيث المعنى، وهو اقتران دلالته بالزمان، [فالعلة القائمة] مقام علتين شيئان:
أحدهما: [ألف التأنيث، والثاني: صيغة منتهى الجموع.
وأما العلتان: فلابد أن تكون إحداهما] إما الوصفية وإما العلمية، لأنهما العلتان المعنويتان، وما عداهما فعلل لفظية.
فيمنع مع الوصف ثلاثة أشياء:
العدل، كـ "مثنى" و "ثلاث"، ووزن الفعل، كـ "أحمر"
وزيادة الألف والنون، كـ" سكران".
ويمنع مع العلمية هذه الثلاث كـ "عمر" و "يزيد" و "مروان" وأربعة أخر، وهي:
العجمية، كـ "إبراهيم"، والتأنيث، كـ "طلحة"، و "زينب"، والتركيب كـ "معدي كرب"، وألف الإلحاق، وكـ "أرطى" وسترى ذلك كله مفصلا.
(فألف التأنيث مطلقا منع
…
صرف الذي حواه كيفما وقع)
أي: ألف التأنيث تستقل بالمانع مطلقا، سواء كانت مقصورة، أو ممدودة، وسواء كان ما وقعا فيه علما كـ "سلمى" و "أسماء"، أو صفة كـ "حبلى" و "حمراء"، أو اسم جنس كـ "ذكرى" و "صحراء"، مفردا كما مثل أو جمعا كـ "جرحى" و "كرماء".
(وزائدا "فعلان" في وصف سلم
…
من أن يرى بتاء تأنيث ختم)
بدأ بذكر العلل المانعة مع الوصف، وهي ثلاثة أشياء:
هذا أولها، وهو زيادة الألف والنون مع الوصف، وهو مختص بوزن "فعلان" بشرط سلامته من قبول تاء التأنيث، عند الإطلاق على المؤنث، إما لأن مؤنثه على "فعلى" كـ "سكران" و "غضبان" و "ندمان" - من الندم- وإما لأنه لا مؤنث له لفقد المعنى فيه كـ "لحيان" أو للاستغناء عنه بلفظ آخر، كـ "أليان" - للعظيم الأليتين- فإنهم قالوا في مؤنثه في الآدميين "عجزاء" أما [ما]
ختم مؤنثه بالتاء عند قصد التأنيث نحو: "مصان" - للئيم- و "سفيان" - للطويل- و "ندمان"- من المنادمة- و "أليان"- في الغنم- فإنهم قالوا: "نعجة أليانة" في ألفاظ يسيرة، فلا يمتنع صرفه.
وبنو أسد يصرفون باب "فعلان" من الصفات لأن "فعلانة مطرد عندهم.
(ووصف أصلي، ووزن "أفعلا"
…
ممنوع تأنيث بتا كـ "أشهلا").
هذا الثاني مما يمنع مع الوصف، وهو زنة "أفعل" من أبنية المضارع في لفظ وضع للوصف أصلا كـ "أشهل" و "أحمر" ونحوهما من الصفات،
وشرطه أن يمتنع ختمه بتاء التأنيث عند قصد إطلاقه على المؤنث، إما لأن مؤنثه "فعلاء" - كما مثل- وإما لأنه لا مؤنث له كـ "أمر" - للعظيم الكمرة- و "آدر" - للعظيم الأنثيين - أما لو ختم عند قصد التأنيث بالتاء كـ "أرمل" و "أرملة" لم يمتنع صرفه.
(وألغين عارض الوصفية
…
كـ "أربع" وعارض الإسمية)
(فالأدهم القيد لكونه وضع
…
في الأصل وصفاً انصرافه منع)
(و "أجدل" و "أخيل" و "أفعى"
…
مصروفةٌ، وقد ينلن المنعا)
قد سبق أن شرط منع الوصف مع وزن الفعل أن يكون أصليا، فنحو:"أربع" في قولك: "مررت بنسوة أربع" لا يمتنع صرفه، لأنه في الأصل اسم لهذا العدد المخصوص، ولكن عرض الوصف به.
وفي التمثيل به نظر، فإن فيه مقتضيا آخر للصرف، وهو أنه يقبل التأنيث بالتاء، نحو:"مررت برجال أربعة" لكن يمثل ذلك بقولهم: "مررت برجل أرنب" أي: ذليل، وكذلك أصالة الوصفية تقتضي منع الصرف لما عرض نقله إل الأسمية، كـ "الأدهم" - إذا سمي به القيد - و "أبطح" و "أبرق"
و "أجرع" - إذا سمي بها أماكن- و "أرقم" و "أسود" - إذا أطلق على الحية-، وأما "أجدل" - للصقر- و "أخيل" - لطائر ذي خيلان، وهي: نقط سود- و "أفعى" - للحية- فإنها مصروفة لكونها أسماء في الأصل والحال، وبعض العرب يمنعها الصرف التفاتاً إلى معنى الصفة التي لأجلها سميت هذه الحيوانات بذلك، وهي القوة، والتلون، والإيذاء، إلا أن ذلك في "أجدل" و "أخيل" أبين، لظهور معنى الاشتقاق، قال الشاعر:
(415 - كأن بني الرغماء إذ لحقوا بنا
…
فراخ القطا لاقين أجدل بازيا)
ومثله:
(416 - .....................
…
فما طائرٌ - يوما- عليك بأخيلا)
بخلاف "أفعى" فإن اشتقاقه إما منتف وإما خفي، إلا أنه قد سمع فيه - أيضاً- نحو:"أطرق أفعى تنفث السم صل".
(ومنع عدلٍ مع وصفٍ معتبر
…
في لفظ "مثنى" و "ثلاث" و "أخر")
هذا الثالث مما يمنع مع الوصف، وهو: العدل، ومعناه: التحويل من مثال إلى غيره، وذلك في موضعين:
أحدهما: الأعداد المعدولة، كـ "مثنى"، و "ثلاث" قال تعالى:{أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ} [فاطر:1] وهما معدولان عن لفظي العدد إذا كررا، فـ "مثنى" قائمٌ مقام:"اثنين" - مكررا- و "ثلاث" قائم مقام: "ثلاثة ثلاثة" - مكررا- ولا يقع هذا النوع إلا نعتا، كما مثل أو حالا نحو:{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ:46] أو خبرا، كقوله صلى الله عليه وسلم:(صلاة الليل مثنى مثنى).
الثاني: "أخر" جمع أخرى، مؤنثة "آخر" - المراد به الدلالة على المغايرة- كقولك:"مررت بامرأةٍ ونسوة أخر" وهو معدول عن "آخر" لأنه من باب أفعل التفضيل، وأفعل التفضيل إذا تجرد من "أل" والإضافة جرى مفردا في الأحوال كلها - كما سبق- فكان مقتضى هذه القاعدة أن يقال:"مرت برجلين آخر، وبرجال آخر، وبامرأة آخر، ونسوة آخر" كما يفعل ذلك بـ "أفعل" ونحوه، إلا أنهم فرعوه كما تفرع الصفات، فكل فروعه معدولة
عنه، ولم يظهر أثر العدل في التثنية والجمع لأنهما معربان بالحروف، فلا مدخل لهما في هذا الباب، ولم يذكره النحاة في "أخرى" اكتفاء بما فيها من ألف التأنيث المقتضية للمنع، و "آخر" هو الأصل، فلم يبق شيء مما أثر فيه العدل إلا "اخر".
وهذه الأقسام الثلاثة [صرفها ممتنع مع النكرة، فلو سمي بها وصارت معارف فمنع الصرف باق] لأنه قد خلف الوصف علة أخرى وهي العلمية.
(ووزن "مثنى" و "ثلاث" كهما
…
من واحدٍ لأربعٍ فليعلما)
وزن "فعال" و "مفعل" المعدول عن الأعداد مسموع من واحد إلى الأربعة، قالوا:"آحاد" و "موحد" و "ثناء" و "مثنى" و "ثلاث" و "مثلث" و "رباع" و "مربع". قال تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3].
قال الشاعر:
(417 - لقد قتلتم ثناء وموحدا
…
...............)
وقال الآخر:
(418 - ................
…
أحاد أحاد في شهرٍ حلالٍ)
وقد سمعا - أيضاً- في "خماس" و "عشار" وذهب بعض النحاة إلى قياسهما في الجميع، وبعضهم [إلى قياس]"فعال" دون "مفعل".
(وكن لجمعٍ مشبهٍ "مفاعلا"
…
أو "المفاعيل" بمنعٍ كافلا)
هذه العلة الثانية من العلتين المستقلتين بالمنع، وهو ما أشبه في اللفظ "مفاعل" أو "مفاعيل" من الجموع، سواء كانت الميم في أوله كـ "مساجد" و "مصابيح" أو لم تكن كـ "دراهم" و "دنانير" ومنه "دواب" و "صواب" لأن أصله "دوابب" و "صوافف" ويسمى الجمع الذي لا نظير له في الآحاد
وصيغة منتهى الجموع.
(وذا اعتلال منه كـ "الجواري"
…
رفعاً وجراً أجره كـ "ساري")
ما كان من هذا الجمع معتلا بالياء، ولا يتصور ذلك إلا في موازن "مفاعل" كـ "الجواري" و "العلالي" و "الصحاري" فمع خلوه من "أل" والإضافة تجريه في الرفع والجر مجرى "قاضٍ" و "سارٍ" ونحوهما من المنقوص المنكر، فتحذف ياؤه ويعوض عنها بالتنوين، نحو:{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف:41] و {سَبْعَ لَيَالٍ} [الحاقة:7] وأما في النصب فتجريه مجرى "مفاعل" فتفتح ياءه غير منونة، نحو:{سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ:18] أما المضاف منه والمعرف بـ "أل" فتعاملهما معاملة المنقوص فتكسر ياؤه في الرفع والجر، نحو:
{وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي} [الشورى:32] وتفتح في النصب نحو: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ} [مريم:5].
(ولسراويل بهذا الجمع
…
شبه اقتضى عموم المنع)
"سراويل" يمتنع صرفه مع كونه مفردا غير علم لمشابهته هذا الجمع لفظا، وقيل: بل "منع صرفه للعجمة مع شبه الجمع" وقيل: بل لأنه في الأصل جمع "سراولة"، ونقل ابن الحاجب صرفه عن بعض العرب، ولا يثبت.
(وإن به سمي أو بما لحق
…
به فالانصراف منعه يحق)
إذا سمي بهذا الجمع مثل أن تسمي رجلاً بـ "دراهم" أو امرأة بـ "ـدنانير"
أو بما لحق به، إما منقولا من أعجمي، كـ "شراحيل" وإما مرتحلا كـ "هوازن" استحق منع الصرف، كـ "سراويل" بل أولى لزيادته عليه بالعلمية مع تحقق الجمعية في المنقول منها، فإن أخرج عن العلمية بالتنكير فهل يصرف أولا، الأكثرون على بقاء المنع، لأن التأثير إنما هو لشبه الجمع لفظا أو لأنه الأصل.
(والعلم امنع صرفه مركبا
…
تركيب مزجٍ نحو: معدي كربا"
أخذ في ذكر العلل المانعة مع العلمية، وهي سبع:
الأولى: التركيب، ويختص ذلك بتركيب المزج، دون تركيب الإضافة ودون تركيب الإسناد، ولا يتناول منه - في الأصح- إلا ما لم يختم بـ "ويه" كـ "بعلبك" و "معدي كرب" و "حضر موت"- في أفصح لغاتها- فإن بعض العرب يبنيهما - معا- على الفتح، وبعضهم يضيف أول الجزأين إلى الثاني، كما سبق.
(كذاك حاوى زائدي "فعلانا"
…
كـ "غطفان" وكـ "أصبهانا"
هذه العلة الثانية مما يمنع مع العلمية، وهو ما اتصل به زائدا "فعلان" - وهما الألف والنون- سواء طابقه وزنا كـ "مروان" و "سلمان" أو لم يطابقه
كـ "أصبهان" فإن لم تكن نونه زائدة كـ "بيان" صرف، وإن احتملت الزيادة وعدمها كـ "حسان" و "حيان" و "شيطان" فإنها تحتمل الاشتقق من الحس، والحياة، ومن "شاط" - إذا احترق- فتكون النون زائدة، وتحتمل الاشتقاق من الحسن، والحين، ومن "شطن" فتكون أصلية، جاز فيه الصرف كقوله:
(419 - وعمراً حياناً تركنا بقفرة
…
.................)
وتركه، وهو أكثر من "حسان" ومن شعره:
(420 - ماهاج حسان رسوم المقام
…
ومظعن الحي ومبني الخيام)
(كذا مؤنثٌ بهاءٍ مطلقا
…
وشرط منع العار كونه ارتقى)
(فوق الثلاث أو كـ "جور" أو "سقر"
…
أو "زيدٍ" اسم امرأةٍ لا اسم ذكر)
هذه العلة الثالثة مما يمنع مع العلمية، وهي التأنيث، فإن كان بزيادة التاء منع الصرف مطلقا، سواء زاد على ثلاثة أحرف كـ "طلحة" و "عائشة" أو لم يزد كـ "هبة" و "ثبة"، وسواء كان علم مذكر أو علم مؤنث كما مثل، وإن كان التأنيث بالمنى لم يؤثر إلا في أربع صور جمعها كلامه.
الأولى: أن يكون على ثلاثة أحرف "كـ "سعاد" و "زينب".
الثانية: أن يكون على ثلاثة [إلا أنه محرك الوسط كـ "سقر" و "لظى".
الثالثة: أن يكون على ثلاثة] أحرف ساكن الوسط إلا أنه أعجي كـ "ماه" و "جور" - اسمي بلدتين- و "مصر" على قول من جعلها أعجمية.
الرابعة: أن يكون على ثلاثة أحرف ساكن الوسط إلا أنه منقول من المذكر إلى المؤنث كـ "زيد" إن سمت به امرأة.
(وجهان في العادم تذكيرا سبق
…
وعجمةً كـ "هند" والمنع أحق)
إذا كان المؤنث بالمعنى على ثلاثة أحرف ساكن الوسط، ولم يبق استعماله في التذكير كـ "زيد"، ولا هو أعجمي كـ "جور" جاز فيه وجهان الصرف وتركه وذلك كـ "هند" و "دعد" و "جمل" إلا أن ترك صرفه أولى.
(والعجمي الوضع والتعريف مع
…
زيدٍ على الثلاث، صرفه امتنع)
هذه العلة الرابعة "مما يمنع" مع العلمية، وهي العجمية، ومعناه: أن تكون العجم - والمراد بهم من عدا العرب- قد وضعت الاسم في لغتها علما- وهو المراد بصدر البيت - وشرطه الزيادة على ثلاثة أحرف كـ "يوسف" و "يونس" و "إبراهيم" و "ثمود" وإليه أشار بقوله:
(..................... مع
…
زيدٍ على الثلاث
…
)
فلو وضعته العجم في لغتها اسم جنس
كـ"ـجوالق" و"لجام" لم يمتنع صرفه عند استعمال العرب له علما، ولو
كان على ثلاثة أحرف لم يمتنع صرفه سواء كان ساكن الوسط كـ"ـنوح"
و"لوط" أو متحركة كـ"ـشتر"، وبعضهم يحكي في ساكن الوسط منه
- ما لم يكن مؤنثا كـ" ـماه" و"جور"- الوجهين ولم يرد في القرآن إلا
مصروفا، نحو:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} ، {َقَالَ نُوحٌ} .
(كذاك ذو وزن يخص الفعلا
…
أوغالب كـ"ـأحمد ويعلى)
هذه العلة الخامسة مما يمنع مع العلمية [وهي] وزن الفعل، ولا يختص
ذلك بوزن "أفعل" كما في الصفات، ولا بما يخص الفعل من الأوزان بل
يؤثر في المنع ما يخص الفعل كـ"ـشمر" و"دئل" - اسم قبيلة - وغالب
كـ"ـأحمد" ويعلى" و"يزيد" و"يشكر" ونحوها مما جاء على وزن مبدوء
بحرف يدل الابتداء به على معنى في الفعل، ولايدل على معنى في الاسم،
كحروف المضارعة.
(وما يصير علما من ذي ألف
…
زيدت لإلحاق فليس ينصرف)
هذه العلة السادسة مما يمنع مع العلمية، وهي "ألف الإلحاق" المقصورة
كـ"ـعلقى" و"أرطى" -علمين -لشبهها بألف التأنيث في الزيادة والموافقة
لمثل [ما هي فيه كـ"ـسكري" أما ألف الإلحاق الممدودة كـ"ـعلباء" فلا
يمتنع صرف] ما سمي به مما هي فيه لعدم تمام الشبه فإنها لا توافق وزن
ما فيه ألف التأنيث الممدودة.
(والعلم امنع صرفه إن عدلا
…
كـ"ـفعل" التوكيد أوكـ"ـثعلا")
هذه العلة السابعة مما يمنع مع العلمية وهي "العدل" من مثال إلى غيره،
ويمنع مع العلمية كـ"ـفعل" ويعرف عدله بأن يسمع ممنوع الصرف وليس
فيه علة ظاهرة غير العلمية، نحو:"عمر" و"زفر" و"زحل"
و"جمح" و"ثعل" قدر ذلك كله معدولاً، لأن العلمية لا تستقل بالمنع
مع شهرة العدل في هذا الوزن كـ"ـغدر" و"فسق" و"أخر" -كما سبق-
وليس من ذلك "طوى" من قولهم: "ذي طول" لأن المانع له من
الصرف- على إحدى اللغتين فيه- إنما هو التأنيث باعتبار البقعة، ولا يمنع
من ذلك كونه على ثلاثة أحرف لقيام حركة وسطه مقام الحرف
الرابع.
ويمنع -أيضا- مع شبه العلمية كـ"جمع" وما يتبعها من ألفاظ التوكيد
كـ"ـكتع" و "بتع" و"بصع" فإنها معدولة عن
"فعلاوات" لأن مفرداتها "فعلاء" وقياسها الجمع على: "فعلاوات"
كـ"صحراوات" وهي معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد.
(والعدل والتعريف مانعا "سحر"
…
إذا به التعيين قصدا يعتبر)
مما يمنع صرفه للعدل وشبه العلمية: "سحر" 'ذا كان ظرفا، وقصد به
تعيين سحر يوم بعينه، ولم يتعرف بـ"أل" ولا بالإضافة، نحو: "آتيك يوم
الخميس سحر" ، أما شبه العلمية فيه فظاهر لاقتضائه تعيين مسماه بغير قيد،
وأما العدل: فإنه معدول عن: "السحر" لأن النكرات إذا قصد تعيينها بدون
إضافة أدخلت عليها "أل" ونظيره في ذلك: "أمس" - إذا أريد به اليوم الذي
يلي يومك قبله- على لغة من يعربه، وهم بنو تميم، فإنهم لا يصرفونه،
لشبه العلمية والعدل عن "الأمس"، نحو:
421 -
(
…
إني رأيت عجبا مذ أمسا
…
)
422 -
(
…
عجائزاً مثل السعالي خمسا
…
)
وليس مبنيا على الفتح، كما زعم بعضهم بدليل قول الآخر:
423 -
(اعتصم بالرجاء إن عم باس
…
وتناس الذي تضمن أمس)
وأما على لغة أهل الحجاز في بنائه على الكسر فلا يدخل في هذا الباب،
أما لو لم يرد بـ"سحر" التعيين صرف، كقوله: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم
بِسَحَرٍ} [القمر:34] وكذا لو أريد به الاسم دون الظرف، إلا أنه يلزم في هذه الحال
الإضافة أو "أل" نحو: "طاب سحر ليلتنا" أو "طاب لسحر".
(وابن على الكسر "فعال" علما
…
مؤنثا، وهو نظير "جشما")
(عند تميم واصرفن ما نكرا
…
من كل ما التعريف فيه أثرا)
ما جاء من الأعلام على "فعال" كـ"حذام" و"قطام" فإن أهل الحجاز
يبنونه على الكسر لشبهه بـ"نزال" وبابها من أسماء الأفعال، وعليه جاء:
424 -
(إذا قالت حذام فصدقوها
…
فإن القول ما قالت حذام)
وبنو تميم يعربونه إعراب مالا ينصرف، واختلف في المانع من صرفه،
فقال سيبويه والأكثرون: "العدل مع العلمية، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله:
"وهو نظير جشما" فإن "جشم" فيه العدل والعلمية، وعلى هذا فهو معدول
عن "فاعلة" وقال المبرد: المانع التأنيث المعنوي مع العلمية، فهو
كـ"زينب"، وعندي أن قوله أصح، لأن الموجب لادعاء العدل ما سبق من
وجود منع الصرف مع عدم ظهور علة أخرى، وهنا قد وجدت علة
أخرى، وهي التأنيث، فلا يعدل إلى العدل، وأما نحو:
425 -
(ومرد هر على وبار
…
فهلكت جهرة وبار)
فقيل إنه استعمال للغتين، فإن آخره مرفوع، لأن قبله:
426 -
ألم تروا إرماً وعادا
…
أودى بها الليل والنهار)
ثم هذه الأقسام السبعة التي أحد المانعين من صرفها التعريف بالعلمية، إذا
نكرت صرف لزوال إحدى العلتين، فتقول: "رب معدي كربٍ، وعمرانٍ،
وفاطمةٍ، وزينبٍ، وإبراهيمٍ، وأحمدٍ، وأرطى، وعمرٍ لقيتهم" بخلاف ما لم تكن
العلمية سببا في منعه كـ"سكران" وغيره من الصفات الممنوعة الصرف، إذا سميت
بها فإنها إذا نكرت لم تصرف لبقاء مانعين، وتجويز الأخفش -في أحد قوليه-
صرفه ضعيف، ومما يعود إلى الصرف لزوال إحدى العلتين ما صغر من نحو:
"حميد" و"عمير"، و"سميع" و"بريه" -تصغير: إسماعيل وإبراهيم- لزوال
وزن الفعل في الأول، وزوال لفظ العدل في الثاني، وزوال اللفظ
الأعجمي في الآخرين.
(وما يكون منه منقوصا ففي
…
إعرابه نهج "جوار" يقتفي)
إذا كان الممتنع صرفه للعملية علة أخرى منقوصا كـ"قاضي" إذا سميت
به امرأة، وكـ"يرمي- مسمى به- فإنك تعربه إعراب "جوار" بأنك تحذف
ياءه رفعا وجرا معوضا عنها بالتنوين، فتقول:"هذه قاض" و"مررت بقاض"
و"هذا يرم" و"مررت بيرم" وتثبت في النصب محركة بالفتح، نحو:
"رأيت قاضي الحميلة" و"رأيت يرمي" هذا مذهب سيبويه والأكثرين،
وعند الكسائي ويونس أن الياء تقر ساكنة في الرفع، وتحرك بالفتحة في
الجر والنصب، وتمسكا بقوله:
427 -
(
…
قد عجبت مني ومن يعيليا
…
)
428 -
(
…
لما رأتني خلقا مقلوليا
…
)
وغيرهم يجعل ذلك ضرورة.
(ولاضطرار أو تنسب صرف
…
ذو المنع، والمصروف قد لا ينصرف)
ينصرف الممتنع صرفه مع قيام المانع من الصرف في موضعين:
أحدهما: ضرورة الشعر، وهو كثير لا اختلاف بين النحاة فيه، وإنما
الخلاف في عكسه، وهو: منع صرف المصروف للضرورة، والصحيح جوازه
كما ذهب إليه الكوفيون، نحو:
429 -
فما كان حصن ولا حابس
…
يفوقان مرادس في مجمع