الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقف
(تنوينا أثر فتحٍ اجعل ألفا
…
وقفا وتلو غير فتحٍ احذفا)
للموقوف عليه أحوال:
أحدها: أن يكون منونا، فإن كان تنويه يلى فتحة فالأحسن فيه أن يبدل تنويه ألفا، نحو:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفتح: 14] ولذلك رسم بالألف وبعض العرب يقف عليه بحذف التنوين، كما تقف على المرفوع، فعلى هذه اللغة يرسم بغير ألف؛ وقوله:"إثر فتح" أعم من أن يكون الفتح إعرابا
-كما مثل- أو بناء كما في نحو: "إيها" و"ويها" وإن كان التنوين يلي غير الفتح من كسر أو ضم حذفته ووقفت عليه بالسكون -في أرجح اللغات- نحو: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحجرات: 16].
(واحذف لوقف في سوى اضطرار
…
صلة غير الفتح في الإضمار)
إذا وقفت على ما في آخره هاء الضمير، حذفت صلتها، وهو حرف اللين الذي يليها إن كان صلة لغير المفتوحة، من مكسورة نحو:{لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13] أو مضمومة نحو: {وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت: 17] وقد ثبتت صلتهما في الضرورة، فمن الأول:
511 -
(تجاوزت هنداً رغبةً عن قتاله
…
...
…
...)
ومن الثاني:
512 -
(ومهمةٍ مغبرةٍ أرجاؤه
…
...
…
...)
أما صلة المفتوحة وهو الألف فلا تحذف، نحو:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر: 33] فصارت صلة هاء الضمير في الوقف [عليها كالنون].
(وأشبهت إذا منوناً نصب
…
فألفاً في الوقف نونها قلب)
مذهب الأكثرين أنه يوقف على "إذن" بقلب نونها ألفا تشبيها لها بالمنون المنصوب، وزعم بعضهم أن الوقف عليها بالنون لموافقة الرسم،
واختاره ابن عصفور.
(وحذف يا المنقوص ذي التنوين ما
…
لم ينصب أولى من ثبوت فاعلما)
(وغير ذي التنوين بالعكس وفي
…
نحو "مر" لزوم رد اليا اقتفى)
المنقوص ينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يجوز حذف يائه وإثباتها في الوقف إلا أن الحذف أرجح.
الثاني: عكسه.
الثالث: ما يتعين إثبات يائه.
فالأول: ما سلم من حذفٍ من منون غير منصوب، سواء كان مرفوعاً، نحو:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] أو مجروراً نحو: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 11] والأكثرون يقفون عليهما بالسكون، وابن كثير وقف عليهما بإثبات الياء.
والثاني: ما كان مرفوعاً أو مجروراً مما هو غير منون، نحو:{وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ} [الشورى: 32]{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] الأرجح الوقوف عليهما بالياء، وعليه اتفق السبعة.
وأما الثالث: فشيئان، أحدهما: المنصوب سواء كان منوناً نحو: {سَمِعْنَا مُنَادِيًا} [آل عمران: 193] أو غير منوّن، نحو:{بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القيامة: 26].
وثانيهما: "مُرٍ" ونحوه، مما حذفت منه العين، فإن أصله:"مُرئي" -اسم فاعل من أَرأَى- حذفت عينه وهي الهمزة تخفيفا بعد نقل حركتها إلى الراء، ثم حذفت الياء من أجل التنوين، فإذا وقفت عليه حذفت التنوين وأعدت الياء المحذوفة وجوباً، لأن حذفها إجحاف به بكثرة الحذف ومثله في ذلك ما حذفت منه الفاء من نحو: يَعِي -مضارع وَعَى- مسمى به لما ذكرنا.
(وغيرَ "ها التأنيثِ" من مُحرّكِ
…
سَكنه أو قِف رائم التحرك)
(أو أشمِمِ الضمةَ أو قِف مُضعِفَا
…
ما ليس همزا أو عليلا إن قَفَا)
إذا وقف على متحرك غير "ها" التأنيث ففي الوقف عليه خمسة أوجهٍ:
أجودها: إسكانه وهو الأصل، وقد أجمع عليه.
الثاني: أن يوقف عليه بِـ"رَوْمِ" الحركة، وهو إخفاء الصوت بها؛ والنحاة على جوازه في الحركات الثلاث؛ والقراء يمنعونه في الفتحة، وهو اختيار الفراء.
الثالث: أن يوقف عليه بالإشمام إن كان مضموناً، ومعنى الإشمام الإشارة بالشفتين إلى الضم من غير صوت، فلا يدركه الأعمى بخلاف الرَّوْم.
الرابع: أن يوقف عليه بالتضعيف وهو تشديد الحرف الأخير، نحو هذا محمد يأكل؛ وذكر للتضعيف ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون الحرف الأخير غير همزة.
الثاني: أن لا يكون معتلا.
الثالث: أن يقفو -أي يتبع- حرفاً محركاً، فلو كان مهموزاً كـ"إناء"، أو معتلا بالياء كـ"ـالقاضي"، أو معتلا بالواو كـ"ـيدعو"، أو بالألف
كـ"ـموسى"، أو تاليا الحرف ساكن إما معتل كـ"ـزيط" أو غير معتل كـ"ـعمرو" امتنع التضعيف.
الخامس من وجوه الوقف: نقل حركة آخر الموقوف عليه إلى ما قبله، وله أربعة شروط:
أحدها: أن يكون ما قبل الآخر ساكنا.
الثاني: أن لا يُحظَلَ -أي يمنع- ومنه قوله:
(513 - أنا ابنُ ماوِيَّةَ إذا وجد النَّقُر
…
...
…
...)
أصله: النَّقْرُ؛ وقراءة بعضهم: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3] فلو كان الحرف الذي يليه الآخر متحركاً نحو: جعفر امتنع النقل إليه لاشتغاله بحركته، وكذا لو تعذر تحريكه لكونه ألفاً نحو: الكتاب، أو مدغماً نحو: الوُدّ،
أو استثقل لكونه واوا، أو ياء يليان حركة مجانسة نحو: يقول ويبيع.
(محركا وحركاتٍ انقُلا
…
لساكنٍ تحريكه لن يحظلا)
(ونقْلُ فتحٍ من سوى المهموز لا
…
يراه بَصْري وكُوفٍ نقلا)
هذان الشرطان الآخران من شروط الوقف بنقل الحركة.
أحدهما مختلف فيه وهو: أن تكون حركة الموقوف عليه فتحة وهو غير مهموز، كما في نحو:"اشتريت العبدً" فإن البصريين يمنعون النقل فيه، والكوفيون يجيزونه.
الثاني: أن يؤدى النقل إلى عدم النظير، كما في نحو:"هذا عِلْمُ" فإنك لو نقلت ضمة الميم إلى اللام أدى إلى بناء "فِعُل" - وهو مهمل في الكلام - وكذا يمتنع النقل في نحو: نظرت إلى فُعِل - على قول من لم يثبت في أوزان الاسم فُعِل - بضم الفاء وكسر العين - وهذان الشرطان يختصان بغير المهموز، وأما المهموز فلا يمتنع النقل فيه مع كون الحركة فتحة اتفاقا، ولا مع الخروج إلى عدم النظير، فيجوز النقل في نحو:{يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النمل:24] وفي نحو: "رِدَهُ" وإلى ذلك أشار بعجز البيت الثاني.
(والنقلُ إن يعدمْ نظيرٌ ممتنع
…
وذاك في المهموز ليس يمتنع)
(في الوقف تاتأنيثِ الاسمِ ها جُعِلْ
…
إن لم يكن بساكن صَح وُصِل)
(وقَل ذا في جمع تصحيح وما
…
ضاهي وغيرُ ذين بالعكس انتمى)
تاء التأنيث إن كانت ساكنة كالتي في الفعل فالوقف عليها على حالها، وإن كانت متحركة كالتي في الاسم فالوقت عليها بحذف الحركة لا يجوز فيه شيء من وجوه الوقف على المحرك غيرُ هذا.
ثم مسألة الكتاب إن تاء التأنيث يوقف عليها بإبدالها هاء بثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون في الاسم، فلو كانت في الفعل نحو: قامت، أو في الحرف نحو: رُبَّتَ لم يوقف عليها إلاّ بالتاء.
الثاني: أن لا يكون الحرف الذي قبلها صحيحاً ساكناً، فلو كان كذلك كبِنْتٍ وأُخْتٍ لم يتعين إبدالها، بل يجوز فيها الوجهان، بخلاف مُسلمة وفتاة، فإن الأولى قبلها متحرك، والثانية قبلها ساكن إلا أنه معتل.
الثالث: أن لا يكون ما اتصلت به جمع تصحيح كـ"ـمسلمات" أو مضاهيا له في اللفظ كـ"ـهيهات"، فإن كان كذلك فالأكثر الوقف عليه بالتاء، ويقل الوقف عليه بالهاء، ومنه ما حكي عن بعضهم "دَفْن البناه من
المكْرماه" وهي في شبيه الجمع أشهر منها في الجمع، وبه قرأ الكسائي {هَيْهَا} [المؤمنون: 35] وغير هذين، أي: غير جمع التصحيح وما ضاهاه بالعكس، فالوقف عليه بالإبدال هاء أشهر من إبقائها على حالها؛ ومن الإبقاء قراءة نافع وابن عامر:{أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} [الدخان: 43]{اِمْرَأَةَ نُوحٍ} [التحريم: 10] ومنه قوله:
(514 - كادت نقوس القوم عند الغَلْصَمَتْ
…
وكادت الحُرَّةُ تُدعى أَمَتْ)
(وقف بها السكت على الفعل المعل
…
بحذف آخرٍ كأعط من سأل)
(وليس حتما في سوى ما كـ"ـعٍ" أو
…
كـ"ـيعِ مجزوماً فراعِ مارعوا)
من خصائص الوقف أن يزاد في الموقوف عليه هاء ساكنة تسمى
"هاء السكت" وتلحق في ثلاثة مواضع أولها هذا، وهو الفعل المعتل إذا حذف آخره سواء كان حذف يجزم نحو: لم يَغْزُهْ، ولم يَرْمِه، ولم يَخْشَهْ، وليس منه قوله:{لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] لأن الهاء لام الكلمة، من قولهم:"تَسَنةَ الشيءُ" إذا تغير لمرّ السنين عليه، أو لأجل البناء نحو اغْزُهْ، وارْمِه، واخْشَه، قال تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] وليس زيادة هذه الهاء حتما -أي
واجباً- إلا في مسألة واحد وهي: كل فعل لم يبق منه إِلا حرف واحد، إما مجرد كالأمر من وَعَى ووَقى فإنك تقول فيهما:"عِ" الكلام، و"قِ" عرضك، فإذا وقفت عليه قلت: عِه، وقِه، وإما مزيد عليه حرف المضارعة [كما إذا جزم مضارع الفعلين المذكورين فإنك تقول: لم يَعِهْ ولم يَقِهْ] وهذا وهم عجيب من المصنف رحمه الله تعالى، فإنك لا يعرف أحد من القراء وقف على قوله تعالى:{وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ} [غافر: 9]{وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20] بزيادة الهاء.
(و"ما" في الاستفهام إن جُرَّت حُذِف
…
أَلِفُها وأَوْلِها الها إن تَقِفْ)
(وليس حتما في سوى ما انخفضا
…
باسم كقولك اقتضاءَ مَ اقتضى)
هذا الموضع الثاني من المواضع التي تزاد فيها هاء السكت وقفاً وهو "ما" الاستفهامية - إذا حذفت ألفها لدخول الجار عليها - فرقا بينها وبين الخبرية فإنها يوقف عليها بالهاء حفظا لحركة الميم الدالة على الألف، ثم زيادة الهاء عليها ينقسم إلى جائز ولازم وهو الذي أراد بقوله "حتما" فالجائز فيما كان الجار حرفا نحو:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فتقول في الوقف
عليه "عَمَّه؟ " وكذلك قالت العرب: كَيْمَهْ؟.
واللازم في ما إذا كان الخافض اسما مضافا إلى "ما" كقولك" اقتضاءَ مَ اقتضى؟، فإنك إذا وقفت على "ما" وجب أن تقول: اقتضاءَ مَهْ؟
(وَوَصْلُها بغيرِ تحريكِ بِنَا
…
أُدِريمَ شَذَّ في المُدام استُحْسِنا)
هذا الموضع مما يتصل فيه هاء السكت بآخر الموقوف عليه محركا [وهو ما إذا كان الموقوف عليه] محركا بحرة بناء، ثم هو منقسم إلى شاذ: وهو ما لم تكن حركة بنائه لازمة نحو: "يا رجل" و"يا زيد" و"صعدتُ إلى فوق" فلا تتصل الهاء بذلك بكون البناء عارضاً لا لزما، وقوله:
(515 -
…
...
…
... أُرْمَضُ من تحتُ وأُضْحَى مِن عَلُهْ)
شاذ وإلى مستحسن، وهو ما كانت الحركة فيه لبناء لازم كياء المتكلم، والياء من "هي" والواو من "هو" ومنه:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة: 10]{اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:1920]{مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 20].
ويستثنى من ذلك إذا كان المبني شبيها بالمعرب كـ"ـضَرَبَ" فإنه شبيه بالمضارع؛ أما تحريك الإعراب وسكونه كـ"ـجاء زيد" و"لأم يضرب" وسكون البناء كـ"ـاضرِب" فلا يتصل بهما هاء السكت.
(وربما أُعطِي لفظُ الوصلِ ما
…
للوقفِ نَثْراً، وفشا مُنْتَظِما)
ويكثر في الشعر إعطاء الوصل حكمَ الوقف، ومنه:
(516 -
…
مِثلَ الحريقِ وافَقَ القَصَبَّا
…
)
فشدد الباء على لغة من يضعف الحرف الأخير في الوقف، ثم زاد حرف الإطلاق، وأبقى التضعيف على حاله، وقد يفعل ذلك في النثر، وبه قرأ جمهور القراء:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ}