المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التأنيث وصف التذكير والتأنيث من خصائص الأسماء، والأصل فيها التذكير، ولذلك - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ٢

[برهان الدين ابن القيم]

الفصل: ‌ ‌التأنيث وصف التذكير والتأنيث من خصائص الأسماء، والأصل فيها التذكير، ولذلك

‌التأنيث

وصف التذكير والتأنيث من خصائص الأسماء، والأصل فيها التذكير، ولذلك استغنى عن علامة، وأما التأنيث فلكونه فرعاً احتاج إلى علامة يعرف بها.

(علامةُ التأنيث تاءٌ أو أّلِفْ

وفي أسامٍ قَدَّروا التا كالكَتِفْ)

(ويُعرف التقدير بالضميرِ

ونحوهِ كالردّ في التصغيرِ)

للتأنيث علامتان:

إحداهما: تاء متحركة تتصل بالأسماء تدل على تأنيثها، وأما التاء الساكنة التي تتصل بالأفعال فإنما تدل على تأنيث ما أسندت إليه، والمتصلة ببعض الحروف كـ "ثُمَّتْ" و "رُبّتْ" زائدة.

ص: 861

والثانية: ألف، إما مفردة كـ "حُبْلى" وتسمى ألف التأنيث المقصودة، وهي أصل الممدودة، وإما متصلة بمثلها فتقلب الثانية منهما همزة كـ "حمراء" وتسمى ألف التأنيث الممدودة؛ والتاء هي الأصل في الدلالة على التأنيث، ولذلك قدروها دون الألف فيما هو مؤنث من الأسماء بغير علامة، كـ "يّدٍ ودِيّمٍ وكَتِف وعين وأُذُن ونار ودار" ونحوها، ويُعرف هذا التقدير بالضمير العائد على الاسم، نحو:} النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ {] البقرة: 1 [،} حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا {] محمد: 4 [، وبنحوه وذلك أشياء:

أحدها: رد التاء في التصغير، نحو: عُيَيْنَة وأُذَيْنةَ.

الثاني: بالإشارة إليه، نحو:} هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي {] يس، الرحمن: 63،43 [} تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ {] القصص: 83 [وبصفته نحو:} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ {] الهمزة: 6 - 7 [وتجري مجراها الحالُ والخبر، نحو:} فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً {] النمل: 52 [} إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}

ص: 862

الثالث: اتصال الفعل المسند إليه بالتاء، نحو:} وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ {] يوسف:94 [.

الرابع: سقوط التاء من عدده، من الثلاثة إلى العشرة، نحو:

490 -

(

... وهي ثلاثُ أَذْرُعٍ وإصبَع

...)

الخامس: إطراد جمعه على "أَفْعُل" مع كونه رباعيُاً، كـ "عَنَاق" و "عُقاب" بخلاف ما لم يطرد فيه كـ "غُراب".

(ولا تلى فارقةً فَعُولا

إصلاً، ولا المِفْعالَ والمِفْعيلا)

(كذاك مِفْعلٌ وما تَلِيهِ

تا الفرقِ من ذِى فشُذوذٌ فيهِ)

التاء المتحركة أكثر ما تدخل في الأسماء للفرق بين مؤنثها ومذكرها، وقد تدخل لغير ذلك، ثم الفارقة أكثر ما تكون في الصفات كـ "مسلم"

ص: 863

و "مسلمة وقائمة" وما يجري مجراها كـ "فتى وفتاه" ودخولها في أسماء الأجْناس التي لا تشعر بوصف إمّا قليل كـ "امرئ وامرأة، وإنسان وإنسانة" وإمّا نادر كقوله:

491 -

(

... لم يبالوا حرمة الرَّجُلَهْ

...)

بل الأغلب فيها أن يوضع لكل واحدٍ من المذكر والمؤنث لفظ يختص به، كـ "رجل وامرأة، وجمَل وناقة".

ثم التاء الفارقة يمتنع دخولها في خمسة أبنية من الصفات:

أحدها: فَعُول -بمعنى فاعل- كـ "صَبُور وشكور" بل يجريان على المذكر والمؤنث بغير تاءٍ، ولذلك قالوا:"ناقة ذَلول" قال تعالى: {وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا} [مريم:28] إذ أصله: بَغُويا، ثم أدغمت الواو في الياء،

ص: 864

وقولهم: "امرأة ملولة"[التاء فيه للمبالغة لا للفرق، ولذلك أجروه على المذكر فقالوا: "رجل مَلُولة"].

أما "فَعُول" - بمعنى: مفعول- فتلحقه تاء الفرق، قالوا:"جَمل رَكوب"[وناقة رَكوبة] حتى قالوا: "حَلُوبة" مع اختصاصها بالمؤنث.

الثاني: "مِفْعال" كـ "مِنْحار" ولذلك قالوا: "امرأة مِعْطار""ومِقْلات": للتي لا يعيش لها ولد.

الثالث: "مِفْعيل" كـ "مِعْطير".

الرابع: "مِفْعَل" كـ "مِغْشَم" و "مِذْعَس".

كل هذه الأبنية كـ "فَعُول" في الإطلاق على المذكر والمؤنث بغير تاء وما تليه التاء الفارقة من هذه الأوزان ففيه شذوذ، إما من جهة القياس، كقولهم:"امرأة مِسكينة" وإما من جهة الاستعمال كقولهم: "امرأة عَدوَّة" حملاً على صديقة، و"امرأة مِيقاتة".

(ومن فَعيلٍ كقتيل إن تَبعْ

موصوفَه غالباً التّا تمتنعْ)

ص: 865

هذا البناء الخامس مما يمتنع دخول تاء الفرق فيه، وهو فَعِيل بمعنى مفعول كـ "قتيل وجريح" لكن إنما تمتنع تاء الفرق منه إذا كان صفة وقد ذُكر موصوفها قبلها، كـ "امرأة جريح" و "عين كحيل" و "لحية دهين" وقوله:"غالباً"، احتراز من قولهم: خَصلة حميدة، وصفة ذميمة، ومِلْحَفَة جديدة، وهي بمعنى: مجدودة، أي مقطوعة عن منوالها الذي نُسجت عليه.

أما إن لم يذكر الموصوف دخلت التاء، فتقول: مررت بقتيلة بني فلان خوف اللبس، وقوله:{والنطيحة} [المائدة:3] قيل لعدم ذكر الموصوف، وقيل: بل إخراجاً له عن الوصف وإلحاقاً بالأسماء، وقيل: بل اتباعاً لما تقدمه من الصفات.

أما إن كان "فَعِيل" بمعنى فاعل فإنه تلحقه التاء عند التأنيث كـ "امرأة رحيمة وظريفة" وقد يحمل على الذي بمعنى مفعول، فلا تلحقه، ومنه {من يحيي العظام وهي رميم} [يس:78] و {إن رحمة الله قريب} [الأعراف:56].

على أحد التأويلات، [وقد تحذف تاء الفرق من فاعل، كقولهم: ناقة صابر، وجمل صابر].

ص: 866

(وألفُ التأنيث ذاتُ قصرِ

وذاتُ مدِّ نحو: أُنثى الغُرِّ)

(والاشتهار في مباني الأولى

يبديه وزن أُربي والطُّولَي)

(ومَرطي ووزنُ فَعْلي جمعا

أو مصدراً أو وصفةً كشَعْبي)

(وكحُبَارَى سُمَّهَى سِبَطرى

ذِكرى وحثيثى مع الكُفُرَّى)

(كذاك خليطي مع الشُّقارى

واغزُ لغير هذه استندارا)

قد سبق تمييز المقصور من الممدود من ألفي التأنيث، ومثّل الممدودة بأنثى الغُر وهي غراء، فإن الغُر جمع لمذكرها وهو أغرٌ، ثم لكل واحدٍ مما تتصل به ألفا التأنيث أوزان كثيرة، إلا أنه اقتصر على ذكر المشهور [منها فذكر أن المشهور] في مباني الأولى، وهي المقصورة اثنا عشر وزناً:

الأول: فُعَلَى كـ "أُرَبَى" وهو من أسماء الداهية، وقد أُنكر على المصنف عدها في المشهورات، بل بدأ بها لأن ابن قتيبة قال: لم

ص: 867

يجيء منها إلا ثلاثة لا رابع لها، فالآخران: أُدَمَى وشُعَبَى -اسمان لموضعين- والصواب خلاف ما قال ابن قتيبة، فقد جاء منه "جُنَفَى" -اسم موضع- و"جُعَبَى" للكبار من النمل، و"أُرَنَى" بالنون لإناء يُجَبَّن فيه اللَّبن، ومع ذلك فليس في هذه الأوزان ما هو مشهور، وقد جاء منها بالمدّ غيره.

الثاني: فُعْلَى -مخففا- وأكثر ما يكون صفة كطُوْلَى وقُصْرى وصُغْرى، وكبرى، ونحوه كثير، ويكون مصدراً كرُجْعى، وقد يجيء اسما كبُهْمَى، لبنت.

الثالث: فَعَلَى ويأتي بالمعاني الثلاثة، فمن استعماله مصدرا مَرَطَى، لضرب من المشي، وجَفَلى: للدعوة العامة، ويقال فيها: أَجْفَلى. ومن استعماله صفةُ حَيَدَى، ومن استعماله اسما بَرَدَى لنهرٍ معروف.

الرابع: فَعْلَى وأكثر ما يأتي جمعاً كـ "قَتْلَى وجَرْحى وهلكى" ويجيء

ص: 868

-أيضاً- مصدراً كـ "دعوى" وصفة لمؤنث كـ "شعبى - تأنيث شعبان وسَكْرى وغَضْبى" ونحوها؛ أما ما جاء منه اسماً كـ "أرطى - لشجر ينبت في الرمل- وعَلْقَى - لشجر تدوم خضرته-" فيحتمل أن تكون الألف فيه للتأنيث، ويحتمل أن تكون للإلحاق.

الخامس: فًعَالى - مخففا- كـ "حُبارى وسُمَانَى" - اسمين لطائرين- ولا يصح قول الجوهري: إن ألف حبارى للإلحاق، للإجماع على منع صرفه مع فقد العلمية.

السادس: فُعَّلَى، كسُمَّهَى - للباطل- وفي عده من المشهورات نظر.

السابع: فِعَلَّى - مشدداً- نحو: سِبَطرى ودِفّقى - لضربين من المشي-.

الثامن: فعلى -مخففاً- وأكثر ما يجيء كذكرى، وقد جاء

ص: 869

منه جمعان لا ثالث لهما: حِجْلَى - جمع للطائر المسمى بالحَجَل-، وظِرْبَى جمع ظَرِبان -بطاء مهملة مفتوحة تليها راء مهملة مكسورة- وهو دويبة، وما جاء منه اسما ففي ألف من الاحتمالين ما في ألف فَعْلَى.

التاسع: فِعّيلى -بكسر أوله وثانيه- كِحثّيثى، للحث على الشيء، وخِلّيْفَى للخلافة، وهِجِّيرى للعادة، ويقال فيه هِجِّيْراء -بالمد- وَحِضّيضى للتحضيض، وضمُّ أوله نادر، وما حكاه الكسائي من قولهم: هو من خِصِّيصاء قومه -بالمد- شاذ.

العاشر: فُعُلّى -بضم أوله وتشديد ثالثه- كالكُفُرّى - لوعاء الطلع- هذا الأشهر فيه، وفتح أوله وكسره لغتان، ومثله: حُذُرَّى وبُذُرَّى -من الحذر والتبذير-.

ص: 870

الحادي عشر: فُعَّيْلَى - بضم أوله- كخُلَّيْطَى -للاختلاط- وقُبَّيْطَى - للناطف- ودُخَّيْلَاء -بالمد- شاذ.

الثاني عشر: فُعَّالى -بضم أوله وتشديد ثانيه- كـ "شُقَّارى وخُبَّازى" -لنبتين معروفين- وما عدا هذه الأوزان يحكم بندوره، كالأُرْبَعَا -بضم الهمزة وفتح الباء- ضَرْب من مشي الأرنب، والأُربَعا بنحوه - في الهمزة والباء - قعدة المتربع- وكالخَوْزَلَى والهَيْجَنَى - لضربين من المشي، وكالخَيْسَرَى - للخسارة- وحَنْدَقُوقَى - لنبت- ومِكْوَرَّى- لعظيم الأَرْنبة - ويَهْيَرَّى- للباطل- وفَوْضُوضَى للمفاوضة في أوزان كثيرة.

(لمدها: فَعْلاءُ أفْعِلاءُ

مثلّثَ العينِ وفَعْلَلاءُ)

(ثم فِعَالا فُعْلُلا فاعُولا

وفَاعِلاءُ فِعْلِيا مَفعولا)

(ومطلقَ العينِ فَعَالا وكذا

مطلقَ فاءٍ فَعلاُ أُخِذا)

المشهور من مبانى ما فيه ألف التأنيث الممدودة سبعة عشر وزناً شملها كلام المصنف:

أحدها: فَعْلاء وتكون اسماً كـ "صحراء" وصفة كـ "حمراء" وجمعاً

ص: 871

كـ "طَرفاء" ومصدراً كـ "رَغباء".

الثاني والثالث والرابع: أَفْعلاء -مثلت العين بالحركات الثلاث- وكسرها أكثر كـ "أصدقاء وأنبياء وأولياء" ومنه: أشياء لأن أصله: أشيئاء، ومنه أربعاء جمع ربيع، وهو النهر الصغير والمضموم منه كالأربعاء -لأحد عُمُد الخيمة، وأما اليوم الرابع من أيام الأسبوع ففي عينه الحركات الثلاث.

الخامس: فَعْلَلاء، كـ "عَقْرباء" -اسم موضع-.

السادس: فِعالاء -بكسر أوله- كـ "قصاصاء" للقصاص.

السابع: فُعْلُلاء -بضم أوله وثالثه- كـ "قًرفُصاء" للجلسة المعروفة.

الثامن: فاعُولاء كـ "عاشوراء".

التاسع: فاعِلاء كـ "قاصِعاء ونافِقاء" -لجحرة اليربوع-.

العاشر: فِعْلِياء كـ "كِبرياء".

الحادي عشر: مَفْعُولاءٍ كـ "معبوداء ومأتوناء" حمع عَبْدٍ وأَتَانٍ.

الثاني عشر إلى الرابع عشر: فَعالاء -مطلق العين بالحركات الثلاث-

ص: 872

فإن كانت مفتوحة فلا تقع بعدها إلا الألف كـ "بَرَاكاء" للبروك وإن كانت مضمومة لم تقع بعدها إلا الواو نحو: جَلُولاء -لموضع- وإن كانت مكسورة لم يقع بعدها إلا الياء كـ "قَرِيثاء وكَريثاء" - لنوعين من اليُسْر- ويقال فيهما: قِراثا وكِراثا.

والثلاثة المكملة للأبنية: فعلاء -مطلق الفاء بالحركات الثلاث- فالمفتوح منه كـ "قَرَماء- لموضع - ودأثاء- للأَمَةِ" وقد جاء منه بالقصر جَنَفَى -اسم موضع- قال في المحكم وهو بالمد اسم موضع آخر.

والمضموم منه إما مصدر كـ "خُيلاء" وإما جمع كـ "شُرفاء" وإما وصف كـ "نُفساء" وإما اسم كـ "رُحَضاء" وهو عَرَقُ المحموم.

والمكسور كـ "سِيرَاء"؛ وما عدا هذه من الأوزان فمحكوم بندوره كِهْندِباء وبَلْكَساء -لنبتين- وحَوْصَلاء وهو الحوصلة وعُنْصُلاء -بضم الصاد وفتحها- للعُنصُل، ومًزَيْقيَاء -لقب لملك من ملوك العرب-، وجُخادِباء وهو ضرْب من الجراد، وَزكَرياء ويُنابِعاء -اسم مكان- وقد يفتح أوله.

وبَرْناساء وهو لغة في البَرنساء، والبَراساء بمعنى الناس، في أبنية غيرها.

ص: 873