الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقع البدل في الجمل- أيضا- وأكثر ما يبدل من جملة مثلها: نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} [سورة الشعراء: 132] وقد تبدل من المفرد.
النداء
فيه ثلاث لغات، أشهرها كسر النون مع المد، ثم مع القصر، ثم ضمها مع المد، واشتقاقه من ندى الصوت وهو: بعده.
(وللمنادى الناء أو كالناء "يا"
…
و"أي" و"آ" كذا "أيا ثم "هيا"
(والهمز للداني و"وا" لمن ندب
…
أو "يا" و"غير" وا "لدى اللبس اجتنب
ذكر النداء سبعة أحرف، منها ستة تختص بالمنادى البعيد حسا، وهي مراده بـ"لنائي" أو حكما، وهو المنزل منزلة البعيد لارتفاع محله، أو لانخفاضه، ولذلك استعملت في نداء العبد ربه، وعكسه.
الأول: "يا" وهي أم الباب، ولذلك لم يناد اسم الله- تعالى- بغيرها، وتتعين في الاستغاثة.
و"أي" كما ورد في الحديث: (أي: قل هلم) وقد تمد همزتها.
"آ" قيل إن أصلها [الهمزة مدت، وقيل أصلها]"أي" قبلت ياؤها ألفا، و"أيا" نحو:
(351 - أيا شاعرا لا شاعر اليوم
…
...........)
وهي أزيد في البعد من "يا".
و"هيا" كقوله:
(352 - هيا ظبية الوعساء بين جلاجل
…
.............)
وقيل إن أصلها: "أيا" قلبت الهمزة هاء، كما قالوا "هراق الماء".
"وا" كقولهم في الندبة "واعمراه، ومنها واحد يختص بالقريب، وهو الهمزي، نحو:
(353 - أمحمد ولأنت ضنء نجيبة
…
............)
ويختص بالندبة- وهي نداء المتفجع على فقده- "وا" و"يا" واستعمال "وا" أكثر، ويجتنب استعمال "يا" عند خوف اللبس بالنداء، وإنما يستعمل مع أمن اللبسن كقوله:
(354 - ............
…
وتقول سلمى يا رزيتيه)
(وغير مندوب ومضمر وما
…
جا مستغاثا قد يعرى فاعلما)
قد يعرى المنادى من حرف النداء، وأكثر ما يستعمل ذلك في الأعلام، نحو:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [سورة يوسف: 29] وما يجري مجراها، نحو:
{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [سورة الرحمن: 31] وليس منه: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} [سورة الدخان: 18] بل الصواب أنه مفعول، ويمتنع ذلك في ثلاثة أشياء:
الأول: المندوب، لأن المقصود من الندبة إطالة الصوت، والحذف ينافيه.
الثاني: المضمر، ونداؤه قليل، ولذلك لم يتصرف فيه بالحذف،
وأكثر ما ينادى بصيغة المرفوع منه، نحو:
(355 -
…
يا أبجر بن أبجر يا أنتا
…
)
وقد ينادى بصيغة المنصوب، كقول بعضهم:" يا أياك قد كفيتك ".
الثالث: المستغاث به، وامتناع الحذف معه للعلة التي لأجلها امتنع الحذف مع المندوب.
(وذاك في اسم الجنس والمشار له
…
قل ومن يمنعه فانصر عاذله)
"ذاك"- إشارة إلى "إن" تعرى المنادى من حرف النداء- يقل في اسم الجنس، وفي اسم الإشارة، ومن وروده في اسم الجنس قولهم:"أصبح ليل"،
وقوله:
(356 - أطرق كرا أطرق كرا
…
إن النعام في القرى)
وهو ترخيم "كروان" اسم جنس لطائر معروف، ومن وروده في اسم الإشارة).
(357 - إذا هملت عيني لها قال صاحبي
…
بمثلك هذا لوعة وغرام)
وجعل بعضهم منه: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [سورة البقرة: 85] ولا يمتنع ذلك فيهما كما زعم البصريون، والخلاف في اسم الجنس المعين- كما مثل- أما اسم الجنس غير المعين، كقول الأعمى:" يا رجلا خذ بيدي "فلا يجوز الحذف معه اتفاقا، ومن المواضع التي يمتنع فيها حذف حرف النداء:
اسم "الله" إلا إذا عوضت الميم المشددة في آخره نحو: سبحانك اللهم وأما قول أمية بن أبي الصلت:
(358 - رضيت بك اللهم ربا فلن أرى
…
أدين إلها غيرك الله راضيا)
فشاذ، ولا يصح قول من جعله مجرورا على البدل، لما سبق من أن ضمير الحاضر لا يبدل منه الظاهر إلا في مواضع ليس هذا منها، وزعم قوم أنه ممتنع الحذف مع بعد المنادي.
(وأبن المعرف المنادي المفردا
…
على الذي في رفعه قد عهدا)
يبني المعرف في النداء، سواء كان تعريفه سابقا على النداء- نحو:"يا زيد" أو حاصلا بالنداء نحو: "يا رجل" و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 186] وإنما يبني إذا كان مفردا، أي: غير مضاف ولا شبيها بالمضاف فيشمل ذلك نحو:
"يا زيد" و"يا معدي كرب" و "يا زيدان" و"يا زيدون" ولذلك قال:" على الذي في رفعه قد عهدا "فيبني المفرد الصحيح الآخر، وما أعرب إعرابه من جميع تكسر أو جمع مؤنث سالك، أو مركب تركيب مزج على ضمة ظاهرة، ويبني المنقوص والمقصور على ضمة مقدرة، ويبني المثنى على الألف، وجمع المذكر السالم على الواو.
(وأنو انضمام ما بنوا قبل الندا
…
وليجر مجرى ذي بناء جددا)
إذا كان المنادى المعرفة مبينا قبل النداء على غير الضم: نويت فيه ضمة للنداء، (سواء كان علما كـ"سيبويه) على أشهر لغاته-[وحذام- على لغة] أهل الحجاز و"تأبط شرا" أو غير علم، كـ "هذا" ونحوه من أسماء الإشارة، ويظهر أثر تقديم الضم في تابعه، فتقول:"يا سيبويه العالم"
و"يا حذام القاعدة و"يا هذا الرجل" إلا أن الأولين يجوز في تابعها النصب، كما يجوز ذلك في تابع ما تجدد بناؤه بسبب النداء، بخلاف الثالث، كما يأتي وإن كان مبينا على الضم كعلم منقول من "حيث" فهل يقال إنه مبنى على هذه الضمة؟ أو تقدر له ضمة؟ يحتمل الوجيهن، كما في إعراب المضاف إلى المتكلم حال جره.
(والمفرد المنكور والمضافا
…
وشبهه انصب عادما خلافا)
هذه الثلاثة أشياء يجب نصبها في النداء وهي: النكرة المفردة، غير
المقصودة، نحو:
(359 - فيا راكبا إما عرضت فبلغن
…
...........)
وأنكر المازني وجوده، والمضاف، نحو:"يا رسول الله"، وشبه المضاف، وهو ما تعلق به شيء من تمام معناه، إما بعمل، نحو:"يا جميلا وجهه" و"يا راكبا فرسا" و"يا خيرا من زيد" وإما بغيره، نحو:"يا ثلاثة وثلاثين" في نداء من سميته بذلك، وفي قصدك هذا العدد [من جملة رجال، أما في ندائك جماعة معينين بهذا العدد] فلك ثلاثة أوجه:
بناؤهما معا، مع تكرار حرف النداء، فتقول:"يا ثلاثة ويا ثلاثون" وبناء الأول وإدخال "أل" على الثاني، مجوزا رفعه ونصبه، فتقول:"يا ثلاثة والثلاثون" وإن شئت "الثلاثين"
وليس نصب المضاف متفقا عليه- كما ذكر المصنف- بل هو قد حكى عن ثعلب جواز ضم المضاف الصالح بـ"أل".
(ونحو زيد ضم وافتحن من
…
نحو: أزيد بن سعيد لا تهن)
هذا النوع من أنواع المنادى المبني على الضم يجوز فتح آخره، وهو ما وصف من العلم بـ"ابن" [متصل به] مضاف إلى علم نحو:"يا زيد ابن سعيد" وأكثر البصريين يختار الفتح، ومثله ما أتبع بـ "ابنة" مضافة إلى علم نحو:"يا فاطمة ابنة محمد" ولا يجوز الفتح مع الوصف بـ"بنت" إذ الفتح إنما جاز ابتاعا للهمزة ولا همزة فيها.
(والضم إن لم يل الابن علما
…
أو يل الابن علم قد حتما)
إذا لم توجد القيود الثلاثة المسوغة للفتح، تعين بقاء المنادى على ضمه، فلا يجوز الفتح في نحو:"يا رجل بن زيد" ولا في:" زيد الكريم ابن عمرو "لأن "الابن" لم يل علما- ولا في نحو:" يا زيد وابن عمرو "- لأن "الابن" التابع غير صفة- ولا في نحو: "يا زيد الكريم"- لأن الصفة غير ابن- ولا يثبت رواية الكوفيين لقوله:
(360 - ...............
…
بأجود منك يا عمر الجودا)
بفتح عمر
(واضمم أو انصب ما اضطرارا نونا
…
ما لم استحقاق ضم بينا)
إذا دعت ضرورة الشعر إلى تنوين المنادى المبني على الضم، جاز إبقاؤه على ضمه، نحو:
(361 - سلام الله يا مطر عليها
…
..........)
وجاز نصبه لشبهة بالنكرة، نحو:
(362 - أعبدا حل في شعبي غريبا .... ..............)
وبهما ينشد:
(363 - .................. ..... مكان (يا جمي): (حييت يا رجل)
وهل الأرجح الأول أو الثاني؟ أو يترجح الأول في العلم، والثاني في اسم الجنس، فيه ثلاثة أقوال.
(وباضطرار خص جمع "يا" و"أل"
…
إلا مع الله ومحكي الجمل)
لا يباشر حرف النداء ما فيه "أل" إلا في موضعين:
الأول: اسم "الله"، ثم لك فيه إثبات الألفين، وحذفهما، وحذف إحداهما.
الثاني: ما سمي به من الجمل المبدوءة ب"أل" كما لوسميت رجلابـ "المنطق زيد" فإنك تقول في ندائه: يا المنطلق زيد" ومثله ما سمي به من الموصولات المبدوءة بـ "ال" نحو: "يا الذي قام"- إذا كان اسم رجل- وأما نحو:
(فيا الغلامان اللذان فرا
…
..................)
فمخصوص بالضرورة.
(والأكثر "اللهم بالتعويض
…
وشذ "يا اللهم" في قريض)
والأكثر في دعاء اسم "الله" تعالى أن يحذف حرف النداء، وتعوض "الميم المشددة" في آخره، فتقول:"اللهم اغفر لنا" وجاء في الشعر
الجمع بين حرف النداء والميم، نحو:
(365 - إني إذا ما حدث ألما .. أقول: "يا اللهم يا اللهما)
وهو شاذ لما فيه من الجمع بين العوض والمعوض عنه.
فصل
(تابع ذي الضم المضاف دون "أل"
…
ألزمه نصبا كـ "أزيد ذا الحيل")
المنادى المستحق للنصب لا يكون تابعه إلا منصوبا، نحو:" يا عبدا الله الكريم "إلا إذا صلح لمباشرة حرف النداء، فيستحق- حينئذ- ما يستحقه لو باشر حرف النداء- كما يأتي- وأما تابع المنادى المضموم فإن كان مضافا مجردا من "أل" تعين نصبه، سواء كان صفة نحو:" يا زيد صاحب الرجل "، أو توكيداً نحو:" يا تميم كلهم "، أو عطف بيان نحو:" يا زيد أبا عبدا الله "،أو عطف نسق نحو:" يا زيد وغلام عمرو "أو بدلا نحو:" يا زيد أخانا "، ولا دليل مع الأخفش على جواز رفعه.
(وما سواه ارفع أو انصب واجعلا
…
كمستقل نسقا وبدلا)
(وإن يكن مصحوب "أل" ما نسقا
…
ففيه وجهان ورفع ينتقي)
ما سوى التابع المضاف- مع تجرده من "أل"- يجوز فيه الرفع والنصب،
ويشمل ذلك المفرد المتلبس "بأل" والمضاف المتلبس بها، نحو:" يا زيد الكريم "و" يا زيد الحسن الوجه "يجوز فيها الرفع والنصب في جميع التوابع إلا أنهما لا يتصوران في التوكيد، وبهما قرئ:- في العطف- {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [] وسيبويه، والخليل، والأكثرون: يختارون الرفع فيه، والجرمي يختار النصب، ووافقه المبرد في ما كانت الألف واللام فيه للتعريف- كالآية- لا في ما كانت لغيره، كـ" يا زيد واليسع "ولا يتصور
ذلك في المفرد المجرد من "ال" إلا في عطف البيان، نحو:" يا غلام بشر "، وفي التوكيد نحو:" يا تميم أجمعون "يجوز فيها النصب، وأما في النعت: فلا يتصور لامتناع نعت المعرفة بالنكرة، وفي عطف النسق والبدل يجب فيه الضم، جعلا له كالمستقل، لأن العاطف كالنائب عن العامل، والبدل في نية تكرار العامل، فتقول:" يا زيد وعمرو "و" يا رجلا وزيد "و" يا رجل زيد "و" يا رجلا زيد "، وكما يتعين فيهما النصب إذا كانا مضافين.
(وأيها مصحوب "أل" بعد صفة
…
يلزم بالرفع، لدى ذي المعرفة)
(وأيهذا أيها الذي ورد
…
ووصف "أي" بسوى هذا يرد)
هذه المسألة مستثناة من التابع الذي يجوز نصبه مع بناء متبوعه على الضم وهو تابع "أي" نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ومثله تابع "أية" نحو: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [سورة الفجر: 37] وإنما لزم رفعه لأنه المقصود بالنداء، وإنما أتي بـ"أي" وصلة إلى ندائه، لتعذر مباشرة حرف النداء له، ولذلك كان وصف "أي" به لازما، بخلاف:"يا زيد الظريف"، وما حكاه
الزجاج- في كتاب المعاني- عن بعضهم من إجازة نصبه غلط، ولا يوصف "أي" في النداء إلا بمتلبس "بأل" الجنسية- كما تقدم- أو بموصول مقترن "بأل" نحو:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} أو باسم إشارة، نحو:
(366 - ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه
…
.............)
(367 - ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغي
…
........)
وأكثر ما يكون ذلك إذا كان اسم الإشارة موصوفا بما فيه الألف واللام -كما مثل- ووقوعه دونه قليل، كقوله:
(368 - أيهذان كلا زاد كما
…
................)
(وذو إشارة كأي في الصفة
…
إن كان تركها يفيت المعرفة)
إذا وقع اسم الإشارة بعد حرف النداء فإن كان المقصود بالنداء صفته، بحيث إذا تركت فات العلم بتعيينه، كقولك- لقائم بين قوم جلوس- "يا خذا القائم" فإن صفته كصفة ""أي" أي اللزوم، وفي تعين الرفع، أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء لكونه متعينا، وإنما أجرى الوصف عليه مدحا، أو ذما، نحو:" يا هذا الكريم "و" يا هذا الخبيث "فحكمها حكم غيرها من الصفات في عدم اللزوم، وفي جواز النصب، ولا يوصف اسم الإشارة إلا بما فيه "أل".
(في نحو سعد سعد الأوس ينتصب
…
ثان، وضم، وافتح أولا تصب)
إذا أتبع المنادى المفرد، المستحق البناء على الضم بمماثل له- لفظا
مضاف، نحو:" يا سعد سعد الأوس "و" يا زيد ويد الخيل "تعين نصب الثاني لكونه تابعا مضافا- كما سبق- وأما الأول فقياسة أن يبقى على ضمه، لأنه منادى مفرد معرفة، لم ينعت "بابن" وقد سمع فيه الفتح نحو:
(369 - يا تيم تيم عدي لا أبالكم
…
.............)
وقوله:
(370 - يا سعد سعد اليعملات الذبل
…
.............)
واختلف في توجيهه، فعند سيبويه أنه مضاف إلى [ما بعد الثاني، والثاني مقحم، وعند المبرد أنه مضاف إلى] محذوف مماثل لما أضيف إليه الثاني، وعند الفراء أنهما معا مضافان إلى الثاني، وقيل: بل ركبا قبل الإضافة "كخمسة عشر"