الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكاية
ويراد بها أشياء:
أحدها: حكاية الجمل المنقولة إلى العلمية، فتستقر على ألفاظها، كما سبق.
الثاني: حكاية الجمل بالقول، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّه} [مريم:30] ويجوز حكايتها بالمعنى فتقول في حكاية: "زيد قائم": "قال عمرو: قائم زيد" فإن كانت الجملة ملحونة تعينت حكايتها في المعنى، في أصح القولين.
وأما المفردات فلا تحكى، وشذ قول بعضهم:"ليس بِقُرشيَّا" ردا على
من قال: "إن في الدار قرشيا".
الثالث: المبوَّب عليه من هنا، وهو شيئان:
أحدهما: حكاية النكرات بـ"مَن" و "أيّ" وهي في الأصل استفهام بمعنى الإثبات، وطلب التعيين، فلهذا اختصت بهاتين الأداتين.
الثاني: حكاية الأعلام بألفاظها.
(أحك ب"أيّ" ما لمنكورٍ سُئِل
…
عنهُ بها في الوقفِ أو حِينَ تَصِل)
هذا القسم الأول من الحكاية المبوَّب عليها، وهو حكاية النكرات بأداتي الاستفهام المذكورتين:
إحداهما: "أيّ" ويحكى بها مع الوقف ومع الوصل، معطاةً ما ثبت للفظ.
تلك النكرة المسؤول عنها من رفع أو نصب أو جرّ، وتذكير أو تأنيث، وإفراد أو تثنية أو جمع، فتقول لمن قال:"رأيت رجلا": أياً؟ "، ولمن قال: "جائتني امرأة": "أيةٌ"؟ "، وامن قال: مررت [برجل": أيَّ؟ "، ولمن قال: "جائني رجلان": "أيانِ؟ " ولمن قال: "مررت] بامرأتين": أيَّتينِ؟ "، ولمن قال: رأيت رجالا": "أيَّيينَ؟ "، ولمن قال: رأيت نساء": أياتٍ؟ "، وكذا لو وصلت فقلت: "أياً يا فتى؟ " و"أياتٌ يا رجل؟ " وتقول لمن قال: "رأيت رجلا يَضربُ امرأةً لها أخَوان وأختانِ بحضور رجال معهم نساءٌ": أياً؟ "، و"أيةً؟ " وأياانِ؟ "، و"أيتانِ"؟ [وأيينَ؟ " وأياتٌ؟ "].
(ووقفا احكِ ما لمنكور بـ "مَن"
…
والنونَ حرَّك مطلقا وأَشبِعَن)
(وقُل "منانِ" و"منَينِ" بعد: "لِي
…
إلفانِ بابَنَينِ وسَكّن تَعدِل)
(وقل لكم قال: "أَتت بِنتٌ: مَنَة؟
…
والنُّونُ قبل تَا المثّنى مُسكَنَه)
(والفتحُ نَزرٌ، وصِلِ التَّا والأَلِف
…
بـ"مَن" بِإِثِرِ: ذَا بنسوةٍ كَلِف)
(وقل: "منون؟ "ومنين؟ مُسكنا
…
إن قيل "جا قوم لقومٍ فظنا)
"مَن" كـ"أي" في أنها لا يُحكى بها إلا النكرات، إلا أنها تفارقها في أربعة أحكام، ذكر المصنف منها ثلاثة:
الأول: [أنه لا يحكى] بها مُشبعة الحركات، ومفرعة بصورة التأنيث والتثنية والجمع إلا في الوقف، كما ذكر المصنف، بخلاف:"أي" فإنه يحكى بها كذلك وصلا ووقفا.
الثاني: أن "مَن" إذا حكى بها، وحركت نونها بمثل حركة المحكي أشبعت تلك الحركة بحيث يتولد منها حرف مدَّ ولينٍ من جنيها، فتقول لمن قال:"رأيت رجلاً": "منا"؟ ، ولمن قال:"مررت برجل": "منى"؟ ولمن قال: "جائني رجل": "مَنو؟ "، وإلى هذا أشار بقوله:"والنونَ حرّك مطلقا- أي بالحركات الثلاث- وأشبعن" بخلاف: "أي" فإنها إنما يحكى بها حركات الإعراب غير مشبعة.
الثالث: أن آخر "أي" لا يكون في حكاية المثنى إلاّ مفتوحا، مذكرا كان
أو مؤنثا، بخلاف "من" فإنه إذا حكي المثنى المؤنث فالأشهر سكون نونها، كما أشار إليه المصنف بقوله:"والنون قبل تا المثنى مسكنه" فتقول لمن قال: "عندي امرأتان": "مَنتان"؟ " والفتح فيها قليل، واللغتان جاريتان في المفردة المؤنثة أيضا، إلاّ أنّ الأرجح فيها الفتح، كما ذكره المصنف بقوله: "مَنه" وبعضهم يسكنها فيقول: "مَنت".
الحكم الرابع-ولم يذكره المصنف هنا- أن الحكاية بـ "أي" عامة، في العاقل وغيره، بخلاف الحكاية بـ"من" فإنها تختص بالعاقل، ولذلك إذا اختلط العاقل وغيره وحكيت أتيت في حكاية العاقل بـ"مَن" وفي حكاية غيره بـ "أي" فتقول لمن قال:"رأيت رجلين على فرسين": "منين وأيين؟ ولنت قال: "رَكِبَ رجالٌ نوقاً": "منون وآيات؟ "، ولمن قال: "اشترى امرأتان خُمُرا: "منتان وأيين؟ "، ولمن قال:"أكل سبعٌ صِبياناً وبناتٍ": "أي ومنين ومناتٍ؟ " وعلى هذه القاعدة الحكاية.
(وإن تصل فلفظ "من" لا يختلف
…
ونادرٌ "منون" في نظم غرف)
إذا وصلت في الحكاية ب"من" قلت، من يا هذا؟ " وبطلت الحكاية" سواء كان المحكى مفردا أو ضدّيه، مذكرا أو ضده، فأما قوله:
489 -
(أتوا ناري، فقلتُ:"منون أنتم"؟
…
فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عَموا ظلاما)
فنادر، وفي إدخال هذا البيت في باب الحكاية نَظَرٌ، فإنَّ الحكاية سؤالٌ عن تعيين نكرة واردةٍ في كلام سابق، وليس في هذا النظم شيءٌ من ذلك، فتأمل الأبيات قبله في الجمل وغيره.
(والعلم احكينه من بعد "من"
…
إن عريت من عاطفٍ بها اقترن)
يحكى العلم المجهول العين بلفظه من بعد "من" عند الحجازيين فتقول لمن قال: "رأيت زيدا": مَن زيداظ -بالنصب- ولمن قال: "مررت بعمرو": "من عمرو؟ "، ولمن قال: جاءني محمد": مَن حمد؟ "، ولا يحكى غير العلم، فلا يقال لمن قال:"رأيت غلامَ زيد": "من غلام زيد؟ " -بالحكاية- ولم يذكر المصنف هنا من شروط العلم المحكى إلاّ تجرد "مَن" من عاطف، فلو اقترنت بعاطف كقولك لمن قال:"رأيت زيدا": "ومن زيدُ؟ " بطلت الحكاية، وتعين الرفع وله شرطان آخران:
أحدهما: أن يكون العلم لعاقل، فلا يحكى أعلام غير العاقل كلاحق و"شذ قَم".
الثاني: أن يتجرد من تابع [فلو أتبع] العَلَمُ ببدل، أو تأكيد، أو عطف
بيان، أو نسق بغير علم، أو نعت بغير"ابن" مضاف إلى عَلَم، نحو:"رأيت زيدا أخاك" أو زيدا نفسه" أو "زيدا أبا عمرو"، أو "زيدا وأخاه" أو "زيداً الكريم" لم تجز الحكاية في ذلك كله، وإن كان المنسوق علما نحو: "رأيت زيدا وعمرا" ففي جواز الحكاية قولان، ولو وصف المحكى بـ"ابن" مضاف إلى علم، نحو: "رأيت زيدا بن عمرو" جازت الحكاية اتفاقا.
تنبيه:
الحكاية بالمبني كـ"من" اتباع بلا خلاف، وأما المحكى بالمعرب كـ"أي" والمحكى بالعلم ففيه ثلاثة أقوال:، أشهرها أنه إتباع -أيضا- وليست حركات إعراب ولا حروفه، وذهب الكوفيون إلى أنه إعراب بعامل مقدر لائق المعنى، وقال المصنف -في موضع-: إن الضمة في العلم الواقع بعد "من" نحو/ "من زيد؟ " في حكاية من قال: "جاءني زيدٌ" إعراب بخلاف الفتحة والكسرة فانهما إتباع. أ. هـ