الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوكيد
وهو تقوية المعنى في النفس، وقصد رفع الشك عن الحديث، أو المحدث
عنه، فتقوية المعنى في النفس يشمل: التوكيد بالقسم، و"إن" و "اللام"
وغيرها، وقصد رفع الشك عن الحديث يشمل: توكيد الفعل بالمصدر،
وتأكيد عامل الحال بها، وقصد رفع عن المحدث عنه: هو المقصود
بالتبويب هنا، وهو التابع الرافع توهم النسبة إلى غير المتبوع، أو إلى بعضه،
فالتابع جنس يشمل التوابع، وما بعده فصل مخرج لسائرها، وتقسيم رفع
التوهم يشمل: "جاء زيد نفسه" و"جاء القوم كلهم".
(بالنفس أو بالعين الاسم أكدا
…
مع ضمير طابق المؤكدا)
بدأ الكلام عن التأكيد المعنوي، وقدم ما سبق لرفع توهم المجاز عن ذات
المسند إليه، وهو لفظ "النفس" ولفظ "العين" ويؤكد بهما مفردين
ومجتمعين، تقول:"جاء الأمير" فيحتمل مجيء خبره أو ثقله، أو الإخبار
بقرب مجيئه، فإذا أكدت بأحدهما أو بهما ارتفع ذلك الاحتمال.
ويؤكد بهما الاسم المفرد، ويلزم إضافتهما إلى ضمير مطابق له في
التذكير والتأنيث، نحو:"جاء زيد نفسه" و "رأيت هنداً عينها" وإن كان
المؤكد ضميرا طابقه في التكلم، أو الخطاب، أو الغيبة، نحو:
(قمت أنا نفسي) و"رأيتك عينك" و"ضربته نفسه".
(واجمعهما بـ "أفعل" إن تبعا
…
ما ليس واحداً تكن متبعا)
أي إذا أكدت بالنفس أو العين ما زاد على الواحد من مثنى، أو جمع
ذكور، أو إناث، أتيت بهما بصيغة الجمع على "أفعل" مضافين إلى ضمير
مطابق المؤكد، فتقول: "جاء الزيدان، أو ألهندان أنفسهما، والزيدون
أنفسهم، والهندات أنفسهن" وكذلك يطابقه في التكلم أو الخطاب، كما
سبق.
(و"كلا" اذكر في الشمول و"كلا"
…
كلتا جميعا بالضمير موصلا)
هذا النوع الثاني من التوكيد المعنوي، وهو ما سبق لرفع توهم المجاز،
عن جملة المسند إليه، وهو "كل" ويؤكد به الجمع مذكرا كان أو مؤنثا،
نحو: "قام الزيدان كلاهما" و"كلتا" ويؤكد بها المثنى المؤنث نحو:
"جاء الهندان كلتاهما" ، ويجب اتصالهما بضمير مطابق للمؤكد، كما سبق،
ولذلك لم يجعل: (إِنَّا كُلَاّ فِيهَا) -على قراءة النصب- توكيدا عند
المحققين، وفائدة التوكيد بها: بيان شمول الحكم للمسند إليه، ورفع توهم أن
يكون قد حذف من الكلام بعض مضاف إليه، ولذلك لم يسمع:"اشتريت العبد كله".
(واستعملوا - أيضا ككل فاعله
…
من "عم"- في التوكيد- مثل النافله)
بنوا للدلالة على الشمول "فاعلة" - من عم - بوزن نافله، والتاء فيه
مزيدة، كما هـ في "نافلة" لا للدلالة على التأنيث، واستعملوه استعمال "كل"
في تأكيد الجمعين، وإضافته إلى الضمير المطابق، فقالوا:"جاء القوم عامتهم"
و "قام النساء عامتهن" ، والمراد به الشمول، لا "أكثر" كما يفهمه العامة.
ومن الألفاظ التي يؤكد بها لقصد الشمول "جميع" واستعمالها
غريب، نحو:
319 -
فداك حي خولان
…
320 -
جميعهم وهمدان
…
...
وليس منه: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] لعدم الإضافة على ضمير
المؤكد.
(وبعد "كل" أكدوا بـ "أجمعا"
…
"جمعاء" أجمعين "ثم" جمعا)
قد تزداد زيادة التوكيد، فيؤتي بعد "كل" بـ "أجمع" مطابق الحال
المؤكد، في الإفراد، والتذكير، وأضدادهما، نحو:"اشتريت العبد كله أجمع"
و"قمت الليلة كلها جمعاء"{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ} و "جاء
النساء كلهن جمع" ، والتحقق أنه لا يؤكد به المثنى كما يأتي.
(ودون "كل" قد يجيء "اجمع"
…
"جمعاء أجمعون "ثم" جمع)
قد يؤكد بـ "أجمع" وفروعه، وإن لم يسبق "كل" نحو: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} وقوله:
321 -
إذا ظللت الدهر أبكى أجمعا
…
(واغن بـ "كلتا في مثنى، و"كلا"
…
عن وزن فعلاء ووزن أفعلا)
استغنوا في تأكيد المثنى بـ "كلا" فلم يؤكدوا بعدهما
بـ "جمعاء ولا بـ "أجمع" ولا سماع مع الكوفيين في إجازة: "جاء الزيدان
أجمعان، والهندان جمعاوان".
(وإن يفد توكيد منكور قُبل
…
وعن نجاة البصرة المنع شمل)
لا تؤكد النكرة عند عدم الفائدة اتفاقا، ومع حصول الفائدة لكون
المؤكد محدودا، والتوكيد من الألفاظ الدالة على الشمول، نحو: "اعتكف
شهرا كله" و "قام ليلة كلها" فالتحقيق جوازه، كما ذهب إليه الكوفيون،
لورود السماع به، نحو:
322 -
(لكنه شاقه أن قيل ذا رجب
…
ياليت عدة حول كله رجب)
بخلاف "صمت زمنا كله، وشهرا نفسه".
(وإن توكد الضمير المتصل
…
بالـ "نفس" والـ "عين" فبعد المنفصل)
(عنيت ذا الرفع، وأكدوا بما
…
سواهما، والقيد لن يُلتزما)
إذا أكد ضمير الرفع المتصل، أو المستكن، بالنفس ، أو بالعين، أكد قبل
ذلك بضمير رفع منفصل مطابق له، نحو:"قمت أنا نفسي" و "قامت هي
نفسها" و "قاما - أو قامتا- هما أعينهما" و "قاموا هم أنفسهم" و "قمن
هن أعينهن" ، ويؤكد - أيضا- بما سمى النفس والعين من "كل" و "كلا"
و"كلتا" [و "أجمع" وفروعه، فلا يلتزم القيد المذكور: من تقدم الضمير
المرفوع] المنفصل، بل تقول:"جاؤوا كلهم" و"قاما كلاهما" و"قالوا
أجمعون"، وإن شئت أتيت بالضمير المنفصل فقلت: "قاموا هم كلهم".
وأما غير المرفوع من الضمائر - 'ذا أكد- لم يلتزم تأكيده بالضمير
المنفصل سواء أكد بالنفس، أو بالعين، أو بغيرهما من الألفاظ، بل تقول:
"رأيتك نفسك" - "وإن شئت رأيتك أنت نفسك" - "ورأيتهم أنفسهم".
ومثله: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} - وإن شئت- قلت: "هم أنفسهم".
(وما من التوكيد لفظي يجى
…
مكرراً، كقولك:"اذرجى اذرجى")
التوكيد اللفظي عبارة عن تكرار اللفظ السابق، إما بعطف، نوح:
{كَلَاّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَاّ سَيَعْلَمُونَ} وإما دونه، نحو: {وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ} لكن مع الجملة الأكثر أن يكون بعطف، وليس بلازم، بدليل
قوله:
323 -
(فأين إلى أين النجاة ببغلتي
…
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس)
(ولا تُعد لفظ ضمير متصل
…
إلا مع اللفظ الذي به وُصل)
إذ قصد تأكيد لفظ الضمير المتصل وجب إعادة لفظ ما وصل به معه
نحو: "عجبت منك منك" و "ومررت به به".
(ذا الحروف غير ما تحصلا
…
به جواب، كـ "نعم" وكـ "بلى")
أي الحروف مثل الضمائر المتصلة في وجوب إعادة ما اتصلت به معها،
إذا قصد تأكيد ألفاظها، نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرابًا وَعِظامًا
أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35].
وقد يستغنى بإعادة ضمير ما اتصل بالحرف، نحو:"إن زيداً إنه فاضل"
وزعم بعضهم أنه أولى من إعادة لفظه، أما حروف الجواب فلا يشترط فيها
ذلك، إذ كل واحد منها قائم مقام الجملة، بل يجوز أن تقول "نعم نعم"
و"أجل أجل"، قال الشاعر:
324 -
(الا أبوح بحب بثنة إنها
…
أخذت علي مواثقا وعهودا)
والأحسن إعادة حرف الجواب بمرادفه، نحو:"أي نعم" و "بلى جير"
كقوله:
325 -
(وقلن على الفردوس أول مشرب
…
أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره)
وقد يعاد غير حروف الجواب بدون ما اتصل به، وهو على أربع
طبقات، أحسنها: أن يفصل بينهما بوقف، نحو:
326 -
(لا ينسك الأسى تأسياً فما
…
ما من حمام أحد معتصما)
ثم مع الاتصال فيما زاد على حرف واحد، نحو:
327 -
حتى تراها وكأن وكأن
…
...
ثم مع الاتصال وأحدهما زائد على حرف واحد نحو:]
328 -
(فأصبح لا يسألنه عن بما به
…
...
…
)
مع أن فيه مغايرة للفظ، ثم مع الاتصال وكلاهما على حرف واحد، نحو:
329 -
…
... ولا للما بهم أبداً دواء)
(ومضمر الرفع الذي قد انفصل
…
أكد به كل ضمير اتصل)
قد سبق أن تأكيد غير المرفوع من الضمائر المتصلة بالمنفصل - لأجل
تأكيده ببعض ألفاظ التوكيد- جائز لا واجب، ويؤكد بالمنفصل -أيضا_
لإدارة العطف عليه، كما يأتي، وهو من قسم التوكيد اللفظي، وتؤكده
بضمير الرفع المنفصل، نحو:"مررت بي أنا" و "رأيتك أنت" و" أكرمته هو"
ولا يؤكد المجرور إلا بذلك.
وأما المنصوب فإذا قيل: "أكرمتك إياك" فهو بدل عند البصريين،
وتأكيد عند الكوفيين والمصنف، أما الضمائر المنفصلة فإنما تعاد بألفاظها،
نحو:
330 -
(فإياك إياك المراء فإنه
…
إلى الشر دعاء، وللشر جالب)