الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُورَةُ الحَدِيدِ
قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)
إنَّ اللَّهَ تعالى أمرَ عبادَهُ في كتابهِ، وعلى لسانِ رسُولهِ، بجميع ما يُصلحُ
قلوبَ عبادِهِ، ويُقرِّبها منه، ونهاهُم عمَّا ينافِي ذلكَ ويضادُّه ولمَّا كانتِ الرّوح
تقوَى بما تسمعُه من الحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، وتَحْيَا بذلكَ، شرعَ اللَّهُ لعبادِهِ سماعَ ما تقوَى به قلوبُهم، وتتغذّى وتزدادُ إيمانًا.
فتارةً يكونُ ذلك فرضًا عليهم، كسماع القرآنِ، والذكرِ والموْعظةِ يومَ
الجمعةِ في الخطبةِ والصَّلاةِ، وكسماع القرآنِ في الصّلواتِ الجهريّةِ من
المكتوباتِ.
وتارةً يكونُ ذلك مندُوبًا إليه غيرَ مفترضٍ، كمجالسِ الذكرِ المندُوبِ إليها.
فهذا السّماعُ حَادٍ يحدُو قلبَ المؤمنِ إلى الوصولِ إلى ربِّه، يسُوقُه ويشُوقُه إلى
قربه، وقد مدحَ اللَّهُ المؤمنينَ بوجودِ مزيدِ أحوالهِم، بهذا السماع.
وذمَّ من لا يجدُ منهُ ما يجدونَهُ، فقالَ تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا) .
وقال: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) .
وقال: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) .
قال ابنُ مسعودٍ: ما كانَ بين إسلامنَا، وبينَ أنْ عوتبْنَا بهذهِ الآية ِ
إلا أربعَ سنينَ. خرَّجَه مسلم.
وفي روايةٍ أُخرى قال: فجعلَ المؤمنون يعاتِبُ بعضُهم بعضًا.
وعن ابنِ عباسٍ قال: إن اللَّهَ استبْطأ قلوبَ المهاجرينَ فعاتَبهُم، على رأسِ ثلاثَ عشرةَ سنةٍ من نزُولِ القرآنِ، بهذه الآيةِ.
فهذه الآية ُ تتضمّنُ توبيخًا وعتابًا لمن سمعَ هذا السماعَ، ولم يُحدِثْ له في
قلبهِ صَلاحًا ورقَّةً وخشوعًا، فإنَّ هذا الكتابَ المسمُوعَ يشتملُ على نهاية
المطلوبِ، وغايةِ ما تصلُحُ به القلوبُ، وتنجذبُ به الأرواحُ، المعلّقةُ بالمحلًّ
الأعْلَى إلى حضرةِ المحبوبِ، فيحْيى بذلك القلبُ بعد مماتِهِ، ويجتمعُ بعدَ
شتاتهِ، وتزولُ قسوتُهُ بتدبُّر خطابِهِ وسماع آياتهِ، فإنَّ القلوبَ إذا أيقنتْ بعظمةِ ما سمعتْ، واستشْعَرتْ شَرَفَ نسبةِ هذا القولِ إلى قائلِهِ، أذعنتْ وخضعتْ.
فإذا تدبَّرَتْ ما احتَوى عليه من المرادِ ووعتْ، اندكَّتْ من مهابةِ اللَّهِ وإجلالِهِ، وخشعت.
فإذا هطلَ عليها وَابلُ الإيمانِ من سُحُب القرآنِ، أخذتْ ما وسعتْ، فإذَا
بذَر فيها القرآنُ مِنْ حقائقِ العرفانِ، وسقاهُ ماءُ الإيمانِ، أنبتتْ ما زرعتْ
(وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَؤجِ بَهِيجٍ) ، (فانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كيْفَ يحْي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) ، ومتى فقدت القلوبُ غذاءَها، وكانتْ جاهلةً بهِ، طلبت العِوضَ من غيرهِ، فتغذتْ بِهِ، فازداد سقمُها بفقْدِهَا ما ينفعُها والتعوّضِ بما يضرّها.
فإذا سقمتْ مالتْ إلى ما فيه ضررُها، ولم تجدْ طعمَ غذائِها، الذي فيه نفعُها، فتعوضتْ عن
سماع الآياتِ، بسماع الأبياتِ. وعن تدبُّرِ معاني التنزيلِ، بسماع الأصواتِ.
قال عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه: لو طهُرتْ قلوبكم ما شبعتُم من كلامِ ربكم.
وفي حديث مرسل: "إنَّ هذه القلوبَ تصدَأُ كما يصدا الحديد"، قيل: فما
جلاؤُه؛، قالَ:"تلاوةُ كتابِ اللهِ ". وفي حديث آخرَ مرسلٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطبَ بعدما قدِمَ المدينةَ، فقال:
"إن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ، قد أفلحَ منْ زينه اللهُ في قلبِهِ، وأدخلَهُ في الإسلامِ بعد الكفرِ؛ واختارَهُ على ما سواهُ من أحاديث الناسِ.
إنه أحسنُ الحديثِ وأبلغُه، أحِبُّوا ما أحبَّ الله، أحِبُّوا الله من كلّ قلوبكِم ".
وقالَ ميمونُ بن مِهرانَ: إنّ هذا القرآنَ قدْ خلق في صدُورِ كثيرٍ من الناسِ.
والتمسوا حديثًا غيره، وهو ربيعُ قلوبِ المؤمنينَ، وهو غضٌّ جديدٌ في
قلوبِهِم.
وقال محمدُ بنُ واسع: القرآنُ بستانُ العارفينَ حيثما حلُّوا منه، حلُّوا
في نزه!.
وقال مالكُ بنُ دينار: يا حملةَ القرآنِ ماذَا زرعَ القرآنُ في
قلوبِكم؟!
فإنَّ القرآنَ ربيعُ المؤمنينَ، كما أنَّ الغيثَ ربيعُ الأرضِ، فقد ينزلُ
الغيثُ من السَّماءِ إلى الأرضِ، فيُصيبُ الحشَّ فتكونُ فيه الحبَّةُ، فلا يمنعُها
نتن موضعِهَا أن تهتزَّ وتخضرَّ وتحسُن.
فيا حملَة القرآنِ، ماذا زرعَ القرآنُ في قلوبِكُم؟
أين أصحابُ سورة؛ أينَ أصحابُ سورتين؟! ماذا عملتم فيهما.
وقال الحسن: تففدُوا الحلاوةَ في الصّلاةِ، وفي القرآنِ، وفي الذكرِ.
فإنْ وجدتمُوها فامضُوا وأبشِرُوا، وإنْ لم تجدُوها فاعْلمُوا أنَّ البابَ مغلق.
اسمعْ يا منْ لا يجدُ الحلاوةَ في سماع الآياتِ، ويجدها في سماع الأبياتِ.
في حديث مرفوع:
"منِ اشْتاقَ إلى الجنة فليسْمَعْ كلامَ اللهِ ".
كان داودُ الطّائيُّ يترنمُ بالآيةِ في الليلِ، فيرى من سمعهُ أن جميعَ نعيم الدنيا جُمِعَ في ترنُّمه.
قال أحمدُ بنُ أبي الحواري: إنيِّ لأقرأُ القرآنَ، فأنظرُ في آية آيةٍ، فيحارُ
فيها عَقْلي، وأعجبُ من حُفَّاظِ القرآنِ، كيف يهنيهمُ النّومُ، ويسعُهُم أن
يشْتَغِلُوا بشيءٍ من الدُّنيا، وهم يتلونَ كلامَ اللَّهِ!!
أمَا لو فهِمُوا ما يتلونَ، وعَرفُوا حقَّه، وتلذَّذُوا بِهِ، واستحلوا المناجاةَ بِهِ، لذهبَ عنهم النومُ، فَرحًا بما قدْ رُزِقوا.
قال ابنُ مسعودٍ. لا يسألُ أحدٌ عن نفسِهِ غيرَ القرآنِ، فمن كانَ يحبُّ
القراَنَ فهُوَ يحبُّ اللهَ ورسولَهُ.
قال سهل التستريُّ: علامةُ حُبِّ اللَّهِ، حُبُّ القرآنِ.
وقال أبو سعيدٍ الخراز: مَن أحبَّ اللَّهَ أحبَّ كلامَ اللهِ، ولم يشبَع من
تلاوتهِ.
ويُروى عن معاذ قالَ: سيبلى القرآنُ في صدُورِ أقوامٍ، كما يبْلى الثوبُ.
فيتهافتُ، فيقرءونه لا يجدون له شهوةً.
وعن حذيفةَ قالَ: يوشِكُ أن يدرُسَ الإسلامُ، كما يدرسُ وشيُ الثوبِ.
ويقرأُ الناسُ القرآنَ لا يجدونَ له حلاوةً.
وعن أبي العَاليةَ قالَ: سيأْتي على الناسِ زمان، تخربُ فيه صدورُهم من
القرآنِ، وتبلَى كما تبْلى ثيابُهم، وتهافَت فلا يجدُون له حلاوةً، ولا لذاذةً.
قال أبو محمد الجريري - وهو من أكابرِ مشايخ الصوفيّةِ -: من استولْت
عليهِ النفسُ، صارَ أسيرًا في حكم الشَّهواتِ، محصُورًا في سجنِ الهوَى.
فحرَّم اللَّهُ على قلبِهِ الفوائدَ، فلا يستلذُّ بكلامِهِ، ولا يستحلِيهِ، وإنْ كثُرَ
تردادُه على لسانِه.
وذُكِرَ عند بعضِ العارفينَ أصحابُ القصائدِ، فقالَ: هؤلاءِ
الفرارُونَ من اللهِ عز وجل، لو ناصحُوا اللَّهَ، وصدَّقُوه، لأفادَهُم في
سَرائرِهِم، ما يشغلُهم عن كثرةِ التلاقِي.
واعلمْ أن سماعَ الأغانِي يضادُ سماعَ القرآنِ، مِنْ كلِّ وجهٍ.
فإنّ القرآنَ كلامُ اللَّهِ، ووحيُهُ ونوُرهُ، الذي أحيا اللَّهُ به القُلوبَ الميتةَ، وأخرجَ العبادَ به من الظلماتِ إلى النّورِ.
والأغاني وآلاتُها مزاميرُ الشيطانِ.
فإنَّ الشيطانَ قرآنهُ الشعرُ، ومؤذِّنُه المزمارُ، ومصائِدُه النّساءُ.
كذا قالَ قتادةُ وغيرُه من السَّلفِ.
وقد رُوي ذلك مرفوعًا، من روايةِ عبيدِ اللَّه بن زحْر، عن عليِّ بنِ يزيدَ عن القاسم، عن أبي أمامةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقدْ سبقَ ذكرُ هذا الإسنادِ.
والقرآنُ تُذكر فيه أسماءُ اللَهِ، وصفاتُهُ وأفعالُهُ، وقدرتُهُ وعظمتُة، وكبرياؤه
وجلالُه، ووعدُه ووعيدُه.
والأغاني إنما يُذكرُ فيها: صفاتُ الخمرِ والصورُ المحرّمُة، الجميلةُ ظاهرُها
المستقذرُ باطنُها التي كانتْ تُرابًا، وتعُود ترابًا.
فمن نزّل صفاتِها على صفاتِ من ليس كمثلِهِ شيءٌ وهوَ السَّميعُ البصيرُ، فقد شبَّه، ومرقَ من الإسلامِ، كما - يمرُقُ السهمُ من الرميةِ.
وقد رُئيَ بعضُ مشايخ القومِ في النَّومِ بعدَ موتِهِ.
فسُئِلَ عن حالِهِ فقالَ: أوقفني بينَ يديه، ووبَّخني، وقالَ: كنتَ تسمعُ
وتقِيسُني بسُعْدى ولُبنَى.
وقد ذكرَ هذا المنامَ أبو طالبٍ المكيُّ، في كتابِ "قوتِ القلوبِ ".
وإن ذُكر في شيءٍ من الأغانِي التوحيدُ، فغالِبُه من يسوقُ ظاهرُه إلى
الإلحادِ: من الحلولِ والاتحادِ، وإن ذُكِرَ شيءٌ من الإيمانِ والمحبةِ، أو توابع
ذلكَ، فإنَّما يُعبَّرُ عنه بأسماء قبيحةٍ، كالخمرِ وأوعيتِهِ ومواطنِهِ وآثارهِ، ويُذكر فيه الوصلُ والهجرُ، والصدودُ والتجنِّي.
فيطربُ بذلكَ السامعونَ، وكأنَّهم يشيرون، إلى أن اللَّه تعالى، يفعل مع عبادهِ المحبينَ له المتقربينَ إليه، كما يذكرونَهُ.
فيبعدُ ممن يتقربُ إليه، ويصدُّ عمن يحبُّه ويُطيعُه، ويُعرِضُ عمن
يُقبلُ عليه.
وهذا جهل عظيمٌ فإنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ، على لسانِ رسُوله الصادقِ
المصدوقِ صلى الله عليه وسلم:
"من تقرَّبَ منِّي شِبْرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرَّبَ مني ذراعًا تقرَّبتُ
منه باعًا، ومن أتَاني يمشِي أتيته هرولةً".
وغايةُ ما تحرِّكُه هذه الأغاني: ما سكنَ في النفوسِ من المحبَّةِ، فتتحركُ
القلوبُ إلى محبوباتِها، كائنة ما كانتْ، من مباح ومحرّمٍ وحقٍّ وباطلٍ.
والصّادقُ من السامعينَ، قد يكونُ في قلبهِ محبّةُ اللهِ، مع ما ركزَ في الطباع
من الهَوى، فيكونُ الهَوى كامِنًا، لظهورِ سُلطانِ الإيمانِ. فتحركُّه الأغاني.
مع المحبّةِ الصحيحةِ. فيقْوى الوجدُ، ويظن السامعُ، أنْ ذلكَ كلَّه محبّةُ اللَّهِ.
وليسَ كذلك. بل هي محبّة ممزوجةٌ ممتزجة، حقُّها بباطِلها.
وليسَ كلُّ ما حرك الكامنَ في النفوسِ، يكونُ مُباحًا في حكم اللَّهِ ورسولهِ.
فإنّ الخمرَ تحركُ الكامنَ في النُفوسِ، وهي محرمة في حكم اللَّهِ ورسولهِ
كما قِيلَ:
الرَّاحُ كالريح إِن هبَّتْ على عِطْرٍ. . . طابتْ وتخبثُ إنْ مرَّتْ على الجِيَفِ
وهذا السماعُ المحظورُ، يُسكرُ النفوسَ، كما يسكرُ الخمرُ أو أشدُّ، ويصدُّ
عن ذكرِ اللَّهِ، وعن الصَّلاةِ، كالخمرِ والميسرِ فإن فُرضَ وجُودُ رجلٍ يسْمعُه، وهو ممتَلئٌ قلبُه بمحبةِ اللَّهِ، لا يؤثرُ فيه شيءٌ من دَواعِي الهوى بالكليةِ، لم
يُوجبْ ذلك له خصوصًا، ولا للنّاسِ عمومًا. لأنّ أحكامَ الشريعةِ، تناطُ
بالأعمِّ الأغلبِ.
والنَّادرُ ينسحبُ عليه حكمُ الغالبِ، كما لو فُرض رجل تامُّ
العقلِ، بحيثُ لو شرِبَ الخمرَ، لم يُؤثرْ فيه ولم يقعْ فيه فساد، فإنَّ ذلك لا
يوجبُ إباحةَ الخمر له، ولا لغيرهِ. على أنَّ وجودَ هذا المفروضِ في الخارج.
في الصُّورتين: إما نادرٌ جدًّا أو ممتنعٌ متعذرٌ.
وإنما يظهرُ هذا السماعُ، على هذا الوجهِ، حيث جرّد كثير من أهلِ
السلوكِ الكلامَ في المحبةِ ولهجِوا بها، وأعرضُوا عن الخشيةِ.
وقد كانَ السلفُ الصالحُ يُحذِّرون منهمُ، ويفسِّقون من جرَّدَ، وأعرضَ عن الخشيةِ إلى الزندقةِ.
فإنَّ أكثرَ ما جَاءتْ به الرّسُلُ، وذكرَ في الكتابِ والسنةِ: هو خشيةُ
اللَّهِ وإجلالِهِ وتعظيمِهِ، وتعظيم حرماتِهِ وشعائِرهِ، وطاعتِهِ.
والأغاني لا تحرّكُ شيئا من ذلكَ، بلْ تُحدِثُ ضدَّهُ من الرعُونَةِ والانبساطِ
والشطح، ودعوى الوصُولِ والقُربِ، أو دعوى الاختصاصِ بولايةِ اللَّهِ التي
نسب اللَّهُ في كتابه دعواها إلى اليهودِ.
فأمَّا أهلُ الإيمانِ، فقد وصفهُم بأنَّهم
(يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وًّ قلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)، وفسَّر ذلكَ النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّهم:"يصومونَ ويتصدقونَ، ويصلُّون ويخشونَ أن لا يُتقبلَ منْهُم ".
وقد كانَ الصحابةُ رضي الله عنهم يخافونَ النفاقَ على نفوسِهم، حتَى قالَ الحسنُ: ما أمِنَ النفاقَ إلا منافقٌ، ولا خشِيَهُ إلا مؤمنٌ.