الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنا البائسُ الفقيرُ المستغيثُ المستجيرُ الوجِلُ المُشْفقُ المُقِر المعترفُ بذنبهِ، أسألكَ مسألةَ المسكينِ وأبتهلُ إليكَ ابتهالَ المُذنبِ الذليل، وأدعوكَ دعاءَ الخائفِ الضرير، ومن خضعَتْ لك رقبتُه، وذلَّ لك جسدُه، ورغِمَ لك أنفُه، وفاضتْ لك عيناه.
اللَّهمَّ لا تجعلني بدعائِكَ شقيًّا، وكنْ بي بارًّا رؤوفًا رحيمًا، يا خيرَ المسئولينَ، ويا خيرَ المُعطينَ ".
وكان بعضُهم يقول في دعائِهِ: بعزِّك وذلِّي وغِناكَ وفَقْري.
وقال طاوس - رحمه اللَّه تعالى -: دخلَ عليٌّ بنُ الحسينِ رحمه الله
تعالى - ذاتَ ليلة الحجرَ يصلِّي، فسمعتُه يقول في سجودهِ: عُبيدُكَ بفنائكَ.
مُسيكينُكَ بفنائِك، فقيرُكَ بفنائِك، سائلُك بفنائِك، قال طاوس: فحفظتُهنَّ، فما دعوتُ بهنَّ في كَرْبٍ إلا فُرِّجَ عنَي.
خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا.
وروى ابنُ باكَوَيْه الصوفيُّ - رحمه الله تعالى - بإسنادٍ له: أنَّ بعضَ العُبَّادِ
حجَّ ثمانينَ حَجَّةً على قدَميهِ، فبينما هو في الطوافِ وهو يقول: يا حبيبي.
وإذا بهاتفٍ يهتفُ به: ليس ترضى أن تكون مسكِينًا حتَّى تكونَ حبيبًا.
قال: فغُشي عليَّ، ثم كنتُ بعد ذلك أقول: مسكينُكَ مسكينُكَ، وأنا تائبٌ عن قول: حبيبي.
* * *
قوله تعالى: (يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)
كان السلفُ الصَّالح يجتهدون في إتمام العمَل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمُّون
بعد ذلكَ بقبولهِ، ويخافونَ من رَدِّه، وهؤلاء الذينَ
(يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) .
رُويَ عن عليٍّ نهى قال: كونُوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا
منكمُ بالعمل، ألم تسمعُوا اللَّهَ عز وجل يقولُ:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّه من المُتَقِينَ) .
وعن فضالةَ بنِ عبيدٍ قالَ: لأن أكونَ أعلمُ أنَّ اللَّهَ قد تقبلَ منَي
مثقالَ حبة من خردلٍ أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها؛ لأنَّ اللَّهَ يقول:
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّه من المُتَقِينَ) .
وقال ابنُ دينار: الخوفُ على العملِ أن لا يتقبَّلَ أشدّ من العمل.
وقال عطاءٌ السُّليميُّ: الحذرُ: الاتقاءُ على العملِ أن لا يكونَ للهِ.
وقالَ عبدُ العزيزِ بنُ أبي روَّاد: أدركتُهم يجتهدونَ في العملِ الصالح، فإذا
فعلوه وقع عليهم الهمّ، أيقبلُ منهُم أم لا؟
قال بعضُ السَّلفِ: كانوا يدعُون اللَّهَ ستَّةَ أشهرٍ أن يبلِّغهم شهر رمضانَ.
ثم يدعونَ اللَّهَ ستَّةَ أشهرٍ أن يتقبَّلَهُ منهُم.
خرجَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمه الله في يومِ عيدِ فطرٍ، فقالَ في
خطبته: أيُّها الناسُ؛ إنَّكم صُمتم للَّهِ ثلاثين يومًا، وقُمتُم ثلاثين ليلةً.
وخرجتُم اليومَ تطلبون من اللَّه أن يتقبَّل منكم.
كانَ بعضُ السَّلف يظهرُ عليه الحزنُ يومَ عيدِ الفطر، فيقالُ له: إنَه يومُ فرحٍ
وسرورٍ، فيقولُ: صدقتُم، ولكنِّي عبدٌ أمرنِي مولاي أن أعملَ له عملاً، فلا أدري أيقبلُه منِّي أم لا؟
رأى وُهيبُ بنُ الورد قومًا يضحكونَ في يومِ عيدٍ، فقالَ: إن كانَ هؤلاءِ
تُقبِّلَ منهم صيامُهم فما هذا فعلُ الشاكرينَ، وإن كانُوا لم يُتقبَّلْ منهم صيامهُم فما هذا فعلُ الخائفينَ.
وعن الحسنِ قالَ: إنَّ اللَّه جعلَ شهرَ رمضانَ مضمارًا لخلقه يَسْتَبِقُون فيه
بطاعتهِ إلى مرضَاتهِ، فسبق قومٌ ففازُوا، وتخلَّف آخرونَ فخابُوا.
فالعجَب من