الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يُؤتَى الإنسانُ إلا من قِبَل نفسِهِ ولا يصيبُهُ المكروهُ إلا من تفريطِهِ في
حق ربه عز وجل.
قال علي رضي الله عنه: لا يَرْجوَن عبد إلاْ رَّبهُ، ولا يخافنَّ إلا ذنبَهُ.
وقال بعضُهم: من صَفَى صُفّي لهُ، ومن خلطَ خُلِّط عليهِ.
وقال مسروقٌ: من راقبَ اللهَ في خطراتِ قلبِهِ عصمَهُ اللَّهَ في حركاتِ
جو ارِحِهِ.
وبسطُ هذا المعنى يطولُ جدًّا، وفيمَا أشرْنَا إليه كفايةٌ، وللهِ الحمدُ.
* * *
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)
ثم قال البخاري رحمه الله: وَيَزيدُ وينقصُ.
قال اللَّه عز وجل: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ) ، (وَزِدْناهُمْ هُدًى) .
(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) ، (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) ، (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنوا إِيمَانًا) .
وقوله عز وجل: (أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا) .
وقوله: (فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا) .
وقوله: (وَمَا زَادَهُم إِلَاّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) .
زيادة الإيمان ونقصانه؛ قولُ جمهورِ العلماءِ.
وقد رُوي هذا الكلامُ عن طائفة من الصحابةِ، كأبي الدرداءٍ، وأبي هريرةَ.
وابنِ عباسٍ، وغيرِهم من الصحابةِ.
ورويَ معناه عن علي وابنِ مسعودٍ - أيضًا.
وعن مجاهدٍ وغير من التابعينَ.
وتوقَّف بعضُهُم في نقصِهِ، فقالَ: يزيدُ، ولا يقالُ: ينقصُ.
ورويَ ذلكَ عن مالكٍ، والمشهورُ عنه كقولِ الجماعةِ.
وعن ابنِ المباركِ، قالَ: الإيمانُ يتفاضلُ.
وهو معنى الزيادة والنقصِ.
وقد تلا البخاريُّ الآياتِ التي فيها ذكرُ زيادةِ الإيمانِ.
وقد استدلَّ بِهَا علَى زيادةِ الإيمانِ أئمةُ السَّلفِ قديمًا، منهُم:
عطاءُ بنُ أبي رباح فمن بعدَه.
وتلا البخاريُّ - أيضًا - الآياتِ التي ذكَرَ فيهَا زيادةَ الهُدَى؛ فإنَّ المرادَ
بالهُدَى هنا فعلُ الطاعاتِ، كما قالَ تعالى بعد وصفِ المتقينَ بالإيمانِ بالغيبِ.
وإقامِ الصلاةِ، والإنفاقِ مما رزقَهُم، وبالإيمانِ بما أُنزلَ إلى محمدٍ وإلى مَنْ
قبلَهُ، وباليقينِ بالآخرةِ، ثم قالَ:(أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِهِمْ) .
فسمَّى ذلكَ كلَّه هدًى، فمن زادتْ طاعاتُهُ فقد زادَ هداهُ.
ولما كانَ الإيمانُ يدخلُ فيه المعرفةُ بالقلبِ، والقولُ والعملُ كلُّه، كانتْ
زيادتُهُ بزيادةِ الأعمالِ، ونقصانُهُ بنقصانِهَا.
وقد صرح بذلك كثيرٌ من السلف، فقالُوا: يزيد بالطاعة، وينقصُ
بالمعصية. َ
* * *