الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "ينشئُ اللَّهُ سبحانه لأهلِ النارِ سحابةً سوداءَ مظلمة، فيقالُ: يا أهلَ النارِ، أيَّ شيءٍ تطلبون؟
فيذكرون بها سحابة الدنيا، فيقولون: يا ربَّنا الشرابُ، فتمطرُهم
أغلالاً تزيدُ في أغلالهم، وسلاسلَ تزيدُ في سلاسلهم، وجمرًا يلتهبُ عليهم".
وخرَّجه ابنُ أبي الدنيا موقوفًا لم يرفعْهُ.
ورَوى أبو جعفر الرازيُّ عن الربيع بنِ أنسٍ عن أبي العاليةَ وغيرُه عن أبي
هريرة، فذكرَ قصةَ الإسرإء بطولها وفيها قال: "ثم أتى على وادٍ - يعني النبي
صلى الله عليه وسلم - فسمعَ صوتا منكرًا ووجدَ ريحًا منتنةً، فقال: ما هذا يا جبريلُ؟ " فقال: هذا صوتُ جهنَّم تقولُ: ربِّ آتني ما وعدتني، فقدْ كثُرَتْ سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وعذابي، وقد برد قعري واشتدَّ حرِّي فآتني ما وعدتني، قال: لكِ كلُّ مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم
الحسابِ ".
* * *
قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)
قال بعضُ السلفِ: إنَّ اللَّه تعالى وصفَ الجنَّة بصفةِ الصَّيفِ لا بصفةِ
الشتاءِ، فقال تعالى:(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) .
وقد قال اللَهُ تعالى
في صفةِ أهل الجنة: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) .
فنفَى عنهم شدة الحرِّ والبرْدِ.
قال قتادةُ: علِمَ اللَّهُ أنَّ شدَّةَ الحرِّ
تؤذي، وشدة البردِ تؤذي، فوقاهم أذاهما جميعًا.
* * *
جاء في حديث مرفوعٍ:
"إنَّ زمهريرَ جهنَّمَ بيت يتميزُ فيه الكافرُ من بردِهِ "
يعني: يتقطع ويتمزعُ.
ورَوى ابنُ أبي الدنيا من طريقِ الأعمشِ عن مجاهدٍ، قال: إنَّ في النارِ
لزمهريرًا يغلونَ فيه فيهربون منها إلى ذلك الزمهريرِ، فإذا وقعوا فيه حطمَ
عظامَهم حتى يُسمعَ لها نقيضٌ.
وعن ليثٍ عن مجاهدٍ، قالَ: الزمهريرُ الذي لا يستطيعون أن يذوقُوه من
بردِهِ.
وعن قابوسِ بنِ أبي ظبيانَ عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ، قال: يستغيثُ أهلُ
النارِ من الحرِّ فيغوثونَ بريح بارده يصدعُ العظامَ بردُها فيسألون الحر.
وعن عبدِ اللهِ بنِ عميرٍ، قالَ: بلغني أنَّ أهلَ النارِ يسألون خازنَها أن
يخرجَهُم إلى جانبِهَا، فيخرجُهم فيقتلَهُم البردُ والزمهريرُ حتى يرجعُوا إليها
فيدخلوها مما وجدوا من البردِ.
وروى أبو نُعيمٍ بإسنادِهِ عن ابنِ عباسٍ أنَّ كعبًا قال: إنَّ في جهنَم بردًا هو
الزمهريرُ يسقطُ اللحمَ حتى يستغيثُوا بحرِّ جهنَّمَ.
ورُويَ عن ابنِ مسعودٍ قال: الزمهريرُ: لونٌ من العذابِ.
وعن عكرمةَ، قال: هو البردُ الشديدُ.
ورُويَ عن زبيدٍ الياميِّ أنه قامَ ليلةً للتهجدِ فعمدَ إلى مطهرةٍ له قد كان
يتوضأ فيها، فغسلَ يده ثم أدخلها في المطهرةِ، فوجدَ الماءَ الذي فيها باردًا
بردًا شديدًا، قد كاد أن يجمد، فذكرَ الزمهريرَ ويدَه في المطهرةِ، فلم يخرجْ
يدَهُ من المطهرةِ حتى أصبحَ فجاءتْهُ الجاريةُ وهو على تلكِ الحالِ، فقالتْ: ما
شأنُكَ يا سيِّدِي لم تصلِّ الليلةَ كما كنتَ تصلِّي، قال: ويحكِ إني أدخلتُ
يدي في هذه المطهرةِ فاشتدَّ عليَّ بردُ الماءِ فذكرتُ به الزمهريرَ، فواللَّهِ ما
شعرتُ بشدةِ بردِهِ حتَى وقفتِ عليَّ، انظري لا تخبري بهذا أحدًا ما دمتُ
حيًّا، فما علمَ بذلك أحدٌ حتى مات رحمه الله.
* * *