الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديثَ الأوَّل. وعندهُ: عن أبي طويلٍ شطبٍ الممدودِ: أنه أتى النبيَّ، فذكرَهُ وكذا خرَّجه أبو القاسم البغويُّ في "معجمِهِ "، وذكرَ: أن الصوابَ عن عبدِ الرحمنِ بن جُبيرِ بنِ نفيرٍ مرسلاً أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، طويل شَطْب، والشطبُ في اللغةِ: الممدودُ، فصحفه بعضُ الرواةِ، وظنَّه اسمَ رجل.
* * *
قوله تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ)
قالَ اللَّهُ تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ) .
[قالَ البخاريُّ] : ومعنى الدعاء في اللغة: الإيمانُ.
اعلم؛ أنَّ أصلَ الدعاءِ في اللغة: الطلبُ، فهو استدعاءٌ لما يطلبة الداعِي.
ويُؤْثِرُ حصولَه.
فتارةً يكونُ الدعاءُ بالسؤالِ من اللَّهِ عز وجل والابتهالِ إليه، كقول
الداعِي: اللهمَّ اغفرْ لي، اللَّهمَّ ارحمْنِي.
وتارةً يكونُ بالإِتيانِ بالأسبابِ التي تقتضي حصولَ المطالبِ، وهو الاشتغالُ
بطاعةِ اللَّهِ وذكرهِ، وما يجب من عبدهِ أن يفعَله، وهذا هو حقيقةُ الإيمانِ.
وفي "السنن الأربعةِ"، عن النعمانِ بنِ بشيرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:
"إنَّ الدُّعاءَ هو العبادة، ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) ".
فما استجلبَ العبدُ من اللَّهِ ما يحبُ، واستدفعَ منه ما يكره، بأعظمَ من
اشتغالِهِ بطاعةِ اللَّهِ وعبادتهِ وذكرِه، وهو حقيقةُ الإيمانِ، فإن اللَّهَ يدفع عنِ
الذين آمنوا.
وفي "الترمذيِّ "، عن أبي سعيدٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"يقُولُ الربُّ عز وجل: مَن شغلَهُ القرآنُ وذكرِي عن مسألتِي أعطيتهُ أفضلَ ما أُعطِي السائِلِينَ ".
وقال بعضُ التابعينَ: لو أطعتمُ اللَّهَ ما عصاكُم.
يعني: ما منعكُم شيئًا تطلبونَهُ منه.
وكان سفيانُ يقولُ: الدعاءُ تركُ الذنوبِ.
يعني: الاشتغالَ بالطَّاعَةِ عن المعصية.
وأما قولُه تعالى: (مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكمْ)، فيه للمفسرينَ قولان:
أحدهما: أن المرادَ: لولا دعاؤُكم إيَّاه.
فيكونُ الدعاءُ بمعنى الطاعةِ، كما ذكرنَا.
والثاني: لولا دعاؤُه إياكُم إلى طاعتِهِ، كمَا في قولهِ تعالَى:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، أي: لأدعوهُم إلى عِبادَتي.
وإنما اختلف الفسرون في ذلكَ لأنَّ المصدرَ يضافُ إلى الفاعلِ تارةً، وإلى
المفعولِ أُخرى.