الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبارةٌ عن القديم، فقد قال: هذا قول البشر.
قال مصنفُ سيرته: كثيرًا ما سمعتُه يقول: ليس مذهبُ أحمد إلا الاتباع
فقط.
فما قال السلفُ قاله: وما سكتُوا عنه سكتَ عنه؛ فإنَّه كان يكثُر أن
يقالَ: لفظي بالقرآن مخلوق، أو غير مخلوق لأنه لم يقل.
وكان يقولُ في آيات الصفات: تمرّ كما جاءت.
قال: وسمعته يقول: تفكرتُ في أخبار الصفاتِ، فرأيتُ الصحابةَ
والتابعين سكتُوا عن تفسيرها، مع قوةِ علمهم، فنظرتُ السببَ في سكوتِهم، فإذا هو قوةُ الهيبة للموصوف، ولأنَّ تفسيرَها لا يتأتَّى إلا بضربِ الأمثالِ
للَّه، وقد قال عز وجل:(فَلا تَضربُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ) قال: وكان يقول:
لا يفسرُ على الحقيقة ولا على المجازِ؛ لأن حملها على الحقيقة تشبيهٌ.
وعلى المجاز بدعةٌ.
* * *
قوله تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا)
قال اللَّه تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) .
قال آدمُ بنُ أبي إياسٍ: حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، حدثنا الأزرقُ بنُ قيسٍ عن
رجل من بني تميم: قال: كنَّا عندَ أبي العوام فقرأ هذه الآية:
(عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) فقال: ما تقولون، تسعةَ عشرَ ملكًا؟
قلنا: بل تسعةَ عشرَ ألفًا، فقال: ومن أينَ علمتَ ذلك؟
قال: قلتُ لأنَّ اللَّه تعالى يقولُ: (وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَاّ
فِتْنَةً لِّلَّذينَ كَفَروا) قال أبو العوام: صدقتَ وبيدِ كلِّ واحدٍ منهم مرزبةٌ من
حديدٍ لها شعبتانِ، فيضربُ بها الضربةَ يهوي بها سبعينَ ألفًا، بين منكبي كلِّ
ملكٍ منهم مسيرةَ كذا وكذا، فعلى قولِ أبي العوامِ ومن وافقه، الفتنةُ
للكفارِ، إنما جاء من ذكرِ العددِ الموهم للقلةِ حيثُ لم يذكرِ المميزَ له.
ويشبه هذا ما رَوى سعيدُ بن بشيرٍ عن قتادةَ في قوله: (وَمَا يَعْلَمُ جنُودَ رَبِّكَ
إِلَاّ هُوَ) أي: من كثرتِهِم.
وكذلك ما رَوى إبراهيمُ بنُ الحكم بنِ أبانٍ وفيه ضعفٌ عن أبيه، عن
عكرمةَ قالَ: إنَّ أولَ من وصلَ من أهلِ النارِ إلى النارِ وجدُوا على البابِ أربع مائة ألفٍ من خزنةِ جهنَّم مسودةٌ وجوهُهُم كالحةٌ أنيابُهم، قد نزعَ اللَّه الرحمة من قلوبِهِم، ليسَ في قلبِ واحدٍ منهم مثقالُ ذرة من الرحمة لو طارَ الطائرُ من منكبِ أحدِهِم لطارَ شهرينِ قبلَ أن يبلغَ المنكبَ الآخرَ، ثم يجدونَ على البابِ التسعةَ عشرَ، عرضُ صدرِ أحدِهِم سبعونَ خرِيفًا، ثم يهوونَ من بابٍ إلى بابٍ خمسمائةَ سنةٍ حتى يأتُوا البابَ؛ ثم يجدونَ على كلِّ بابٍ منها من
الخزنةِ مثلَ ما وجدُوا على البابِ الأولِ، حتى ينتهُوا إلى آخرِها.
خرَّجه ابنُ أبي حاتمٍ.
وهذا يدلُّ على أنَّ على كلِّ بابٍ من أبوابِ جهنَّم تسعةَ عشرَ خزانًا هُمْ
رؤساءُ الخزنةِ، تحتَ يدِ كلِّ واحدٍ منهم أربعمائة ألفٍ.
والمشهورُ بين السلفِ والخلفِ أنَّ الفتنةَ إنما جاءتْ من حيثُ ذكرِ عددِ
الملائكةِ الذين اغترَّ الكفارُ بقلَّتِهِم، وظنُوا أنهم يمكنُهُم مدافعتهُم وممانعتُهُم.
ولم يعلمُوا أن كلَّ واحدٍ من الملائكةَ لا يمكنُ البشرُ كلُّهم مقاومتُهُ، ولهذا قال
اللَّه تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) .
قال السُّديُّ: إن رجلاً من قريشٍ يقالُ له أبو الأشدينِ قال: يا معشرَ قريشٍ
لا يهولنَّكم التسعةَ عشرَ أنا أدفعُ عنكُم بمنكبي الأيمنِ عشرةً من الملائكة.
وبمنكبي الأيسر التسعة الباقية ثم تمرونَ إلى الجنةِ - يقولُه مستهزئًا - فقال الَلَّه
عز وجل: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) .
وقال قتادة: ذُكرَ لنا أنَّ أبا جهلٍ حينَ نزلتْ هذه الآيةُ قال: يا معشرَ قريش
أما يستطيعُ كلُّ عشرةٍ منكم أن يأخذوا واحدًا من خزنة النارِ وأنتم الدُّهم.
وصاحبُكم هذا يزعُمُ أنهم تسعة عشر.
وقال قتادةُ: في التوراةِ والإنجيلِ: إنَّ خزنةَ النارِ تسعة عشر.
ورَوى حريثٌ عن الشعبيِّ عن البراءِ في قولِ الله عز وجل: (عَلَيهَا تِسْعَةَ
عَشَرَ) قال: إن رهطَا من يهود سألُوا رجلاً من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن خزنةِ جهنم، فقال: اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ.
فجاء رجل فأخبرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزلَ اللَّه عليه
ساعةَ إذن (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) فأخبر أصحابَهُ، وقال: ادعُهُم، فجاءوا فسألوه عن خزنة جهنم، فأهْوَى بأصابع كفيه مرتين وأمسكَ الإبهامَ في الثانيةِ،
خرَّجه ابن أبي حاتمٍ، وحريث هو ابنُ أبي مطر ضعيف.
وخرَّجه الترمذيُّ من طريقِ مجالدٍ عن الشعبيِّ، عن جابر قال: قال
ناس من اليهودِ لناسٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
هل يعلمُ نبيكم عددَ خزنة جهنَّم؟
قالُوا: لا ندري حتى نسأله، فجاء رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا محمدُ غُلِبَ أصحابُك اليومَ، قال:"وما غُلِبُوا؟ "
قال: سألتْهُم يهودُ: هل يعلم نبيُّكم عددَ خزنةِ جهنَّم؟
قال: "فما قالوا؟ "
قالوا: لا ندري حتى نسأل نبيَّنا صلى الله عليه وسلم.
فقال: "يغلبُ قومٌ سئِلوا عمَّا لا يعلمون، فقالُوا: لا نعلمُ حتى نسأل نبيَّنا.
لكنَّهم قد سألُوا نبيَّهم، فقالُوا: أرِنَا اللَّهَ جهرة، علي بأعداءِ الله "
فلما جاءوا قالُوا: يا أبا القاسم كم عددُ خزنةِ جهنم؟
قال: "هكذا أو هكذا" في مرةٍ عشرة وفي مرةٍ
تسعة، قالُوا: ثعم، وهذا أصحُّ من حديثِ حريثٍ المتقدمِ، قاله البيهقي
وغيرُهُ.
وخرَّج الإمامُ أحمد من حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ قال:
خرجَ علينا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا كالمودعَ، فقالَ:
"أنا محمدٌ النبيُّ الأمّيُ " ثلاثًا، ولا نبيَّ بعدي، أوتيتُ فواتحَ الكَلم وخواتمه وجوامعَهُ، وعلمتُ كم خزنةُ النار وحملةُ العرشِ " وذكر بقيةَ الحديث.
* * *
قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) .
وقال تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) .
وقال تعالى: (وَاتَقُوا النَّارَ الَّتِي أعِدَّتْ لِلْكَافرِينَ) .
وقال تعالى: (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) .
وقال تعالى: (لَهُم مِن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَقُونِ) .
وقال تعالى: (وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) .
قال الحسنُ في قوله تعالى: (نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ) قال: "واللَّهِ ما أنذرَ العبادَ
بشيءٍ قط أدْهَى منها"
خرَّجَه ابنُ أبي حاتم.
وقال قتادةُ في قولِهِ تعالى: (إِنها لإِحْدَى الْكُبَرِ) يعْني النار.
وروى سماكُ بنُ حربٍ، قال: سمعتُ النعمانَ بنَ بشيرِ يخطبُ، يقولُ:
سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"أنذرتُكم النارَ أنذرتُكُمُ النارَ"
حتى لو أنَّ رجلاً كان بالسوقِ لسمعَهُ من مقامِي هذا.
حتَّى وقعتْ خميصةٌ كانتْ على عاتقِهِ عند رجليه.
خرَّجَه الإمامُ أحمد، وفي روايةِ له أيضًا عن النعمان بن بشيرٍ، قالَ:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
" أنذرتُكُمُ النارَ، أنذرتُكُمُ النارَ" حتَى لو كانَ
رجلٌ في أقْصى السوقِ لسمعَهُ وسمعَ أهلُ السوقِ صوتَهُ، وهو على المنبرِ.
وفي رواية له عن سِماكٍ، قال: سمعتُ النعمانَ يخطبُ وعليه خميصةٌ.
فقال: لقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"أنذرتُكُمُ النارَ،أنذرتُكُمُ النارَ" فلو أنَّ
رجلاً بموضع كذا وكذا، سمعَ صوتَهُ.
وعن عديِّ بنِ حاتمٍ قال: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:
"اتَّقوا النارَ" قال: وأشاحَ، ثم قال:"اتَقوا النارَ"، ثم أعرَض وأشاحَ ثلاثاً حتَّى ظننَّا أنه ينظرُ إليها، ثم قالَ:"اتَّقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ، فمن لم يجدْ فبكلمةٍ طيبةٍ"
خرَّجاه في "الصحيحينِ ".
وخرَّج البيهقيُّ بإسنادٍ فيه جهالةٌ عن أنسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المسلمينَ ارغبُوا فيما رغبكم اللَّه فيه، واحذرُوا، وخافُوا ما خوَّفَكُمُ اللَّهُ به من عذابِهِ وعقابِهِ، ومن جهنَّم، فإنَّها لو كانتْ قطرةٌ من الجنةِ معكُم في دنياكم التي أنتم فيها حلَّتها لكُم، ولو كانتْ قطرةٌ من النارِ معكُم في دنياكم التي أنتُم فيها خبثتْها عليكُم ".
وفي "الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"إنَما مثلي ومثلُ أُمَّتي كمثلِ رجلٍ استوقدَ نارًا، فجعلتِ الدوابُّ والفراشُ يقعْنَ فيها، فأنا آخذُ بِحَجُزِكُم عن النارِ وأنتُم تقتحمون فيها"
وفي روايةٍ لمسلم: "مثلي كمثلِ رجل استوقدَ نارًا، فلمَّا أضاءتْ ما حولَها جعلَ الفراشُ وهذه الدوابُّ التي في النارِ يقعنَ فيها.
وجعلَ يحجزُهُن ويغلبْنَهُ فيقتحمنَ فيها"
قال: "فذلكم مَثَلي ومثلُكُم أنا آخذ بِحجُزِكُم عن النارِ، هلمَّ عن النارِ، هلمَّ عن النارِ، فتغلبُوني وتقتحمون فيها".
وفي رواية للإمامِ أحمد:
"مَثَلي ومثلُكُم أيتها الأمَّةُ كمثلِ رجلٍ أوقدَ نارًا بليلٍ.
فأقبلتْ إليها هذه الفراشُ والذبابُ التي تغشى النارَ، فجعل يذبُّها ويغلبْنَهُ إلا تقحُّمًا في
النارِ، وأنا آخذ بحجُزِكُم أدعوكُم إلى الجنةِ وتغلبونِي إلا تقحُّمًا في النارِ".
وخرَّج الإمامُ أحمد أيضًا من حديثِ ابنِ مسعودٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"إنَّ اللَّه لم يحرمْ حرمةً إلا وقدْ علمَ أنَّه سيطلعها منكم مطلعٌ، ألا وإنّي آخذُ بحجُزِكُم أن تهافَتُوا في النارِ، كتهافُتِ الفراشِ والذبابِ ".
وخرَّج البزارُ والطبراني من حديثِ ابنِ عباسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
"أنا آخذ بحجُزِكُم فاتقوا النارَ، اتقوا النارَ، اتقوا الحدودَ، فإذا مِت تركْتُكُم، وأنا فرطُكُم على الحوضِ، فمن ورَدَ فقد أفْلَحَ، فيؤْتَى بأقوامٍ ويؤخذُ بهم ذاتَ الشمالِ، فأقولُ: ربِّ أمتي، فيقولُ: إنَّهم لم يزالوا بعدَكَ يرتدونَ على أعقابِهِم "
وفي روايةٍ للبزارِ، قالَ:
"وأنا آخذ بحجُزِكُم أقولُ: إيَّاكُم وجهنم، إيَّاكُم والحدودَ، إيَّاكُم وجهنم، إيَّاكُم والحدودَ، إيَّاكُم وجهنمَ، إيَّاكم والحدودَ"
وذكر بقية الحديثِ.
وفي "صحيح مسلم " عن أبي هريرة قالَ: لما نزلتْ هذه الآية: (وَأَنذِرْ
عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) ، دعا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قريشًا فاجتمَعُوا، فعمَّ وخصَّ، فقال: "يا بني كعبِ بنِ لؤيٍّ، أنقذوا أنفسكم من النارِ، يا بني مُرَةَ بنِ كعبٍ، أنقذُوا أنفسَكُم من النارِ، يا بني عبدَ شمسٍ، أنقذُوا أنفسَكم من النارِ، يا بني عبدِ مناف، أنقذُوا أنفسكم من النارِ، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النارِ، يا فاطمةُ بنتُ محمد، أنقدي نفسك من النارِ، فإنِّي لا أملك
لكم من اللَّه شيئا".
وخرَّج الطبرانيُّ وغيرُه من طريقِ يعلى بن الأشدقِ عن كليبِ بنِ حزنٍ،
قالَ: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"اطلبُوا الجنةَ جهدَكُم واهربُوا من النارِ جهدكم، فإن الجنة لا ينامُ طالبها، وإنَّ النارَ لا ينامُ هاربها، وإن الآخرةَ اليوم محفوفة بالمكارِهِ، وإن الدنيا محفوفة باللذاتِ والشهواتِ، فلا تلهينَّكُم عن الآخرةِ"
ويُروى هذا الحديثُ أيضًا عن يعلى بن الأشدقِ عن عبدِ اللَّهِ بن جرادٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأحاديثُ يعلى بنِ الأشدقِ باطلة منكرةٌ.
وخرَّج الترمذيُّ من حديثِ يحيى بن عبدِ اللَّه عن أبيه، عن أبي
هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"ما رأيتُ مثلَ النارِ نامَ هاربُها، ولا مثلَ الجنةِ نامَ طالبُها"
ويحيى هذا ضعفُوه، وخرَّجه ابنُ مردويه من وجهٍ آخرَ أجودَ من هذا
إلى أبي هريرة، وخرَّج الطبرانيُّ نحوَه بإسنادٍ فيه نظر عن أنس عن النبيِّ
صلى الله عليه وسلم وخرَّجه ابنُ عديٍّ بإسنادٍ ضعيفٍ عن عمرَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقالَ يوسفُ بنُ عطيةَ عن المعلى بنِ زيادٍ: كانَ هرمُ بنُ حيانَ يخرجُ في
بعضِ الليالي وينادِي بأعلَى صوتِهِ: عجبتُ من الجنةِ كيفَ نامَ طالبُها.
وعجبتُ منَ النارِ كيف نامَ هاربُها، ثم يقول:
(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ) .
وقال أبو الجوزاءِ: لو وليتُ من أمرِ الناس شيئًا اتخذتُ منارًا على الطريقِ
وأقمتُ عليها رجالاً ينادون في الناس: النارَ النارَ.
خرَّجه الإمامُ أحمدُ في كتابِ " الزهدِ ".
وخرَّج ابنُه عبدُ اللَّه في هذا الكتابِ أيضًا بإسنادِهِ عن مالكِ بنِ دينارٍ.
قالَ: لو وجدتُ أعوانًا لناديتُ في منارِ البصرةِ بالديلِ: النارَ النارَ، ثم قالَ:
لو وجدتُ أعوانًا لناديتُ في منارِ البصرةِ بالليلِ: النارَ النارَ، ثم قال: لو
وجدتُ أعوانًا لفرقتهم في منارِ الدنيا: يا أيها الناس النارَ النارَ.
* * *