الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُورَةُ يس
قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)
[قال البخاري] : "باب احتساب الآثار": حدثنا محمد بن عبد الله بن
حوشب: ثنا عبد الوهاب، قال: حدثني حميد عن أنس، قال: قال النبي
صلى الله عليه وسلم:
"يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم؟ ".
وقال ابن أبي مريم: أنا يحيى بن أيوب: حدثني حميد: حدثني أنس، أن
بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم قال:
فكرِهَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعْرُوا مَنَازِلَهم، فقال:
"ألا تحتسبون آثاركم؟ ".
قال مجاهد: خطاهم: آثار المشي في الأرض بأرجلهم.
ساقه أولاً من حديث عبد الوهاب الثقفي، عن حميد مختصرًا، ثم ذكر
من رواية يحيى بن أيوب المصري - وهو ثقة، عن حميد مختصرا، ثم ذكر
من رواية يحيى بن أيوب المصري وهو ثقة، لكنَّه كثير الوهم - مطوَّلاً، وزاد
فيه تصريح حميد بالسماع له من أنسٍ فإن حميدًا قد قيل: إنه لم يسمع من
أنس إلا قليلاً وأكثر رواياته عنه مرسلة، وقد سبق ذكر ذلك، وما قاله
الإسماعيلي في تسامح المصريين والشاميين في لفظة "حدثنا"
وأنهم لا يضبطون ذلك.
وقد خرَّجه في "كتاب الحج " من طريق الفزاري، عن حميد، عن أنس.
قال: أراد بَنُو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة، فقال:
"يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم؟ ".
وبنو سلمة: قوم من الأنصار، كانت دورهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن
يتحولوا إلى قرب المسجد، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة دورهم، وأخبرهم أنَّ خطاهم يُكتب لهم أجرها في المشي إلى المسجد.
وخرَّج مسلم في "صحيحه " من حديث أبي الزبير، عن جابر، قال:
كانت دارنا نائيةً من المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتَنَا فنقترب من المسجد، فنهانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:
"إن لكم بكل خطوةٍ درجة".
ومن حديث أبي نضرة، عن جابر، قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى
قرب المسجد، والبقاع خالية. قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم ".
فقالوا: ما يسرنا أنا كنَّا تحولنا.
وقوله: "ديارَكم " بفتح الراء على الإغراء، أي الزموا دياركم.
وخرَّجه الترمذيُّ من حديثِ أبي سُفيانَ السعدي، عن أبي نضرةَ عن أبي
سعيدٍ، قالَ: كانتْ بنو سَلمةَ في ناحيةِ المدينةِ، فأرادوا النُقلةَ إلى قُرْبِ
المَسْجِدِ، فنزلتْ هذه الآية ُ:(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ آثارَكُمْ تُكْتَبُ "، فلَمْ ينتقْلُوا.
وأبو سفيانُ، فيه ضعْفٌ.
والصحيحُ: رواية مسلم، عن أبي نضْرةَ عن جابرٍ، وكذا قالَهُ الدارقطني
وغيرُهُ.
وخرَّج ابنُ ماجةَ من روايةِ سِماكٍ، عن عِكْرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قالَ:
كانت الأنصارُ بَعِيدةً منازلُهم مِنَ المسجدِ، فأرادوا أنْ يَقْربوا، فنزلتْ:
(نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)، قال: فَثَبَتُوا.
وقد ذكرَ البخاريُّ عن مجاهدٍ، أنه فسَّر الآثار - يعني: في هذه الآية ِ
بالخُطا، وزاد - أيضًا - بقوله: آثارُ المَشْي في الأرضِ بأرْجُلهم.
وفي حديثِ أنسٍ: "فكَرِهَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعرُوا المدينةَ أو منازلَهم ".
يَعني: يُخلوها فتصيرُ عراةً منَ الأرضِ.
والعَرَاءُ: الفضاءُ الخالي مِنَ الأرضِ، ومنه: قوله تعالى: (فَنَبَذْناه بِالْعَرَاءِ) .
وروى يحيى بن سعيد الأنصاريُّ هذا الحديثَ، عن حميدٍ، عن أنسٍ.
وقال: "فَكَرِهَ أن يُعروا المسجدَ".
قالَ الإمامُ أحمدُ: وَهِمَ فيه، إنما هو:"كرِهَ أن يُعرْوا المدينةَ".
* * *