الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا رسولَ اللَّهِ، ما تزكيةُ المرءِ نفسَهُ؟
قالَ: "أن يعلمَ أنَّ اللَّه حيثُ كانَ معهُ ".
وخرجَ الطبرانيُّ من حديثِ عبادةَ بنِ الصامتِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"أفضلُ الإيمانِ: أنْ تعلمَ أنَّ اللَّه معكَ حيثُ كنتَ".
وبإسناد فيه نظرٌ من حديثِ أبي أمامةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
"ثلاثةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ تعالى يوْم لا ظل إلا ظلُّهُ:
رجُلٌ حيثُ توجَّهَ علمَ أنَّ اللَّه معهُ " إلخ.
ومن حديثِ سعيدِ بنِ يزيدَ الأزدي أنه قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أوصِني، قال:"أُوصِيكَ أنْ تستَحِي منَ اللَّه كمَا تستَحِي رَجُلاً صالحًا مِنْ صالحِي قومِكَ ".
ورويناه بإسناد فيه ضعفٌ من حديثِ أبي أمامةَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسْتَحِ مِنْ اللَّه استحياؤُكَ مِنْ رجُلينِ مِنْ صالحِي عشيرتكَ هُما معكَ لا يُفارقانِكَ ".
* * *
قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)
[قال البخاري] : باب: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)
فأمره بإقامةِ وجهِهِ، وهو إخلاصُ قصدِه وعزمِه وهمِّه للدينِ الحنيفِ، وهوَ
الدينُ القيِّم، وهو فطرةُ اللَّهِ التي فطرَ العبادَ عليها، فإنَّ اللَّهَ ركَب في قلوبِ
عبادِه كلِّهم قبولَ توحيدِه والإخلاصِ لَه، وإنَّما يغيرهم عن ذلك تعليمُ منْ
علمهم الخروج عنه.
ولمَّا كان الخطابُ له صلى الله عليه وسلم لم تدخل فيه أمتُهُ معه قالَ بعدَ ذلكَ: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) ، فجعلَ ذلكَ حالاً له ولأمتِهِ، وهو إنابتُهُم إليه.
ويعني به: رجوعَهم إليهِ، وأمرهم بتقواه، والتقوى تتضمنُ فعلَ جميع الطاعاتِ وتركَ المعاصِي والمخالفاتِ.
وخصَّ من ذلكَ إقامَ الصلاةِ، فلم يذكرْ من أعمالِ الجوارح باسمِهِ الخاصِ
سواها، والمرادُ بإقامتها: الإتيانُ بها قائمةً على وجهِها التامِّ، وفي ذلكَ دليلٌ
على شرَفِ الصلاةِ وفضلها، وأنها أهمُّ أعمالِ الجوارح.
ومن جملة إقامتِهَا المأمورِ به: المحافظةُ على مواقيتِهَا، فمن صَلَّى الصلاةَ
لغير مواقيتِهَا التي وَقَّتها اللَهُ فلم يُقم الصلاةَ، بل ضيَّعها وفرَّط فيها وسَها
عنها.
قال ابنُ عبَّاسٍ في قوله تعالى: (الَّذِينَ يقِيمونَ الصَّلاةَ) .
قال: يقيمون الصلاةَ بفرضِهَا.
وقال قتادة: إقامةُ الصلاةِ؛ المحافظةُ على مواقيتها ووضوئِها،
ورُكُوعِها وسجُودِها.
وقال مُقاتل بنُ حيَّان: إقامتُها: المحافظةُ على مواقيتِهَا، وإسباغُ الطهورِ
فيها، وتمامُ ركوعِها وسجودِها، وتلاوةُ القرآنِ فيها، والتشهدُ، والصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهذا إقامتُها.
خرَّجه كلَّه ابنُ أبي حاتمٍ.
ولهذا مدَحَ سبحانهُ الذين هُم على صلاتِهم يحافظونَ والذينَ هم على
صلاتِهم دائمونَ، وقد فسَّره ابنُ مسعودٍ وغيرُه بالمحافظةِ على مواقيتهَا، وفسَّره بذلك مسروق والنخعيُّ وغيرُهما.
وقيل لابنِ مسعودٍ: إن اللَّهَ يكثر ذكرَ الصلاةِ في القرآنِ: (الَّذينَ هُمْ عَلَى
صَلاتِهِم دَائِمونَ) ، و (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) ؟
قال: ذاكَ على مواقيتِها.
قيل لهُ: ما كنَّا نرَى ذلكَ إلا على تركها؟
قال: تركُها الكفرُ.
خرَّجه ابنُ أبي حاتم ومحمدُ بنُ نصرٍ المروزي وغيرُهما.
وكذلك فسَّرَ سعدُ بنُ أبي وقاص ومسروق وغيرُهما السَّهوَ عن الصلاةِ
بالسهوِ عن مواقيتها.
ورُويَ عن سعدٍ مرفوعًا، والموقوفُ أصحُّ.