الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إذا ماتَ أحدُكم عُرضَ عليه مقعدُ بالغداةِ والعشيِّ، إن كانَ من أهلِ الجنةِ فمن أهلِ الجنةِ، وإن كان من أهلِ النارِ فمن أهلِ النارِ، حتَّى يبعَثَه ربُّه، يقالُ: هذا مقعدُك حتى يبعثكَ اللَّهُ إلى يوم القيامةِ".
ورواه الفضيلُ بن غزوان، عن نافع عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولفظه:
"ما من عبدٍ يموتُ إلا عرِضَ عليه مقعدُه، إن كان من أهلِ الجنةِ على الجنة، وإن كان من أهلِ النارِ على النارِ".
* * *
قوله تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
وقالَ إبراهيمُ بنُ أدْهمَ رحمهُ اللَّهُ تعالى في موعظتِه حينَ سألُه عن قولِه
تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وإنَّا ندعُوه فلم يستجبْ لنا.
فقالَ: عرفتم اللَّه فلم تطيعُوه، وقرأتُم القرآنَ فلم تعملوا به، وعرفتُمُ الشيطانَ فوافقْتمُوه، وادَّعيتُم حبَّ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وتركتُم سنَّته وادَّعيتم حبَّ الجنةِ ولم تعملوا لها وادَّعيتم خوفَ النارِ ولم تنتهوا عن الذنوبِ، وقلتُم: إن الموتَ حقٌّ ولم تستعدِّوا له، واشتغلتم بعيوبِ غيركم ولم تنظروا إلى عيوبكم، وتأكلونَ رزقَ اللَّهِ ولا تشكرونَ، وتدفنون أمواتكم ولا تعتبرون
* * *
الدعاء مأمور به، وموعود عليه بالإجابةِ، كما قالَ تعالى:(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) .
وفي "السنن الأربعة عنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّ الدعاءَ هو العبادةُ" ثم تلا هذه الآيةَ.
وفي حديث آخرَ خرَّجه الطبرانيُّ مرفوعًا:
"منْ أُعْطيَ الدُّعاءَ، أُعْطيَ الإجابة، لأنَّ اللَّه تعالى يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ".
وفي حديث آخرَ: "مَا كان اللَّهُ ليفتَحَ على عبدٍ بابَ الدُّعاءِ، ويُغْلِقَ عنه بابَ الإجابةِ ".
لكنَّ اْلدعاءَ سببٌ مقتضٍ للإجابةِ مع استكمالِ شرائطِه، وانتفاءِ مَوانعهِ.
وقد تتخلَّف إصابتُه، لانتفاءِ بعضِ شروطِهِ، أو وجودِ بعضِ موانِعِه.
ومن أعظم شرائطِه: حضورُ القَلبِ، ورجاءُ الإجَابةِ من اللَّه، كما خرَّجه
الترمذيُّ من حديثِ أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ادعوا اللَّه وأنتُم موقنونَ بالإجابةِ، فإنَّ الله لا يَقبلُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ ".
وفي "المسندِ" عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:
"إنَّ هذه القلوبَ أوعية لبعضُها أوعى من بعضٍ، فإذا سألتم اللَّه فاسألوهُ وأنتُم موقنونَ بالإجابةِ،
فإنَّ اللَّه لايستجيبُ لعبدٍ دعاءً من ظهرِ قلبٍ غافلٍ ".
ولهذا نُهيَ العبدُ أنْ يقولَ في دعائه: اللَّهم اغفرْ لي إنْ شئت، ولكنْ
ليَعزِمَ المسألةَ، فإنَّ اللَّه لا مُكْرِهَ له. ً
ونُهِيَ أن يستعجلَ، ويتركَ الدعاءَ لاستبطاءِ الإجابةِ، وجعلَ ذلك من
موانع الإجابةِ حتَّى لا يقطعَ العبدُ رجاءَه من إجابةِ دُعائهِ ولو طالتِ المدةُ.
فإنَّه سبحانه يُحبُّ المُلِحِّين في الدعاءِ.
وجاء في الآثارِ: إنَّ العبدَ إذا دعا ربَّه وهو يحبّه، قال: "يا جبريل، لا
تَعجَلْ بقضاءِ حاجة عبدي، فإنَّي أحبُّ أن أسمع صوتَه ".
وقال تعالى: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) .
فما دام العبدُ يُلحُّ في الدّعاءِ، ويَطمعُ في الإجابةِ من غيرِ قطع
الرَّجاءِ، فهو قريبٌ من الإجابةِ، ومنْ أدْمَنَ قرع البابِ، يُوشك أن يُفتح له.
وفي "صحيح الحاكم " عن أنس مرفوعًا:
"لا تعْجزُوا عن الدُّعاء، فإنَّه لن يَهلِكَ مع الدُّعاءِ أحَدٌ".
* * *