الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالَ اللَّهُ تعالى عن مؤمن آل فرعونَ أنّه قال لقومِه: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) .
والمتَاعُ: هو ما يتمتَع به صاحبُه برْهَهً ثم ينقطِعُ ويفنَى.
فما عِيبَتِ الدُّنيا بأبلغَ من ذكر فنائها وتقلُّبِ أحوالهَا، وهو أدل دليل على انقضائها وزوالِهَا، فتتبدَّل صحتُها بالسُّقم، ووجودُها بالعدمِ، وشبيبتُها بالهرَمِ، ونعيمهَا بالبؤسِ، وحياتُها بالموتِ، فتفارِقُ الأجسامُ النفوسَ، وعمارتُها بالخراب، واجتماعها بفرقةِ الأحبابِ، وكُلُّ ما فوق التُّرابِ تراب.
* * *
قوله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
قال اللَّه تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) .
قال قتادةُ في هذه الآيةِ: يقال لهم: يا آلَ فرعونَ هذه منازلكم، توبيخًا وصغارًا ونقيصةً.
وقالَ ابنُ سيرين: كان أبو هريرةَ يأتِينا بعد صلاةِ العصرِ، فيقول:
عرجت ملائكةٌ، وهبطتْ ملائكةٌ وعُرضَ آل فرعونَ على النارِ، فلا يسمعُه أحد إلا يتعوَذ باللَّهِ من النار.
وقال شعبةُ، عن يعْلَى بنِ عطاء، سمعتُ ميمونَ بنَ مهرانَ يقول: كانَ
أبو هريرةَ إذا أصبحَ يُنادي: أصبحْنا والحمدُ للَّهِ، وعُرِضَ آل فرعونَ على
النارِ، فلا يسمعُه أحد إلا يتعوَّذ باللَّهِ من النارِ.
ورواهُ هشيمٌ عن يعْلى، عن ميمون، قال: كانَ لأبي هريرةَ صيحتانِ كلَّ
يومٍ، أوَّل النهارِ يقولُ: ذهبَ الليلُ وجاءَ النهارُ وعرضَ آلُ فرعونَ على النارِ، وإذا كان العشيُّ يقول: ذهبَ النهارُ وجاءَ الليل، وعُرِضَ آل فرعونَ على النار، فلا يسمعُ أحد صوْتَهُ إلا استجارَ باللَّهِ من النارِ.
ويُروى من حديثِ الليث، عن أبي قيسٍ، عن هُذيل، عن ابنِ مسعودٍ
قالَ: أرواحُ آل فرعونَ في أجواف طير سودٍ، فيعرضونَ على النارِ كلَّ يومٍ
مرتينِ، فيقال لهم: هذه دارُكم فذلك قوله تعالى:
(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) .
ورواهُ غيرُه عن أبي قيسٍ، عن هذيل، من قولِه.
لكن خرَّجه الإسماعيليُّ من طريقِ ابنِ عيينةَ، عن مسروقٍ عن أبي قيسٍ.
عن هذيلٍ، عن ابنِ مسعود أيضًا.
قال ابنُ أبي الدنيا: حدثنا حمادُ بنُ محمدٍ الفزَاريُّ، قال: بلغني عن
الأوزاعيِّ، أنه سألهُ رجلٌ بعسقلانَ على الساحلِ، فقال له: يا أبا عمرو، إنَّا نرَى طيرًا سودًا تخرجُ من البحرِ، فإذا كانَ العشيُّ عادَ مثلها بيضًا.
قال: وفطنتم لذلكَ؟
قالوا: نعم. قال: فتلك طيرٌ في حواصِلها أرواحُ آل فرعونَ.
فتلفحُها النارُ، فيسودُّ ريشُها، ثم يُلقى ذلك الريشُ، ثم تعودُ إلى
أوكارِها، يعرضونَ على النارِ فتلفحُها النارُ، فذلك دأبُها حتى تقومَ الساعةُ.
فيقال: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) .
وفي "الصحيحين " من حديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: