المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَخْرَجًا. زَادَ مُجَاهِدٌ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الْأَنْفَالِ

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌61]

- ‌(62)

- ‌(64)

- ‌(67)

- ‌(70)

- ‌(72) }

- ‌(73) }

- ‌(74)

- ‌(1)

- ‌ التَّوْبَةِ

- ‌(3) }

- ‌(4) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌(16) }

- ‌ 17

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌[الْمُجَادَلَةِ:

- ‌22]

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(40) }

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(52)

- ‌(55) }

- ‌ 56]

- ‌(60) }

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(72) }

- ‌(73)

- ‌(75)

- ‌(79) }

- ‌(80) }

- ‌(81)

- ‌(83) }

- ‌(85) }

- ‌(87) }

- ‌(88)

- ‌(91)

- ‌(94)

- ‌(97)

- ‌(100) }

- ‌(102) }

- ‌(103)

- ‌(105) }

- ‌(106) }

- ‌(107)

- ‌(109)

- ‌(111) }

- ‌(112) }

- ‌(113)

- ‌(115)

- ‌(117) }

- ‌(118)

- ‌(120) }

- ‌(122) }

- ‌(123) }

- ‌(124)

- ‌(126)

- ‌(128)

- ‌ يُونُسَ

- ‌(1)

- ‌ 3]

- ‌(4) }

- ‌(7)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(74) }

- ‌(75)

- ‌(79)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(87) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90)

- ‌(93) }

- ‌(94)

- ‌(98) }

- ‌(99)

- ‌(104)

- ‌(107) }

- ‌(108)

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌9]

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(28) }

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40) }

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(57)

- ‌(61) }

- ‌(63) }

- ‌(64)

- ‌(72)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84) }

- ‌(85)

- ‌(88) }

- ‌(89)

- ‌(93)

- ‌(96)

- ‌(98)

- ‌(100)

- ‌(106)

- ‌(108) }

- ‌(109)

- ‌(112)

- ‌(116)

- ‌(118)

- ‌(120) }

- ‌(123) }

- ‌ يُوسُفَ

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(35) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(50)

- ‌(53) }

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65)

- ‌(69) }

- ‌(70)

- ‌(73)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79) }

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(93)

- ‌(96)

- ‌(99)

- ‌(101) }

- ‌(102)

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(108) }

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌ الرَّعْدِ

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌ 20]

- ‌(25) }

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌ إِبْرَاهِيمَ

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22)

- ‌ 24]

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(34) }

- ‌(35)

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52) }

- ‌ الْحِجْرِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(32)

- ‌(39)

- ‌(45)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(57)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(78)

- ‌(85)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(94)

- ‌ النَّحْلِ

- ‌(1) }

- ‌(2) }

- ‌ 5

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(51)

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(63)

- ‌(65) }

- ‌(68)

- ‌(70) }

- ‌(72) }

- ‌(73)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(84)

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91)

- ‌(93) }

- ‌(94)

- ‌(97) }

- ‌(98)

- ‌(101)

- ‌(103) }

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌(114)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(124) }

- ‌(125) }

الفصل: مَخْرَجًا. زَادَ مُجَاهِدٌ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

مَخْرَجًا. زَادَ مُجَاهِدٌ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فُرْقَانًا} نَجَاةً. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: نَصْرًا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: {فُرْقَانًا} أَيْ: فَصْلًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَقَدْ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ؛ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ، وُفِّقَ لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ نَصْرِهِ (1) وَنَجَاتِهِ وَمَخْرَجِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَسَعَادَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَكْفِيرِ ذُنُوبِهِ -وَهُوَ مَحْوُهَا -وَغَفْرُهَا: سَتْرُهَا عَنِ النَّاسِ -سَبَبًا لِنَيْلِ ثَوَابِ اللَّهِ الْجَزِيلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْحَدِيدِ: 28] .

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ‌

(30) }

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وقَتَادَةُ:{لِيُثْبِتُوكَ} [أَيْ] : (2) لِيُقَيِّدُوكَ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، وَابْنُ زَيْدٍ: لِيَحْبِسُوكَ.

وَقَالَ السُّدِّيّ: "الْإِثْبَاتُ". هُوَ الْحَبْسُ وَالْوَثَاقُ.

وَهَذَا يَشْمَلُ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْأَقْوَالِ (3) وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ صَنِيعِ مَنْ أَرَادَ غَيْرَهُ بِسُوءٍ.

وَقَالَ سُنَيْد، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، قَالَ عَطَاءٌ: سَمِعْتُ عُبَيْد بْنَ عُمَيْر يَقُولُ: لَمَّا ائْتَمَرُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُثْبِتُوهُ أَوْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ، قَالَ لَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ: هَلْ تَدْرِي مَا ائْتَمَرُوا بِكَ؟ قَالَ: "يُرِيدُونَ أَنْ يَسْحَرُونِي (4) أَوْ يَقْتُلُونِي أَوْ يُخْرِجُونِي"، فَقَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ (5) بِهَذَا؟ قَالَ: "رَبِّي"، قَالَ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ، اسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَقَالَ:"أَنَا أَسْتَوْصِي بِهِ؟ ! بَلْ هُوَ يَسْتَوْصِي بِي"(6)

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْوَسَاوِسِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي رَوَّاد (7) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعةِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يَأْتَمِرُ بِكَ قَوْمُكَ؟ قَالَ: "يُرِيدُونَ أَنْ يَسْحَرُونِي (8) أَوْ يَقْتُلُونِي أَوْ يُخْرِجُونِي". فَقَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: "رَبِّي"، قَالَ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ، فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا، "قَالَ: أَنَا أَسْتَوْصِي بِهِ؟! بَلْ هُوَ يَسْتَوْصِي بِي". قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} الْآيَةَ (9)

(1) في أ: "نصرته".

(2)

زيادة من أ.

(3)

في د: "وهذا يجمع الأقوال"، وفي ك، م:"وهو تجمع الأقوال".

(4)

في د: "يسجنونني"، وفي أ:"يسخروني".

(5)

في ك، م، أ:"خبرك".

(6)

رواه الطبري في تفسيره (13/493) .

(7)

في د، م:"داود".

(8)

في د: "يسجنونني"، وفي أ:"يسخروني".

(9)

تفسير الطبري (13/492) .

ص: 43

وذِكر أَبِي طَالِبٍ فِي هَذَا، غَرِيبٌ جِدًّا، بَلْ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَاجْتِمَاعَ قُرَيْشٍ عَلَى هَذَا الِائْتِمَارِ وَالْمُشَاوَرَةِ عَلَى الْإِثْبَاتِ أَوِ النَّفْيِ أَوِ الْقَتْلِ، إِنَّمَا كَانَ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ سَوَاءً، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لَمَّا تَمَكَّنُوا مِنْهُ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، الَّذِي كَانَ يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيَقُومُ بِأَعْبَائِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَار صَاحِبُ "الْمُغَازِي" عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ، عَنْ بَاذَانَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَشْرَافِ كُلِّ قَبِيلَةٍ، اجْتَمَعُوا لِيَدْخُلُوا دَارَ النَّدْوَةِ، فَاعْتَرَضَهُمْ (1) إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: شَيْخٌ مِنْ نَجْدٍ، سَمِعْتُ أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَحْضُرَكُمْ وَلَنْ يُعْدِمَكُمْ رَأْيِي وَنُصْحِي. قَالُوا: أَجَلْ، ادْخُلْ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَقَالَ: انْظُرُوا فِي شَأْنِ هَذَا الرَّجُلِ، وَاللَّهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يُوَاثِبَكُمْ فِي أَمْرِكُمْ بِأَمْرِهِ. قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: احْبِسُوهُ فِي وِثَاقٍ، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ: زُهَيْرٌ وَالنَّابِغَةٌ، إِنَّمَا هُوَ كَأَحَدِهِمْ، قَالَ: فَصَرَخَ عَدُوُّ اللَّهِ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَيُخْرِجَنَّهُ رَبُّهُ مِنْ مَحْبِسِهِ (2) إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَيُوشِكَنَّ أَنْ يَثِبُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، فَيَمْنَعُوهُ مِنْكُمْ، فَمَا آمَنُ عَلَيْكُمْ أَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ. قَالَ: فَانْظُرُوا فِي غَيْرِ هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ تَسْتَرِيحُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ لَنْ يَضُرَّكُمْ مَا صَنَعَ وَأَيْنَ وَقَعَ، إِذَا غَابَ عَنْكُمْ أَذَاهُ وَاسْتَرَحْتُمْ، وَكَانَ أَمْرُهُ فِي غَيْرِكُمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، أَلَمْ تَرَوْا حَلَاوَةَ [قَوْلِهِ](3) وَطَلَاوَةَ لِسَانِهِ، وَأَخْذَ الْقُلُوبِ مَا تَسْمَعُ (4) مِنْ حَدِيثِهِ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَ الْعَرَبَ، لَيَجْتَمِعَنَّ عَلَيْكُمْ (5) ثُمَّ لَيَأْتِيَنَّ إِلَيْكُمْ حَتَّى يُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ وَيَقْتُلَ أَشْرَافَكُمْ. قَالُوا: صَدَقَ وَاللَّهِ، فَانْظُرُوا بَابًا غَيْرَ هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ: وَاللَّهِ لَأُشِيرَنَّ عَلَيْكُمْ بِرَأْيٍ مَا أَرَاكُمْ تَصْرِمُونَهُ (6) بَعْدُ، مَا أَرَى غَيْرَهُ. قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: نَأْخُذُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ غُلَامًا شَابًّا وَسِيطًا نَهِدًا، ثُمَّ يُعْطَى كُلُّ غُلَامٍ مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ [كُلِّهَا](7) فَلَا أَظُنُّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَقْوَوْنَ عَلَى حَرْبِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا. فَإِنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا ذَلِكَ قَبِلُوا الْعَقْلَ، وَاسْتَرَحْنَا وَقَطَعْنَا عَنَّا أَذَاهُ.

قَالَ: فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: هَذَا وَاللَّهِ الرَّأْيُ. الْقَوْلُ مَا قَالَ الْفَتَى لَا رَأْيَ غَيْرَهُ، قَالَ: فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ (8)

فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَلَّا يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ الَّذِي كَانَ يَبِيتُ فِيهِ، وَأَخْبَرَهُ بمكر القوم.

(1) في د: "واعترضهم".

(2)

في أ: "من حبسه".

(3)

زيادة من أ.

(4)

في أ: "ما نشبع".

(5)

في د، ك، م:"عليه".

(6)

في أ: "بصرتموه"

(7)

زيادة من د، ك، م، أ.

(8)

زيادة من د، ك، م.

ص: 44

فَلَمْ يَبِتْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَأَذِنَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ "الْأَنْفَالَ" يَذْكُرُ نِعَمَهُ (1) عَلَيْهِ وَبَلَاءَهُ عِنْدَهُ:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وَأَنْزَلَ [اللَّهُ](2) فِي قَوْلِهِمْ: "تَرَبَّصُوا بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ"، {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطَّوْرِ: 30] وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يُسَمَّى "يَوْمَ الزَّحْمَةِ"(3) لِلَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الرَّأْيِ (4)

وَعَنِ السُّدِّيّ نَحْوُ هَذَا السِّيَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِرَادَتِهِمْ إِخْرَاجَهُ قَوْلَهُ تَعَالَى:{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا} [الْإِسْرَاءِ: 76] .

وَكَذَا رَوَى العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وعُرْوة بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَة، وقَتَادَةَ، ومِقْسَم، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فَمَكَرَتْ بِهِ، وَأَرَادُوا بِهِ مَا أَرَادُوا، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، عليه السلام، فَأَمَرَهُ أَلَّا يَبِيتَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ يَبِيتُ فِيهِ (5) فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنْ يَتَسَجَّى ببُرد لَهُ أَخْضَرَ، فَفَعَلَ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ، وخَرَج مَعَهُ بِحَفْنَةٍ مِنْ تُرَابٍ، فَجَعَلَ يذرها على رؤوسهم، وَأَخَذَ اللَّهُ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ:{يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 1-9] .

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ مَا يُؤَكِّدُ هَذَا (6)

وَقَدْ رَوَى [أَبُو حَاتِمِ](7) ابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَتْ فاطمةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ:"مَا يُبْكِيكِ يَا بُنَيَّة؟ " قَالَتْ: يَا أَبَتِ، [وَ](8) مَا لِي لَا أَبْكِي، وَهَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الحجْر يَتَعَاقَدُونَ بِاللَّاتِ والعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى، لَوْ قَدْ رَأَوْكَ لَقَامُوا إِلَيْكَ فَيَقْتُلُونَكَ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ. فَقَالَ:"يَا بُنَيَّةُ، ائْتِنِي بوَضُوء". فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ ذَا (9) فطأطؤوا رؤوسهم، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ. فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَحَصَبَهُمْ بِهَا، وَقَالَ:"شَاهَتِ الْوُجُوهُ". فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ حَصَاة مِنْ حَصَيَاتِهِ إِلَّا قُتل يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا.

ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، ولا أعرف له علة (10)

(1) في ك، م:"نعمته".

(2)

زيادة من د، ك، أ.

(3)

في د، ك، م، أ:"الرحمة".

(4)

رواه الطبري في تفسيره (13/494) من طريق ابن إسحاق به.

(5)

في د، ك، م:"به".

(6)

دلائل النبوة للبيهقي (2/469، 470) .

(7)

زيادة من ك، م.

(8)

زيادة من د.

(9)

في د، ك، م:"ها هو ذا".

(10)

صحيح ابن حبان برقم (1691)"موارد" والمستدرك (3/157) .

ص: 45