الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْإِسْلَامِ لِلَّهِ عز وجل، وَالْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ [جَمِيعِ](1) الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعُهُمْ وَتَعَدَّدَتْ مَنَاهِلُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [الْمَائِدَةِ: 48] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبِيلًا وَسُنَّةً. فَهَذَا نُوحٌ يَقُولُ: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [النَّمْلِ: 91]، وَقَالَ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ:{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 131، 132]، وَقَالَ يُوسُفُ:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يُوسُفَ: 101] . وَقَالَ مُوسَى {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يُونُسَ: 84] . وَقَالَتِ (2) السَّحَرَةُ: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الْأَعْرَافِ: 126] . وَقَالَتْ بلْقيس: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النَّمْلِ: 44] . وَقَالَ [اللَّهُ](3) تَعَالَى: {إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [الْمَائِدَةِ: 44]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [الْمَائِدَةِ: 111] وَقَالَ خَاتَمُ الرُّسُلِ وَسَيِّدُ الْبَشَرِ: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الْأَنْعَامِ: 162، 163] أَيْ: مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْهُ: "نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلَادُ عَلات، دِينُنَا وَاحِدٌ"(4) أَيْ: وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعُنَا، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ:"أَوْلَادُ عَلَّاتٍ"، وَهُمُ: الْإِخْوَةُ مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى وَالْأَبُّ وَاحِدٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ} (5) أَيْ: عَلَى دِينِهِ {فِي الْفُلْكِ} وَهِيَ: السَّفِينَةُ، {وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ} أَيْ: فِي الْأَرْضِ، {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} أَيْ: يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ أَنْجَيْنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَأَهْلَكْنَا الْمُكَذِّبِينَ.
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ
(74) }
يَقُولُ تَعَالَى: ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِ نُوحٍ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، أَيْ: بِالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ، {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: فَمَا كَانَتِ الْأُمَمُ لِتُؤْمِنَ بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُمْ، بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُمْ أَوَّلَ مَا أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الْأَنْعَامِ: 110] .
وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} أَيْ: كَمَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ هَؤُلَاءِ، فَمَا آمَنُوا
(1) زيادة من ت، أ.
(2)
في ت، أ:"وقال".
(3)
زيادة من ت، أ.
(4)
رواه البخاري في صحيحه برقم (3443) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
في ت، أ:"والذين"