المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَرَقَ اللَّهُ [فِيهِ] (1) بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ، - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الْأَنْفَالِ

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌61]

- ‌(62)

- ‌(64)

- ‌(67)

- ‌(70)

- ‌(72) }

- ‌(73) }

- ‌(74)

- ‌(1)

- ‌ التَّوْبَةِ

- ‌(3) }

- ‌(4) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌(16) }

- ‌ 17

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌[الْمُجَادَلَةِ:

- ‌22]

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(40) }

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(52)

- ‌(55) }

- ‌ 56]

- ‌(60) }

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(72) }

- ‌(73)

- ‌(75)

- ‌(79) }

- ‌(80) }

- ‌(81)

- ‌(83) }

- ‌(85) }

- ‌(87) }

- ‌(88)

- ‌(91)

- ‌(94)

- ‌(97)

- ‌(100) }

- ‌(102) }

- ‌(103)

- ‌(105) }

- ‌(106) }

- ‌(107)

- ‌(109)

- ‌(111) }

- ‌(112) }

- ‌(113)

- ‌(115)

- ‌(117) }

- ‌(118)

- ‌(120) }

- ‌(122) }

- ‌(123) }

- ‌(124)

- ‌(126)

- ‌(128)

- ‌ يُونُسَ

- ‌(1)

- ‌ 3]

- ‌(4) }

- ‌(7)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(74) }

- ‌(75)

- ‌(79)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(87) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90)

- ‌(93) }

- ‌(94)

- ‌(98) }

- ‌(99)

- ‌(104)

- ‌(107) }

- ‌(108)

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌9]

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(28) }

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40) }

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(57)

- ‌(61) }

- ‌(63) }

- ‌(64)

- ‌(72)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84) }

- ‌(85)

- ‌(88) }

- ‌(89)

- ‌(93)

- ‌(96)

- ‌(98)

- ‌(100)

- ‌(106)

- ‌(108) }

- ‌(109)

- ‌(112)

- ‌(116)

- ‌(118)

- ‌(120) }

- ‌(123) }

- ‌ يُوسُفَ

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(35) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(50)

- ‌(53) }

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65)

- ‌(69) }

- ‌(70)

- ‌(73)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79) }

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(93)

- ‌(96)

- ‌(99)

- ‌(101) }

- ‌(102)

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(108) }

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌ الرَّعْدِ

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌ 20]

- ‌(25) }

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌ إِبْرَاهِيمَ

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22)

- ‌ 24]

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(34) }

- ‌(35)

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52) }

- ‌ الْحِجْرِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(32)

- ‌(39)

- ‌(45)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(57)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(78)

- ‌(85)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(94)

- ‌ النَّحْلِ

- ‌(1) }

- ‌(2) }

- ‌ 5

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(51)

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(63)

- ‌(65) }

- ‌(68)

- ‌(70) }

- ‌(72) }

- ‌(73)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(84)

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91)

- ‌(93) }

- ‌(94)

- ‌(97) }

- ‌(98)

- ‌(101)

- ‌(103) }

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌(114)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(124) }

- ‌(125) }

الفصل: فَرَقَ اللَّهُ [فِيهِ] (1) بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ،

فَرَقَ اللَّهُ [فِيهِ](1) بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ رَأْسُ الْمُشْرِكِينَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَالْتَقَوْا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لتسعَ عشرةَ -أَوْ: سَبْعَ عَشْرَةَ -مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ ثَلَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَالْمُشْرِكُونَ مَا بَيْنَ الْأَلِفِ وَالتِّسْعِمِائَةِ.

فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى السَّبْعِينَ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: تَحَرَّوْهَا لِإِحْدَى عَشْرَةَ يَبْقَيْنَ (2) فَإِنَّ صَبِيحَتَهَا (3) يَوْمُ بَدْرٍ. وَقَالَ: عَلَى شَرْطِهِمَا (4)

وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَان، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو طَالِبٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ (5) عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: كَانَتْ لَيْلَةُ "الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ" لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ (6) إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدُوَيه، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَتْ لَيْلَةُ الْفُرْقَانِ، لَيْلَةُ الْتَقَى الْجَمْعَانِ، فِي صَبِيحَتِهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لسبع عشر مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.

وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي وَالسَّيْرِ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ إِمَامُ أَهْلِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي زَمَانِهِ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.

{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ‌

(42) }

يَقُولُ تَعَالَى [مُخْبِرًا](7) عَنْ يَوْمِ الْفُرْقَانِ: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} أَيْ: إِذْ أَنْتُمْ نُزُولٌ بِعُدْوَةِ الْوَادِي الدُّنْيَا الْقَرِيبَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، {وَهُمْ} أَي: الْمُشْرِكُونَ نُزُولٌ {بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} أَي: الْبَعِيدَةِ الَّتِي مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ، {والرَّكْبُ} أَي: الْعِيرُ الَّذِي فِيهِ أَبُو سُفْيَانَ بِمَا مَعَهُ مِنَ التِّجَارَةِ {أَسْفَلَ مِنْكُمْ} أَيْ: مِمَّا يَلِي سَيْفَ الْبَحْرِ {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ} أَيْ: أَنْتُمْ وَالْمُشْرِكُونَ إلى مكان {لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}

(1) زيادة من د، ك.

(2)

في ك: "بقين".

(3)

في ك: "فإن في صبيحتها".

(4)

المستدرك (3/20) .

(5)

في جميع النسخ: "عن ابن عون، عن محمد بن عبد الله الثقفي"، والمثبت من الطبري.

(6)

تفسير الطبري (13/562) .

(7)

زيادة من أ.

ص: 66

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ مِيعَادٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ، ثُمَّ بَلَغَكُمْ كَثْرَةُ عَدَدِهِمْ وَقِلَّةُ عَدَدِكُمْ، مَا لَقِيتُمُوهُمْ، {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا} أَيْ: لِيَقْضِيَ اللَّهُ مَا أَرَادَ بِقُدْرَتِهِ مِنْ إِعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَإِذْلَالِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، عَنْ غَيْرِ مَلَأٍ مِنْكُمْ، فَفَعَلَ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِلُطْفِهِ.

وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ (1)

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُلَيَّة، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فِي الرَّكْبِ مِنَ الشَّامِ، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلٍ لِيَمْنَعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَالْتَقَوْا بِبَدْرٍ، لَا يَشْعُرُ هَؤُلَاءِ بِهَؤُلَاءِ، وَلَا هَؤُلَاءِ بِهَؤُلَاءِ، حَتَّى الْتَقَتِ السُّقَاةُ، وَنَهَدَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (2)

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ: وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ "الصَّفْرَاءِ" بَعَثَ بَسْبَس بْنَ عَمْرٍو، وَعَدِيَّ بْنَ أَبِي الزَّغباء الجُهَنيين، يَلْتَمِسَانِ الْخَبَرَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا وَرَدَا بَدْرًا فَأَنَاخَا بَعِيرَيْهِمَا إِلَى تَلٍّ مِنَ الْبَطْحَاءِ، فَاسْتَقَيَا فِي شَنٍّ لَهُمَا مِنَ الْمَاءِ، فَسَمِعَا جَارِيَتَيْنِ يَختصمان، تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِصَاحِبَتِهَا: اقْضِينِي حَقِّي. وَتَقُولُ الْأُخْرَى: إِنَّمَا تَأْتِي الْعِيرُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَأَقْضِيكِ حَقَّكَ. فَخَلَّص بَيْنَهُمَا مَجْدي بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ: صَدقت، فَسَمِعَ ذَلِكَ (3) بَسْبَسُ وعَدِيّ، فَجَلَسَا عَلَى بَعِيرَيْهِمَا، حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ. وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ وَلَّيَا وَقَدْ حَذِر، فَتَقَدَّمَ أَمَامَ عِيرِهِ وَقَالَ لِمَجْدِيِّ بْنِ عَمْرٍو: هَلْ أَحْسَسْتَ عَلَى هَذَا الْمَاءِ مِنْ أَحَدٍ تُنْكِرُهُ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ أَنَاخَا إِلَى هَذَا التَّلِّ، فَاسْتَقَيَا فِي شَنّ لَهُمَا، ثُمَّ انْطَلَقَا. فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مُناخ بَعِيرَيْهِمَا، فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِهِمَا، فَفَتَّه، فَإِذَا فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ عَلَائِفُ يَثْرِبَ. ثُمَّ رَجَعَ سَرِيعًا فَضَرَبَ وَجْهَ عِيرِهِ، فَانْطَلَقَ بِهَا فَسَاحَل حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ أَحْرَزَ عِيرَهُ بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَجَّى عيرَكم وَأَمْوَالَكُمْ وَرِجَالَكُمْ، فَارْجِعُوا.

فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ (4) لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَ بَدْرًا -وَكَانَتْ بدرُ سُوقًا مِنْ أَسْوَاقِ الْعَرَبِ -فَنُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا، فَنُطْعمُ بِهَا الطَّعَامَ، وننحَرُ بِهَا الجُزُر (5) ونُسْقَى بِهَا الْخَمْرَ، وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا الْقِيَانُ، وَتَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ وَبِسَيْرِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا بَعْدَهَا أَبَدًا.

فَقَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْق: يَا مَعْشَرَ بَنِي زُهَرة، إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَجَّى أَمْوَالَكُمْ، ونَجَّى صَاحِبَكُمْ، فَارْجِعُوا. فَأَطَاعُوهُ، فَرَجَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ، فَلَمْ يَشْهَدُوهَا وَلَا بَنُو عدي (6)

(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (3951) .

(2)

تفسير الطبري (13/567) .

(3)

في م: "بذلك"

(4)

في م: "لا والله".

(5)

في أ: "الجزور".

(6)

انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/617) .

ص: 67

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ رُوَمان، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -حين دَنَا مِنْ بَدْرٍ -عليَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وسعدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يَتَجَسَّسُونَ لَهُ الْخَبَرَ فَأَصَابُوا سُقَاةً لِقُرَيْشٍ: غُلَامًا لِبَنِي (1) سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَغُلَامًا لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَتَوْا بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدُوهُ يُصَلِّي، فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهُمَا: لِمَنْ أَنْتُمَا؟ (2) فَيَقُولَانِ: نَحْنُ سُقاة لِقُرَيْشٍ، بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنَ الْمَاءِ. فَكِرَهَ الْقَوْمُ خَبَرَهُمَا، ورجَوا أَنْ يَكُونَا لِأَبِي سُفْيَانَ، فَضَرَبُوهُمَا فَلَمَّا ذَلَقُوهُمَا قَالَا نَحْنُ لِأَبِي سُفْيَانَ. فَتَرَكُوهُمَا، وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَالَ:"إِذَا صدَقاكم ضَرَبْتُمُوهُمَا، وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا. صَدَقَا، وَاللَّهِ إِنَّهُمَا لِقُرَيْشٍ، أَخْبِرَانِي عَنْ قُرَيْشٍ". قَالَا هُمْ وَرَاءَ هَذَا الكَثيب الَّذِي تَرَى بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى -وَالْكَثِيبُ: العَقَنْقَل -فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَمِ الْقَوْمُ؟ " قَالَا كَثِيرٌ. قَالَ: "مَا عدَّتهم؟ " قَالَا مَا نَدْرِي. قَالَ: "كَمْ ينحَرُون كُلَّ يَوْمٍ؟ " قَالَا يَوْمًا تِسْعًا، وَيَوْمًا عَشْرًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ". ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: "فَمَنْ فِيهِمْ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ؟ " قَالَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو البخْتري بْنُ هِشَامٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَام، وَنَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وطُعَيمة بْنُ عَدِيِّ بْنِ [نَوْفَلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وزَمَعَة بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ](3) بْنُ خَلَفٍ، ونُبَيْه ومُنَبِّه ابْنَا الْحَجَّاجِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:"هَذِهِ مَكَّةُ قَدْ أَلْقَتْ إِلَيْكُمْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا"(4)

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا تَكُونُ فِيهِ، ونُنِيخ إِلَيْكَ رَكَائِبَكَ، وَنَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَعَزَّنَا فذاك ما نحب، فقال: وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فتَجلسَ عَلَى رَكَائِبِكَ، وَتَلْحَقْ بِمَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَدْ -وَاللَّهِ-تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ مَا نَحْنُ بأشدَّ لَكَ حُبًّا مِنْهُمْ، لَوْ عَلِمُوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، وَيُوادُّونَكَ وَيَنْصُرُونَكَ. فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ بِهِ. فبُنِيَ لَهُ عَرِيشٌ، فَكَانَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، مَا مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا (5)

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَارْتَحَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ أَصْبَحَتْ، فَلَمَّا أَقْبَلَتْ وَرَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُصَوِّب مِنَ العَقَنْقَل -وَهُوَ الْكَثِيبُ -الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ إِلَى الْوَادِي قَالَ:"اللَّهُمَّ هَذِهِ (6) قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِفَخْرِهَا وَخُيَلَائِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ أَحِنْهُمُ الْغَدَاةَ"(7)

وَقَوْلُهُ: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} قَالَ محمد بن إسحاق: أي ليكفر من

(1) في أ: "لأبي".

(2)

في د، ك، م:"أنتم".

(3)

زيادة من د، ك، م، أ، وابن هشام.

(4)

انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/616) .

(5)

انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/620) .

(6)

في أ: "اللهم إن هذه".

(7)

انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/621) .

ص: 68