الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ (1) وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. وَرُوِيَ [نَحْوُ](2) هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وقَتَادَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَان، وَغَيْرِ وَاحِدٍ.
وَقَالَ السُّدِّي: كَانَ الْمُشْرِكُونَ حِينَ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَدْر، أَخَذُوا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَنْصَرُوا اللَّهَ وَقَالُوا: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَعْلَى الْجُنْدَيْنِ، وَأَكْرَمَ الْفِئَتَيْنِ، وَخَيْرَ الْقَبِيلَتَيْنِ. فَقَالَ اللَّهُ:{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} يَقُولُ: قَدْ نَصَرْتُ مَا قُلْتُمْ، وَهُوَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ] } [الْأَنْفَالِ: 32] . (3)
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَنْتَهُوا} أَيْ: عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالتَّكْذِيبِ لِرَسُولِهِ، {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. [وَقَوْلُهُ](4){وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} كَقَوْلِهِ (5){وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الْإِسْرَاءِ: 8] مَعْنَاهُ: وَإِنْ عُدْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ، نَعُدْ لَكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَإِنْ تَعُودُوا} أَيْ: إِلَى الِاسْتِفْتَاحِ {نَعُدْ} إِلَى الْفَتْحِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّصْرِ لَهُ، وَتَظْفِيرِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى.
{وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ} أَيْ: وَلَوْ جَمَعْتُمْ مِنَ الْجُمُوعِ مَا عَسَى أَنْ تَجْمَعُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ فَلَا غَالِبَ لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمُ الْحِزْبُ النَّبَوِيُّ، وَالْجَنَابُ الْمُصْطَفَوِيُّ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
(20)
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) }
يَأْمُرُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَيَزْجُرُهُمْ عَنْ مُخَالَفَتِهِ وَالتَّشَبُّهِ بِالْكَافِرِينَ بِهِ الْمُعَانِدِينَ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ} أَيْ: تَتْرُكُوا طَاعَتَهُ وَامْتِثَالَ أَوَامِرِهِ وَتَرْكَ زَوَاجِرِهِ، {وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} أَيْ: بَعْدَ مَا عَلِمْتُمْ مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ.
{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} قِيلَ: الْمُرَادُ الْمُشْرِكُونَ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ؛ فَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا وَاسْتَجَابُوا، وَلَيْسُوا كَذَلِكَ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ بَنِي آدَمَ شَرُّ (6) الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، فَقَالَ:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ}
(1) المسند (5/431) وسنن النسائي الكبرى برقم (11201) والمستدرك (2/328) .
(2)
زيادة من د، وفي ك، م، أ:"في هذا".
(3)
زيادة من ك، م، أ، وفي هـ:"الآية".
(4)
زيادة من د.
(5)
في ك، م:"أي كقوله".
(6)
في ك، م، أ:"سيئ".