الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، أَيْ: بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَإِنَّهُ سَاجِدٌ بِظِلِّهِ لِلَّهِ تَعَالَى.
قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ سَجَدَ كلُّ شَيْءٍ لِلَّهِ عز وجل. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَوْلُهُ: {وَهُمْ دَاخِرُونَ} أَيْ: صَاغِرُونَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: سُجُودُ كُلِّ شَيْءٍ فِيهِ. وَذَكَرَ الْجِبَالَ قَالَ: سُجُودُهَا فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو غَالِبٍ الشَّيْبَانِيُّ: أَمْوَاجُ الْبَحْرِ صَلَاتُهُ.
وَنَزَّلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يَعْقِلُ إِذْ أَسْنَدَ السُّجُودَ إِلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} كَمَا قَالَ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرَّعْدِ: 15]، وَقَوْلُهُ:{وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} أَيْ: تَسْجُدُ لِلَّهِ أَيْ غَيْرَ مُسْتَكْبِرِينَ عَنْ عِبَادَتِهِ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} أَيْ: يَسْجُدُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ مِنَ الرَّبِّ جل جلاله، {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أَيْ: مُثَابِرِينَ عَلَى طَاعَتِهِ (1) تَعَالَى، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ.
{وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ
(51)
وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) }
(1) في ف: "طاعة الله".
{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
(55) }
يُقرر تَعَالَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّهُ مَالِكُ كُلُّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ وَرَبُّهُ.
{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ وعِكْرِمة (1) وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْران، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَيْ دَائِمًا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: وَاجِبًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَالِصًا. أَيْ: لَهُ الْعِبَادَةُ وَحْدَهُ مِمَّنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آلِ عِمْرَانَ: 83] . هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ الطَّلَبِ، أَيِ: ارْهَبُوا أَنْ تُشْرِكُوا بِهِ (2) شَيْئًا، وَأَخْلِصُوا لَهُ الطَّلَبَ (3)، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزُّمَرِ: 3] .
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَالِكُ النَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَأَنَّ مَا بِالْعَبْدِ مِنْ رِزْقٍ وَنِعْمَةٍ (4) وعافية ونصر فمن فضله
(1) في ت، ف:"وعكرمة ومجاهد".
(2)
في أ: "بي".
(3)
في أ: "الطاعة".
(4)
في ت، ف:"بالعباد من نعمة ورزق".