الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ (1) وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ.
{ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} أَيْ: لِعِلْمِكُمْ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ إِلَّا هُوَ، فَإِنَّكُمْ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ تَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، وَتَسْأَلُونَهُ وَتُلِحُّونَ فِي الرَّغْبَةِ مُسْتَغِيثِينَ بِهِ (2) كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا} [الْإِسْرَاءِ: 67]، وَقَالَ هَاهُنَا:{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}
قِيلَ: "اللَّامُ" هَاهُنَا لَامُ الْعَاقِبَةِ. وَقِيلَ: لَامُ التَّعْلِيلِ، بِمَعْنَى: قَيَّضْنَا لَهُمْ ذَلِكَ (3) لِيَكْفُرُوا، أَيْ: يَسْتُرُوا وَيَجْحَدُوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ الْمُسْدِي إِلَيْهِمُ النِّعَمَ، الْكَاشِفُ عَنْهُمُ النِّقَمَ.
ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ قَائِلًا {فَتَمَتَّعُوا} أَيِ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ وَتَمَتَّعُوا بِمَا أَنْتُمْ فِيهِ قَلِيلًا {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أَيْ: عَاقِبَةَ ذَلِكَ.
{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ
(56)
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ، وَجَعَلُوا لَهَا نَصِيبًا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ فَقَالُوا:{هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ [بِغَيْرِ عِلْمٍ] (4) وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ} [الْأَنْعَامِ: 136] أَيْ: جَعَلُوا لِآلِهَتِهِمْ نَصِيبًا مَعَ اللَّهِ وَفَضَّلُوهُمْ (5) أَيْضًا عَلَى جَانِبِهِ، فَأَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ لَيَسْأَلَنَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ الَّذِي افْتَرَوْهُ، وَائْتَفَكُوهُ، وَلَيُقَابِلَنَّهُمْ (6) عَلَيْهِ وَلَيُجَازِيَنَّهُمْ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَقَالَ:{تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ}
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا، وَجَعَلُوهَا بَنَاتِ اللَّهِ، وَعَبَدُوهَا مَعَهُ، فَأَخْطَؤُوا خَطَأً كَبِيرًا فِي كُلِّ مَقَامٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ الثَّلَاثِ، فَنَسَبُوا إِلَيْهِ تَعَالَى أَنَّ لَهُ وَلَدًا، وَلَا وَلَدَ لَهُ! ثُمَّ أَعْطَوْهُ أَخَسَّ الْقِسْمَيْنِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَهُوَ الْبَنَاتُ، وَهُمْ لَا يَرْضَوْنَهَا لِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا قَالَ:{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النَّجْمِ: 21، 22] وَقَالَ هَاهُنَا: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} أَيْ: عَنْ قَوْلِهِمْ وَإِفْكِهِمْ {أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: 151 -154] .
(1) في أ: "عليهم".
(2)
في ت: "وتلجئون في الرغبة إليه".
(3)
في أ: "قيضناهم لذلك".
(4)
زيادة من "ف".
(5)
في ف: "وفضلوها".
(6)
في أ: "وليقابلهم".